وجوه دخانية في مرايا الليل

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - وجوه دخانية في مرايا الليل

الدجى يَهمي.. وهذا الحزن يَهمي
مطراً من سُهده، يظما ويُظمي

يتعب اللَّيل نزيفاً... وعلى
رغمه يدمى، وينجر ويدمي

يرتدي أشلاءه، يمشي على
مُقلتيه حافياً، يهذي ويومي

يرتمي فوق شظايا جلده...
يطبخ القيح، بشدقيه ويرمي

* * *
أيها اللَّيل.. أنادي إنما
هل أنادي؟ لا... أظن الصوت وهمي

إنه صوتي... ويبدو غيره
حين أصغي باحثاً عن وجه حلمي

من أنا؟... أسأل شخصاً داخلي
هل أنت أنا؟ ومن أنت؟ وما اسمي؟

* * *
أيها الحارس تدري مَن أنا؟
إشتروا نومي.. طويل ليل همي

ألانِّي حارس يا سيدي؟
زوَّجوها ثانياً، ألمال يعمي

مَن أنا؟.. أللَّيل يبني للرؤى
قامة للرمح، من جلدي وعظمي

لا تعي سكران؟ تسع ألعنت
أول الأخبار، ما سموه رسمي

مَن أنا؟.. صار ابن عمي تاجراً
واشترى شيخاً ثري، بنت عمي

هل تنام الصبح؟ سيارتها
عبرت قدام عيني، فوق لحمي

إصغِ لي أرجوك؟..أغرى أمها
شيَّدتْ قصرين، من أشلاءِ هدامي

* * *
من أنا يا تكس؟ أفلست وما شبعوا..
مَن مِن حماة الأمن يحمي؟

مِن هنا، سر، ها هنا قف، رخصتي
ما الذي حمَّلت، فتش، هات قسمي

خمسة للقات، خمسون لهم...
وانتهى دخلي، وأنهى السِّلُّ أُمي

* * *
عاجن الفرن.. أتدري؟ سنة
وأنا أعجن أحزاني وغمِّي

من أنا؟ كانت ترى والدتي
ذُلَّ بعض الناس، تحت البعض حتمي

غبت عن قصدي!... رفيقي غائب
من ليالٍ، رأيه في الحبس (جَهمي)

ما الذي أفعله؟، كلٌّ له
شاغل ثانٍ، وفهم غير فهمي

ذاخلي يسقط في خارجه
غربتي أكبر من صوتي، وحجمي

(نُقُمٌ) يرنو بعيداً،سيدي
هل ترى في ضائع الأرقام، رقمي؟

طحنت وجهي- لأني جبل
خيلُ كِسرى، عجنته خيل نظمي

أعشبت أرمدة الأزمان في
مُقلتي، جلمدت شمسي ونجمي

تذهب الريح، وتأتي وأرى
جبهتي فيها وهذا حدُّ علمي

مِن هنا أسأله، من ذا هنا؟
غير ثوبٍ، فيه ما أدعوه جسمي

مَن أنا والليلة الجرحى على
رغمها تهمي، كما أهمي برغمي؟

هل كفى يا أرض غيثاً، لم تعد
تغسل الأمطار، أوجاعي وعُقمي

إبريل 1975م

زر الذهاب إلى الأعلى