رئيسية

الشيخ عبد الله عسكر زابية ل "الغد": نريد وساطة من أهالي صعدة تمثل النازحين والمدنيين

الدكتور عبد الله عسكر ضيف الله زابية- رئيس الجالية اليمنية في منطقة عسير السعودية، وأحد مشايخ مديرية رازح، وهو رغم اغترابه في المملكة العربية السعودية، إلا أنه يتمتع بحضور لافت في محافظة صعدة، من خلال إسهاماته في محاولات إعادة السلام إليها.
في هذا الحوار يتحدث زابية عن العديد من الجوانب الهامة في قضية صعدة، وعن تفاصيل الرؤية التي تقدم بها إلى الحكومة اليمنية لحل قضية صعدة، بالإضافة إلى العديد من القضايا الهامة بهذا الخصوص..

- كيمنيين في المملكة العربية السعودية، كيف تتابعون أنباء الحرب الدائرة في محافظة صعدة..؟

* للأمانة المتابعة دقيقة من الجميع، ونحن نتطلع للأخبار من كل الأصعدة، وللأسف كل الأخبار التي تصل إلينا مضللة، سواء عبر القنوات الفضائية التي تتبع أي طرف من الطرفين، أو عبر المواقع الإلكترونية على شبكة الإنترنت، لذا فإننا نلجأ إلى الاتصال بالأهل والأقارب في صعدة للاطمئنان، ولإعطائنا المعلومات الصحيحة.

- وما هو تقييمكم للوضع بشكل عام..؟

* لاشك بأن وضع اليمن مأساوي للغاية، والأزمة المالية العالمية أثرت تأثيرا كبيرا على اليمن من نواح كثيرة، والحراك في الجنوب وأحداث صعدة، أزمات تؤدي إلى ضعف الدولة اليمنية، كما أنه يؤثر سلبا على المغترب اليمني في الخارج، لأن ضعف الدولة يؤثر على وضع مغتربيها في الدول التي يقيمون فيها.

وكل إنسان لديه حميه وانتماء لوطنه، لا شك بأنه يتألم كثيرا لما يحدث في بلده، وخصوصا لما يتعرض له المواطنون المدنيون والضحايا الأبرياء من الأطفال والنساء، وأي إنسان لديه شعور بالمسؤولية لابد أن يتألم لما يحدث في صعدة.

- ألا توجد هناك أي مضايقات تتعرضون لها في السعودية بسبب الأوضاع الراهنة في صعدة..؟

* لا.. المملكة العربية السعودية دولة نظام، وتحمي المواطنين والمقيمين فيها على حد سواء..

- الأسبوع الماضي حدثت صدامات أثناء مباراة لكرة القدم بين فريقي الهلال ونجران السعوديين، وهتفت الجماهير ضد فريق نجران، ووصفتهم ب"الزيود اليمنيين"..

* هذه تصرفات فردية، من قبل بعض الأشخاص..

- تصف اليمنيين بالزيود..

* ليس كل اليمنيين، وأنا بحكم معرفتي بالسعودية، وعيشتي فيها أكثر من خمسة وأربعين عاما، هذه التصرفات لا تجدها إلا في النادر جدا، ولو حصلت تكون من قبل جماعة سعودية ضد جماعة سعودية أخرى.

- مع الحرب الدائرة في صعدة حاليا، هل زادت مثل هذه التصرفات..؟

* لا.. هذه التصرفات قد تحصل لكنها تحصل في نطاق ضيق جدا، فعبارات العنصرية تتردد من بعض الجماهير في المملكة، والدولة السعودية تحارب مثل هذه الأشياء بشكل كبير.

- ما هو حجم الزيدية في المملكة العربية السعودية..؟

* لا توجد زيدية في المملكة، إلا في منطقة بسيطة جدا، في بني مالك، وبعض المناطق الحدودية مع اليمن، بشكل نادر جدا، وهذا يعود إلى أن المناهج التعليمية للمملكة حنبلية، وتدرس للأطفال منذ الصغر.

- من خلال متابعتك، إلى أي مدى أثرت الحرب الدائرة في صعدة على المناطق الحدودية بين السعودية واليمن..؟

* لا شك بأن الحرب أثرت على المملكة، هناك استياء كبير جدا من الحرب، وأهم التأثيرات هي قضية النازحين، فهناك روابط أسرية بين القرى اليمنية والسعودية على الحدود، ولجأ آلاف النازحين إلى أقاربهم في المملكة.

