[esi views ttl="1"]
رئيسية

الشيخ محمد المهدي: أحزاب المشترك يجمعها الاختلاف مع الحزب الحاكم فقط

عن السلفيين ونشاطاتهم الأخيرة وموقفهم من ولي الأمر والحزب الحاكم وأحزاب المشترك ورأيهم فيما يجري في المحافظات الجنوبية ومحافظة صعدة وغيرها من القضايا في هذا الحوار مع أحد رموز التيار السلفي في اليمن الشيخ محمد المهدي مع صحيفة الناس.

* يرى البعض بأنه قد أصبح هناك ما يمكن وصفه بحزب سياسي غير معلن للسلفيين في اليمن ولا ينقصهم سوى التقدم بطلب ترخيص رسمي من لجنة الأحزاب.. هل توافق على هذا الطرح؟

- الجواب من وجهين، أولاً هذا القائل لا يرى في ذلك مانعاً شرعياً أو قانونياً فأين المشكلة؟، هناك من يطرح هذا الكلام وهو لا يرى بأساً في ذلك ولكن هو معترض علينا وهناك من يستفسر، فأما المعترضون فلا إشكال أنهم طالما يرون الحزبية جائزة فما المانع أن يكون للسلفيين حزب؟، أما الواقع فأنا واحد من الذين عملوا في جمعية الحكمة ولهم صلة بالمشايخ في هذه الجمعية وفي غيرها من الجمعيات، ما أظن أن هناك اتفاقاً حول هذه القضية.. نعم هناك بعض الشخصيات المحترمة من العلماء من يرى أنه ينبغي أن يكون هناك حزب سياسي لكن التيار الكبير من السلفيين لا يرى ذلك، وهذا ليس عجزاً لعدم وجود النصاب أو القيادات ولكن هم ينظرون إلى أن تفرغهم للدعوة إلى الله أنفع لهم وللناس من عمل الحزب والذي وإن كان فيه خير ومصالح فإن هناك من الناس الخيّرين من يسد الفراغ، والخلاصة أنه ليس هناك تفكير بهذا الآن.

* ما الذي يمنعكم من تشكيل حزب أو كيان سياسي رسمياً؟

- قد أجبت ضمناً أن السلفيين يرون أن ما هم عليه من الدعوة والتفرغ للعلم والتعليم ونشر الخير بين الناس وتصحيح عقائد الناس وأعمالهم، وبيان الدخيل والخرافات التي دخلت باسم الإسلام، هو أنفع لهم من الاشتغال بالعمل السياسي مع إيماننا بأن الإسلام عقيدة وشريعة، وسياسة وحكم، أضف إلى ذلك أن هناك شروطا معروفة للأحزاب ستجعل الإنسان ربما يسكت عن أشياء لا يرى السكوت عليها، أو يُلَزم بأمور لا يراها لازمة من الناحية الشرعية على الأقل أنها قد تثير مشاكل.

* مثل ماذا؟

- أنت تعرف القوانين والمصطلحات الحزبية، وظهرت بعض التناقضات من الموقف من القضايا الشرعية بسبب تربية الخداج الذين ينكرون الصحيح من السنة النبوية وبالمقابل يسكتون عن أباطيل منسوبة لأئمة آل البيت كالأحد عشر ولا يقبلها العقل.. فهذه تناقضات ويرونها لا تستحق الاهتمام أو أن تصحيحها لا يخدم العمل السياسي برأيهم مع أنها شوهت عليهم عند العامة.

* بالعكس أنا شخصياً لا أجد في قوانين تشكيل الأحزاب ما يدعو إلى السكوت عن الخطأ أو المنكرات؟!

- "يضحك".. قد أجبتك أننا نعرف قانون الأحزاب، وعندنا إطلاع عليه ونرى في واقع العالم الإسلامي أن الذين دخلوا في الحزبية السياسية سكتوا عن أمور كانوا من قبل لا يسكتون عنها، وفعلوا أموراً ما كانوا يفعلونها، فلا نريد أن نقع في حرج.. دعنا في سعة الإسلام الواسع الرحب الذي فيه كل خير للأمة إذا دعونا إليه وعملنا به.. وليس هناك ما يُحسد عليه السياسيون.

