بني مطر أم بني مطرف بن شهاب
عمار التام يكتب: بني مطر أم بني مطرف بن شهاب
لَنْ يَتمَّ تَقبُّلَ ما يُنشر بهذه الصفحات بسهولةٍ لدى القرَّآء، ليس لغرابتهِ أو ادِّعائه، فهو مأخوذٌ من بطونِ أهمَّ المراجعِ التاريخيةِ والعلميةِ مذيلاً برقمِ الصفحاتِ واسم الكتابِ ومؤلفهِ ودارِ نشرهِ.
ترجِعُ صعوبةُ التَقَبُّلِ لهذا المحتوى إلى البون الشاسع بين ذلك العصر الذي كانت أحداثه في القرن الخامس والسادس الهجري، وبين الواقع الذي نعيشه في القرن الخامس عشر الهجري والواحد والعشرين ميلادي.
بين عصر مسجد ومكتبة الشمس التي وفد إليها آلاف الطلاب والعلماء من أصقاع المعمورة لتدريس ودراسة علوم القرآن والفقه واللغة والتاريخ والفلك والهندسة والطب والفلسفة والمنطق والرياضيات والأديان، وجُمعَت بها كُتبٌ من أطرافِ الدنيا في كل العلوم.
بين ذلك الواقع الأسطوري، وبين واقع بلاد البستان"بني مطر" وغيرِها من قبائلِ اليمنِ تحتَ سيطرةِ احتلالِ خرافةِ الإمامةِ الهاشميةِ وَمُضِيَّها في تدميرِ الحاضرِ والمستقبلِ بِلا ثَمنٍ، بل بتضحياتٍ غاليةٍ وعزيزةٍ من المُهَجِ والأرواحِ والأموالِ والأعراضِ تُقدَّم مجاناً كقرابين استجداءٍ للتعرض لاستبداد كهنة خرافة الإمامة الهاشمية اللعينة ومن ورائها إيران.
قبل الحديث عن مسجد ومكتبة الشمس بهجرة "وقش" والفرقة المطَّرفيَّة وعلاقة بني شهاب ببني مطرف أو بني مطر، سأخصُّ هذه الصفحةَ الأولى بتساؤلاتٍ عديدةٍ بعدَ مطالعتي وبحثي لعصرِ النورِ ذاكَ، وإصابتي بالصدمةِ والهزَّةِ العنيفةِ ذهنياً ووجدانياً وأنا استعرضُ صوراً من واقعٍ أليمٍ تعيشُهُ مديريتي بني مطرٍ وغيرُهَا من القبائلِ اليمنيةِ تحتَ كهنوتِ الخرافةِ، لفهمِ صعوبةِ التَقَبُّلِ لأحداثِ ومواقفِ تلك الفترة.
من يصدَّق أن أباً قدَّم أحدَ أبنائه شهيداً مع الجيشِ في حربِ صعدةَ ضدَّ خرافةِ الإمامةِ الهاشمية، هو نفسه من يفاخر بمقتلِ اثنين من أولاده مجاناً في صفوفِ قتلةِ ولدهِ الشهيد؟!
كيف للعقل أن يستوعب افتخار البعض بعبوديتهم لكهنة خرافة الإمامة الهاشمية اللعينة وهم ذوي الشمم والكرامة والنخوة؟
كيف يعلنون تخوين إخوانهم وأقاربهم وذويهم من المناوئين للخرافة حتى يصل الأمر بالبعض للتواصل بهم ليرجعوا إلى حظيرة العبودية، كيف يمكن لذلك أن يحدث؟
هل حدَّث الشيخ المناضل أحمد علي المطري رحمه الله أحد أعمدة النظام الجمهوري، أو القاضي إسماعيل الردمي وولده محمد وكانا من أوائل روَّاد الحركة الوطنية بثلاثينات القرن الماضي رحمهما الله.
هل ممكن أن يكون من أبنائهم وأحفادِهم وأبناءِ قراهم وعزلِهم وهم من أكثرِ المستفيدين من خيرِ الجمهورية تعليماً ووظائفاً؟ هل ممكن أن يتحوَّلوا إلى مئاتٍ إن لم يصبحوا ألوفاً من الضحايا صرعى وجرحى ومعاقين في صفوف الخرافة ضد الجمهورية والشعب؟
هل ممكن أن يتحول عشراتُ الوجهاءُ والأعيانُ منهم إلى عُكَفِ حشدٍ وتجنيدٍ لأبنائِنا خدمةً لكهنةِ الخرافةِ مُقابلَ الفُتَاتِ مِمَّا نَهِبتْ من الشعبِ تُعطى لهم في صَغارٍ وهوانٍ؟
هل تخيَّلَ البطلُ الثائرُ عبدالعزيز المندي قائد المدفعية بجبل نقم في ثورة 48م أن أحد أبناء بني مطر سيُقدِم على تعذيبِ معلمٍ مسالمٍ كالشهيد صالح البشري رحمه الله بعد اختطافه من مسيرةٍ سلميةٍ بشارع الزبيري، ولمْ يخرج من سجنِ خرافة الإمامةِ الهاشميةِ اللعينةِ إلا جثةً هامدةً على يدِ أخٍ يمنيٍ باع دنياه وآخرته بلا ثمنٍ للخرافةِ وهو في رغدٍ من العيش.
هل حدَّث القاضي يحيى الفسيل نفسه يوما أن بعض وجهاء وأعيان وآباء وادي بقلان سيزجُّون بالمئات من أبناء الرعية الذين استغنوا بمحاصيل مزارعهم عن الاستجداء لأحد، ويذهب فوق الخمسين منهم صرعى وأضعافهم جرحى ومعاقين بلا ثمن في محارق وجبهات خرافة الإمامة.
