عودة الوجه الغائب

الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - عودة الوجه الغائب

أينَ وجهي؟ هل أنا لا وجهَ لي
صخرةٌ تائهةٌ في الأزلِ؟

كانَ لي وجهٌ وقد مَزَّقْتُهُ
منذُ عامِ الجدبِ، عامِ (الحنظلِ)

ظلَّ يَسّاقطُ في مأساتِهِ
ويعاني، في انتظارِ البطلِ

عبثَتْ دودُ (حزيرانَ) بِهِ
وامتطتْهُ قاطراتُ الخجلِ

وأخيراً عادَ (تشرينُ) بِهِ
شامخَ الرأسِ، نَدِيَّ القُبَلِ

أنا في (سيناءَ) ما أسعدني!
أنا في (الجولانِ) يا لَلْجذلِ!

عبرَتْ بي سُفُنُ النصرِ على
سُحُبِ الشوقِ، وموجِ الأملِ

أرجعَتْ وجهي، أعادتْ لونَهُ
وأعادَتْني لوجهي الأوَّلِ

كنتُ أشكو شللاً في أمَّتي
فتجاوزْتُ ركامَ الشَّلَلِ

لم أعدْ منْ غيرِ وَجْهٍ، ها أنا
أتحدَّى كلَّ وَجْهٍ قِبَلي

أيّها الجنديُّ يا وَجْهَ الضُّحَى
يا نهارَ الأمسِ والمستقبلِ

منْ يشبُّ النارَ في غاباتِنا؟
منْ يعيدُ الضوءَ للمعتقَلِ؟

منْ يهزُّ الخِصْبَ في أخشابِنا
ويعيدُ المنتدى للطَّلَلِ؟

أنتَ يا ملحمةً شامخةً
أنتَ أشعلْتَ الضُّحَى في المقَلِ

دَمُكَ الغالي، وما أكرمَهُ
يتهادى في صخورِ الجبلِ

يبعثُ الدفءَ إلى تاريْخِنا
ويضيءُ العصرَ للمحتفلِ

كلَّما أطبقَ ليلٌ عابثٌ
بسمانا، وكأنْ لا ينجلي

سحقتْهُ، سحقَتْ أحلامَهُ
موجةٌ منْ دَمِكَ المشتعلِ

وإذا ما غابَ نجمٌ بطلٌ
أطلعتْهُ كَفُّ نجمٍ بطلِ

وجهُنا عادَ وقد أرجعتَهُ
أنتَ يا وَجْهَ النهارِ المقبلِ.

16 أكتوبر 1973م

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى