أم يعرب
قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - أم يعرب
حيث الغبار الأهوج
على الرياح ينشج
وحيث تشمخ الدمى
ويستطيل العوسج
هناك حيث يدعي
على القشور البهرج
جزيرة تطفو على
صحو الربى وتدلج
مطلة كأنها
نعش أشم أبلج
تمضي به حنيّة
جرحى وتل أعرج
سمراء حلمها على
أيدي الرياح هودج
ومررد من الهوى
ومرتع مضرج
تجثو كذاهل إلى
ما لا يرى يحدج
كجائع يشتم من
حوليه لحماً ينضج
تهوي وظل نفسها
يخيفها ويزعج
فتحبل الرؤى على
أهدابها وتخدج
على الفراغ تنطفي
وللفراغ تسرج
على اصفرار وجهها
تعملق التشنج
فبعضها لبعضها
توحش مهيجُ
يومي إلى ركامها
ركامها المدجج
فترجع (البسوس) في
أحشائها تهملج
ويعصر التحامها
دماءها ويمزج
وتنثني يهزها تبجح محشرج
تقص عن جدودها
كم أخمدوا وأججوا
وأبدعوا مقابراً وأسقطوا وتوجوا
واتخموا سوق الردى
وأكسدوا وروجوا
وأين صال "جرهم" وأين جال "خزرج"
فيشرئب "هاشمُ"
من رملها "ومذحجُ"
فتغزل الحياة من
ثلج البلى وتنسج
سل الرياح: هل لها
خلف الرؤى توهج
هل يستفز وجهها
إلى الضحى التبرج
هناك ذر برعم
فأومأ التأرج
إلى نهود هضبة
يحيلها الترجرج
تثير موعداً على
عينيه طيف أدعج
هناك: نبض مولد
يريبه التحرج
تلجلجت بنانه
فأفصح التلجلج
وكرمه عيونها
أحلام أنثى تزوج
ومنحنى يخضر في
حروفه التهدج
وواحة حبلى تعي:
متى؟ وكيف تنتج؟
فتبتدي جزيرة
أخرى أجد أبهج
لها طفولة على
ركض البزوغ تدرج
على امتداد حضنها
تندى الحصى وتهرج
وينتشي "عرارها"
ويفرح البنفسج
فللكوى تلفت
وللربى تموج
أغسطس 1964م