من الأرشيف

نص وثيقة الحوار الوطني والبيان الختامي الصادران عن ملتقى التشاور الوطني

في ظل ظروف بالغة الدقة والخطورة والتعقيد يعيشها وطننا اليمني تنبئ عن مخاطر هائلّة ومحدقة تهدد كيان الوطن وتكاد تعصف بأركانه وتقوِّض أساسات بنيانه؛ وبدعوة من المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك واللجنة العليا للتشاورالوطني انعقد في العاصمة صنعاء ملتقى التشاور الوطني تحت شعار ’ من اجل شراكة وطنية تحمي الوحدة وتبني الدولة اليمنية الحديثة ’ في الفترة من 26 إلى 27 جمادى الأولى 1430ه الموافق 21 – 22 مايو 2009 م.

وقد جاء انعقاد الملتقى تتويجاً لجهود كبيرة ومتواصلة استمرت ما يقارب العام بدأت بإطلاق المجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك دعوته للتشاور الوطني على طريق الحوار في يونيو 2008م، وتشكيل اللجنة العليا للتشاور الوطني، التي بدأت فور تشكيلها عملاً دؤوباً في التحضير والإعداد لهذا الملتقى بالتواصل الأولي مع كل فعاليات المجتمع من أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني والشخصيات العامة والمناضلين والعلماء والمشائخ والاكاديميون وقادة الرأي ورجال الاعمال والقيادات النسوية والشبابية والأفراد بفئاتهم المختلفة وكل الفعاليات الأخرى في العاصمة والمحافظات وخارج البلاد، ثم بعقد اللقاءات التشاورية الأولية مع كل فئة من هذه الفئات وانتهاءً باللقاءات التشاورية الختامية لهذه الفئات حيث اختارت كل فئة منها ممثليها إلى هذا الملتقى، الذي ضم ما يقارب الألفي عضو، الذين يمكن القول عنهم بحق أنهم يمثلون كافة ابناء اليمن بكل فئاته وأطيافه.

وقد بدأت فعاليات الملتقى بحفل خطابي صبيحة الأربعاء 20 مايو 2009م ، بحضور أعضاء الملتقى وعدد كبير من الضيوف من الشخصيات الوطنية ومناضلي الثورة اليمنية وأعضاء مجلسي النواب والشورى والسلك الدبلوماسي العربي والأجنبي.

وقد افتتح الاحتفال بآي من الذكر الحكيم ثم ألقيت عدد من الكلمات من قبل اللجنة العليا للتشاور الوطني والمجلس الأعلى لأحزاب اللقاء المشترك، وعدد من ممثلي الفئات المختلفة المشاركة في الملتقى وبعض الشخصيات العامة والضيوف وفي مقدمتهم المهندس/ فيصل بن شملان والذي ثمن اعضاء الملتقى حضوره تثمينا عاليا.

وقد أبرزت الكلمات عمق الأزمة التي يمر بها الوطن، والمآل المأساوي الذي ينتظرنا جميعا لا سمح الله إذا لم يبادر أبناء هذا الوطن وقواه الحية والفاعلة إلى القيام بما يمليه عليهم الواجب الديني والوطني لتفادي هذا السقوط الموشك في الهاوية. واكدت على اهمية اعادة روح الشراكة الوطنية للوحدة اليمنية المباركة باعتماد المعالجات التنموية عوضا عن العروض العسكرية ، كون البلاد لايخوض معركة مع الغير بل يعيش ازمة داخلية تستدعي الاسراع في احداث التنمية الحقيقية والاصلاحات الشاملة .

