[esi views ttl="1"]
arpo27

د. عبدالله طاهش: السفير الإيراني كان يزور صعدة شهرياً

عن آخر تطورات الحرب السادسة، وأبعاد دخول السعودية كطرف ثالث فيها، ومدى إمكانية الحسم العسكري، وحجم الأخطاء العسكرية، ودور تجار المخدرات والسلاح في إطالة أمد الحرب، وقضايا أخرى في كواليس حرب صعدة، الدكتور عبدالله حسين طاهش، أحد أبناء محافظة صعدة (الصدر- كتاف) فإلى الحوار..

- بداية كيف تنظر إلى هذا التحول في مسار حرب صعدة ودخول السعودية كطرف ثالث فيها؟

* أولاً هذا دليل على أنها حرب إيرانية سعودية على أرض يمنية، وثانياً السعودية تدافع عن حدودها وأنا أخشى أن تكون هنالك أهداف إستراتيجية قد تفضي بعضها إلى التفاوض مع الحوثيين، وبالتالي إضفاء نوع من الشرعية، ويفرضون أنفسهم كأمر واقع في المنطقة.

- ما مدى صوابية اشتراك السعودية في هذه الحرب؟

* السعودية تقول بأنها تدافع عن سيادة أراضيها، وهذا من حقها، لكنها ارتكبت سابقاً بعض الأخطاء تجاه اليمن والتي كان لها تأثيرات سلبية على السعودية نفسها.

- كيف؟

* اليمن عبارة عن حديقة خلفية للسعودية، فلو اهتمت السعودية باليمن وبتنميته بدلا من توزيع أموالها على المشائخ والوجهاء، وتعزيز قيم التكسب غير المشروع،وأيضاً السعودية عندما قطعت الطريق أمام دخول اليمنيين إليها لغرض العمل ساهم نوعاً ما في أن يتجه البعض للعمل في تجارة المخدرات والسلاح والانضمام للحوثي.

- برأيك هل جاءت هذه التدخلات السعودية بطلب من الدولة اليمنية ؟

* ليس لدي معلومات في ذلك، ولكن الذي أعرفه هو أن موقف السعودية من الحوثيين موقف معروف منذ نشأة ما يسمى ب"الشباب المؤمن"، بل أن موقفها كان سابقاً لموقف الدولة نفسها تجاه الحوثيين.

- كيف؟

* مثلاً في بداية تشكيل الشباب المؤمن، السعودية تنبهت مبكراً لخطورتهم، واتخذت موقفاً رافضاً لذلك، إلى درجة أنها قطعت مرتباتها عن كل المشائخ والشخصيات اليمنية التي انضمت مع الشباب المؤمن، فموقف السعودية معروف من زمان، والجديد الآن فقط هو التدخل العسكري.

- وماذا عن الدور الإيراني المضاد للدور السعودي؟

* أيضاً الدور الإيراني معروف من زمان، والسفير الإيراني كان يزور صعدة بين كل ثلاثة إلى أربعة أسابيع ويلتقي بهم .

- متى؟

* منذ تأسيس ما يسمى ب"الشباب المؤمن".

- وهل من مصلحة إيران أن يقتل الكثير من الشيعة في الشمال، وأن تفقد علاقتها باليمن في ظل هذه الظروف؟

*إيران لا تريد أن تفقد علاقتها باليمن وإنما هي تسعى لأن يكون هؤلاء الحوثيون أداة لتحقيق ما تصبو إليه إيران، فمثلاً لو نجح الحوثيون في فرض أنفسهم كقوة، وتم التفاوض معهم من قبل السلطة، فإنهم سيضغطون على الدولة للتفاوض مع إيران، أي إن إيران ستلعب بورقة الحوثيين في تعاملها مع اليمن وأيضا مع السعودية.

-ولماذا اليمن لا تتهم إيران رسمياً حتى الآن؟

*بصراحة أنا استغرب من تجاهل اليمن لمثل هذه الحقائق الجليّة،وتناقض تصريحات بعض المسؤولين في ذلك، وأتمنى ألا يكون وراء هذا التباطؤ أهداف مالية أو غيرها.

- ما تقييمك لتعامل السلطة في هذه الحرب؟

* الحرب السادسة اعتمدت بشكل كبير على استخدام القصف الجوي،وهذا معروف بأن الطيران لا يحسم المعركة بقدر ما هو عامل مساعد في حسمها، وأيضاً هنالك تقدّم بري محدود في بعض المناطق، وهناك تباشير انهيارات في صفوف الحوثيين وتعرضوا لخسائر بشرية كبيرة.

