البحث عن الماء في مدن الملوك
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - البحث عن الماء في مدن الملوك
الفصول:
كان سيفُ الشتاءِ يحاصرُ وجهَ الخريفِ، فتبكي عرايا النجومِ جليداً، يجيءُ الربيعُ بوردٍ منَ النارِ، يحترقُ الوردُ في جدلِ العشقِ شوقاً إلى ضدِّهِ؛ فيصيرُ الجليدُ سحاباً منَ الخبزِ، نهراً منَ الكلماتِ. لماذا تُطيلُ الفصولُ الإقامةَ، مجدبةَ الضِّرْعِ، عانسةَ الغيمِ.. لا جدلٌ في الصَّحارى ولا جدلٌ في السماءْ؟!
العطش:
الملوكُ إذا دخلوا قريةً أفسدوا ماءَها.. في عيونِ الجفافِ ينامونَ. ساعةَ تسكنُ أجسادُهم زمنَ الأرضِ ترحلُ رائحةُ النهرِ، تركضُ راجعةً، يتبدَّلُ مجرى الفصولِ / الرَّبيعِ يصيرُ الشتاءُ شتاءينِ، تنبطحُ الأرضُ لاهثةً، تستحمُّ بأوحالِها القممُ الخضرُ، ينحدرُ البحرُ، تبكي المسافاتُ والأوديةْ.
الماء:
ادخلوا جسدَ الكلماتِ، اركضوا في مياهِ الحروفِ، ولا تتركوا ثغرةً لعبيدِ الخليفةِ. إنَّ العبيدَ إذا دخلوا الكلماتِ تخثَّرَتِ الكلماتُ؛ تصيرُ المعاني دماً، والحروفُ حُرُوقاً، فلا تعجبوا إنْ تخثَّرَ ماءُ الكلامِ، وإنْ ظهرَتْ كلُّ أشجارِنا رخوةً ومجوَّفَةً، ونوافذُنا في الظهيرةِ مسكونةً بالظلامْ.
القربان:
أغلقوا أعينَ الشعرِ في وجهِ جندِ الخليفةِ، إنَّ جنودَ الخليفةِ قد أفسدوا عينَ ماءِ السماواتِ والأرضِ؛ مستنقعاً صارتِ الأرضُ والشمسُ.. منْ أينَ يشربُ أطفالُ مملكةِ الجوعِ؟ يجرحُني في المساءِ أنينُ القرى، ويعذِّبُني عطشُ الماءِ. ناديتُ أنهارَ كلِّ النجومِ البعيدةِ، أشعلتُ كلَّ فتائلِ معبدِ (بلقيسَ) لا النهرُ جاءَ، ولا مطرُ الريحِ. لم تبقَ في جسدي قطرةٌ منْ دمِ الوردةِ الذّابلةْ؟
المخاض:
ألفُ أنثى وأنثى تعاني المخاضَ، وكلُّ المواليدِ للموتِ.. سيّدتي فَلْتَكُفَّ البطونُ عنِ الانتفاخِ، دَعي شَجَرَ الحزنِ يأكلُ جِذْرَ التَّكَوُّنِ، يشجُبُ قائمةَ الخَلْقِ. إنَّ جنيناً يداعبُ أحشاءَكِ الآنَ تهدرُ في دَمِهِ رغبةُ الموتُ.. حمقاءُ إنْ أنتِ أطلقْتِ أجنحةَ الرَّغَباتِ، وقاتلةٌ إنْ قبلْتِ التعمُّدَ بالوَحْلِ، والرَّقْصَ في السّاحةِ الخاويةْ.