وعلى مدى يومين، وخلال خمس جلسات عمل، وفي ظل إحساس عميق بخطورة الأوضاع الراهنة التي يمر بها وطننا، وشعور عال بعظم المسئولية الملقاة على جميع أبناء الوطن، وضرورة قيامهم بدور إيجابي لتفادي انهيار الكبير وشيكا لا سمح الله ؛ تدارس الحاضرون مظاهر الأزمة الشاملة في البلاد، وبحثوا في الأسباب المولِّدة لها، والإمكانيات المتاحة لتجاوز هذه الأزمة. وانتهى أعضاء الملتقى إلى أن أحوال البلاد قد وصلت حداً لم يعد ممكنا معه القيام بمعالجات جزئية مبتسرة أو من خلال حلول ترقيعية قاصرة ومحدودة، فالخرق قد اتسع وتجاوز قدرة الراتق على سد ثغراته، وأن ممارسات النظام الحاكم قد أفضت إلى خلل بنيوي خطير في مؤسسات الدولة، وأُفرغ النظام المؤسسي للدولة من كل مضامينه، وحوّله إلى نظام حكم فردي عائلي لا يمت إلى معايير الدولة العصرية بأية صلة، ولذلك انتج هذا النظام كل الويلات والمحن التي يشهدها الوطن اليوم من شماله إلى جنوبه وشرقه وغربه ولا سبيل أمام أبناء الوطن لمواجهة هذا الواقع إلا البدء بإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة على أسس سليمة تتناسب مع متطلبات هذا العصر.

إننا مطالبون اليوم بالشروع في إعادة صياغة عقد اجتماعي جديد يؤسّس لبناء مؤسسات هذه الدولة على أسس صحيحة تتوفر فيها ضمانات كافية لإقامة دولة مؤسسية حقيقية تعمل وفق مشروعية دستورية وقانونية، ووفق مبدأ الفصل بين السلطات، ويسمح نظامها بالتداول السلمي الفعلي للسلطة، ويحول دون انفراد فرد أو أسرة بالسلطة، ويجعل محاسبة الحكام أمراً ممكناً، ويجسّد الشراكة الوطنية بصورة حقيقية بما فيها الشراكة العادله في السلطة والثروة ، ويوفر أسس واقعية لإقامة حكم لا مركزي يجسد الشراكة الوطنية الحقيقية ويحترم الفر د ويجسد مبداء المواطنة المتساوية ويضمن الحقوق والحريات .

وفي هذا السبيل ناقش أعضاء الملتقى وثيقة الحوار الوطني الصادرة عن الملتقى وأقروها والتي تضمنت تشخيصا للأزمة الوطنية الراهنة ومعالم الطريق لتجاوزها، وتعُّهد أعضاء الملتقى بإنجاح مرحلة الحوار الوطني وتنفيذ ما يتم التوصل إليه من معالجات للأزمة الوطنية بكل الطرق السلمية والمشروعة، وقد نصت الوثيقة على ما يلي:

(( تمر بلادنا اليوم بأزمة وطنية عميقة وشاملة لم تشهد لها في تاريخها المعاصر مثيلا، ويكتوي بنارها اليمنيون وتسد أمامهم نوافذ وآفاق الأمل، نتيجة السياسات والممارسات التي سلكتها السلطة وأفضت إلى تقويض أسس ومرتكزات الشراكة الوطنية والتعددية السياسية والحزبية، لصالح شخصنة الدولة وتركيز السلطة والقرار ومفاتيح القوة والثروة بيد الفرد يصرفها كيفما يشاء دون حسيب أو رقيب، وغدت المؤسسات الدستورية مجرد أشكال وصور ورسوم لا حقيقة ولا ماهية لها في عالم الوجود، فتسيد الفساد وعمت الفوضى والعبث أرجاء البلاد،وتفاقمت الأزمة الوطنية واستحكمت حلقاتها بصورة تهدد بتقويض كيان اليمن السياسي، ونسيجها الاجتماعي وسلامتها الوطنية وتضع كل مكتسبات الشعب اليمني وأهداف الثورة اليمنية في مهب الريح .

ولئن كانت شخصنة النظام والدولة هي جذر الأزمة الوطنية وأسها فإن أبرز مظاهرها يتمثل بالآتي:

