قدمت الحكومة لمجلس النواب اليوم السبت خلال أولى جلسات انعقاده السنوي التي عقدت برئاسة رئيس المجلس يحيي علي الراعي البيان المالي لمشاريع الموازنات العامة للسنة المالية 2010م..
وتلا البيان على المجلس وزير المالية نعمان طاهر الصهيبي بحضور رئيس مجلس الوزراء الدكتور علي محمد مجور ونوابه وأعضاء الحكومة, وجاء فيه:
إعمالاً لأحكام المادة (88) من الدستور، والمادة (22) من القانون المالي، والمادة (166) من اللائحة الداخلية لمجلس النواب، يشرفني أن أقف أمامكم مجددا لأقدم لكم ونيابة عن الحكومة البيان المالي لمشاريع الموازنات العامة للسنة المالية 2010 م وكذا الإطار متوسط المدى للموازنة العامة للدولة 2010-2012 م.
كما يسعدني، بالأصالة عن نفسي، ونيابة عن زملائي رئيس وأعضاء الحكومة، أن أعبر لمجلسكم الموقر عن جزيل الشكر والتقدير على تفهمكم للظروف التي صاحبت إعداد مشاريع الموازنات العامة والتي حالت دون عرضه على المجلس في بداية الموعد الدستوري، الأمر الذي يؤكد تنامي مستوى ونوعية التعاون الجاد بين الحكومة والمجلس، وهذا ما عكس نفسه على مستوى العلاقة التكاملية القوية والمستمرة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية الهادفة إلى خدمة المصالح العليا للوطن.
إن مشاريع الموازنات العامة المعروضة على مجلسكم تمثل في مجملها البرنامج التنفيذي السنوي لمجموعة السياسات والإجراءات والمشاريع التي تأمل الحكومة تنفيذها خلال العام القادم 2010 م، مسترشدة بالأهداف الاقتصادية والاجتماعية للتنمية، وكذلك بالأولويات التي تسعى الحكومة من خلال تنفيذها لتسريع خطوات بلوغ الأهداف الواردة في البرنامج الانتخابي لفخامة الأخ/ على عبدالله صالح رئيس الجمهورية، وكلنا أمل بأن تتضافر الجهود في السلطتين التشريعية والتنفيذية لتحقيق تلك الأهداف.
كما ان مشاريع الموازنات العامة تأتي في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد، فعلى الرغم من تجاوز بلادنا جزئياً لتداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وعلى الرغم من جهود الحكومة في تنفيذ حزمة السياسات المالية والاقتصادية والنقدية اللازمة لاحتواء تداعيات هذه الأزمة والحد من آثارها السلبية على الأنشطة الاقتصادية وعلى الموازين الكلية للاقتصاد من حيث مستوى عجز الموازنة، وحجم الدين العام، وعجز ميزان المدفوعات ومستوى العرض النقدي، إلا ان آثار الأزمة العالمية أظهرت بشكل قوي المخاوف والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي تواجهها بلادنا في ظل الاعتماد شبه الكلي على سلعة واحدة في تمويل الخزينة العامة وكمصدر أساسي للدخل من العملات الأجنبية.
وفي ضوء الانخفاض المستمر الفعلي والمتوقع في الكميات المنتجة من النفط، فإن الأمر يستدعي تقييم الآفاق في المدى المتوسط والمدى الطويل، ويحتم علينا جميعاً في السلطتين التشريعية والتنفيذية الوقوف بجدية حيال هذه التحديات، والخروج بإجماع حول السُبل المتاحة والكفيلة بمواجهتها وبما يكفل تحقيق الاستقرار والنمو الاقتصاديين.