- ولماذا لم تحسم المعركة حتى الآن ؟

* حسم المعركة بحاجة إلى رجال وطنيين وقادة مخلصين، هدفهم الأول والأخير هو الوطن وعلى القيادة السياسية الحرص على إختيار أفضل القادة وإبعاد تجار السلاح وتجار المخدرات من صعدة.

- ما علاقة كل من تجار المخدرات والسلاح بما يجري؟

* هؤلاء لا يريدون أن تكون هناك دولة، ولذلك فإن تجار المخدرات هم من يموّلون الحوثيين بالأموال، وتجار السلاح يمدونهم بالسلاح.

- وهذا هو سرّ صمود الحوثيين هذه الفترة كلها من وجهة نظرك؟

* أولاً الحوثيون استفادوا من كل عمليات التفاوض السابقة في حشد استعداداتهم الكاملة للحرب، وأيضاً ساعدهم على ذلك سحب المعسكرات من بعض المناطق بعد انتهاء الحرب الخامسة، كما أنه في بداية الحرب حرصوا على الاستيلاء على عدد من المواقع والمعسكرات والحصول على المزيد من المعدات العسكرية.

- كم عدد هؤلاء الحوثيين حسب معلوماتك؟

* ليس هناك إحصائيات دقيقة عنهم، لكن استطيع أن أجزم بأن عناصر الحوثي معظمهم من خارج محافظة صعدة وبنسبة80%،بينما أتباعه من محافظة صعدة لا يتجاوزون 20%.

- وكيف استطاع أن يحقق هذا الالتفاف حوله؟

* لا يعد هذا التفافاً،وأغلب الذين اتبعوا الحوثي هم من الجائعين والعاطلين عن العمل، والذين في أنفسهم شيء من بقايا الملكية، وأصحاب نظرية الحق الإلهي.

- وهل هناك صوماليون ملكيون مثلاً؟

* هؤلاء مجموعة بسيطة لم يتمكنوا من دخول الحدود السعودية، فلجأوا للحوثية، وهم حسب اعتقادي لدى عبدالله الرزامي وخاصة الذين لديهم خبرة في حرب العصابات، فهو يستفيد منهم.

- على سبيل ذكرك للرزامي،لماذا الدولة حريصة على جرّه للحرب رغم أن موقفه من هذه الحرب هو الحياد؟

* في الحقيقة الرزامي لا يقف موقف الحياد، بل العكس فهو يشارك في هذه الحرب الأخيرة،والذين قاموا بقطع الطريق بين البقع وكتاف هم مجموعة الرزامي قبل حوالي ثلاثة أسابيع، والرزامي هو قائد ميداني ويخضع لتوجيهات عبدالملك الحوثي الذي هو نفسه يخضع لقيادات أعلى منه.

- من هي هذه القيادات؟

* شخصيات غير معلنة، لكن بالتأكيد الذي يعرف شخصية عبدالملك، وصغر سنّه، يدرك يقيناً بأن هناك مرجعيات وقيادات عليا تدير الحرب، وبلا شك لديهم خبراء سياسيون وعسكريون وغيرهم، ولديهم خلايا نائمة داخل النظام تنقذهم في كل جولة من جولات الحروب السابقة.

- ومن أين يتلقون دعمهم؟

* بالإضافة إلى الدعم الخارجي هناك من يدعمهم من داخل النظام نفسه،ومن القيادات العسكرية التي ما زالت عقولها ملكية وما زالت تعمل ضد النظام الجمهوري، وهم يتسنمون مواقع قيادية مهمة في الدولة بمختلف مؤسساتها العسكرية والأمنية، وهؤلاء هم الأخطر من الحوثيين الذين يقاتلون داخل صعدة.

- ما الدليل على ذلك؟

* الدليل على ذلك أن الحوثيين يعلمون بكل تفاصيل المواجهات قبل حدوثها،ومكان وزمان القصف، وقد تم التحقيق ومعاقبة بعض الطيارين واعترفوا بذلك،أيضاً بعض الصواريخ كانت تسقط في بعض المناطق دون أن تنفجر، ثم يأتي الحوثيون لتفكيك هذه الصواريخ ويصنعون منها ألغاما ومتفجرات.