1. فشل السلطة في إدارة مشروع الوحدة وإصرارها على التعامل مع أوضاع وتحديات ما بعد حرب 94م بخفة وتعالٍ، ورفض أي مشروع سياسي وطني يأخذ بعين الاعتبار تصفية أثار الحرب ومعالجة جروحها، وإصرارها على تقويض أسس التعددية السياسية والحزبية ومرتكزات الشراكة الوطنية التي قامت عليها الوحدة السلمية في 22 من مايو 1990م و التي كانت هي وحدها القادرة على الاضطلاع بخلق شروطها وحماية البلاد من التفكك السياسي والعرقي والطائفي، بل ذهبت السلطة تسرح عشرات الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية مدنيين وعسكريين دون مراعاة للحد الأدنى من حقوقهم المشروعة وجرى خصخصة مؤسسات القطاع العام من خلال عملية نهب فاسدة كان المتنفذون هم المستفيد الوحيد منها وقذف بالغالبية فيها إلى سوق البطالة بدون حقوق وبالمثل طرد الفلاحون من أراضيهم وصودرت مزارع الدولة وأعيد توزيعها على حفنة من الملاك الجدد ونهبت أراضي الدولة لصالح فئة صغيرة من المتنفذين . وفي مجرى هذه الممارسات، وتداعيات الأزمة الاقتصادية، والسياسية والاجتماعية، نشأت حالة غليان جماهيرية غير مسبوقة في المحافظات الجنوبية وتبلور هذا الغليان إلى حراك سياسي واجتماعي يطرح بقوة موضوع القضية الجنوبية كتعبير عن حاجة حقيقية لتسوية تاريخية تعيد بناء منظومة الحكم على أساس شراكة وطنية حقيقية في السلطة وفي الثروة تضع هذا الجزء من الوطن في المكان الملائم كطرف في المعادلة الوطنية الأمر الذي يوجب وضع القضية الجنوبية في صدارة الأولويات التي يتم الحوار الوطني حولها بإشراك القوى الفاعلة في الحراك السياسي.

2. قضية صعدة والحروب المتكررة هناك وما رتبته الوقائع من حقائق على الأرض وما خلفته تلك الحروب من دمار وآثار مأساوية مادية ومعنوية تتطلب معالجة شاملة لآثارها وتعويض المتضررين وإعادة الإعمار، واتخاذ كافة المعالجات التي من شأنها أن تنزع فتائل وذرائع وأسباب تجدد القتال ودورات العنف، وعليه فلا بد من وضع قضية صعدة على طاولة حوار وطني شامل يكون الحوثيون طرفا فيه بحيث لا تظل هذه القضية بينهم وبين السلطة فقط فالجميع معنيون بمستقبل هذا الوطن ومنه هذا الجزء الذي هو صعدة.

3. ضرب المشروع الديمقراطي، ومقومات الحياة المدنية وشق الأحزاب والمنظمات واستنساخها والتضييق على الحريات وخنق الصحافة الحرة، وملاحقة الصحفيين وتعريضهم للاعتقالات والحبس، ومصادرة الحقوق وقمع الفعاليات السياسية السلمية ، وإفراغ المؤسسة التشريعية والرقابية من محتواها بحيث أصبحت من أدوات الحاكم الفرد بإضفاء شرعية شكلية على نظام يدير البلد بواسطة دورات انتخابية تم تكييفها لإعادة إنتاج نفسه، وتعطلت بالتالي كل أدوات التغيير عبر انتخابات حرة ونزيهة وعادلة.

4. مصادرة الدور الوطني للقوات المسلحة والأمن، كمؤسستان معنيتان بحماية الحياة السياسية الديمقراطية الداخلية للبلاد، لا يجوز استخدامهما أو التلويح باستخدامهما أو الاستقواء بهما في العمل السياسي من قبل أي طرف، وما تمارسه السلطة اليوم من إقحام القوات المسلحة و الأمن في مهام خارج إطار دورهما وواجبهما الدستوري إنما يعكس أزمة النظام السياسي الذي فقد الحيلة في طرح مشروع سياسي وطني لحل أزمة البلاد ، وهذا ما يدعونا إلى التحذير أولا: من أن القوات المسلحة والأمن هي حصان الرهان الوطني الذي لا يجوز للسلطة أن تعبث به أو توظفه في مناورتها السياسية والزج بها في صراعات سياسية داخلية مكانها المؤسسات السياسية و التأكيد ثانياً على ضرورة ترسيخ نظم وقواعد بنائها على أسس وطنية ومهنية، وتحسين الظروف المعيشية لأفرادها بما يليق ويتفق مع مكانتها ووظيفتها وإتباع نظام للترقي والقيادة يعيد لها هيبتها وشخصيتها كأحد أهم القوى المجسدة للشخصية الوطنية وهيبة الدولة.