وانطلاقاً من حرص الحكومة الكبير على أن تكون موازنات الدولة متسقة مع متطلبات معالجة الآثار السلبية الناجمة عن الأزمة المالية العالمية وتلبية احتياجات وطموحات المجتمع، وفقاً لما تسمح به الإمكانات والموارد المتاحة، عمدت الحكومة إلى إعداد إطار متوسط المدى للموازنة العامة للدولة 2010 - 2012 م مستندة إلى التقييم الموجز لمستوى أداء الاقتصاد الوطني وتنفيذ الموازنة العامة للدولة خلال الفترة 2006 - 2008 بوجه عام وعلى النتائج الفعلية الأولية لعام 2009 على وجه الخصوص، مما ساهم في توفير مقاربة علمية وعملية لواقع الاقتصاد الوطني ومستوى أدائه المتوقع خلال السنوات القليلة القادمة، إلى جانب معرفة درجة تأثر الاقتصاد الوطني بالأزمة العالمية والنتائج المترتبة على ذلك، وبهذا نكون قد وفرنا الأرضية المناسبة لتحديد التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تواجه الاقتصاد الوطني والأولويات المجتمعية والتنموية التي نعمل جميعاً لتحقيقها، وكذا الموارد الاقتصادية المتاحة والمتوقعة وقدرة الاقتصاد الوطني على توظيفها بكفاءة لتحقيق ما نصبو إليه من أهداف وطموحات.
لقد واجه الاقتصاد العالمي منذُ وقت مبكر من العام الماضي 2008 تحديات غير مسبوقة تجسدت في أزمة ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأولية، تبع ذلك مباشرة مع الربع الأخير من العام الماضي بروز الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والتي تأثرت بها كل الاقتصاديات الكبيرة منها والصغيرة، وزعزعت استقرار النظام المالي العالمي ودخل الاقتصاد العالمي مرحلة من الركود والانكماش، ومن المتوقع أن يشهد الاقتصاد العالمي هذا العام تراجعاً بنسبة 1ر1 بالمائة مقارنة بمعدلات نمو عالية تجاوزت الـ4 بالمائة خلال الفترة 2004- 2008 م، كما أن حجم التجارة العالمية يتوقع أن يشهد هو الآخر تراجعاً هذا العام بنسبة 12 بالمائة مقارنة بمعدل نمو 3 بالمائة العام الماضي.
ومع تفاقم آثار الأزمة العالمية، قامت العديد من الدول باتخاذ العديد من الإجراءات والتدابير الاستثنائية تركزت على إنقاذ المؤسسات المالية الكبرى وتوفير التمويلات اللازمة للأنشطة الاقتصادية، وفي نفس الوقت دعم ومساندة القطاعات المتضررة.
وخلال الربع الثالث من هذا العام، ومع تحسن الأوضاع المالية نتيجة للتدخل القوي للحكومات، بدأت بالظهور ملامح تشير إلى أن الاقتصاد العالمي يمكن أن يخرج من الركود غير المسبوق، لكن مازال الطريق طويلاً لمعالجة آثار الأزمة، وتشير توقعات صندوق النقد الدولي بأن التعافي سيكون على وتيرة بطيئة وأن يصل النمو الاقتصادي العالمي إلى 5ر2 بالمائة في العام 2010 م، كما ان البيئة السائدة لا تزال مليئة بتحديات جسيمة خصوصاً أن المؤسسات المالية تواجه تحديات إعادة بناء وهيكلة لرؤوس أموالها والانسحاب التدريجي من الدعم الحكومي، ويوصى مسؤولو المنظمات الدولية بالتزام أعلى درجات الحذر عند تنفيذ استراتيجيات الخروج من الأزمة، وضرورة الانتظار لتحقق الاستقرار الاقتصادي.
وعلى المستوى المحلي، عانت بلادنا كغيرها من البلدان من آثار هذه الأزمة بصورة مباشرة وغير مباشرة، وانعكست تلك الآثار على الموازين الاقتصادية الكلية الداخلية منها والخارجية متمثلة في الزيادة المتوقعة في عجز الحساب الجاري، وفي الميزان الكلي لميزان المدفوعات، والزيادة في عجز الموازنة العامة للدولة، والناجمة بشكل أساسي عن الانخفاض الكبير في عائدات الصادرات النفطية بسبب الهبوط الكبير في أسعار النفط الخام، والانخفاض الحاد لكميات النفط المنتجة، إلى جانب تراجع الاستثمارات الخاصة وبالأخص الاستثمارات الخارجية، إضافة إلى تأثر القطاعات الاقتصادية المرتبطة بالعالم الخارجي مثل قطاعات السياحة والتجارة والنقل، الأمر الذي سينتج عنه تراجعاً في معدل النمو المستهدف لعام 2009 م في القطاعات غير النفطية.
