فجران
قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - فجران
من ساحة الأصنام والأوثان
من مسرح الطاغوت والطغيان
من غاية الوحشية الرعنا ومن
دنيا القتال ومواطن الأضغان
من عالم الشر المسلح حيث لا
حكم لغير مهند وسنان
بزغت تباشير السعادة والهدى
بيضا كطهر الحب في الوجدان
وأهل من أفق الغيوب على الدنا
فجران فجر هدى وفجر حنان
يا فرحة العليا أهل محمد
وعليه سيما المجد كالعنوان
وأطل من مهد البراءة والسما
والأرض في كفيه تعتنقان
* * *
ماذا ترى الصحرا؟ أنواراً سائلاً
أم أنه حلم على الأجفان
فتحت نواظرها فضج سكونها
ما لي أرى ما لا ترى عينان
وتلفتت ربوات مكة في السنا
حيرى تكابد صمتها وتعاني
وتكاد لولا الصمت تسأل جوها
ماذا ترى ومتى التقى فجران؟
وتيقظ الغافي يرى ما لا ترى
في الوهم روح الملهم الفنان
نزل البسيطة بالسلام محمد
كالنصر عند مخافة الخذلان
يا صرعة الطاغوت أشرق بالهدى
رجل الهداية والرسول الباني
فإذا الجزيرة فرحة وصبابة
والجو عرس والحياة أغاني
وإذا العداوة وحدة وأخوة
والبعض حب والنفور تداني
هتفت شفاه العبث فانتفض الثرى
وتدافع الموتى من الأكفان
زخرت وضجت بالحياة قبورها
واهتاجت الأرواح في الأبدان
وتلاقت الدنيا يهنئ بعضها
بعضاً فكل الكائنات تهاني
ولد الرسول من الرسول ومن رأى
طفلاً له عليا الخلود مغاني
يسعى إلى العليا وتسعى نحوه
فكأنَّ بينهما هوى وأماني
من ذلك الطفل الذي عصم الدما
وحمى الضعيف من القوي الجاني
وتناجت الأكباد حول جلاله
بالحب نجوى الحور والولدان
* * *
من ذلك الطفل الفقير يشع من
عينيه تاريخ وسفر معاني
ما شأن هذا الطفل ما آماله؟
فوق المنى والشأن والسلطان
هذا اليتيم وسوف يغدو وحده
رجل الخلود وواحد الأزمان
وتحقق الأمل الجميل واينعت
روح الخلود في أجل كيان
حمل الرسالة وحده ومضى على
حد السيوف وألسن النيران
عبر المهالك والسلام سلاحه
يدعو إلى الحسنى، إلى الإحسان
وإلى الأمانة والبراءة والتقى
ومحبة الإنسان للإنسان
وإلى التآخي والتصافي والوفا
والبر والعيش الظليل الهاني
فتجاوبت حوليه أحقاد العدا
وتفجرت في الدرب كالبركان
فمشى على نار الحقود كأنه
يمشي على الأزهار والغدران
وعدا الحقيقة حوله تجتاحهم
همجية دموية الألوان
وغواية تصبي الغوي كأنها
شيطانه توحي إلى شيطان
ومحمد يلقي الأشعة هًهُنا
وهنا ويفتح مقلة الوسنان
فطغت أعاديه عليه فردهم
بالآيتين: الصبر والإيمان
واقتاد معركة الفدا متفانياً
إن الجهاد عقيدة وتفاني
والحق لا تحميه إلا قوة
غضبى كألسنة اللهيب القاني
والأرض أم الناس ميدان الوغى
والعاجزون فريسة الميدان
والمجد حظ مدرب ومسلح
والموت حظ الأعزل المتواني
رفع الرسول لوا النبوة بالهدى
وحمى الهدى بالرمح والفرسان
وغزا البلاد سهولها ووعورها
بالقوتين: السيف والقران
وتراه إن لمست يداه بقعة
نشأت على الإصلاح منه يدان
وإذا أتت قدماه أرضاً أطلعت
خطواته فجراً بكل مكان
وإن الزعامة قوة وعدالة
وشجاعة سمحا وقلب حاني
* * *
يا خير من حمل الرسالة والتقى
في عزم روح في أرق جنان
ذكراك آيات الزمام كأنها
أنشودة العليا بكل زمان
* * *
أمحمد خذ بنت فنِّي إنها
أخت الزهور بريئة الألحان
وعليك ألف تحية من شاعر
في كل عضو منه قلب عاني
** ** **