- كيف هي أوضاع النازحين اليمنيين إلى المملكة..؟

* من خلال معلوماتي أن هؤلاء النازحين يعاملون كضيوف وأقارب، وليس هناك أي مشاكل، والوضع المأساوي للنازحين داخل اليمن، في "الملاحيظ" و"باقم" وغيرها من المناطق التي لا تصلها منظمات الإغاثة.

- هل هناك تأثيرات أخرى للحرب في المملكة..؟

* الحرب الدائرة بين الحكومة والحوثيين، أثارت قلقا على مستوى الدولة السعودية، وعلى مستوى المواطنين السعوديين، من وجود بؤرة تتهم من قبل الجميع بأنها ذات تمويل إيراني، وهذا الموضوع يؤرق دول الخليج كافة، وليس المملكة العربية السعودية فقط.

- ما هي مظاهر هذا القلق على المستوى الشعبي في المملكة..؟

* لا شك بأن هناك تلاحما كبيرا بين المواطنين السعوديين والحكومة السعودية، ويظهر القلق في الشارع السعودي من خلال الاهتمام ومتابعة وسائل الإعلام لتطورات الأحداث في صعدة، والتساؤل عن وجود أياد أجنبية تعبث في الحدود.

- كيف تتابعون اتهامات الحوثيين للسعودية بالمشاركة في حرب صعدة..؟

* الذي نعرفه هو أن المملكة العربية السعودية حتى في أيام الحرب بين الملكيين والجمهورية، لم تتدخل بشكل مباشر، واعتقد بأن السعودية لديها سياسة واضحة وصريحة من هذا الموضوع، فالحكومة السعودية قد تدعم الحكومة اليمنية معنويا أو ماديا، لكنها لا تتدخل في الحرب بشكل مباشر إطلاقا..

- ولكن هناك حشود عسكرية سعودية على الحدود..؟

* من باب تأمين الحدود، وأي دولة من واجبها تأمين حدودها.

- بوصفكم أحد أبناء مديرية رازح، كيف تقيمون الوضع حاليا في محافظة صعدة..؟

* الوضع مأساوي، وتتحمل الدولة جزءا كبيرا منه، لأن تغذية المذاهب في صعدة، أثر تأثيرا سلبيا، وأنا سبق وحذرت من هذا الموضوع في العام 2003، أيام الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وقلت بأن دعم الدولة لتوجه معين على حساب آخر سيؤدي إلى فتنة طائفية، وهذا ما حدث فعلا بعد 2003.

فتنامي الوضع الطائفي في محافظة صعدة، وهي منطقة قبلية، وحديثة عهد بالصراع والحرب بين الملكية والجمهورية، وما زال السلاح قريبا من المواطنين، أدى إلى نمو التطرف، سواء من جهة الحوثيين، أو من جهة السلفيين، أو من جهة الجهاديين، والإخوان، كما أن موروث الإمامة وإذكاء الإمامة القديمة لعب دورا كبيرا في إشعال الحرب.

وأنا اعتقد بأن سياسة الدولة منذ الحرب الأولى كانت سياسة خاطئة، حيث أدى لجوء الدولة إلى الحرب في الحرب الأولى إلى تفشي ظاهرة الحوثيين، خصوصا وأن جماعة الحوثي، يدرسون المذهب منذ فترة طويلة، وهو مذهب جديد على محافظة صعدة، ثم أسسوا تنظيم الشباب المؤمن، وانتشروا بشكل كبير في مديريات كثيرة، في "سحار" و"همدان" و"خولان" و"رازح" و"غمر"، وفتحوا منتديات كثيرة بدعم كبير من الدولة، وقد أدت الحرب الأولى إلى مقتل قائدهم، وهذا أثر بشكل كبير، وأخذت الحرب بعد ذلك طابعا جديدا، كنوع من الانتقام والثأر من الدولة.

- إذن العامل المذهبي ليس هو السبب الوحيد في إشعال هذه الحرب..؟

* هناك عامل أكبر، وهو التخلف والجهل، لأن الإنسان المتعلم لا يلجأ للسلاح إلا في أحلك الظروف، فما بالك بالإنسان الذي يلجأ للسلاح وهو لا يعرف لماذا يلجأ للسلاح، يعني شعار "الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود.." نحن نلعن اليهود كل يوم في صلواتنا، لكن كونك تتهم الدولة بأنها هي من تحميهم، هذا شيء آخر، فكيف تحميهم الدولة وليس بين اليمن وإسرائيل وأمريكا أي حدود.