وفي المقابل، كان من الجوانب الإيجابية للأزمة واستمرار الركود الاقتصادي العالمي، انخفاض الأسعار العالمية للمواد الغذائية والسلع الأساسية المستوردة، مما ساهم في انخفاض معدلات التضخم ووصولها إلى أرقام أحادية هذا العام بمتوسط متوقع 5ر8 بالمائة مقارنة بمعدل تضخم 8ر10 بالمائة نهاية العام الماضي 2008 م.
ولاحتواء تلك الآثار ومحاولة وقف تداعياتها على الاقتصاد الوطني والمؤسسات المالية، فقد اتبعت الحكومة والسلطات النقدية سياسات استهدفت الحفاظ على الاستقرار النقدي والمصرفي، وخاصة فيما يتعلق باستقرار أسعار الصرف وامتصاص فائض السيولة وتعزيز سلامة الجهاز المصرفي وتخفيف تعرضه لتداعيات الأزمة من خلال إمداد القطاع المصرفي بحاجته من السيولة سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية، ومن خلال تخفيض متطلبات الاحتياطي الإلزامي، كما قامت السلطات النقدية بتعديلات هامة في سياساتها المرتبطة بأسعار الفائدة الأساس للسنة المالية 2010 وعلى فوائد الإقراض للقطاع الخاص استمراراً للسياسات الهادفة إلى حفز الاستثمار والمحافظة على الاستقرار النقدي وبالتالي الأسعار, والذي يُعد أحد أهم ركائز الاستقرار الاقتصادي اللازم لخلق بيئة استثمارية جاذبة للاستثمارات المحلية والأجنبية.
وفي هذا السياق، وعلى الرغم من التفويض الممنوح لها من مجلسكم الموقر بإجراء تخفيضات في الإنفاق لتخفيف آثار تداعيات الأزمة المالية العالمية، حرصت الحكومة، ممثلة بوزارة المالية، على تنفيذ جميع الالتزامات المعتمدة في الموازنة لهذا العام، كما حرصت ومنذُ وقت مبكر على التسريع بوتيرة تنفيذ المشاريع الاستثمارية من خلال الارتباط بطلبات الإنفاق الاستثماري لكافة الجهات من بداية العام مقارنة بالأعوام الماضية، وذلك بهدف تفعيل الأنشطة الاقتصادية للقطاعات المختلفة في الاقتصاد، ولتخفيف تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاع الخاص، وتعكس بيانات مؤشرات الاقتصاد الكلي الموضحة تالياً تلك التطورات.
أسهمت الإجراءات التي اتخذتها الحكومة مع بداية ظهور الأزمة، رغم الظروف الاقتصادية الدولية غير المستقرة، في تحقيق الاقتصاد الوطني نتائج إيجابية خلال العام الماضي 2008 م، تمثلت في تحقيق معدل نمو بلغ 66ر4 بالمائة , كما تم تنفيذ موازنة العام الماضي 2008 م والوصول بعجز الموازنة إلى مستويات تقل كثيراً عن المستويات المخططة في الموازنة المعتمدة بحوالي 30 بالمائة، ومن المتوقع استمرار هذه المؤشرات خلال العام الحالي، وأن يتم تحقيق نمو ايجابي مدعوم بدخول مشروع الغاز الطبيعي المسال مرحلة الإنتاج، والمحافظة على مستويات النفقات الاستثمارية الحكومية والعامة، ومعدلات النمو الحقيقية في القطاعات الاقتصادية غير النفطية.
