أسمار.. أُم ميمون
قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - أسمار.. أُم ميمون
كانت بكل عشيّة تروي
خَبَر الطرابيش التي تهوي
عشرون طربوشاً هناك هوَت
وهنا ارتمى ذو الشارب الملوي
* * *
مِنَّا افتقدنا سبعةٌ وفتىً
نُحنا، وكان نُواحنا يكوي
نفنى تآويهاً، وتُشعلنا
(أمة الجليل) وزوجةٌ "الحروي"
ويضجُّ "مسعودٌ" فيرعبنا
فمه العريض، وصوته النٌسوي
كانت "لميس" تصيح: واولدي
و"ابن الشريف" يصيح: واصنوي
وأبي يقول لكل مكترثٍ:
قَدَر الشجاع القتل يا (خُوِّي)
وغرابة الأطوار لازمةٌ
للحرب، مِن تكوينها العضوي
* * *
في اللّيلة الأخرى بدا قمرٌ
زاهٍ إلى "الأروام" يستهوي
فتكبَّدوا تسعين واقتنصوا
مِنّا "ابن عيسى" و"ابنة البدوي"
قلنا: انتهينا وهي ما بدأت
واكفُّنا مِمَّا بها تخوي
* * *
مِن خلف ذاك التلُ باغَتنا
جيشٌ نوانا قبل أن تنوي
دخل البيوت فلم يجد أحداً
وغدا بهاكالثعلب المزوي
جئنا إليه مِن هنا وهنا
فارتدَّ فوق دمائِه يعوي
ويفرُّ من عرقوبه، وعلى
قدميه يسقط نصفه العُلوي
فاختار (عزّت) مَن يُبلِّغنا:
كفُّوا عن الفوضى، خذوا عفوي
* * *
في "الشّعب" أردَوا "مرشداً" وأخي
واستوحدوني، فانثنوا نحوي
ناديت: يا أهل الحمى، فعدت
كل القرى، كالعاصف الشتوي
قالوا: أرينا أين مكمنُهم
فحملت فاسي، واحتذوا حذوي
وفرحت حين رأوا وطني
وامتد فوق عيونهم زهوي
منهم قتلنا تسعةٌ، قتلوا
عشرين مِنّا، آه واشجوي
أحسست كل ممزقٍ جسدي
ورأيت كل معفَّرٍ شُلوي
* * *
كانت بلا نارٍ بنادقنا
ومدافع "ابن الهمشلي" تدوي
والفرد منهم حجم أربعةٍ
مِنَّا، ونحن كزرعنا نذوي
يوم استبى الخيّال "عافيةٌ"
صاحت: فلبّي "أحمد الصُّلوي"
وهناك جاءت كل رابيةٍ
برماحها، كالماطر الغدوي
واشتدّ ذاك اليوم، لا فرسٌ
ينجي، ولا مِن مهربٍ يؤوي
في ذلك اليوم ارتدى دمهُ
عمّي، وضاع "محمد العروي"
* * *
هدرت "بقاع البَون" معركةٌ
قالت لغازي الدار: ذق غزوي
كُنّا نصير بعنف قوَّتهِ
أقوى، ويعيا كيف يستقوي
يوم "المقاطرة" اغتلت غضباً
قالت لـ"عصمت" هل ترى صحوي؟
هطلت عليه النار قلعتها
فاندكّ مثل الطحلب المشوي
وهنا سمعنا الأرض تخبرنا
إني أكَلت مَن ابتغوا حسوي
* * *
آباؤكم كانوا أعزّ على
ذهب "المُعِزّ" وكل ما يُغوي
ماذا أقصُّ اليوم؟ كم سقطوا
والموت لا يغفو ولايثوي..
كان الصباح كأنف أُمسيةٍ
كان الدجى كالملعب الجوِّي
* * *
والآن هل ألقى معازفهُ
زمنُ الأسى كي يبتدي شدوي
وتنحنحت كي تبتدي خَبراً
فبكت، فغاص أمرّ ما تحوي
حدث الذي.. والدمع يسبقها
ويقول عنها غير ما تطوي
(مارس1982م)
* * *