* لكني أريد أن أعرف هل تبلورت لديكم فكرة العمل السياسي؟

- العمل السياسي بعمومه لا يختلف حوله اثنان، ولكننا نتكلم عن مواقف وطرق معروفة في قانون الأحزاب لا بد من الوقوع فيها في مخالفات، ولا أريد أن أضرب لك مثالاً من واقع الأحزاب السياسية التي هي في الأصل ترى الإسلام عقيدة وشريعة وتريد أن تعيد الخلافة الإسلامية أو تطبق شريعة الله في الأرض، كم سكتت عن أشياء ووقعت في أشياء كانت تنهى عنها.

* هل يمكن أن تذكر لي ولو مثالاً واحداً مما تم السكوت عليه كما تقول؟

- أنت تعلم أن ما يسمى عندهم قبول الرأي والرأي الآخر هذا كلام مطلق لا حدود له، نحن في المحيط الإسلامي عندنا رأي ورأي آخر في حدود الاختلاف الصائب. لكن في الأنظمة الغربية التي وضعت مثل هذه القواعد ترى الأمر أوسع من ذلك، ألا ترى أنه لا يمكن لحزب أن ينكر على حزب آخر ما عنده من مخالفات للشريعة واضحة، بل أسألك أنت: هل بقي هناك جدول أعمال لإعادة الخلافة الراشدة التي كنا نسمعها من بعض الأحزاب مثلاً من خلال برامجهم ومن خلال واقعهم؟!

* يمكن أن يتحقق اليوم حكم إسلامي رشيد بنموذج آخر ولا يحمل بالضرورة مسميات وشكليات الخلافة الإسلامية؟

- لا.. لا.. هذا لأبيّن لك بأن هذا كان الهدف الذي أقيمت بعض الجماعات الإسلامية من أجله ثم صُرفت عندما دخلت في معمعة السياسة إلى درجة أن يصرح بعض الناس في بعض البلدان الإسلامية ليقولوا: اسمحوا لنا بأن نقيم حزباً لا دخل له بالحديث عن الدين أو تطبيق الشريعة، فالمشكلة هي التمادي في الأخطاء. وانخفضت المطالبة اليوم إلى المقاسمة للمناصب، وتطبيق الديمقراطية بدلاً من الشريعة، وصارت الدعوة إلى الالتزام تشدداً وجموداً، واليوم قضية حكم الردة مثلاً صار يخضع تحت نظرية الرأي والرأي الآخر، وإن لم يكن من ذوي الاجتهاد والنظر، وهذا ضرر الحزبية الذي نخشى منه.

* أحدثك عن وضع موجود في اليمن محكوم بدستور إسلامي وقوانين مستمدة جميعاً من الشريعة الإسلامية؟

- أنا معك.. أنا معك أن الدستور في اليمن ينص على أن الشريعة الإسلامية هي مصدر القوانين جميعاً ولكن لماذا قانون الأحزاب لا يرى جواز قيام حزب على أساس ديني؟!.

* القانون ينصّ على التزام جميع الأحزاب بالدين عقيدة وشريعة وعدم مخالفة الإسلام وكذلك الدستور إسلامي؟

- أنت كبّرت الموضوع زيادة، فهذا قانون وهذا قانون، ولكن خلاصة القول هناك في أنظمة وقوانين الأحزاب مآخذ نعيها تماماً. لكن من حيث الجملة نحن نرى أن الواقع العملي للأحزاب التي أقرت بالتعددية على مستوى العالم الإسلامي كلها تحالفت مع النصيرية، تحالفت مع الباطنية، تحالفت مع من كانت ترى أنهم يحاربون تطبيق الشريعة الإسلامية، وكل ذلك من لوازم الحزبية.

* يرى بعض المراقبين والإعلاميين بأن الظهور السياسي والإعلامي الذي لوحظ مؤخراً عبر الملتقى الأول للسلفيين بصنعاء مثلا عكس وجود تحالف بين السلفيين وبين السلطة.. هل هذا صحيح؟

- هناك منجمون وخراصون وكهنة يقولون ما ليسوا متأكدين منه لكن الواقع أننا نرى أنفسنا وسطاً بين من يرى الخروج على الحاكم المسلم بسبب الوقوع في ظلم أو معصية، لأن الخروج مذهب الخوارج وقاعدة من قواعد المعتزلة الخمس التي هي الخروج على الظلمة لأن الظلم كبيرة من الكبائر، ومرتكبه عندهم خرج من مسمى الإيمان إذن انتهى الأمر عندهم إلى هنا. وهذه القاعدة ليست عندنا نحن أهل السنة فكيف نحاكم على شيء ليس من مفاهيمنا، ولكن لنا أن ننكر الظلم والمعاصي بالقدر الذي نستطيعه.