- البعض يرى بأن الحوثيين يقاتلون بعقيدة(بصرف النظر عن صوابها) على عكس الجيش؟

* نعم فهذا فكر تشرّبوه على مدى عقود من الزمن، بينما الدولة أهملت هذا الجانب الفكري في الجيش، فلا يوجد توجيه معنوي حقيقي، يتولى مهمة تعميق قيم الولاء الوطني في نفوس الجيش، لا سيما بعض القيادات العسكرية، فهنالك قادة عسكريون سلّموا ألوية كاملة بما فيها للحوثيين، وهناك جنود لا يحصلون على الذخيرة الكافية ومع ذلك يقاتلون حتى الموت.

- وماذا يعني هذا؟

* هذا يعني أن بعض القيادات العسكرية التي تقاتل في صعدة ليست كفؤة، وأنا أذكر مثلا أحد قادة الألوية في الحرب السابقة كان في مران،قام بتسليم اللواء بالكامل، ثم أكل حقوق العساكر وهرب إلى الحديدة،فهناك قادة عسكريون لا يهمهم الوطن لا من قريب ولا من بعيد.

- أليس هذا استهدافاً لسمعة المؤسسة العسكرية؟

* ليس استهدافاً، وإنما هي الحقيقة،ونحن لم نعمم على الجميع، فهناك قادة مخلصون وقاموا بأدوار بطولية مشهودة مثل حميد القشيبي الذي طرد الحوثيين من مران، وكذلك فضل حسن قائد اللواء 131 فهو رجل وطني مخلص، وهو الوحيد الذي سيطر على منطقته في وائلة .

- في ظل تأخر الحسم العسكري ألا ترى أفضلية اللجوء للحوار بين الدولة والحوثي؟

* بصراحة أنا أرى أن الحوار مع هؤلاء لا يجدي نفعاً ولا فائدة منه،وهذا رأيي الشخصي على ضوء معرفتنا الأكيدة بالحوثيين .

- لكننا اليوم في عصر الحوار حتى بين الأديان، فما بالك بين أبناء الدين الواحد والوطن الواحد؟

* يا أخي هؤلاء قد جُرّب الحوار معهم مرات عديدة ولم يحقق شيئاً، وإنما بالعكس عزز من وجودهم، وزاد من مساحة توسعهم،بل أنهم في كل الحروب السابقة هم من يبدأون في إشعال فتيلها .

- كيف؟

* من خلال قيامهم بقطع الطرقات، والسيطرة على المدارس والمستشفيات،والتدخل في أعمال السلطة المحلية، ناهيك عن معتقداتهم التكفيرية للضباط والجنود،ويتقربون إلى الله بذبحهم.

- لو كان هذا صحيحاً، فلماذا أفرج الحوثي عن عدد من الأسرى الجنود، ولم يتقرب إلى الله بقتلهم كما تقول؟

* الآن هم بدأوا يغيرون في استراتيجياتهم، لأنهم يؤمنون بالتقية، أما حقائقهم فهي معروفة.

- وما هي؟

* يا أخي ذبحوا العساكر بالسكاكين أمام أعيننا، كما تذبح (الكباش)، وهم لا يتورعون في استخدام كل الوسائل لتحقيق أهدافهم، ويبدو أنهم الآن في وضع حرج، قد يتطلب منهم أن يطلقوا سراح بعض العساكر، ويحاولوا التودد إلى المعارضة، ويدعون أنهم ظلموا، بينما هم الذين يقتلون الناس، ويطردونهم من منازلهم، وكل ما تنشره فضائية اليمن هو صحيح، وهذه حقيقة نحن نعرفها جيداً،وهم لا يفهمون غير لغة القوة والردع.

- لماذا كل هذا الحماس مع الحرب؟

* أنا لست متحمسا مع الحرب، ولست مع إراقة الدماء، ولكن يا أخي من خلال معرفتنا المتراكمة بالحوثيين، وصلنا إلى قناعة أكيدة وراسخة بعدم جدوى أي حوار أو تفاوض معهم، لأن الأمر ليس بأيديهم وإنما هم أداة بيد غيرهم.

-ولكن ماذا عن الموقف الإنساني،فهناك آلاف القتلى، و150 ألف نازح حتى الآن؟

*بالتأكيد هناك مأساة إنسانية متفاقمة لا أحد ينكرها، وانأ أرى أن بعض أبناء القبائل في صعدة يتحملون جزءا من التقصير والتهاون حيال الحوثيين، وكان باستطاعتهم على الأقل أن يمنعوا أبناءهم من الالتحاق بالحوثيين، ويتكاتفوا مع بعضهم ويمنعوا دخول الحوثيين إلى قراهم، كما حدث في بعض المناطق .