- العامل الاقتصادي هل كان له دور..؟

* لا.. محافظة صعدة من المحافظات الثرية، لأنها تعتمد بشكل كلي على الزراعة، والزراعة في صعدة لها مردودات قوية جدا، بالإضافة إلى التبادل التجاري في الحدود بين السعودية واليمن، كان له مردودات كبيرة جدا.

- ولكن الحروب المتتالية أثرت على الوضع الاقتصادي للمحافظة..؟

* لا شك، فالمنتوجات الزراعية تأثرت بشكل كبير جدا في محافظة صعدة، فهذه المنتوجات للعام الثاني على التوالي لا تجد لها منفذا إلى خارج محافظة صعدة، والحرب السادسة الآن تدور في فترة الصيف، وهو موسم الحصاد الزراعي الصعدي.

بالنسبة للبن، لم يعد هناك أي بن خولاني في الأسواق اليمنية، ولا في أسواق المملكة العربية السعودية، التي كانت تأتي إليها المنتجات الزراعية من صعدة بكثرة، سواء الرمان أو العنب أو البرتقال، وغيرها من المنتجات الأخرى.

- مؤخرا أعلنت الدولة انضمام لواء العمالقة في جبهة الملاحيظ، عقب إعلان الحوثي سيطرته على 11 موقعا عسكريا في المنطقة..

* ما أعرفه هو بأن هناك إستراتيجية جديدة لدى الدولة في الحرب، وسبق أن لواء العمالقة كان له محاولة تعتبرها الدولة ناجحة في السيطرة على مديرية رازح، وأنا اعتبر بأنها تمت بتعاون المواطنين في مديرية رازح، لأن مديرية رازح تختلف عن مديريات صعدة الأخرى.

- بماذا تختلف عن بقية المديريات..؟

* تختلف لأن فيها توازنا مذهبيا، ففيها كثرة حوثيين، وكثرة معتدلين، وكثرة إصلاحيين، وأهلها مسالمون ولا يلجؤون للحرب، نظرا لارتفاع نسبة المتعلمين والحاصلين على تعليم عال فيها.

- ما هو مستوى تواجد الحوثيين فيها..؟

* الحوثيون موجودون في كل منطقة من مناطق صعدة، وخصوصا المناطق الشمالية الغربية.

- وفي مديرية رازح..؟

* غالبية المنظرين الحوثيين في مديرية رازح، وهم متعلمون بشكل عال، إنما في قضية السلاح والحرب رازح تعتبر من المديريات المسالمة.

- خلال الحرب الرابعة استطاع لواء العمالقة أن يحكم سيطرته على مديرية رازح..

* بالتعاون مع المواطنين..

- ما الذي تغير حتى أصبحت رازح اليوم على وشك أن تكون في قبضة الحوثيين..؟

* المعارك الآن حول رازح، فالملاحيظ تعتبر جسر إمداد للحصامة، والحصامة وشدا تعتبر مثلثا كبير جدا، ومنطقة إستراتيجية كبيرة وفيها الطريق الذي يربط بين ثلاث مديريات هي خولان ورازح وشدا، وهذه المنطقة تعتبر منطقة إستراتيجية للحوثيين.

ثانيا، منطقة الملاحيظ تعتبر سوق أهل خولان وأهل رازح، والسيطرة عليها يمنع دخول الإمدادات إلى المديريتين، وأعتقد بأن سقوط الملاحيظ مرحلة أولى لسقوط رازح مرة أخرى في أيدي الحوثيين.

- ولكن الحرب الحالية شهدت قصفا على بعض المواقع الحوثية في مديرية رازح..؟

* لم يحصل قصف، فهناك في رازح حتى الآن ثلاثة آلاف جندي من الأمن المركزي في المديرية، وأتوقع بأن الإمدادات التي تأتي إليهم ستكون قليلة خلال الفترة القادمة.

- أين يتواجد هؤلاء الجنود..؟

* متواجدون في منطقة القلعة، وفي خرم، وفي دامغ، وهم يعتبرون محاصرين في الوقت الحالي، لأن غمر و"الملاحيظ" سقطت في أيدي الحوثيين، ولا توجد إمدادات تصل إليهم حاليا، لأنهم محاصرون، وأنا أستغرب أن وسائل الإعلام لم تشر إلى هذا الموضوع، فقد تكون هناك موانع عسكرية حتى لا يحصل أي تأثير سلبي على معنويات الجنود.

