آراء

العراق والاستراتيجية الإيرانية

تعاني العراق اليوم من حرب إيرانية ذات أبعاد خطيرة لا يدركها الكثير، وتخفي جوانب خطيرة. فإيران التي وضعت في استراتيجيتها ضم جزء كبير من العراق في البداية تمهيداً لتوسعها، حسب تصريحات قادتها الذين أصبحوا يجاهروا بأهدافهم بسبب نشوة الانتصارات التي أغرتهم ولكن هذا لا يعني أنه ليس هناك استراتيجية تقوم عليها السياسة الإيرانية الخفية التي انطلقت من تهجير السنة من مناطقهم وضرب العشائر.

 

ولا تستطيع إيران تنفيذ ذلك إلا من خلال قوتين: فالقوة الأولى هي داعش التي ترسلها الأجهزة الإيرانية إلى مناطق السنة لضرب المنطقة وإعطاء المبرر لدخول الحشد الشعبي الذي سيهجر العشائر العربية ويمهد لدخول الإيرانيين مع عدد من الأحزاب العراقية الموالية، ويتم طلب من السلطة للعشائر والسكان بمغادرة المدينة التي تصبح بعد ذلك منطقة فارغة من أهلها ويدخل الحشد الشعبي ليسفك ويقتل ويشرد الناس الذين يتم منعهم من دخول بغداد والضغط عليهم للهجرة خارج العراق وإدخال الإيرانيين إلى تلك المناطق حتى تتغير التركيبة السكانية تمهيداً لطلبها الانضمام إلى إيران وفق التصويت. ولكن لإشغال الناس عن هذه القضية لابد من جرهم إلى قضايا ثانية في سوريا واليمن وفق هذه الاستراتيجية من خلال الصعيد وإشعال قضايا لتشغل الرأي العام عن قضية أخرى.

 

وهذا ما جعلها تبحث عن وسائل لصرف النظر عن هذا من خلال افتعال قضية السفارة السعودية وإشغال العالم بهذه القضية حتى لو كلفتها سمعتها بمخالفة القوانين الدولية وعدم احترام المواثيق طالما سيتحقق الهدف الأكبر والمشروع الكبير. وتدعم إيران الجماعات والعمليات الإرهابية كتركيا وإندونيسيا وغيرها لاستنزاف دول الخليج واستشارة الطوائف يسير في هذا الإطار ويفهم البعض أن إيران تنطلق من منطلق ديني وهذا ليس بالصواب دائماً فهي تستغل الأقليات الشيعية من خلال قيادات مالية لها ولكنها سوف تتخلى عنها بما في ذلك شيعة العراق لأن إيران تعامل الأحواز وهم سنة عرب والعراقيين الذين يقيموا في بلادها كدرجة ثانية وتضطهدهم وهي تشجع تفجير المراقد ومساجد الشيعة لأغراض سياسية استراتيجية وفق ما قاله برنارد لويس وكيسنجر وهي تكرار شيطاني بأسلوب خبيث لما كان يمارسه الشيوعيون في الستينات.

 

ومن هنا نجد تقاطع المصالح الاستراتيجية والغربية مع إيران في هذا من حيث أن إيران قدمت لإسرائيل خدمة العمر وفق تفاهمات من جعل القضية الفلسطينية والقدس قضية ثانوية وجعل إسرائيل تقوم بمخططاتها وتغيير الأوضاع وفرض سياستها الواقعية والاستيطان وفرض أجندتها في القدس مقابل ترك العراق لإيران ومقابل تفوق إسرائيل وعدم دعم المقاومة وإضعاف الفلسطينيين ودعم العرب لهم على كافة المستويات. وكذلك إنهاك الميزانية العربية وجعل المنطقة نهباً لشركات الأسلحة والشركات الأمنية تحت مسمى الحروب الدفاعية ومقاومة الإرهاب الذي لا يمس إيران وإسرائيل.

 

للأسف العرب لا يدركوا أن إيران لها علاقات استراتيجية مع إسرائيل عبر وسطاء إيرانيين يحملون جنسيات أجنبية. وكذلك لا يعلم الكثير أن روحاني هو عراق العلاقات الإسرائيلية الإيرانية عندما كان في الاستخبارات. وأما العمليات الإرهابية في الغرب وإرسال عدد من الإرهابيين بجوازات مزورة إلى تلك الدول هو لضرب الجاليات المسلمة وحماية التغيير الديمغرافي المستقبلي الذي يهد قوة اليهود في تلك الدول، وهو ماذكره دانيل بايب الصهيوني المعروف في تقريره مع خالد دورين في عام 1998 بهذا الخصوص وكان واضحاً.

 

العراق اليوم أصبح منطقة تهديد لاستقرار المنطقة وبتروله وغازه يتم نهبه لتمويل الإرهاب في اليمن وسوريا ولبنان وغيرها عبر البصرة وعبر منافذ أخرى . لذا سنجد أن إيران التي تصنع المليشيات وتصدر إيرانيين بدون جوازات وتشتري أراضي في العراق وتنفذ ذلك عبر رجالها المسميين بداعش الذين تستقطبهم عبر المخدرات ومن المعوقين سلوكياً ممن يمكن السيطرة عليهم وتسييرهم والحشد الشعبي.

 

وإيران ظلت ثلاثين سنة وهي تعد لهذا القضايا وتدرب وتشتري المساكن والأشخاص وتفتح جامعاتها وتشتري الإعلام وتعد قنوات التواصل الاجتماعي عبر شبكات وأشخاص متمرسين والعرب في سبات عظيم. كارثة العراق بلا رحمة أهله يشردون، تقارير دولية تتحدث عن ذلك موت وجوع فقر تدمير بيئة وتهجير وسجن وإخفاء قسري ونهب للأموال والبترول وكل شيء.

 

الكل يعرف ذلك بلا نقاش ويصمت والكل يعرف علاقة المصالح الغربية واللوبي الإيراني في الغرب الذين كانوا من السافاك والجيش وكذلك تقاطع مصالحها مع إسرائيل والصفقات السرية بين الدولتين والمحور يدور حول فلسطين لإسرائيل مع المقدسات والأردن وطن للفلسطينيين وهو وتركيا ممر للعراقيين العرب السنة للهجرة مثل الفلسطينيين ودولة إيرانية هناك في العراق ودولة في سوريا مقابل تحقيق صفقة لصالح طرفي إسرائيل وإيران ولا مانع من التهريج. ويخطئ عدد من الدول العربية التي لا زالت تؤمن بأن إيران دولة إسلامية ويمكن صداقتها وليس هناك من مدها وكبح جماحها إلا بالوحدة العربية وجمع شمل الدول الإسلامية لتقف مع دول المنطقة أمام الخطر الإيراني الإسرائيلي وتجاوز القضايا الثانوية.

زر الذهاب إلى الأعلى