5. ما تظهره المؤشرات الاقتصادية الرئيسية من تدهور مريع ومتسارع في الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الأساسية للمواطنين، وحقهم في الحياة الحرة الكريمة،التي أهدرتها السلطة، بتماديها في تنفيذ السياسات الاقتصادية الفاشلة والخاطئة ، وتحميل المجتمع الأعباء المترتبة عليها ، مقابل استحواذ متنفذيها على أقصى المكاسب والمنافع والثروة والدخل واهدار المال العام والتعامل مع رجال الأعمال و المستثمرين بمنهجية انتهازية وتمييزية تعكس تحيز السلطة لأهوائها السياسية وللمصالح الضيقة لمتنفذيها على حساب المصالح الوطنية ، الأمر الذي اضر بمناخ الاستثمار وأدى إلى نزوح رؤوس الأموال الوطنية إلى الخارج، فأنتج هذا المسار الفاشل للسلطة مزيداً من الفقر والبطالة وسحق الطبقة الوسطى والقضاء على تكافؤ الفرص وتفاقم التفاوت في توزيع الدخل والثروة وبشكل أصبحت القلة تستحوذ على الجزء الأعظم من الثروة والدخل بينما تعاني الكثرة في المجتمع من الفاقة والفقر والبطالة ، وانسداد سُبل العيش وفقدان أبسط الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والحرمان من الخدمات الأساسية اللائقة بالإنسان كإنسان .

6. الثقافة التفكيكية التي كرستها السلطة لمواجهة المشروع الوطني ودورها السيئ وبالغ الأثر في تهيئة الظروف لإعادة تجميع وحث العوامل المحبطة للنهوض الوطني بما في ذلك تشجيع قيم الفساد وإضعاف الروابط الوطنية لصالح ثقافة تتجه بالولاء نحو السلطة بما يترتب عليه من إنتاج حوافز التمسك بالبنى ما دون الدولة جهوية وقبلية وطائفية وعرقية، لقد بات من الخطورة بمكان أن نرى الثقافة التفكيكية وقد غدت مكوناً لوعي المجتمع في الجزء الأكثر تأثيراً من حيث صلته بالانتماء إلى هذه البنى على نحو أقوى من الانتماء إلى الدولة ، وهو ما يجعل المعالجة بالمشروع السياسي لأوضاع البلاد مسألة في غاية التعقيد مالم يصمم هذا المشروع في إطار ثقافي وطني يعيد بناء الحوافز الوطنية للشعب على قاعدة الشراكة الوطنية التي تستلهم مضامين التسوية التاريخية الجديدة.

7. اعتماد السلطة-في مواجهة كل أشكال النضال السلمي ومختلف الفعاليات الاحتجاجية والمطلبية السلمية- نهجاً متطرفاً يقوم على القوة والعنف قد أدى إلى توليد وتغذية تطرف أخر من حملة المشاريع الصغيرة وجماعات الإرهاب يقوم هو الأخر على نهج القوة والعنف ، فأصبحت السلطة نفسها البؤرة الأكبر لإنتاج وتفريخ واستفحال الأزمات.

وإزاء هذا الواقع الأليم بكل تعقيداته أضحى واجبا على الشعب اليمني وهو صاحب الحق الأول أن يلم شعثه، ويجمع طاقاته لتغيير هذا الوضع، وإنقاذ الوطن وإخراجه من حالة الأزمة المستحكمة ، وصولا إلى وطن آمن ومستقر تصان فيه الحريات والحقوق ويعاد فيه الاعتبار لمبادئ وأهداف الثورة اليمنية ، ولتلك الخيارات الوطنية النبيلة التي توافق عليها اليمنيون في 22 مايو1990م وارتضوها خيارات وطنية لا رجعة عنها، وفي المقدمة منها مبدأ الشراكة الوطنية والتعددية الحزبية والسياسية والقبول بالآخر، وسيادة القانون والمواطنة المتساوية والشراكة الشعبية الواسعة في السلطة والثروة وصناعة القرار.

إن الملتقى التشاوري الوطني وهو يمثل خارطة المجتمع اليمني وقواه الحية بصورة اقرب إلى الواقع بما ضم من قوى وأحزاب وتنظيمات وشخصيات سياسية واجتماعية ورجال أعمال وعلماء ومثقفين وقادة رأي وقيادات نسائية وشبابية ، إنما يشكل الخطوة الأولى والصحيحة باتجاه العمل الجماعي المشترك المرتكز على الحوار كقيمة سياسية ونهج حضاري وطريق وحيد ووسيلة لا بديل عنها لحل الخلافات وجمع كلمة اليمنيين على كل ما من شأنه حشد الوفاق الوطني، وحشد أفضل ما في المجتمع للوصول إلى النتيجة المرجوة بإخراج البلاد من حالة الأزمة الراهنة .