ثانياً نحن نرى أنفسنا أننا لسنا مبررين للحاكم أخطاءه ولا مبيحين له أن يقع في الظلم ولكن نرى انه ما أمكن أن نفعله من نصح فعلنا، وما أمكننا من توضيح معالم الإسلام والحلال والحرام وبيان الظلم بالطرق التي تعلمناها والآداب التي أمرنا الله بها في الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة فعلناه. ولا يمكن أن ننكر أن هناك مبررين للسلطان أخطاءه ويقابلهم محرضون. ونحن وسط بين هذين الطرفين لأن الطرفين ليسوا متقيدين بقواعد أهل السنة والجماعة في هذه المسألة المرتبطة بالعقيدة فمثلاً الخوارج عندما يرون أن فعل المعصية كفر انتهت المشكلة عندهم في الحديث (إلا أن تروا كفراً بواحاً) والمعتزلة عندما يقولون أن صاحب الكبيرة في منزلة بين المنزلتين فليس بمؤمن وليس بكافر فهو معلق بين السماء والأرض، أجازوا على اعتباره ظالماً قد خرج عن مسمى الإيمان، الخروج على هذه القاعدة. مع أن بعض الزيدية يفصل ويقول ما لم يكن في هذا الخروج مفسدة كبرى وهذا قريب من قول أهل السنة. لأن أهل السنة ليس الغرض منهم إقرار الظلم لكن هم يرون طاعة الحاكم لسببين، السبب الأول: الأوامر التي جاءت بها النصوص من الكتاب والسنة مثل قوله تعالى: (أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) ولفظة (منكم) أي مادام مسلماً. ونحن ليس عندنا كل من ارتكب الكبيرة يكفر. بالإضافة إلى الأحاديث التي تأمر بطاعة الحاكم المسلم مع وجود ظلم، والنظر إلى قواعد المصالح والمفاسد في كل وقت. وإذا كان الله يقول: (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم) مع أن تحقير آلهة المشركين قربة إلى الله لكن نهي عنها لما فيها من مفسدة أنهم يسبون الله، فما بالك بدماء المسلمين وتمزيق جمعهم.

أين نحن من فقهاء المذاهب الأربعة فهذا الذي يكتب في صحيفة الأهالي -مثلاً- ويقول: (بغلة السلطان) هذا الذي يخاطب السلفيين الموجودين اليوم لو رجع إلى فتح الباري كتاب الأحكام للحافظ ابن حجر وقرأ اتفاق الأمة على عدم الخروج مع أنه حصل في الصدر الأول لا ننكر بعض الخروج من بعض الصحابة ومن بعض التابعين لكن أنت تعلم أنه كل يؤخذ من قوله ويرد ربما بعضهم تخفى عليه بعض النصوص ثم ذكر الحافظ أن هذا الاتفاق حصل فيما بعد أن اتفقت الأمة على عدم الخروج ما عدا الخوارج والمعتزلة. فهؤلاء الآن الذين يحاكموننا هم بين أمرين إما أن يحاكموننا إلى آراء الخوارج والمعتزلة فهذا لا يلزمنا فنحن مع أصحاب المذاهب الأربعة والقضية ليست سلفية من صعدة ولا من السعودية القضية المذهب الشافعي والمالكي والحنبلي والحنفي والظاهري ومذهب أهل الحديث هذا هو مذهبهم.

