قافلة النقاء

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - قافلة النقاء

أم المرجى، وهذي الصحبة الفطنا
غمامة زوجت فيها الدم اللبنا

نارية أينعت، ثم انثنت زاهراً
مائية لا تحابي جوف أي إنا

تلقي الشوادي على الوادي ملاحنها
كما تناغي صبايا الضحوة الغصنا

يحس أخبارها ذوق الرياح، كما
يذوق شيخ الطريق الوجد والحزنا

* * *

تألفت من رؤى قبل الديار ومن
شوق الديار إلى من فات أو ظعنا

كانون (أيلول) فيها شوق أجنحة
فيها أساميهموا تعلو ضمير أنا

لأن يخضورها من نجمتين رأى
عرافةً قرأته وانحنت فحنى

دلته رعدية النهدية، أوديةً
تزكو وتربو، ويستغشي الذي كمنا

* * *

منهم بهم صعدت، قالوا كما ارتحلت
منى) إلى (شميرا) من تحت جلد (منى

قال القياس: عيون اليم بعض حصىً
فمن أجال حصاةً، قيل عنه: رنا

يقيس بالصحبة الأتقى نقيض نقاً
أما اجتلى سرهم؟ هل ميز العلنا؟

من ذا لة أعين أخرى ترى شفقاً
من فجر ظاهرهم يوحي بما اختزنا

أعطوا جنين الخضيري قبل مولده
وصف المرجى، فمن يدعى إذا ختنا؟

توامضوا فوق أحزاب الإمام رقوا
من تحت عشرين سجناً تطبخ السجنا

الكل للكل فيهم قبل كم؟ ومتى؟
وإن بدوا نصف أهل الكهف، أو قرنا

* * *

أفضى (هنا) ل (سنا) من أمر والدها
كان (الأنوق) يخاف (الرخ) إن سكنا

وقال: بيضته ذات اللمى انكسرت
فأشرقت من ستدعى بعد أم (سنا)

لو خال هذا أبو زوجي لصاح به
أصهرت من بيضةٍ أوضحت ما بطنا

أصبحت أول (ديكٍ) يكتسي ولدي
أنا جنيت عليه، أم عليّ جنى"؟

يا (سندباد): متى كان (الأنوق) أباً؟
وكان أما وغلاباً سبى وزنى

قال الثنى: سكن (اليونان) واحدةً
من بيضه فدنت منه السما ودنا

أم الجنين استثارت: من رآه، ومن
سماه قبل الأسامي، وانتقى الخشنا؟!

* * *

(هنا) ادعى: جدتي قبل (الأنوق) جرت
بل كانت البحر والملاح والسفنا

قالت للقمان: خذ من جانحي (لبداً)
ويا (كليب): إلى كم ترتع الدمنا؟

أم الجنين استعادت صوت (عبهلةٍ)
كما رواه (سهيل) عن رعاة (بنا)

وكان عم (سهيلٍ) بالفؤاد يرى
ريح العشية روحاً تجتدي بدنا

* * *

عزا إلى أم جدي: أنها عشقت
(ريا) وقالت: أنا ويحي عشقت أنا

وأنها صافحت في باب (أنقرةٍ)
(سيف بن ذي يزنٍ) مسترجعاً يزنا

يا (سيف) من تبتغي؟ نصراً خلقت له
وقبل أن أشتريه، أشتري الثمنا

لي في (سمر قند) ركن لو ألوذ به
أحال كل شجاع أجبن الجبنا

وكاد ينشق من إغضائها، فرأى
في خدها دمعةً حيرى عنت وعنى

* * *

وأغسقت تقتل المجهول معرفةً
قبيل حمل الثرى المحراب والوثنا

كانت تقول لأمي: حققي وصفي
من يجهل القبح لا يستحسن الحسنا

لذاك مدت من المجهول نصف يدٍ
إلى ظفيرة (صنعا) علقت (عدنا)

* * *

قانت ثنىً وفرداى طولت شبحاً
من الحصى ذا أسام جمةٍ وكنى

عهد الموازين ما استدعى له خلفاً
أولم تقم قامة، تدري من اتزنا

* * *

هل ذاك الجذع (بشر)؟ كان والده
يحسو ويحسو، إلى أن يلبس الوسنا

يرتاد ديوان (يشعى) لا يفارقه
إلا وقد أغلق الخمار ما ارتهنا

هناك يحصي حصى هذا الممر، وذا
مردداً: "أم دفرٍ بنت أم خنا"

ويا (أمانة صنعا): من يؤمنني؟
قالت: متى عهد هذي الدور بالأمنا؟

* * *

هل هذه دار (بشر) يا هنا؟ سنةً
وحال عصفورة كسلى كبنت غنا

هاتيك؟ أو هذه؟ تلك التي لبست
رمانةً، شم قلبي ذلك الفننا
* * *

قال (الثنى) آية أم الجنين ترى
فريدةً، وهي إذ تمشي تلوح ثنا

هل آن أن تضعيه؟ من أضاف ترىً
يلقى الوليد به، مهداً محتضنا

* * *

يا بنت من ضيعت في القفر واحدها
وأرضعت طفل أخرى، فامتطى الزمنا

هذا الجنين الذي تطوين، شاب وما
ناغى صباه، وشبنا في انتظار هنا

أريد إنضاجه عامين، أربعةً
ألا ترون الشظايا، تعصر اللدنا

لكل نضج أوان، إن تجاوزه
فيه انطوى ميتاً، واستخلف العفنا

قال الجنين: اقبريني فيك وانتطقي
كي لا يفيق الذي في نصفه اندفنا

* * *

الساعة الآن كم؟ مليون جمجمةٍ
كالأنجم اقتضموها: هاهنا، وهنا

من ذا دنا؟ وردة في كف أمنيةٍ
تضنى إليها، إلينا تستزيد ضنى

يبدو وصلنا، أصيخوا: من يهامسنا؟
لا تنطقوا قبل أن تستنطقوا الشجنا

قلتم كثيراً، وما قلتم، أكاشفكم
لا يعرف الله من لم يعشق الوطنا

1993م

زر الذهاب إلى الأعلى