- منذ بداية الحرب الأخيرة والحوثيون يطمحون لاستعادة سيطرتهم على رازح، من وجهة نظرك ما هي أهمية رازح بالنسبة للحوثيين..؟

* رازح منطقة حدودية، ومنطقة جبلية كبيرة جدا، وجبال رازح تسيطر بشكل كبير على مناطق خولان وعلى غمر وعلى مناطق الحدود مع المملكة العربية السعودية، وسيطرة الحوثيين على غمر وشدا والملاحيظ يعتبر حصارا على جبال رازح، كما أن السيطرة على جبال رازح وتأمين الطريق لها من قبل الجيش يعتبر سيطرة على مناطق خولان ومناطق غمر.

- كيف تنظرون إلى مشاركة القبائل في الحرب ضد الحوثيين..؟

* من الأمور المسيئة لأهل صعدة أن تدخل القبائل في الحرب الدائرة في صعدة، فهذا يؤدي إلى نتائج سلبية، ونمو العداء للجيش وللدولة، لأن غالبية القبائل تأتي للفيد وللثأر، وتصبح الهمجية هي المسيطرة على مجريات الحرب.

ومحافظة صعدة هي قسيم بين قبيلتين كبيرتين، فحوالي ثمانين بالمائة من المحافظة تنتمي إلى قبلية خولان بن عامر، وخولان بن عامر قبيلة مستقلة عن القبائل اليمنية كلها، ولا تتبع حاشد ولا بكيل ولا مذحج، وإنما تتبع قبائل قضاعة، فأي قبيلة تتدخل في الحرب من الناحية القبلية يعتبر تدخلا في شأن قبيلة أخرى، والأمر الأهم من هذا أن حروب صعدة لا تنتهي دائما إلا إذا تعاون أهل صعدة، والدولة في هذا الجانب مقصرة كثيرا..

- لماذا لا يتعاون أهل صعدة مع الدولة..؟

* قد يكون هناك عدم ثقة بين الدولة والمشايخ، أو عدم ثقة بين الدولة وبين أعيان المنطقة، والتاريخ اليوم يعيد نفسه، ففي حرب الملكية مع الجمهورية كان أهل صعدة أنفسهم هم من دخلوا كثيرا من مناطق صعدة حينها، ودخلوها سلما ولم يدخلوها حربا، وحاشد في حرب الملكية والجمهورية لم تحارب في صعدة، فقد كان الشيخ عبد الله ينأى بقبائل حاشد عن الدخول في الحرب في صعدة، ودخلت قبائل الحدأ حينها وكان لها تأثير سلبي، وفي النهاية كان أهل صعدة هم من حسموا الحرب، وخصوصا في رازح التي كانت آخر معقل من معاقل الملكية في محافظة صعدة.

- هناك اتهامات للحوثيين بارتكاب أعمال تخريبية في رازح قبيل الحرب الأخيرة، ما مدى صحة هذه الاتهامات..؟

* لا شك بأن قيام الحوثيين بتشكيل نقاط تقطع، وتشكيل محاكم، وتشكيل جباية للزكوات يعتبر اعتداء على سيادة الدولة.

- عادة ما يشكو أهالي رازح من توافد المقاتلين الحوثيين إلى مناطقهم من المديريات المجاورة..

* هذه حقيقة، وهذا هو ما يشكو منه أهالي رازح، وسبق أن تم الاتفاق على خروج المقاتلين الوافدين من خارج رازح، ونحن في بني ربيان التي تطل على سوق شعارة وهو السوق المركزي في رازح حصل أن مقاتلين من خارج رازح دخلوا إلى مناطقنا.

- لماذا لا يتصدى أهالي رازح لهؤلاء المقاتلين الذين يتوافدون إلى قراهم..؟

* الحرب هي بين الدولة والحوثيين، والمفترض أن تبسط الدولة سيطرتها على المناطق التي تحت سيادتها، ووجود مقاتلين من قبائل أو مناطق أخرى يعتبر تعد على سيطرة الدولة، ولا ينبغي على أي مواطن أن يقوم بالنيابة عن الدولة بحرب جهة تدعي الدولة أنها متمردة.
الجيش والأمن يدفع له من قبل الشعب ومن قبل الدولة لحماية البلد وتحقيق الأمن والأمان داخل الدولة، فكيف يقوم المواطن بحماية نفسه طالما هناك دولة وجيش.