ثانياً: نفترض في هؤلاء أنهم يحاكموننا إلى القواعد التي الأصل أنها لا تلزمنا فنحن أهل سنة وهم في الأصل أهل سنة فلماذا لا نتحاكم نحن وإياهم إلى مصادر أهل السنة؟

ولنفترض أنهم اقتنعوا هم اقتناعاً تاماً بمذهب هؤلاء فهو لا يلزمنا، وإن افترضنا فيهم أنهم مجتهدون ومن سبقهم ممن أفتوا بهذه المسائل هم مجتهدون فالمجتهد لا ينكر على المجتهد. ونفترض أنهم مقلدون والمقلد هو الذي من ليس قوله حجة بغير حجة فليس له حق أن يدعو الآخرين إلى ما قلد لأنه ليس متأكداً من صحة ما يقول. ونفترض فيهم أنهم ديمقراطيون فلماذا تضيق صدورهم وهم يؤمنون بقبول الرأي والرأي الآخر فأقل الأحوال أن يجعلوا هذا رأياً من الآراء. ونفترض فيهم أنهم مقتنعون بقوانين غربية فلا يلزموننا بقوانين غربية، وإذا كنا نقول في الإسلام كل يؤخذ من قوله ويرد إلا رسول الله لكن عندنا في الإسلام أن أبا بكر رضي الله عنه أفضل هذه الأمة بعد نبيه يقول (قد وليت عليكم ولست بخيركم فإن رأيتموني على خير فأعينوني وإن رأيتموني على غير ذلك فقوموني) وقالها عمر وقالها عثمان وقالها علي رضي الله عنهم. ويرى أئمة المسلمين كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وغيرهم روى عنهم ابن عبد البر في كتاب جامع بيان العلم وفضله أخباراً يقولون (خذوا منا الحق واتركوا الباطل) إذن هؤلاء إن حسبناهم على أي فئة من هذه فلنا نحن متسع فلماذا هذه الحملة الطويلة على السلفيين؟! ومن الذي شذ عن الأصل؟

* هم يحاكمونكم إلى واقع مواقفكم اليوم تجاه ممارسة الحاكم تجاه الفساد الموجود، تجاه الظلم القائم.. أين موقفكم من ذلك؟

- جوابي هل يرى هؤلاء التداول السلمي للسلطة أم أخذ السلطة بالقوة؟

* التداول السلمي للسلطة؟

- إذن لماذا يطلبون منا نحن أن نخرج على الحكام، فهل يكفي أننا نتفق في إنكار الظلم والفساد سواء في خطبنا أو محاضراتنا وبالطريقة التي نقتنع بها.

* ليس هذا دعني أقول لك هم لا يطلبون منكم الخروج على الحاكم هم يقولون نريد منكم موقفاً معارضاً للفساد الموجود وإنكاراً للظلم الحاصل الذي تمارسه السلطة؟

- نحن عندنا المناصحة لا المعارضة هم الآن يحاكموننا إلى قوانين وضعية بأنه لا بد أن نوجد معارضة إذا أنكرنا الظلم. مع أنه عندنا في الإسلام مناصحة ومراجعة وهم ليسوا موجودين معنا في خطبنا ودروسنا ومحاضراتنا فنحن ننكر الظلم بكل صوره وننكر الشرك وننكر البدع، بل ندخل على من استطعنا من المسئولين لو رأينا مشكلة فننصحهم. لكن هل من الضروري أن نخرج لنخبر الناس أننا قد قلنا كذا وكذا، وأضرب لك مثالاً: الملتقى السلفي جمع في البيان الذين هم الآن يحاكموننا ويتكلمون علينا بسببه أنكر البيان على الإنفصاليين ودعا إلى الحفاظ على الوحدة ودعا ولاة الأمور أن يردوا المظالم إلى أهلها وأن يحققوا مطالب الناس الصادقين الذين لهم مطالب حقيقية، وأن لا يظلموا الآخرين.. فماذا يريدون إذا كان هذا الإنكار لما قد حصل من الظلم موجود عندنا وكل واحد له طريقته وأسلوبه الذي يرى أنه أجدى وأنفع فأنا مثلاً مقتنع بذلك الحديث وهو حديث صحيح (ورجل دخل على سلطان جائر فنصحه) هذا وارد إذا نصحه الإنسان بالكلمة الطيبة لكن لا يلزم من ذلك الغلظة والقسوة، والله تع إلى قد قال لأفضل خلقه في زمنه في شر الخلق في ذلك الزمان وهو فرعون قال الله تع إلى للنبيين الكريمين موسى وهارون: (فقولا له قولاً لينا لعله يتذكر أو يخشى) لماذا اليوم تريدون أن ننسى هذا كله وننقلب غلاظا شداداً على الحكام.