إن الوطن اليوم أمام خيار الفرصة الأخيرة لإنقاذه من الأزمات التي تستفحل وتتفاقم وتتسع مساحتها يوما فيوما وما من سبيل للتصدي لها إلا بتعبئة وتكتيل كل الطاقات والجهود الوطنية، من خلال:

 الالتزام الصارم بوسائل العمل والنضال السلمي، مهما كانت التضحيات ورفض الانجرار إلى العنف أو الاستدراج إلى منزلقاته.

 اعتماد الحوار القائم على أساس الشراكة الوطنية بين كافة القوى والأطراف للوصول إلى فهم مشترك للأزمة، وللحلول التي تستهدف تحقيق تسوية تاريخية، تستوعب تجارب الماضي، وتأخذ بعين الاعتبار ما مرت به اليمن.

وتأسيسا على ما سبق فإن المشاركين في هذا الملتقى وبعد حوارات ومشاورات معمقة لمجمل ما آلت إليه الأوضاع في البلاد ونذرها الكارثية يتوجهون إلى كل أبناء الشعب اليمني وقواه السياسية والاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني والعلماء والمثقفين بالدعوة المخلصة لإجراء حوار وطني واسع وعميق حول مختلف القضايا والمشكلات الوطنية ليشكل الجميع رافعة تغيير سلمي وإنقاذ وطني يخرج البلاد من براثن الوضع الراهن.

كما يستنهضون قيادات العمل السياسي والاجتماعي وقادة الرأي، وكل ذوي الطاقات والقدرات من أبناء شعبنا اليمني العظيم لتحمل مسؤوليتهم الوطنية في المشاركة في إدارة هذا الحوار الوطني وإثرائه، بحيث تتاح الفرصة للجميع في المشاركة فيه دونما استثناء أو استئثار ليعكس ويجسد ما يتم التوصل إليه، والتوافق عليه، روح اليمن كلها، وليس اتجاها معينا أو مجموعة معينة .

ختاما فإن المشاركين في ملتقى التشاور الوطني وهم يعلنون قرارهم الاستراتيجي هذا بالدعوة للحوار الوطني ليعاهدون الله على العمل وبكل الوسائل السلمية والمشروعة لإنجاحه وتنفيذ ما سيتوصل إليه من نتائج وحلول ومعالجات وصولا إلى الوضع الذي ينال فيه كل ذي حق حقه. والله الموفق.)) انتهت وثيقة الحوار..

- في غضون ذلك أقر المؤتمر تشكيل اللجنة التحضيرية للحوار الوطني من ( 90) عضواً بالاضافة إلى تشكيل لجان الفئات المجتمعية تتولى جميعها ادارة عمليةالحوار والتحضير والإعداد لانعقاد مؤتمرا اومؤتمرات وطنيه وهي العملية التي تنعقد عليها الآمال في وضع المعالجات المناسبة للخروج من الأزمات المستحكمة التي تعيشها البلاد.

كما اقر الملتقى اعتبار كلمة رئيس اللجنة العليا للتشاور الوطني الشيخ حميد بن عبد الله الاحمر في الجلسة الافتتاحية ضمن وثائق الملتقى .

-

ووقف الملتقى أمام عدد من القضايا الراهنة ومنها: أساليب القمع العنيفة التي تتعامل بها السلطة مع الاحتجاجات السلمية للمواطنين في المحافظات الجنوبية بما يؤجج مشاعر الاحتقان القائمة ويهدد سلامة الوطن، ويطالب الملتقى السلطة بالكف فورًا عن هذه الممارسات المقيتة، وعسكرة الحياة المدنية ، والدخول في معالجات حقيقية لهذه القضية التي تعد المدخل للاصلاحات الشاملة بتجسيد روح الشراكة الوطنية ، واعادة روح وحدة 22 مايو 1990م.