- لكن الفكر لا يواجه إلا بالفكر كما يقال؟

* طبعاً، وهذا ما كنا وما زلنا نطالب به منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، عندما كانت بداية الشر في تشكيل منتديات بإسم الشباب المؤمن وانتشرت في كل مديريات صعدة، وكان معهم دعم من مكتب الرئاسة، وبدأوا ينشرون أفكارهم إلى الجميع.

- لكن فكرة الشباب المؤمن كانت لغرض تدريس أفكار الإمام زيد، كما أكد أحد مؤسسيه وهو محمد عزان؟

* نعم، هم كانوا يقولون هكذا في البداية أمام الناس، لكنهم يمارسون التقية، ويظهرون عكس ما يبطنون.

- كيف؟

* هم بدأوا بتدريس كتب الإمام زيد، ثم جاؤوا بالكتب الإثنى عشرية،وقد ذهب حسين الحوثي إلى إيران، ومعروف أن والده بدر الدين الحوثي كان في إيران من زمان، ووجدوا في محافظة صعدة أرضية مناسبة لتقبل مثل هذه الأفكار المتطرفة.

- من يتحمل مسؤولية ذلك؟

* طبعا الدولة هي المسؤولة بالدرجة الأولى لأنها تركت محافظة صعدة مهملة، تخيّل أنه حتى عام 85م وأبناء محافظة صعدة لا زالوا يتعاملون بعملة الريال السعودي،ومعروف أن صعدة منذ سقوط الإمامة ظلت بيئة خصبة للشيعة.

- ولماذا السلطة اليوم تتهم المعارضة بدعم الحوثي؟

*هذه مناكفات سياسية، ولكن يجب على المعارضة أن تحدد موقفها من التمرد وعليها أن تقف إلى جانب السلطة ضد التمرد والانفصال وألا تركن إلى تودد الحوثي لها مؤخراً، وأن تدرك أن الحوار عقيم مع هؤلاء.

- وماذا لو حاورتهم السلطة كما هو معتاد؟

* أؤكد لك وللجميع بأنه لو تم التفاوض مع الحوثيين، فلن يلتزموا بأي شرط ولن ينزلوا من الجبال، وسيعاودون القتال، وسيتوسعون أكثر، باتجاه حجة وذمار ومحافظة صنعاء وغيرها.

- ولكن ماذا لو طالت الحرب بدون حسم ولا حوار..فعامل الزمن لصالح من هنا؟

* عامل الزمن هو لصالح الجيش، وكلما ازداد حصار الحوثيين كلما اقتربت نهايتهم، وهم الآن لديهم ضيق من إطالة أمد الحرب، لأنهم متعودون على الحروب السريعة.

- هناك أنباء عن أن السلطة تستعد لإعلان وقف الحرب خلال الأيام القادمة؟

* لو أعلنت السلطة إيقاف الحرب دون حسم ودون معالجات حقيقية وجذرية،فستكون ضربة قاصمة في حق الجميع، وأكثر المتضررين هم أبناء صعدة، وأبناء صعدة لن يسكتوا لأنهم قد قتلوا وشردوا، وفي الأخير تنتهي الحرب بهذه الصورة.

- وما الذي يمكن أن يفعلوه؟

* أعتقد أن قبائل صعدة ستلجأ إلى تشكيل مليشيات فيما بينها، وتسعى للحصول على الدعم من أي مكان حتى من "الجن" ويقاتلون بطريقتهم الخاصة ليحافظوا على أنفسهم، لأنه إذا وقفت الحرب سيعود الحوثيون للانتقام من الجميع، وستخوض صعدة والمناطق المجاورة "على الأقل" حرب عصابات قبلية لا آخر لها.

- كلمة أخيرة؟

* أدعو الشباب الذين غرر بهم وغسلت عقولهم بافكار هدامة جعلتهم يقتلون إخوانهم من المواطنين والجيش. وإننا ندعوهم إلى أن يحكموا عقولهم ويتقوا الله في إخوانهم وفي أولادهم ويعودوا إلى رشدهم ويعودوا بين إخوانهم في قراهم أمنين.

زر الذهاب إلى الأعلى