فهؤلاء ليسوا مراقبين لنا، ليسوا جادين ولا منصفين. فمثلاً الكاتب محمد الغابري أنا أحترمه رغم أنني أختلف معه وأرى أنه يقحم نفسه في أشياء ليس لها بأهل. فهو يتكلم على السلفيين في أغلب المواقف. لكن أرى هذا الرجل أحياناً يحمل قضية فهو يختلف مع الشيعة في أشياء، ويختلف مع الصوفية في أشياء ويختلف مع السلفيين في أشياء فهذا نحترمه لو هذب كتاباته من الشتائم والنبز. وهناك أخوة كتاب لا تدري ماذا يريدون ما عندهم قضية إنما عندهم عداء للسلفيين فقط فهؤلاء كنا نريد لهم أن يحددوا لنا مواقفهم في تقسيم اليمن وتمزيقه، والهجمة الصليبية، وإفساد المجتمع عن طريق بعض المنظمات المشبوهة وغيرها، لكن مشكلتهم الكبرى الملتقى السلفي.

خذ على سبيل المثال واحداً من الكتاب الذي يكتب يتكلم عن الوسطية حتى وصل إلى إنكار بعض الأحاديث الصحيحة. وكان على الأخ هذا أن يفهم أن الوسطية في هذا الباب أن ننكر الأحاديث الموضوعة والباطلة وأن نحافظ على الأحاديث الصحيحة لنكون وسطاً، فهناك من يتعبدون الله بأباطيل كما في كتب الرافضة الاثني عشرية ولم أقرأ لهذا الأخ كلاماً حذر فيه من الكافي أو من بحار الأنوار أو من وسائل الشيعة أو من الأنوار النعمانية ولا غيرها من الكتب المليئة بالطامات والكذب على الله ورسوله وآل البيت والصحابة. فالوسطية الآن صارت هي الهجوم على السلفيين ويمكن في هذا الباب أن نقول: (من برر للحاكم أخطاءه ودافع عن باطله فهو ليس بوسطي ومن تجاوز الحدود التي سار عليها أهل السنة والجماعة فهو ليس بوسطي)، الوسطية هنا أن لا نبرر أخطاء الحاكم وفي الوقت نفسه أن لا نخالف ما سار عليه أئمتنا في الرفق والحكمة حتى الكفر البواح الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم (ما لم تروا كفراً بواحاً) مقيد هذا بالقدرة على إزالة هذا الحاكم الكافر. وأضرب لك مثالاً هل الأخ مجيب أو غيره سيوافقون لو قال قائل يا مئتي مليون مسلم في الهند يحكمكم عباد البقر وهم كفار كفراً بواحاً وأنتم مظلومون فاخرجوا عليهم. فما الفائدة التي يحققونها؟ لكن ليس هناك عاقل يقول بالخروج لا أنا ولا هو ولا غيرنا، وهكذا المسلمون في الصين.

* أيهما أقرب إليكم حالياً.. السلطة الممثلة بالرئيس والحزب الحاكم أم المعارضة الممثلة بأحزاب المشترك والإصلاح في مقدمتها؟

- نحن بالنسبة لنا لا نحرص على القرب والبعد بين طرفين بقدر ما نحرص على القرب من الصواب. فنحن منطقنا نؤمن بطاعة ولي الأمر ولا نرى الخروج عليه ونرى في اليمن اليوم أن من سوء التوفيق لبعض الدعاة والأخوة أن يضخموا بعض الأمور التي تؤدي في الأخير إلى الصراع والخروج على الحاكم. بالذات عندما نرى المدارس الأهلية والجامعات الأهلية والبنوك الإسلامية والجمعيات والمؤسسات وحرية الدعوة نقول ما زال الخير في اليمن كثيرا. ولو تغيرت الأحوال وساءت لفقدنا هذه النعمة فالمحافظة عليها من شكر نعمة الله تبارك وتع إلى ومن الحكمة. لذلك نحن نرى أن هذا الوضع على ما فيه من ظلم وجور ومخالفات أنه خير لنا من جداول سار عليها الآخرون ووصلوا إلى ما وصلوا إليه من الانقسامات في الصومال وفي غيرها فنحن لسنا على الإطلاق مع الحزب الحاكم ولا مع المعارضة. المعارضة كنا نريد لهم أن يكونوا مناصحين بالحكمة وأن يعترفوا للحزب الحاكم إذا أصاب وأن ينصحوا له ويحاوروه إذا أخطأ على الأقل مثلما تعمل الأحزاب الغربية دون تهويل وتهييج للعامة فإن أصاب الحزب الحاكم وإلا خطئوه أو نبهوه بطرقهم.

