الصاعدون.. من دمائهم

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - الصاعدون.. من دمائهم

لأنهم من دمهم أبحروا
كالصبح، من توريدهم أسفروا

تكسروا ذات خريف هنا
والآن من أشلائهم، أزهروا

وقبل إعلان الشذى، حدقوا
وعن سداد الرؤية استبصروا

تجمروا في ذكريات الحصى
ومن حنين التربة اخضوضروا

***
هناك رفوا... ههنا أعشبوا
هل تضجر الأمواج كي يضجروا؟

من كل شبر، أبرقوا، أشرقوا
كيف التقى الميلاد والمحشر؟

كيف هموا لوناً، سنى؟ كيف من
تحت الشظايا والحصى أمطروا

***
ماذا يقص التل للمنحنى
عنهم، ويروي الحقل والبيدر؟

وكيف تحكي الدار أخبارهم
ويستعيد القصة المهجر؟

***
ناموا شظايا أنجم في الثرى
وقبل إسحار الدجى أسحروا

مؤقتاً غابوا ، لكي يبزغوا
كي يشمسوا، من بعد ما أقمروا

عادوا إلى أعراقهم، أورقوا
منها... ومن أشجارهم أثمروا

***
من حيث يدرون، ومن حيث لا
ندري... أطلوا، أذهلوا، أسكروا

لا شيء يدري... أي شيء يرى
وكيف أضحى غيره المنظر؟

تعدو إليهم كالصبايا الربى
يطير كالعصفورة المعبر

وكل كوخ يمتطي شوقه
وكل صخر فرس أشقر

وكل بستان يصيح: اقتطف
يا كل طاو.... يا عطاش اعصروا

***
من أين جاؤوا؟ كلهم أكدوا
مماتهم، عن سره أخبروا

وشكلوه بدعة لونت
أشكالها الأسواق والسمر

***
قيل: انقضى عشرون عاماً على
تمزيقهم... قيل انقضت أشهر

وقال وادٍ: أصبحوا عنده
وقال سفح: فوقه عسكروا

وقال نجم: تحت عيني سروا
والفجر في أهدابهم يسهر

وقيل: هبوا ضحوة وانثنوا
كما يتيه العاصف الأغبر

وقال بعض: شاهدوا دفنهم
وقال بعض البعض: لم يقبروا

قيل اختفوا يوماً.. وقيل انطفوا
وقيل: من حيث انطفوا نوروا

***
وقيل: ذابوا ذرة ذرة
والأرض في ذراتهم تكبر

***
في كل ملقى، أصبحوا قصة
على رؤاها، تلتقي الأعصر

ترق، تغلي، تنهمي خضرة
تطول، تنسى بدأها، تقصر

لكن أما ماتوا؟ أمن أعلنوا
هذا، بآتي وصلهم بشروا؟

وكيف عادوا من غياب الردى؟
لأنهم غابوا، وهم حضر

وكانت الشمس بلا محور
وكانت الأشعار لا تشعر

وكل أمرٍ كان يجري كما
يدبر الماخور والمتجر

وكانت الألحان طينية
والوقت عن رجليه يستفسر

وكل مرأى، كان من لونه
يفر، يلغي طعمه السكر

***
كانوا زماناً مستحيلاً أتى
من المحال، انفجروا، فجروا

ومن يقين الصاعد المفتدي
ثاروا على عنف الردى، ثوروا

***
أنهوا زماناً، تحت موضاته
ينهار، لا ينسى ولا يذكر

كانوا صراعاً، بالنجيع ارتوى
روى، إلى أن أغصن الخنجر

إبريل 1978م

زر الذهاب إلى الأعلى