وفيما يلي تلخيص للنتائج المحققة خلال الفترة الماضية والتوقعات للعام القادم :
- أظهرت البيانات الإحصائية المتاحة لمستوى أداء الاقتصاد الوطني خلال الفترة 2006 - 2008 م عن تحقيق مستوى أداء مقبول حيث حقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو متوسط 2ر4 بالمائة، وكان للقطاعات الاقتصادية غير النفطية الدور الرئيسي في تحقيق النمو، حيث نمت خلال نفس الفترة بمعدل سنوي متوسط 8 بالمائة فيما تراجع الناتج المحلي الحقيقي لقطاع استخراج النفط خلال نفس الفترة بمعدل سنوي متوسط5ر8 بالمائة.
- أدى دخول الغاز الطبيعي مرحلة الإنتاج نهاية عام 2009 م إلى تحول معدل نمو قطاع استخراج النفط والغاز من سالب خلال الثلاث السنوات السابقة إلى موجب بنحو 7ر2 بالمائة إلى جانب تراجع معدل نمو القطاعات غير النفطية عام 2009 م عن مستواه خلال السنوات السابقة بسبب استمرار تداعيات الأزمة المالية العالمية على القطاعات الحقيقية في الاقتصاد، مما نتج عنه تراجع معدل النمو المتوقع للناتج المحلي الإجمالي الحقيقي هذا العام إلى 5ر4 بالمائة, وكذا تراجع حجم المدخرات القومية عام 2009 مقارنة بما كانت عليه عام 2008 م، وهذا ما يفسر تراجع معدل نمو الاستثمارات العامة وبالتالي تراجع معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي لنفس العام.
- بلغ معدل التضخم خلال العامين 2007 م و 2008 م نحو 9ر7 بالمائة و8ر10 بالمائة على التوالي، مما عكس نفسه على مستويات الاستثمار والأرباح والدخول، أما عام 2009 م فيتوقع تراجع معدل التضخم إلى نحو5ر8 بالمائة نتيجة الانخفاض الملحوظ في أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية المستوردة.
- أدى التراجع الكبير في عائدات الصادرات النفطية وبنحو 75 بالمائة بسبب انخفاض كميات إنتاج النفط وتراجع أسعاره في السوق الدولية في عام 2009 م، مقارنة بمستوياتها في عام 2008 م، إلى تحول فائض الميزان التجاري الذي تحقق خلال السنوات السابقة إلى عجز وذلك على الرغم من تراجع مدفوعات الواردات بسبب انخفاض قيمة الواردات بنحو 24 بالمائة وقد كان لذلك تأثير سلبي على موقف ميزان المدفوعات الذي تحول هو الآخر من فائض إلى عجز للسنة المالية 2010.
- يلاحظ أن مستويات استثمارات القطاع الخاص المحلي لا تعكس طموحات الحكومة في قيام القطاع الخاص بدوره الرئيسي في أخذ زمام المبادرة في قيادة عملية التنمية الاقتصادية، حيث إن هذه الاستثمارات لا تتجاوز نسبتها إلى إجمالي الاستثمارات 28 بالمائة عام 2008 م و 33 بالمائة عام 2009 م مما يعكس استمرار تدني دور القطاع الخاص في قيادة عملية التنمية، وقد تزامن ذلك مع استمرار ارتفاع نسبة الاستثمارات الحكومية والعامة حيث بلغت ) 45 بالمائة عام 2008 م وحوالي 48 بالمائة عام 2009 م، مما يؤكد أهمية الاستثمارات العامة في تفعيل الأنشطة الاقتصادية، وقيادة عملية التنمية وتوفير فرص عمل جديدة.
- ومن الآثار غير المواتية للأزمة المالية العالمية تراجع حجم الاحتياطيات الخارجية للبنك المركزي من 1ر8 مليار دولار في نهاية عام 2008م، إلى أدنى مستوياتها في شهر يوليو 2009 م عند حوالي 8ر6 مليار دولار، لتعاود التحسن نهاية الربع الثالث لتصل إلى حوالي 2ر7 مليار دولار مع قيام صندوق النقد الدولي بإضافة قيمة حصة الجمهورية اليمنية في تخصيصات حقوق السحب الخاصة التي نفذها الصندوق في شهر سبتمبر الماضي لكافة الدول الأعضاء في المنظمة الدولية، حيث بلغت حصة بلادنا حوالي 305 مليون دولار.
