الإرهاب
سيظل مصطلح الاٍرهاب مفهوما غامضاً كما يراد له ان يبقى. كل المنتديات والمؤتمرات التي عقدت لتعريفه اصطدمت بقوة خفية تمنع الوصول إلى تعريف محدد يستند عليه عند استخدامه، فكل هذه الفعاليات كانت تخرج بتعريف تحكمي أو اعتباطي arbitrary يمنح المستخدمين لهذا المصطلح مساحة واسعة في توظيفه لأغراض لا صلة لها أحياناً بمكافحة الاٍرهاب.
المقاومة الفلسطينية إرهاب لكن تشريد الفلسطينيين من ارضهم وبيوتهم وقتلهم ليس ارهاباً.. الذين يدافعون عن كرامتهم وكرامة اوطانهم ارهابيين والذين يدوسون كرامة الآخرين ويقمعون إنسانيتهم ليسوا ارهابيين.. اريد لفوبيا الدين ان تكون محوراً لتعريف الاٍرهاب بإسقاطات مارسها التطرف من كل النحل التي فقدت القدرة على المجادلة والمحاججة فاستخدمت التعريف الاعتباطي والتحكمي للمفاهيم مثلما استخدم غيرهم التفسير الجامد أو الخامل للنص.
الاٍرهاب افة خطيرة لا يجب ان تربط بدين بعينه أو مذهب بذاته أو بعرق أو بطائفة أو بأمة ،كما لا يجب ان يوظف لتمرير موقف سياسي أو تكريس مصلحة من اي نوع كان ، لان هذا التطرف في التعاطي مع الإرهاب هو ارهاب بذاته.
لكل ظاهرة علتها.. وعلة الاٍرهاب هو التطرّف. والتطرف سلوك اجتماعي ينشئه ويغذيه الفكر المختل الذي يبنى على التعصب من اي نوع كان.. لا توجد تاريخ أمة على الارض خال من هذا الفكر المختل الذي صنعه الانسان ( ظلماً) برداء ايديولجي مقدس أو غيره مع ما رتبه ذلك من الام وظلم وقتل وتشريد.. وفي كل حلقات هذا التاريخ الممتد لقرون تفاعل العقل البشري مع حاجة المجتمعات في حركتها لتوليد المزيد من مساحات التفاهم والتعايش بين البشر بقواعد ونواميس انتظمت في ظلها الانسانية، هذه القواعد والنواميس للاسف أهملتها القوة لتنتج بديلاً عنها القواعد التي تستجيب لحاجة مصالحها وهو ما يبقي مصطلح الاٍرهاب اعتباطياً دون تعريف حقيقي لتجنب ظلم الناس وإرهابهم على نحو أشد مما يدفع به أؤلئك الذين يتصدون، كما يزعمون، لمكافحته.