* المعارضة لا تسكت عن أخطاء الحاكم وتعارض بالوسائل المشروعة التي كفلها لها الدستور؟

- نحن نحترمها كونها ما خرجت بالسلاح لكن هناك قضايا كنا ننتظر أن يقفوا اليوم بالكلمة بكل وضوح، نحن مع الحفاظ على الوحدة ونحن نطلب من الرئيس كذا وكذا وكذا، وموقفهم ليس واضحاً من قضية الحوثي وموقفهم ليس واضحاً من قضية أصحاب الحراك مع أن أصحاب الحراك والحوثيين فيما أتابع ليسوا راضين لا على الإصلاح ولا على المعارضة.

خلاصة القول أننا لسنا لا مع المعارضة على الإطلاق ولا ضدها على الإطلاق ولكن مواقفها التي نرى أنها موافقة للشرع نشكرها عليها، والمواقف والمكايدات السياسية لسنا معهم فيها.

* لو كان أمامكم خياران إما التحالف مع السلطة أو التحالف مع المعارضة مع من كنتم ستختارون في هذا الوقت، أم لديكم خيار ثالث؟

- لم نصل بعد إلى هذا الخيار، لكن أنا قناعتي في المعارضة الموجودة أنها ليست متفقة إلا ضد الحكومة لأن الإخوة في الإصلاح يحملون فكراً آخر والاشتراكيون معروفون وإن قيل عنهم أنهم قد تخلوا فأنا أفرح وأنا حريص على ذلك. وأتمنى أن الرئيس الأمريكي يسلم، والغرب يسلمون فكيف إذا كانوا من إخواننا وأهلينا؟ ونريد منهم ولو كلمة واحدة يبشروننا بها أنهم قد تخلوا عن مبادئهم وأنا أتكلم عن سياسة عامة. وفي بداية الوحدة كان الصراع موجودا بين حزب الحق والإصلاح في الكتابات الصحفية. واليوم تحالفوا فأنا مقتنع أنه لكلٍ مشروعه لكن الأمر المتفق عليه هو الاختلاف مع الحزب الحاكم. وكنت أتمنى أن لا يكون التكتل بهذه الطريقة وأن يكون لغرض تطبيق الشريعة. ولو خيرتني بين قوم عندهم مطالبة بتطبيق الشريعة وإزالة المنكرات والمظالم وإقامة العدل وحزب آخر عنده أقل منهم ممكن سنكون مع الأقرب لكن الآن نحن لسنا مع هذا ولا مع هذا بتحالف سياسي، وإنما نكون مع المصيب وصاحب الحق.

وعندنا في الفقه الإسلامي مسائل مفترضة في حالة الاضطرار مثل ما ذكره العز ابن عبد السلام أنه لو تقاتل ظالمان أحدهما يستبيح الأموال، والظالم الآخر يستبيح الأعراض، فالعلماء يقولون نتحالف مع الذي يستبيح الأموال لأنه أخف شراً من الذي يستبيح الأعراض. ونحن إن شاء الله لا نعتقد لا هذا ولا هذا أنه قد وصل إلى هذا الحد لكن لم نصل إلى هذا الحكم ولا يلزمنا إلا الحق.

* لكن التحالف القائم هو تحالف سياسي وليس تحالفاً فكرياً أو عقائدياً فكلهم مواطنون تحت مظلة الدستور والقانون وأحزاب سياسية قائمة وطنية تحالفت في إطار الثوابت الموجودة في الدستور؟

- لماذا هذه الأحزاب إذا توافق رأي واحد مع الحزب الحاكم بغير قصد قالوا: هذا متحالف. وهم يتحالفون فيما بينهم مع اختلاف عقائدهم وأفكارهم، لماذا هم يشنون هذه الحملة على غيرهم على أنهم لم يثبتوا الآن أن السلفيين متحالفون مع الحزب الحاكم كما يصورون نعم هناك القدر الذي لا بد منه للحاكم أن نطيعه في الخير وهذا ما يلزمنا شرعاً. ونحن يا أستاذ نتعامل مع قيادات الإصلاح ومع قيادات المؤتمر ومشايخ القبائل ولنا علاقاتنا مع فئات المجتمع. لكن لسنا مرتبطين بشخص بعينه أو حزب. وهناك من قيادات المعارضة من يتعاملون مع مسئولين في الحزب الحاكم بدون أن يقال عنه تحالف.

