اقتصاد

50 % من المدن اليمنية عشوائية وتهدد حياة ساكنيها

يتسع نطاق المناطق السكنية العشوائية في اليمن والمعروفة ب"البيوت العشوائية"، في ظل غياب دور الدولة في الحد من هذه الظاهرة، التي تشكل ضرراً يهدد حياة السكان، خاصة أن هذه المباني لا تتمتع بأدنى معايير الهندسة والسلامة، ومهددة بالسقوط على ساكنيها.
لم تضع الدولة اليمنية إلى الآن أمامها مسؤولية القضاء على هذه العشوائيات، ولا يمكن التنبؤ بنهايتها، وعلى العكس يرى المهتمون أن هذه الظاهرة تنمو بشكل مضطرد من سنة إلى أخرى.

 

في المدن اليمنية الرئيسية، وأبرزها العاصمة "صنعاء" و"عدن" و"تعز" و"الحديدة" ما تزال المساكن الآيلة للسقوط آهلة بالسكان من دون أن تلتفت إليها الدولة، أو تقدم حلولاً إزاء هذه المشكلة. ففي مدينة عدن يعيش الكثير من السكان في مبان تعود إلى زمن الاحتلال البريطاني. وفي مدينة الحديدة الساحلية تنتشر المباني القديمة الآيلة للسقوط ، حيث يقول الصحافي عرفات مكي "إنها مبان قديمة تهدد سكان المنطقة، وهي ما زالت آهلة بالسكان، إضافة إلى أنه تم البناء بجوارها، ولا دور للدولة حيال هذه المشكلة"، مشيراً إلى أن أصحاب هذه المباني لا يملكون كُلفة هدمها وبنائها.

 

يبدو أن دور الدولة اليمنية في إزالة المباني الآيلة للسقوط، وإقامة مدن سكنية بديلة غائب تماماً. ووفقاً للباحثة في المجال البيئي فتحية نجاد "فإن الموازنة العامة للدولة اليمنية لا تتضمن مثل هذه المعالجات". وتقول لـ"العربي الجديد" إن غياب الاهتمام بالتخطيط، ومعالجة الأحياء العشوائية والمهددة بالسقوط يدل على أن هناك خللا في خطط التنمية".

 

تنمية المناطق

بدوره، يطالب الباحث الاقتصادي يوسف البكري الحكومة اليمنية بتخصيص ما نسبته 20% من الموازنة السنوية التي يلتهم منها الفساد ما لا يقل عن 40% لصالح تنمية المدن، وإزالة البناء العشوائي من خلال الاستثمار في قطاع الإسكان إلى جانب الاستفادة من المساعدات والقروض التي يتم التعامل معها بصورة خاطئة. ويشير البكري لـ"العربي الجديد" إلى أن حوالي 50% على الأقل من أحياء المدن اليمنية الرئيسية عشوائية وغير آمنة، كما أن حوالي نصف سكان العاصمة صنعاء يعيشون في أحياء عشوائية أي حوالي 1.5 مليون نسمة يسكنون في مبانٍ آيلة للسقوط.

يغيب التخطيط العمراني في اليمن بصورة ملفتة، رغم أنه واحد من أهم المؤشرات لإحداث تنمية مستدامة على المستوى العالمي. وفقاً لرئيس منتدى كوكب الأرض الدكتور خالد الثور، فإن التخطيط العشوائي الذي تعاني منه اليمن يشكل عقبة أمام التنمية في المدن، ويشكل كارثة فيما يتعلق بالمتغيرات المناخية. ويقول "إن التخطيط غير مُكلف لكن العشوائية هي المُكلفة، وكلما تأخرت المعالجات زادت الكُلفة لأن هذه الظاهرة مستمرة ولم يتم إيقافها عند حد معين، وهذا الفراغ في اتخاذ القرار يقود إلى كارثة كبيرة جداً".
"في الوقت الذي تبرز التكنولوجيا حلاً مناسباً أمام الدول للتخلص من عشوائية المدن، يبقى اليمن بعيدا عن هذا المجال"، وفقاً لما يقوله المهندس سامي محب الدين خبير استشعار عن بُعد في وزارة الاتصالات، ويؤكد أن غياب التخطيط المدني في اليمن بما فيه العاصمة صنعاء يأتي بسبب غياب الرؤية الحقيقية لدى الجهات المعنية في الدولة بأهمية التخطيط في إحداث تنمية حقيقية تتمثل في تعزيز الخدمات، وتقديمها بصورة أفضل للمواطن، إضافة إلى أنها تجعل البلاد بيئة طاردة للاستثمار، في حين أن استخدام تقنية الاستشعار عن بُعد لتخطيط المدن اليمنية، يُعد مسألة بسيطة وموفرة للجهد والوقت والمال، ولها دورها في تعزيز التنمية والمظهر الحضاري للمدن.
ولا يقتصر الأمر على الأبنية السكنية، بل إن المناطق الأثرية والسياحية في اليمن تُعاني من غياب التأهيل في حين أنها آهلة بالسكان ومعرضة للانهيار. ويقول الدكتور محمد الحجوري "إن كثيراً من المناطق التاريخية اليمنية آهلة بالسكان كما أن أغلبها مهددة بالسقوط، مما يحتم على الدولة أن تُوجد تجمعات سكانية لأهالي هذه المدن، وتعمل على الإبقاء على هذه المدن التاريخية واجهة سياحية وحضارية للبلد".

زر الذهاب إلى الأعلى