وإزاء الأحداث الدموية التي شهدتها محافظة عدن صبيحة الواحد والعشرين من مايو 2009م من خلال إطلاق الرصاص الحي على المواطنين وهو ما أدى إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى مع ما رافق ذلك من حملة اعتقالات واسعة للمواطنين ، فإن الملتقى يعبر عن شجبه وتنديده لسياسة اللجوء إلى القوة في مواجهة الفعاليات المدنية بدلا من بحث اسباب الاحتجاجات ومطالب المحتجين ويؤكد الملتقى أن اللجوء إلى القوة في مواجهة الفعاليات المدنية بالقنابل والرصاص الحي من شأنه أضافة مزيدا من الجراح الاجتماعية والتصدع الوطني وهو في كل الأحوال ما يتناقض مع مضامين المشروع الوحدوي بمضومنه الوطني و الحضاري.

ويطالب الملتقى بالكف عن سياسة القوة والبطش ومحاسبة من تسبب بإزهاق الأرواح وإراقة دماء المواطنين بتقديمهم للعداله.

ووقف الملتقى امام الدعوات التي تسعى لاستجلاب الماضي والعودة بالشعب اليمني إلى مشاريع قزمة وصغيرة تشبه في مضمونها مشروع السلطة العائلي .. ويحذر هذه المشاريع من الدفع بالوطن نحو المزيد من التوتر والقلق.

ووقف الملتقى امام الاوضاع المعيشية الصعبه التي يعاني منها المواطنين وحالة الحرمان والفقر التي تضاعف من خطورة الازمة الوطنية وتدفع نحو المزيد من الانهيارات الاجتماعية والاخلاقية .. ودعا الملتقى في هذا الصدد إلى اظهار المزيد من التلاحم والترابط لمواجهة سياسات السلطة التجويعية والتخريبية لكل منجز وطني .

وفي سياق الغموض الذي يحيط بقضية صعدة يحذر الملتقى تجار الحروب من تجدد حرب سادسة ، ويحملهم كافة المسئولية عن ذلك . ويعرب الملتقى عن تضامنه الكامل مع المواطنين والنازحين والمشردين من ابناء محافظة صعدة ويطالب بتعويضهم التعويض العادل والمسارعة في اعادة اعمار ما دمرته الحرب .

ويطالب الملتقى بالإفراج الفوري عن جميع المعتقلين على ذمة الحراك السياسي السلمي في المحافظات الجنوبية وحروب صعده وإيقاف كافة الملاحقات .

ووقف الملتقى أمام ما قامت به السلطة من تدمير آخر مظهر للهامش الديمقراطي بمصادرة جماعية لعدد كبير من الصحف الأهلية ومنها الأيام ، والمصدر، والوطني، والأهالي، والشارع والمستقلة ، والديار، وحجب الكثير من المواقع الالكترونية، وإقامة محاكم خاصة لمحاكمة الصحفيين، ويطالب السلطة بالكف عن مثل هذه الممارسات الهمجية التي تنتهك القانون والدستور وتقضي على ما تبقى من الهامش الديمقراطي في البلاد.

ووقف الملتقى أمام ذكرى الوحدة اليمنية في 22 مايو 1990، التي طالما حنَّت إليها أفئدة كل اليمنيين واشرأبت أعناقهم لبلوغها، آملاً في أن يكون هذا المشروع الوحدوي سبيل عزتهم وكرامتهم وأداتهم للخروج من كل معاناتهم، وهي آمال أجهضتها السلطة الحاكمة، وأفرغت هذا المشروع الوحدوي من كل مضامينه وحوَّلته إلى مشروع فردي تسلُّطي مناقض تماماً لكل تطلعات وآمال الشعب، ولا سبيل أمامنا اليوم سوى النضال السلمي لاستعادة روح وحدة 22 مايو بكل ألقها.

وفي الختام يؤكد أعضاء الملتقى دعوتهم كل أبناء الوطن للاصطفاف جميعا حول الدعوة للحوار الوطني لإنجاحه، ومواصلة النضال السلمي لتنفيذ ما يتوصل إليه هذا الحوار، على طريق بناء الدولة اليمنية الحديثة على أسس سليمة تتفق مع معايير الدولة العصرية الحديثة.

والله الموفق

صادر عن ملتقى التشاور الوطني،

صنعاء في27 جمادى الأولى 1430ه 21 مايو 2009م .

من الصحوة

زر الذهاب إلى الأعلى