الشمس تسقط في المغرب
الشاعر الكبير عبدالعزيز المقالح - نشوان نيوز - الشمس تسقط في المغرب
إلى الصديق الزميل
المحمدي بن فرج في محنته الأليمة
جوقة:
خيولُ (طارقٍ) نافرةُ الخطى
و (طارقٌ) على رمالِ الأطلسي ذبيحْ
(موسى) يضجُّ في القيودِ
(عقبةُ بنُ نافعٍ) جريحْ
والشمسُ مُذْ هَوَتْ منَ الإعياءْ
على مقابرِ الأحبابْ
مفجوعةٌ فاقدةُ الضِّياءْ
واللَّيلُ يأكلُ النوافذَ الحزينةَ
الكُوَى
وينهشُ الأبوابْ.
صوت:
تهشَّمَ الألَقْ
تكسَّرَتْ حوائطُ النهارِ..
والشفقْ
مَدَّ ظلالَهُ الدَّميمةَ الغسقْ
سارتْ على شوارعِ المدينةِ البكماءْ
كتائبُ الظلامِ.. والفِرَقْ
أعلنَ حُكْمَهُ الطُّوفانُ، سالتِ الدِّماءْ
سلَّ حسامَهُ منْ غِمْدِهِ الغرقْ
وماتَ كلُّ شيءٍ في عيونِنا
احترقْ.
جوقة:
عصفورةٌ مذعورةٌ فَرَّتْ
تحدَّتِ الأسوارْ
تحملُ في المنقارْ..
حكايةَ الشمسِ التي هَوَتْ
تكسَّرَتْ على الجدارْ،
تنوحُ في انكسارْ:
(رأيتُهم هناكَ يذبحونَ الفَجْرَ
يشنقونَ كلَّ نجمةٍ على الفضاءْ
يحاكمونَ كلَّ خيطٍ،
كلَّ لمعةٍ منَ الضياءْ..
فابتلعَ المحيطُ اللَّمَعانَ
ابتلعَتْ أمواجُهُ البريقْ
وصارَ كلُّ شيءٍ ميِّتاً
وصامتاً
في المغربِ الغريقْ).
صوت:
تساءلَتْ في الأفْقِ نجمتانْ
غريبتانْ:
- أتنظرينَ يا أختاهُ نَهْرَ الدَّمْ..
يسيرُ نحوَ اليَمْ؟
- لا أحدٌ في أفْقِنا يثورُ
أو يهتمْ
كأنَّ شيئاً يمنعُ الأفواهْ،
- يقيِّدُ الأقلامَ يا أختاهْ
تمرُّ حولَهُ العيونُ مَرَّةً، ومَرَّةً فلا تراهْ.
جوقة:
اللَّيلُ مَرَّ والعيونُ في الدُّجَى تنتظرُ الشُّروقْ
متى يعودْ؟
ولنْ يعودْ..
فالشمسُ جِيْدُها على رمالِ الأطلسي
مشنوقْ
مكسورةُ العمودْ
ترقبُ في تَمَرُّدٍ حزينْ
سيفَ (أميرِ المؤمنينْ)
وترقبُ الجنودْ
في كلِّ كفٍّ أسودٍ سِكِّينْ
وكلِّ قلبٍ أبيضٍ طعينْ.
وطفلةٌ تصرخُ (وا محمَّداهْ)
وامرأةٌ عجوزٌ تسألُ الإلهْ،
أنْ يحفظَ ابْنَها السَّجينْ
المغربَ السَّجينْ.
صوت:
بكتْ سهولُ (فاسْ)
وأجهشَ (الأوراسْ)
والجامعُ الكبيرُ في دمشقَ غاضبٌ
حزينْ
و (الأمويُّ) تحتَ النَّقْعِ محني الرّاسْ
يبحثُ في صَحارى الميِّتينْ
عنْ (عُقْبَةٍ) جديدْ
عنْ مَدَدٍ
وثائرينْ
أطرقَ فوقَ صهوةِ الجوادْ
قلَّبَ عينيهِ الحزينتينِ حولَ الناسِ
والجمادْ
كانَ الفراغُ قاتلاً
لا شيءَ غيرُ الصمتِ
والسَّوادْ.
19 يوليو 1971