* هل بالضرورة أن يستمر العداء إلى ما لا نهاية؟

- عندما تعاديني فأنت تعاديني من معتقد ومن منهج تسير عليه إلى أن أثبت لك أنني قد تركته بذلك تنتهي المعاداة.

* لكن هذا التحالف بين أحزاب المشترك جاء ثمرة لحوارات ولقاءات وغير ذلك؟

- أنا قلت لك إذا كانوا مقتنعين بهذا التحالف معهم. فأنا استبشر بأن يكون على الخير ويمكن يبشروننا. وإنما الكلام على معارضة الحزب الحاكم فلو تحالفنا مع الحزب الحاكم بالقياس على تحالف الأحزاب نحن نرى أنه أخف منها لأن المؤتمر أخف من غيره.. هل أنت معي بهذا ؟

* أنت الآن تسترجع الماضي؟

- وأنت هل قد نسيت؟

* خاطبني على أنني صحفي فقط.. لماذا أرى من خلال كلامك أنك تسترجع الماضي في نقدك للتحالف الموجود بين المشترك؟

- أصلاً التحالف الموجود لم يجمعه إلا الاختلاف ضد الحزب الحاكم فقط. ولو قد اجتمعوا على فكر صحيح موحد فأنا أفرح أن يجتمعوا على الخير كله، فلماذا هم يضيقون لو تحالفنا مع الحزب الحاكم مع أنه في خيالهم.

* من الذي يضيق من تحالفكم؟

- هم يضيقون واقرأ ما يكتبون وما يقولون في حواراتهم. يقول أحد هؤلاء أن العلماء هم بغلة السلطان، يردد كلمة قالها إسماعيل الشطي في صحيفة المجتمع قبل عشرين سنة، وكأنها قرآن وينكرون الأحاديث الصحيحة التي تأمر بطاعة ولي الأمر ويعتبرونه تحالفا مع ذيل بغلة السلطان، فإما أن يكون هؤلاء أصحاب المشترك يتعاملون مع الناس بما يسيرون عليه وإلا فليسكتوا.

* ألا تعتقد أنه في حال تحالفكم مع السلطة أنكم قد تتحولون في يوم من الأيام إلى ورقة أو كرت محروق؟

- إذا كان إخواننا في الله الذين سبق أن تحالفوا مع الحزب الحاكم عشرين عاماً قد صاروا ورقة محروقة، فيمكن يجربوننا سنة. هم جربوا عشرين سنة ونحن دعونا نجرب سنة ولا يخافوا علينا فعند مشايخنا من الإيمان والعلم والخبرة وفهم القواعد الفقهية والأصولية والمصالح والمفاسد ما سيجعلهم متزنين في التعامل مع الحزب الحاكم بالحق الذي أمر الله به، وإن كان الأصل أن يفرحوا لعل هؤلاء العلماء يؤثرون على الحزب الحاكم سيما أن فيه علماء مشهورين، فهذا الكلام محل نظر.

* هل تحالفكم هذا مع المؤتمر تحالف استراتيجي مثل ما كان تحالف الإصلاح معه؟

- أنا مثلت مثالاً فقط لو كان هناك تحالف ولم أجزم بوجوده ولكن أفترض وأتساءل: لماذا يكون حراماً علينا ومباحاً للآخرين؟ وقد كنا متعاونين مع الإخوان في قضية المناطق الوسطى ولم أنتمِ إليهم حزبياً. ولهذا فما كان جائزاً بالأمس فسيظل جائزاً إلى اليوم ولا نمانع مع أننا لم نحصل على مغانم بذلك التحالف لا مكتب إرشاد ولا مكتب تربية ولا معاهد فضلاً عن الوزارات وإنما هو واجب إسلامي وعملاً بالقواعد والمصالح العامة.

