توابيت الهزيع الثالث
قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - توابيت الهزيع الثالث
هناك رأوْهُ (نقيل يَسْلِحْ)
طريحاً مِن وراء الصمت يُفصِحْ
يكاد يقوم يحتضن المحيِّي
ويخترق الكوابح والمكبِّحْ
ويطلع كرمةً مِن كل صخرٍ
تضاحكها النسائم أو تؤرجْح
يقول ولايقول، يشي ويُشجي
يصرِّح بالأهمِّ، ولايُصرِّحْ
* * **
يَنُثُّ تهاجسُ الأعشاب عنهُ
ويخفق مثل أخيلةٍ تلِّوحْ
تُحدِّثُ عنه رابيةُ نسيماً
مَشَمُّ الورد أزكى إذ يصوِّحْ
أريدُ أطيرُ أخْبرُ عنهُ مَن ذا
يريِّش قامتي أو مَن يُجنحْ
* * **
تمدُّ إليه أمُّ الصبحِ كفّاً
لتقرأ كفَّه ويداً توشِّحْ
تسرَّح فيه عينيها وتغضي
فيهتف قلبها فيمن تسرِّحْ
* * **
تغوص كناقد يتلو كتاباً
ربيعيًّ المؤلِّف والمنقِّحْ
وتسأل: يا أنا أأرى فلاناً
قتيلاً، لا تبتُّ ولا ترجِّحْ
ومَن هذان حوليه أقتْلى
ثلاثتهم؟ ل ماذا؟ مَن يوضِّحْ؟
لهم أرًجٌ كأفراح الصبايا
وسرٌّ ربما يُعيي المشرِّحْ
* * **
تكلم يا غموضُ، هنا رَموْهُمْ
وعادوا قبل حَوْقلةِ المُسَبِّحْ
لهم أيدٍ كأدغال البغايا
وجوهٌ مثل مزبلةٍ تفُوِّحْ
توابيتٌ لها شبقٌ، تأنّى
بها النّجار وانخدع المُصَفِّحْ
ضحايا غيرهمْ يسطون عنهُ
فكيف يحسُّ مذبوح يذِّبحْ؟
* * **
ترى غطَّوْا ملامحه ليخفى؟
فكيف إلى أكُفِّهُمُ يُلِّمحْ
أظنّوا الخنق لا تلطيخ فيه
فمن يمحو الجريمة أو يُمسِّحْ؟
فقال بلا فمٍ، أدراجُ قلبي
خوافٍ أيَّ أغْلَفَها أفتِّحْ
وحكَّ جبينه ودنا ليفضي
فهدَّج خمسَه الوجعُ المُبَرِّحْ
* * **
أيا (وِعْلانُ) قلْ أمسوْا بصنعا؟
أمَنْ يمسي بصنعا ليس يُصبحْ
أتوا من قبل أسبوع أمامي
كحقل سفرجلٍ يُشذي ويُفْرِحْ
فقال صدىً أحطَّ القتل وجهاً
وكفّاً مقتلُ السِّرب المروِّحْ
أنادي يا (خِدارُ) يجيب عنها
نواحٌ صامتٌ وشجىً يُنوِّحْ
أأشهد كل أمسيةٍ طريحاً
بلا روح، ولاأضعُ المُطَرِّحْ؟
* * **
أما انتهت الحروب تقول هذا
مؤامرة المزعَّم والمسَلِّحْ؟
بغير يديه داعي السِّلم يردي
ويدعو مَنْ أناب أجلَّ مُصْلحْ
رأى الثوراتِ غلطةَ كلِّ شعبٍ
فنصَّب كل قتّالٍ يصحِّحْ
إذا سكتوا زَقا الإسكات عنهمْ
وإن نبحوا فقلْ أَمَرَ المنَبّحْ
* * **
يصوغ المسرحيَّةً كل يومٍ
ويبدو شاهداً وهو المسرِحْ
يرى اليوم التعدُّدَ بدء شوطٍ
فهل سوقُ التَّفرُّدِ غيرُ مُرْبِحْ
ويدعو الانتخابَ الحرَّ أراضي
ويعطي الأغلبية مَن يرشِّحْ
أليس هو المثلَّثُ والمثنِّي
وملعبهُ المشِّلُ والمنجِّحْ
لهذا ينثني الأنقى هزيماً
ومتَّسخُ اليدين عليه يُفلحْ
وأنت عليك أن ترضاه حُراً
وإلا لست حُرَّاً أن تصيِّحْ
لأن أبا القوى يختار حكْماً
يُطَبِّقُ لا يحسِّن أو يُقَبِّحْ
* * **
أخَمَّنُ بعد هذا الوقت وقتاً
أرومُ قياده يأبى ويُسمِحْ
تعلَّلْ لست وحدك كم تلاقي
قريحاً لا يكُفُّ يدَ المقرِّحْ؟
ومَن ذا يقتدي بالعجز لِم لا
أزحزحُ منه عني ما أزحزِحْ؟
أعِنِّي أو أشحْ عني أيأبي
كسيحُ النفسِ إلاّ أن يكسِّحْ
حماقةُ ذو القوى أقوى عليهِ
وأقْتلُ للتبجُّحِ والمُبجِّحْ
ترى ما في بلادي في سواها
أترضى الجرح إن عَظُمَ المجرِّحْ؟
أيجدي الشعبَ أنَّ له شبيهاً
وأن هناك مثلُ (نقيل يَسْلِحْ)