أو أن الأمين الشرعي لوادي بقلان الأستاذ أحمد أحمد الحاج رحمه الله سيتم تصفيته بالسجن على يدِ قاتلٍ مأجورٍ من عزلته وإن كان قد لقيَ حتفَه صريعا بجبهةِ صرواحٍ بعد ذلك .
ماذا لو عاد العقيد يحيى علي المعمري رحمه الله للحياة وهو من أبطال ومقادمة ثورة ال26 من سبتمبر الذين كانوا يرفضون تسمية الحرب في صعدة بغير اسمها ووصفها بغير وصفها عام 2004م وهو على فراش الموت عند زيارة جنديين من قريته "لِدان" رجعا بعد قتل الهالك حسين بدر الدين الحوثي، وتحذير العقيد المعمري رحمه الله لهما ولنا من خطورة عودة الإمامةبالتساهل في مواجهتها؟
هل يُعقل أن يُطلِق بعضُ المغيَّبين من إخوتنا أبناء بني مطر وغيرِهم من القبائلِ على الأحرار المدافعين عن سيادة اليمن والنظام الجمهوري وحرية الشعب وكرامته، يطلقون عليهم مرتزقةٌ وعملاءٌ لوجودِ واقعٍ فرضَ تحالفاً بين اليمن وبعض أشقائه، بغض النظر عن أي تجاوزٍ تجاه الشعبِ أو إجرامٍ في حقه، فلن يسقطَ بالتَّقادمِ.
في الوقت الذي نعرف المئات من أولئك الإخوة بالإسم ضمن الحماية والحراسة الأمنية للمحتلين الإيرانيين والعراقيين واللبنانيين والأفغانيين فضلا عن المتوردين الهاشميين من كهنة الخرافة، سواء في حارات تواجدهم المغلقة بالجراف وحزيز وصعدة والروضة، أو في مهامهم بالقوة الصاروخية وورش تصنيع المسيَّرات والمتفجرات، ودورات التلغيم الفكري والثقافي ومراكز القيادة، ماذا نسمي ذلك بالله عليكم؟
لكنَّا لن نرضى أن نُنسِبَكُم لأحدٍ سوى اليمن، وكلُّنا ثقةٌ وانتظارٌ للحظاتِ تجلٍ لهويتِكُم اليمنية وانتصاركم لها.
هل مر بحسباننا يوما أن تُمنع زوجة من زوجها سنوات بسبب انحيازه لمشروع الوطن والجمهورية ضد خرافةالإمامة، أو الفجور في الخصومة مع الإخوة وبني العمومة والأعتداء على ممتلكاتهم الخاصة لصالح الخرافة؟
كيف لنا ان نصدِّقَ ونحن نعرف يقيناً أن بني قومنا ذوي الشهامةِ والمروءةِ والشمَمِ والشرفِ قد تورَّطَ البعضُ منهم بالسماح لبناتهم وأخواتهم وهنَّ في عزِّ الشباب بالذَّهاب لأيامٍ وليالٍ يَغِبنَ عن أسرهنَّ وبيوتهنَّ في دورات الخرافة للهاشميات لمَّا يُسمَّى بالزينبيات، أو ما تُطلقُ عليه بعضُ أمهاتُنا الفاضلات تندراً وتعجباً "الزُبزُبيات"، في ظاهرةٍ لم نكن نتصورُها أبداً كيمنيين..
كيف يحدث ذلك؟ وكيف يتجاهل بنو قومِنا بكلِّ قبائلِ اليمنِ ومدنِها هذا الأمر؟ وهم لازالوا وسيظلوا أصحاب الشرف والعفة والمروءة.
ولو لم تقترف خرافة الإمامة الهاشمية اللعينة سوى هذا في حق نساء اليمن لاستحقت قلع جذورها من اليمن دون أي مراعاةٍ لاعتباراتٍ أخرى.
ولذلك لولا الثقة في نزعة الخير في إخوتنا المغيبين بصفوف خرافة الإمامة والرجاء في يقظة عقولهم بعد تجاوز المعقول من جانب، وتثبيتاً لأفئدة الأعزاء الرافضين للتطبيع مع خرافة الإمامة الهاشمية اللعينة من القابضين على الجمر هناك، وتثبيتاً لأفئدة الأحرار والأبطال بمأرب وغيرها من جانب آخر، لما تكلفت عناء البحث والكتابة والنشر لهذه الصفحات، ولعل ما يقرأ بهذه الصفحات سيُسهم في استعادة إخوتنا اليمنيين المغيبين لذاتهم اليمنية ليعودوا يمنيون أقحاح جمهوريون في وجه الخرافة، ولتعزيز العزم والثبات والمعنويات لدى الأحرار والأبطال بكل جبهات ومجالات الكفاح والنضال ضدها.
بعد هذه التساؤلات التي كان يجب طرحُها لنضعَ النقاطَ على الحروف بعد سبعِ سنواتٍ من العبثِ بأرواحِ أبنائِنا وأحبتِنا في صفوفِ الخرافةِ ضدَّ الجمهورية والشعب، ليست لنكء الجراح أو للمحاكمة، بل لاستدعاء العقل بعد تجاوز المعقول، والكف عن مناصرة خرافة الإمامة الهاشمية اللعينة ومن وراءها إيران على حساب حاضرنا ومستقبلنا كيمنيين إخوة بالدين والقرابة والمواطنة والإنسانية.
وليس المقامَ مقامُ حقدٍ بل مقامُ تذكيرٍ وتأنيبٍ أخويٍ متبادلٍ على يقين أننا جميعا يجب أن نتجاوز الاحقاد والثارات لنحسن معاً صناعةَ المستقبل.