* الآن جمعية الحكمة نمت وتوسعت في مناطق اليمن وأصبحت تمول مشاريع عملاقة.. من أين تحصلون على كل هذا الدعم؟

- بالنسبة لجمعية الحكمة ليست بالحجم والثقل الذي يقال ونحن نعترف بالقصور، وفروعنا محصورة في محافظات (صنعاء وعدن وتعز والحديدة وحضرموت وإب، وأبين) ومشاريعنا الخيرية بحدودها وربما تكون مشروطة ومقيدة بمناطق، فبعض المشاريع الإنشائية الكبيرة جاءنا متبرعون واختصوها للجنوب، ولم يوافقونا على شيء منها في الشمال لأن المحسنين خصصوها للجنوب. وأما التبرعات فهي جهود بعض أهل العلم وأهل الخير المعروفين لدينا، وليس لنا دعم خاص، أو موارد معينة.

* برأيكم أين تتجه الأوضاع في المحافظات الجنوبية هذه الأيام خصوصاً بعد ظهور علي سالم البيض ومطالبته بالانفصال؟

- في رأيي لو أن وسائل الإعلام أدت دورها الحقيقي مستعينة بالله تع إلى في بيان واجب الإخوة وجمع الكلمة وتوحيد الصف والتحذير من فتنة القتل والخلاف، وإلى جانبهم العلماء والمسئولون لأمكن بإذن الله تع إلى تدارك الأمر. ولو ردت المظالم إلى أصحابها لتلافينا جزءاً من المشكلة. وأصحاب اللقاء المشترك لا بد أن لا يفرطوا في معالجة هذه المشكلة وعليهم أن يتركوا جزءاً من صراعهم مع الحكومة. فالجميع سيتضرر حتى الإصلاح لأن له توسع كبير في الجنوب، وهكذا المثقفون والمدرسون والقبائل. أن يكون لهم دور واضح وفاعل أكثر وأكثر مما هو حاصل. ونحن نتخوف من تطور المشكلة إلى حد يحصل فيه التدخل الخارجي لغرض تمزيق اليمن. فإذا أدى كل واحد دوره فستخيب ظنون المتربصين إن شاء الله.

* موقف اللقاء المشترك الذي أعرفه يتلخص في رفض الدعوات الانفصالية، مع اتهام الدولة بتصعيد الأوضاع وتأجيج المشكلة عن طريق إجراءات القمع للمتظاهرين والمحتجين بالقوة؟

- هناك تناقض.. أعرف شخصاً من المعارضة كان يحتج على القمع الحاصل للمتظاهرين، ولما قطع بعض المتظاهرين الطريق أنكر بأن الدولة غائبة لم تستخدم صلاحيتها وقوتها.

* لكن من خلال متابعتنا كإعلاميين ومتابعين للأحداث يلاحظ أن الدولة تحضر في المظاهرات والفعاليات السلمية وتقمعها بينما تغيب وتختفي في المناطق المسلحة؟

- الذي أقصده أن الأخوة في اللقاء المشترك لم يكن كلامهم صريحاً وواضحاً بأن يقولوا لدعاة الانفصال: لا تفعلوا هذا فأنتم مخطئون. وبالمقابل يقولون للحكومة: المظالم هي كذا وكذا فأرجعوا حقوق الناس فيكون موقفا واضحا وصريحا، ومقبولا عند المتابعين. لكنهم يهتمون بالمواجهة للحكومة فقط. حتى أصحاب من يسمون بالحراك الجنوبي لم يرضوا عن المشترك. بل أتعجب من طرح بعض إخواننا الذين شاركوا في حرب الانفصال وقاتلوا وربما غنموا وترقى بعضهم عسكرياً واليوم يأتي ويطالب بتصحيح حرب 94، أنا أخشى أن يخسر المشترك هنا وهناك.

* كيف تنظرون الآن إلى أحداث صعدة في حال اندلاع حرب سادسة؟

- هذا سرّ مطلسم لا يعلم به إلا الله، ولا أدري ما وراء الأكمة. أنا لا أؤيد التمزيق، ولا أرضى أن تستمر صعدة في حرب، وندعو الحوثيين أن يمارسوا طريقتهم كغيرهم من الأمة بدون تمزيق واستعلاء.

* ما السر وراء قيام كل هذه الحروب مع أن الحرب الخامسة أوقفت باتصال هاتفي بعد سقوط آلاف القتلى والجرحى؟

- كما قلت لك هو سرّ مطلسم لم نعرفه، وربما أنت لأنك صحفي قد تحيط بما لم أدر به.

زر الذهاب إلى الأعلى