صحفي ووجه من التاريخ
قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - صحفي ووجه من التاريخ
كيف انبثقتَ؟ أذاهبٌ أم جائي؟
هذي الفجاءةُ فوق وهم الرائي
مِن جذر أيَّة كرمةٍ أورقتَ لي
أشرقت لي مِن أي نجمٍ ناءِ؟
أضنيتُ بحثاً عنك كل دقيقةٍ
وكخطرة الذكرى أضأتَ إزائي
* * *
أحملت تسعة أعصرٍ وسبقتني؟
هأنت قُدامي وكنت ورائي
ألأِننا أفنى مِن الموتى هنا
لاقيتني أحيا مِن الأحياء؟
مِن أين جئتَ؟ لِمَ سكتَّ؟ لأنني
ما جئتُ بل أنتَ اخترعت لقائي
هذا سنا عينيك يحرق جبهتي
أتريد يا هذا الفتى إطفائي؟
* * *
أهلاً حللت، أتلك أول زورةٍ؟
شرَّفتنا يا أكرم النزلاءِ
ماذا تلاحظ؟ خدشتين بمئزري
وأحسُّ في ألِفي غرابةَ يائي
قدَّت إزارك بقَّتان وقملةٌ
ضيف العزيز أحقُّ بالإِغراء
أأقول أين نزلت؟ هذا مطلعي
تلك الروابي جُبَّتي وردائي
أُنظر هناك ترى السماء عمامتي
وعيون أطفال الشعوب سمائي
* * *
أرأيت أقطاب الوزارة؟ أين مِن
دُور الحكومة ربوةُ الحكماءِ؟
قصر الثقافة زرتَهُ، أمَدارُها
قصرٌ يُرى أم داخل الأعضاءِ؟
قل لي عن الأوضاع، رأيك واضحاً-
مِن أيِّ وضعٍ غيَّرتْ آرائي!
* * *
مَن أنت يا هذا الذي حاصرتني؟
مندوب تغطيةٍ أراك غِطائي
ماذا تغطِّي فوق جلدك غابةٌ؟
لكننَّي أعرى مِن الصحراءِ
أسعى لتغطية البنوك وأنثني
أحصي قروشي، لا تفي بعشائي
وأمدُّ بالأخبار أخرى لا يشي
خاءٌ بفجر نبوءتي ومسائي
أأتيتُ كي أُبديك مِن أقصى الحَشا؟
أم جئت أنت محاولاً إبدائي؟
* * *
هل أنت جيميُّ الوظيفة؟ بل أنا
مِن عكس مَن تعني لأني حائي
فَلمَ خنقت بمنخَرَيك تنفُّسي
ودخلت إبطي من شقوق حذائي؟
ومضغتَ رائحة "الحزام" ولونَهُ
وركبتَ ثرثرتي إلى إصغائي
ومِن الجبين إلى المبال قرأتَ ما
تحت الغلاف، مفسِّراً أجزائي
* * *
ما بال قربي منك صار تقرُّباً
أأنا زقاقيٌّ وأنت علائي؟
أو ما تملَّيت الحواري كلها؟
يومضن في عينيَّ مِن أحشائي
* * *
أتريد أُحيي منك موت جريدتي
وأزفُّ معجزةَ إلى قُرَّائي؟
سأقول ما (العنقاءُ) لغو خُرافةٍ
أمسيت أطبخ بيضة (العنقاءِ)
* * *
بيني وبينك أُلفةٌ غيبيَّةٌ
ومحبةٌ محفوفةٌ بتناءِ
في ذروة التأريخ شِمتُك شاعراً
وأشمُّ فيك اليوم وجه روائي
في (العسجد المسبوك لُحتَ مؤرخاً
(السَّيف عندك أصدق الأنباءِ)
ناديت في (صفة الجزيرة) شاكياً
(ياإخوتي ريق الحبيب دَوائي)
* * *
مَن خِلتني؟ (بكر بن مرداسٍ) وَمن
بكرٌ؟ تسمّى الشَّاعر الصنعائي
ما شأنهُ في الكوكب النائي؟ وهل
(موسى بن يحيى) ما يزال هوائي؟
أزَعمتني (الحسن بن هاني)؟ حزنُهُ
حزني وماصهباؤه صهبائي
أنَمى إلى (الرازي) المجالسُ فارعوى؟
هذا أرسطيٌّ وذا خنسائي
وهل (المؤيد) في المجالس نائحٌ؟
ما كان رشديّاً ولا سينائي
أيفجّر (ابن المرتضى)بحراً إلى
هذا؟ أعَصْرُ القاذفات شتائي؟
* * *
صوَّرتني ضيفاً، وطيفاً خِلتني
يا صاحبي ثنَّيت غير ثُنائي
ألَديك أسئلةٌ لهنّ مخالبٌ؟
ألَديك أجوبةٌ كقلب فدائي؟
أخشى تراني - يا فلان – مُخرِّباً
ماذا تخرِّب؟ أين أين بِنائي؟
* * *
هل أنت مِن شفق (الزُّواحي)جمرةٌ؟
مِن وردتيه، ونسغُه مِن مائي
أترى (مذيخرةً) نَبَت أم (مسْوَراً)
ذا (سيبويهيٌّ) وذاك (كِسائي)
* * *
ألآن استسميك؟ أدري أنني
فردٌ أتدري أنت كم أسمائي؟
لا شيء يستدعي السؤال عن اسمهِ
ما لم يكن جزءاً مِن الأشياء
يبدو لِظنِّي كنت تُدعى (حاتماً)
يبدو، ولكن غير ذاك الطائي
* * *
هل كنت ذا لقَبٍ؟ أمالك كنيةٌ؟
أومَا وشت بحقيقتي سيمائي؟
أأقول (شبوِيٌّ)؟ ستهمس ربما
وتقول: يبدو لو أقول (ثلائي)
* * *
ما أثقل الأعباء عندك يا أبي؟
أن لا أنوءَ بأثقل الأعباء
معنى وجودي أن أُعاني تاركاً
أثراً يشعُ وأن أحسَّ عنائي
هل عصرُنا غير العصور؟ ظننتُهُ
كل الزمان مُخاتلٌ ومُرائي
ما قلت لي مَن أنت يا شيخ النُّهى
أي اللغات أدلُّ مِن إيمائي؟
* * *
حسَناً حصدتُ الآن أنضج موسمٍ
ما اسم الذي أغنى فمي وإنائي؟
أأقول نجمٌ، والنجوم جميعها
عيناهُ وهو إضاءةُ الأضواءِ؟
هل أحفر العنوان؟ هذي رحلةٌ
في (سندباد) البَرِّ والأجواءِ
ذا لا يؤدي، سوف أزعم أنَّني
شافهتُ شيخ المذهب (الأحسائي)
أسْرَيت بي يا شوق في ذاك الذي
أصبحتُ فيه وما انتهى إسرائي
ما اسم الذي حاورت؟ قل يا وجهَهُ
أأنا اكتشفتُك أم كشفتُ غبائي؟
عام 1978م