هذا اليأس

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - هذا اليأس

ترى: ما نوع هذا الياس
وهل لقياسه مقياس؟

كسقف السجن يمناه
بنان شماله، أمراس

له رأسان في رأسٍ
وظهرٌ مثل ألفي راس

وأذقانٌ بلا شعرٍ وأيدٍ شعرها مياس
وجذعٌ لا أساس له

وجذع ثابت الأساس

* * *

ألا تدري له بدءاً؟
فهل يأتي من الأرماس؟

عليه روائح الموتى
ورعب السوق والمتراس

ترى: من أين مأتاه؟
وما يطوي من الوسواس؟

أراه فوق من قاموا
وتحت ملامح الجلاس..

هناك يلوح، سلطاناً
وشيطاناً هنا، خناس

فهل في قلبه حسٌّ
وهل في سمعه إحساس؟

يجوس البدء والمنهى
ولا ينجر كالجواس

عليه عمائم كالدور
فوق ربىً من الأتياس

دنيء السير والمسرى
جبان الغيم والإشماس

ألا يبدو له نوعٌ؟
ويغشى سائر الأجناس

* * *

يدوي تحت جلد الصمت
يعوي في فم الأجراس

يحن بغلة الظامي
ويغلي في عروق الكأس

يدمي المأتم الباكي
يحل جوانح الأعراس

ويعلو صهوة المثري
يجر عباة الإفلاس

ويربو في بيوت المال
يسعل في حشا الحراس

ومن سوق إلى سوقٍ
يسوق الرق والنخاس

يئن بقبضة الحداد
يبكي في يد النحاس

يبيع الخوف أقراصاً
ويبتاع المنى أكياس

يدير الحكم والمحكوم
والمدسوس والدساس

* * *

يشكل طعمه خمراً
مياهاً، مسرحاً، كراس

أناشيداً، وأخباراً
دماً، فوق الدم النعاس

نهوداً من غبار الليل
من تبن الأسى أكداس

عشاء من حليب الريح
أوهاماً من الألماس

طوابيراً تفوق العد
بالأخماس والأسداس

(بسوساً) في حمى (روما)
وسوقاً في حمى "جساس"

مرايا لا ترى شيئاً
وجوهاً تمضغ الأنفاس

* * *

يرى من شوك إبطيه
ومن عكازه النواس

ويرمي تارةً ناراً
ويهوي تارةً كالفاس

وطوراً يقرأ الأبراج
طوراً يخنق النبراس

وحيناً يرتدي المحراب
حيناً يلبس القداس

ويوماً يوقد الثورات
يوماً، يبلغ الأقباس

* * *

هنا يهمي توابيتاً
هنا ينقض كالأفراس

هنا ينصب أحجاراً
ويمشي هاهنا كالناس

ترى: ماذا تسميه
عيون الرمز والأقواس؟

(نوفمبر1981م)
* * *

زر الذهاب إلى الأعلى