أبناء القبائل.. أليسوا سادة؟!
مصطفى محمود يكتب: أبناء القبائل.. أليسوا سادة؟!
لا أعرف بلدا في العالم مازال الناس يُقسّمون فيه إلى فئتين فئة (السادة) وفئة (القبائل)، غير اليمن، وربما بعض المناطق المتخلفة، لأن معظم دول العالم قد تجاوزت هذا التقسيم العنصري وأخذت بالقيم والمبادئ الإنسانية التي تمنع كل أشكال التمييز وترفض كل محاولة لتقسيم البشر على أسس عنصرية.
وعلى الرغم من عدم ارتكاز هذا التقسيم على عوامل طبقية ناهيك عن اتصافه بالصفة اللاهوتية إلا أنه مع ذلك يعد نوعا من التقسيم العنصري لأنه ينفي مبدأ المساواة التي تشيعها المفاهيم الإنسانية، ف وفق هذه النظرة العنصرية لا يجب أن تطلق صفة (السيد) إلا على فئة معينة من الناس هم الذين ينتسبون لعلي بن أبي طالب، أما بقية الناس فتطلق عليهم صفة أخرى هي صفة (القبيلي) التي تستخدم هنا ك معادل لفظي لصفة (العبد) القديمة.
وبالتالي لابد من وقفة إزاء هذه التسمية الاجتماعية الشاذة التي مازالت تؤثر في البنيان الاجتماعي وترسي جملة من القيم السلبية، لأنها وضعت اليمن في مكان شاذ بين دول العالم وتبرز صورة سلبية عن الانسان اليمني ناهيك عن تناقضها مع القيم والمفاهيم الديمقراطية.
ولعل مما يلح على مواجهة هذه الظاهرة أنها تتناقض مع القيم الإسلامية التي تنادي بالمساواة كالنصوص القرآنية (إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، والحديث الشريف (لا فرق بين عربي وأعجمي..)، وما إلى ذلك من الأقوال المأثورة، ناهيك عن عدم وجود أي سند تأريخي يشير إلى استخدام المسلمين ل لفظة السيد لا سيما في الفترات الإسلامية المبكرة، فلم يشر لأي شخصية إسلامية بصفة السيد، حتي النبي عليه الصلاة والسلام لم يقول له الصحابه (السيد محمد رسول الله) وكذلك علي بن أبي طالب لم ينادوه في حياته (السيد علي بن أبي طالب) ولا حتى بالإمام علي بن ابي طالب!! فهي –على الأرجح– من الألفاظ المستوردة والوافدة من الموروث الفارسي.
إن من الواجب التصدي لهذه الظاهرة بالقول وبالفعل، فمن الناحية القانونية يجب أن يشرع مجلس النواب، قانونا يمنع أي استخدام لهذه الألفاظ لما تحمله من سمة عنصرية وعدم تلاؤمها مع القيم الحضارية والدينية، كما يجب مكافحتها بشتى السبل الإعلامية والتربوية والدينية حتى نضع لبنات البناء الجديد الذي يرتكز على القيم والمبادئ الإنسانية السليمة.