- تحدث المكتب الإعلامي للحوثيين عن قيام النقاط العسكرية للدولة في مديرية رازح بابتزاز الناس وتنفيذ اعتقالات غير قانونية..؟

* من حق الدولة أن تعمل نقاط عسكرية لتأمين بعض المناطق، ويجب عليها أن تضرب بيد من حديد ضد المعتدين من الأمن، إذا كان هناك أي انتهاك ضد المواطنين من قبل النقاط الأمنية.

- مؤخرا سيطر الحوثيون على جبل تويلق الحدودي، هل أصبح الحوثيون يسيطرون على معظم الجبال التي تقع على الحدود اليمنية السعودية..؟

* غير صحيح بأن الحوثيين يسيطرون على معظم الجبال التي تقع على الحدود اليمنية السعودية، وجبل تويلق الذي سيطر عليه الحوثيون ليس جبلا كبيرا، والجبال المهمة التي تطل على الحدود هي جبال رازح وجبال منبه، وجبال الجماعة.

- جبال رازح أصبحت الآن محاصرة تقريبا من قبل الحوثيين، وجبال منبه وجماعة أصبحت تحت سيطرتهم..؟

* نعم جبال رازح محاصرة من قبلهم، أما جبال منبه وجبال جماعة فهناك نسبة من الحوثيين متواجدة فيها، وليس صحيحا بأنها في قبضتهم، وجبل تويلق يعتبر جبلا حدوديا في منطقة ضيقة، وجبل شدا يعتبر جبلا استراتيجيا أهم من جبل تويلق.

- هل تؤيدون خيار الحسم العسكري، أم الخيار السلمي لحل قضية صعدة..؟

* الدولة حاليا تحاول أن تفرض سيطرتها بالقوة، والحوثيون كذلك يحاولون فرض سيطرتهم بالقوة، والطرفان في النهاية سيتعبان، وسيعودان إلى نقطة البداية وطلب السلم، الدولة ستطلب السلم والحوثيون سيطلبون السلم.

أضف إلى هذا أن الحوثيين يشكلون نسبة معينة من محافظة صعدة، ولا يشكلون كل محافظة صعدة، ويجب على الجميع أن يعلم بأن داخل صعدة السلفي والسني والحوثي والزيدي، والحوثيون يشكلون نسبة معينة، والدولة عندما تعاملت معهم بالقوة تسببت في ردة فعل قوية من قبلهم، وساهم تعامل الدولة معهم بالقوة إلى تقوية الحوثيين في محافظة صعدة، واللجوء للسلم هو خيار للأطفال والنساء والأرامل والنازحين الذين لا يقل عددهم الآن عن 125 ألفا، بينما عدد المقاتلين في صعدة من الحوثيين لا يتجاوز ثمانية آلاف مقاتل، والبعض يقولون بأنهم يصلون إلى 15 ألف مقاتل، فأيهما أفضل أن أحيي الـ125 ألف نازح، أو أن أقتل الـ15 ألفا، أو حتى العشرين ألف مقاتل، لو كان عددهم فعلا يصل إلى هذا العدد الكبير.

وهذه الحرب معظم ضحاياها من المدنيين، وتسببت في إنهاك كامل لمحافظة صعدة، وإنهاك كامل للبلد، الذي هو أصلا في حالة انهيار اقتصادي كبير، وهناك 22 مليون مواطن يمني سيعانون من آثار هذه الحرب.
إضافة إلى هذا يشتكي أهل صعدة من انعدام التوازن في الوظائف، ليس الحوثيون فقط وإنما من أهالي صعدة عموما يشتكون، فيما الوساطات السابقة ركزت تركيزا كليا على الحوثيين، وأهملت غيرهم من الفئات الأخرى في المجتمع الصعدي، فضلا عن تهميش شيوخ القبائل المؤثرين، كما أن هناك أمورا كثيرة ينبغي على الدولة أن تراجع فيها حساباتها في محافظة صعدة.

- هل ترى بأن هناك إمكانية لتحقيق السلم في المحافظة..؟

* الحوثيون يحاولون أن يلجئوا للسلم، ولكن أعتقد بأن لديهم هدفا معينا وثابتا يخططون له على المدى البعيد، والدولة خيارها حسم الموضوع بشكل كلي، وأعتقد بأنها لن تستطيع ذلك في الوقت الحالي.

