إلى أبي نواس
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - إلى أبي نواس
يا أبا النّوّاسِ ماتَ الشِّعْرُ
والكأسُ انكسرْ
لم يعدْ في العصرِ للظمآنِ ماءْ
لم يعدْ في ليلِنا الوَحْشِ سَمَرْ
والهوى.. ما عادَ شيءٌ في الهوى
يُلهمُ الشعرَ قلوبَ الشعراءْ..
أجدبَ الغيمُ على آفاقِنا
جفَّ المطرْ.
* * *
في فِيَتْنامَ جُثَثْ
في بلادي جثثٌ تمشي على هامِ جُثَثْ
في عيونِ الناسِ في الشرقِ،
وفي الغربِ جثثْ
حدثٌ يأكلُ أنباءَ حَدَثْ
سقطَ الحرفُ غريقاً في الدِّماءْ
أصبحَ الشعرُ بكاءْ.
* * *
لم يعدْ ليلُ المغنِّينَ هُياما
ونَدامى
إنْ شربْنا فدموعاً مالحاتٍ في الجماجمْ
أو رقصْنا فعلى أشلاءِ مقتولٍ..
على آهاتِ واجمْ
تورقُ الأحزانَ في النارِ
فتخضرُّ الشُّجونْ
كم على الحائطِ..
في البارِ
تلاقى مَيِّتُونْ
وظنونٌ أمسكَتْ رأسَ ظنونْ
حانُنا بيتُ الجنونْ
يا أبا النَّوّاسِ غلمانُ المدينةْ
كلُّ غلمانِ المدينةْ
رحلوا عنها إلى شمسِ المواقعْ
ثمَّ ماتوا قبلَ أنْ تهمسَ بالسِّرِّ المدافعْ
فبكيناهم
ولكنْ في سَكينةْ
والعذارى فقدَتْ في زمنِ الجوعِ البَكارةْ،
فَقَدَ الفَجْرُ الطَّهارةْ
غرقَتْ حتى (جَنانْ ([1]))
خلفَ أوكارِ الدَّعارةْ،
فانطوى الشِّعْرُ وهانْ
غربَتْ شمسُ العبارةْ.
والذي يحكمُ بغدادَ،
ويحتلُّ مقاصيرَ الرَّشيدْ
رأسُهُ لا تهضمُ الشِّعْرَ
وأذناهُ جليدْ
كلَّما أورقَتِ الأشعارَ
سالتْ منْ مزاريبِ القصيدْ
ثارَ مجنوناً..
وألقى تحتْ أقدامِ العبيدْ
برؤوسِ الشعراءْ..
سقط الحرفُ غريقاً في الدِّماءْ
أصبحَ الشِّعْرُ بكاءْ.
9 سبتمبر 1970م
([1]) جَنان: حبيبة أبي نواس المفضّلة.