جلالة الفئران

قصائد الشاعر الكبير عبدالله البردوني - نشوان نيوز - جلالة الفئران

أيُها الكاتبُ مَن تعطي الكتابَهْ
مديةُ الجزّار في أيدي الرَّقابَهْ

تحسنُ القولَ لقصّابينَ ما
حاولوا أنْ يحسنوا حتى القِصابَهْ

تبعثُ البحثَ قويماً، ينثني
فاقدَ الساقين محروق الذؤابَهْ

دافعاً قرّاءَهُ أن يعرفوا
موضع التقتيل فيه والإِصابَهْ

ذلك الفن الذي تعمرهُ
مِن حنايا القلب تلقاه خرابَهْ

جئتَ مِن مطبعةٍ؟ قل صادقاً
جئتُ مِن مسبعةٍ يا للغرابَهْ

سايسوها ما لهم لبٌّ لذا
يحسبون الشعبَ معدومَ اللّبابَهْ

* * **
أين منك الصوتُ؟ دسّوا مِن فمي
غيرَ حلقي، حطَّموا تلك الرَّبابَهْ

أين كفاك؟ أتدري ما شووْا
إصبعاً إلا وظنّوها كبابَهْ؟

أين خدّاك؟ نأى ماؤهما
عنهمو، والتمَّ في قلبي سحابَهْ

أين جنباكَ؟ تعشَّوْا واحداً
واحداً أجروا له غَسْلَ الجنابَهْ

كنتَ ذا رأسٍ نجوميِّ المدى
حوَّلوهُ جرّةً نصف مُذابَهْ

أين عيناكَ؟ رموا واحدةً
قلعوا الأخرى وردُّوها مصابَه

* * **
سادةُ التحرير مَن حمَّلهمْ
مهنةَ الحرفِ؟ وهم أضرى عصابَهْ

قَضَموني مِن هنا مِن ههنا
أيُّ فئرانٍ أرى؟ من أيِّ غابَهْ؟

إنهم نعلُ الذي يعلوهُمُ
وعلى مَن دونهم أبطالُ (بابَهْ)

قال أعلاهُم مقاماً: هشَّموا
أيَّ حرفٍ يحتوي أيَّ ثَقابَهْ

وانحنى فوقَ الوريقات، كما
تفتح الحلوى حشاها للذُّبابَهْ

* * **
هذه الزاوية الأولى بها
نكهة أخرى، دعوا ذات الذَّرابَهْ

تلك لا بأسَ، تُرى طيِّبةً
عند من تدرون ليست مستطابَهْ

قصةٌ ماذا حكت؟ غمغمةً
لافتٌ عنوانُها (قتلُ شهابَهْ)

* * **
انظروا أيَّ مقالٍ جاءنا؟
قال إنّا دودةٌ تجترُ (دابَهْ)

وبأنّا نشرب النِّفط دماً
ونبيع (الجوْفَ) كي نُشقي (رُصابَه)

وادّعى أن الروابي أصبحت
دورنا مِن (دمنةٍ) حتى (ثَوابه)

بلِّغوا عنه، ولكن ما اسمهُ؟
سوف يدي (القُحْطُمي) بيت الإِنابَهْ

* * **
اللقيطاتُ السّياسيّاتُ كم
علَّمتْنا خِبرةً ذاتَ إثابَهْ

فسبقنا الكلب في النهش عسى
أن تُرى عَيّابةُ الوضْعِ المُعابَهْ

شُغْلُنا وليغضب الكلُّ، فما
بين هذا الشُّغْلِ والشعب قرابَهْ

هكذا قالوا وحَدّوا نابَهم
مستلذّين عَلى الفنِّ الكَلابَهْ

* * **
هذه الصفخةُ ما أخطرها
شذِّبوا قامتها أخفى شِذابَهْ

أنزلتْ فلسفةً الحكم إلى
شارع الجوْعى وأعداء الرَّتابَهْ

نزّلوا جبهتَها سرَّتَها
وازرعوا في صُلْبها عقمَ الصَّلابَهْ

* * **
وضعُ هذا السين يُذكي أعيناً
زحزحوه وضعوا جيمَ الإجابَهْ

قلب ذاك الدال يُسني وجههُ
رمِّدوا في لَمْحه نبضَ النَّجابَهْ

واجموا الميم تروا داخلَهُ
طلِّقوا مِن جَدِّه زوجَ الدَّعابَهْ

ذلك الواو احذروا مِن مكرهِ
إنّهُ كالموت غيبيُّ المَهابَهْ

شارب الشين اصبغوهُ زُرقةً
وإلى باقرِّبوا نونَ النِّيابَهْ

* * **
قطِّعوا شريان باب المبتدا
واقتلوا في همزة الوصل الصَّبابَهْ

حجّروا رؤيا نبيِّ الحرف في
حَرْفهِ، واستقبلوهُ كالصَّحابَهْ

وَأْسَفوا مِنْ غلطةِ الطَّبعِ لهُ
وابحثوا الأوراق مبدين الكآبَهْ

نفّذوا أمر الذي أمَّرهم
والذي أرْكَبهم ظهرَ النَّقابَهْ

فغدوا جيشاً مدادياً إلى
فيلق الفوضى، وللغازي مثابَهْ

يناير 1990

زر الذهاب إلى الأعلى