- تقدمتم بمقترح لحل قضية صعدة، ما هي أبرز ملامح هذا المقترح الذي تقدمتم به..؟

* كنت من المحذرين سابقا من تغذية المذاهب في هذه المحافظة، نظرا للتنوع المذهبي الذي يغذى من الخارج، وقد اقترحت أن نتعامل مع هذه الحرب على أساس أنها حرب فكرية، واقترحت منظومة للتعامل مع القضية، من خلال محافظ صعدة السابق يحيى العمري، والمرحوم أحمد العماد، والشيخ عبد السلام هشول، والشيخ فيصل بن مناع، وقد قدمت ورقة عن طريق المرحوم أحمد العماد لفخامة الرئيس علي عبد الله صالح، كان من أهم ما اقترحت فيها هو تدريب خطباء معتدلين للمساجد، وتوزيعهم على جميع أنحاء صعدة، وإعطاء أولوية لتوظيف أبناء محافظة صعدة، نظرا لشعور الكثير منهم بأن الدولة لا تهتم بهم، كما اقترحت أيضا أن يتم تطوير العمل التجاري في المحافظة، من خلال تأسيس سوقين حرين في منفذي علب والبقع.

فالوضع حاليا في صعدة لا يبشر بخير، كما أن عجلة التنمية متوقفة نظرا لانعدام الأمن، كما وأن بعض المنتجات الزراعية لا يمكن تسويقها خارج المحافظة، وأنصح الدولة بالعمل على إعداد كيان للإنسان الصعدي، من خلال تهيئته فكريا واجتماعيا وثقافيا ووظيفيا للمساهمة في بناء اليمن.

فعلى سبيل المثال منفذ علب مغلق منذ أكثر من عامين ونصف، ولا يمر منه إلا بعض الناس في الطوارئ، ولا شك بأن هذا أدى إلى أضرار اقتصادية كبيرة، كما أدت الحرب إلى نزوح الناس، وانعدام التبادل التجاري، والمنافذ التجارية يجب أن تكون مصدر خير للناس وليس مصدر قلق وفتنة، فبدلا من أن يلجأ الناس للحرب، يلجؤون للتجارة وتبادل السلع، وبناء المجتمع، وما يحصل في صعدة قتل وسفك للدماء غير مبرر.

وأنا من الناحية العقدية لا أنكر على أي شخص عقيدته، لكن من ناحية استخدام القوة والسلاح، فهذه مسألة يجب أن تحسم.
- من وجهة نظركم ما هي الحلول الممكنة حاليا لحل قضية صعدة..؟
* والله الحلول موجودة، أولا المناطق التي يتواجد فيها الحوثيون هي مناطق قبائل ومناطق تجمعات سكانية، وليس كل الناس فيها محاربين، وينبغي الالتفات إلى أهل هذه المناطق والرجوع إليهم.

أما الحوثي فإذا كان يرغب أن يكون مواطنا يمنيا، فهو سيطلب الحل قبل غيره، وأنا ادعوه بأن يتبنى مجموعة وساطة من أهل صعدة، ولا يتدخل أي شخص من خارج صعدة للوساطة، لأنهم أدرى بمنطقتهم وأدرى بوضعهم.

- هل أثرت الوساطات السابقة تأثيرا سلبيا في القضية..؟

* تدخل وساطات من خارج صعدة يؤثر تأثيرا كبيرا، فعندما يأتي قائد عسكري ضمن وساطة أمر مضر، لأنك تأتي بمقاتل للوساطة مع مقاتل آخر، ونحن نريد وساطة من أهالي صعدة أنفسهم، وساطة تمثل النازحين، وساطة تمثل 125 ألف نازح، وساطة تمثل 700 ألف من أهالي صعدة، بشكل عقلاني، خصوصا وأن هناك أناسا عقلاء من أبناء صعدة، ولهم خبرة وتاريخ.

وأنا أناشد الرئيس قبل أي شخص، والحل نحن دائما اعتدناه من قبل رئيس الجمهورية، فإذا وقفت الحرب من قبله، وإذا بدأت الحرب تكون من نفاد صبر الرئيس، وأناشده أولا أن يترك لأهل صعدة مجالا لحل مشكلة صعدة، كما أناشد الحوثي بالعودة إلى العقل وتغليب المصلحة العامة لأهل صعدة على المصالح الخاصة.

زر الذهاب إلى الأعلى