مع حسين محب.. الفن ألذ
ثابت الأحمدي يكتب مع حسين محب.. الفن ألذ
لا يُثملُني فنانٌ من الشباب كما يفعل حسين محب..!
ذوقيًا لا زلتُ نزّاعًا إلى فن الرُّواد الأوائل، كأيوب وأبوبكر والحارثي والآنسي، ثم الكبسي، إلى آخر هذه القائمة. ووحده حسين محب من أخذ بتلابيب ذائقتي وجذبني قسرًا إليه.
وهنا أستطيع القول: إذا كان السُّكارى يسكرون بخمرتهم فإنني أسكرُ بفن حسين محب..!
حسين محب ليس مجرد فنان فحسب؛ بل راهبُ فن..!
مع حسين أينما التفتّ وجدتَ الفن..
الموال.. عالمٌ لوحده
العزف التفاعلي.. إيقاعٌ من قاع القلب
طبقات الصوت.. موهبة نادرة وفريدة
حسين محب.. أغنية تنثال أغنياتٍ، وقصيدة تسيحُ قصائد..
صوتُ السّماء في الأرض وهتاف الأرض إلى السماء..
ألم يقل أوشو: "الأغنية جميلة، لأن فيها شيئا إلهيًا"؟!
وفي انثيالات حسين محب نفحة سماوية تنسابُ بين ثنايا الروح مع كل توقيع ونغم.
يا "زاجل الحب"
مجرّة من حشود المعاني والمباني..
صلوات القلب..
بسملة الروح
نداء الطبيعة في الإنسان..!
تأمل مطلعها بموالها المديد..
بإيقاعها الهادر
بموسيقاها المتبرجة
طيوف تتالت أطيافا..
أضواء انسلّت أضواءً
نهر تدفق أنهارًا
هدير قلب وخفقان فؤاد
"يوجا" الصوفي و "نيرفانا" "المستنير"
تراتيل قديس وتسابيح راهب
بحر متماوجٌ من قاعه إلى سطحه.
الفنُّ ليس مجردَ صوت فحسب؛ بل منظومة متكاملة من الفنون المصاحبة، وجميعُها مكتملة في لوحة سريالية "تؤفلمُها" ريشة وأوتار حسين محب.
مع حسين محب.. أنت في معبد الفن، في "غاطس" العرفان، وفي قُدّاس اللحن..!
نبع من الضوء
دفق من الضياء
فيوضات إشراقية سابحة
مع حسين محب تستطيع القول: الفن "قسمة ونصيب"، لا مجرد حرفة كما يريد له البعضُ أن يكون.
وبلغة أخرى: "ليس كلُّ فنان فنان"..!
نعم.. ثمة أصواتٌ هي إلى التلوثِ السّمعي أقرب منه إلى الطرب الفني؛ أما مع حسين محب فالفنُّ تطهير..!
مثلما هناك شاعر تكتبه القصيدة أكثر مما يكتبها، فثمة فنّانٌ تغنيه الأغنية أكثر مما يغنيها هو.
ومثلما هناك صوفي تتماهى روحه في ذاته فثمة فنان "يتموسق" لحنًا في فنه.
مع حسين محب تشعرُ أنك فنانٌ أيضًا وأنت تتفاعل معه تلقائيًا؛ مُرددًا بعض المقاطع. لا عجب. الوقوفُ في محراب الجمال هو الجمالُ بعينه، ثم إنّ المتلقي ما لم يكن فنانا فإن المادة الفنية نفسها تفقد جزءًا من قيمتها، وإن كانت بديعة؛ لأن جودة القراءة تُهِمُّ كجودة النص، كما يقول البردوني. الفنان الأصيل يبدع من المتلقي وإليه..!
حسنًا.. أراني انشغلت بالكتابة عن الطرب.. سأعود إليه حالا..
"يا كحيل الرنا"..!