- بالنسبة لتطورات المالية العامة خلال العام الماضي 2008 م فقد سبق للحكومة عرض الحساب الختامي على مجلسكم، والذي يظهر تراجع نسبة العجز النقدي الصافي للموازنة العامة للدولة إلى 8ر3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بالعجز المقدر في الموازنة عند 14ر6 بالمائة، أما بالنسبة للعام المالي الحالي، وعلى الرغم من الانخفاض الكبير في الموارد العامة وخاصة خلال النصف الأول من العام، فقد أظهرت نتائج التنفيذ الفعلي للموازنة العامة للدولة للفترة يناير - سبتمبر 2009م عن عجز فعلي بمبلغ 335 مليار ريال، مقارنة بالعجز المقدر لنفس الفترة مبلغ 320 مليار ريال أي بزيادة طفيفة عن العجز المخطط للفترة يناير - سبتمبر بحوالي 15 مليار ريال على الرغم من انخفاض الإيرادات الفعلية المحصلة عن الإيرادات المخططة في نفس الفترة بحوالي 127 مليار ريال.
- لاشك ان أحداث فتنة الإرهاب والتخريب في أجزاء من محافظتي صعدة وعمران وكذا الأحداث في بعض مديريات المحافظات الجنوبية تلقي بظلالها السلبية على مجمل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية عامة وعلى الموازنة العامة وأولوياتها الإنمائية على وجه الخصوص.
توقعات أداء الاقتصاد الكلي خلال عام 2010 م:
1. النمو الاقتصادي:
تظهر التوقعات الاقتصادية لأداء الاقتصاد القومي خلال عام 2010 م تحقيق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو مرتفع يصل إلى نحو 2ر7 بالمائة ، متجاوزاً معدل النمو المتوقع في إطار نتائج عملية المراجعة النصف مرحلية للخطة الخمسية الثالثة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والتخفيف من الفقر, وكذا توقعات مستوى أداء الاقتصاد الوطني في ظل التطورات المحلية والإقليمية والدولية وبالأخص استمرار الآثار السلبية للأزمة المالية والاقتصادية العالمية.
وتظهر البيانات المتاحة أن العامل الرئيسي لارتفاع معدل النمو المتوقع للعام القادم هو الزيادة الكبيرة في حجم إنتاج الغاز الطبيعي المسال ( LNG ) والذي يتوقع أن يرتفع في 2010 م بما نسبته 458 بالمائة مقارنة بالعام الجاري، مما سيترتب عليه نمو الناتج المحلي الحقيقي لقطاع النفط والغاز عام 2010 م ليصل إلى 20 بالمائة وذلك رغم تراجع إنتاج النفط الخام عام 2010 م، فيما يتوقع ارتفاع معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي للقطاعات غير النفطية من 2ر4 بالمائة ) عام 2009 إلى 7ر4 بالمائة عام 2010 م، وهذا يبرز الأثر الإيجابي لدخول قطاع الغاز الطبيعي مجال الإنتاج، ومساهمته في تعزيز النمو وتنويع مصادر الإنتاج والدخل بما يساهم في تطوير هيكل الاقتصاد الوطني.
2. التضخم:
تشير التوقعات الاقتصادية الكلية إلى أن الآثار السلبية للأزمة المالية العالمية قد ساهمت في خفض معدلات نمو الطلب المحلي الكلي وبالأخص في الجانب الاستثماري، حيث لم يتجاوز معدل نموه 1ر7 بالمائة عام 2009 م ويتوقع ارتفاعه عام 2010 م إلى 9ر8 بالمائة وذلك بسبب تراجع أسعار العديد للسنة المالية 2010 من السلع المستوردة الهامة كالقمح والحديد والحليب والزيوت وغيرها خلال السنوات السابقة وثباتها خلال العام القادم، وهذا ما ترتب عليه انخفاض معدل التضخم لأسعار التجزئة من متوسط 8ر10 بالمائة عام 2008 م إلى متوسط 5ر8 بالمائة عام 2009 م ويتوقع عدم تجاوزه 6ر9 بالمائة عام 2010 م، وهذا ما سيساعد في الحد من آثار ارتفاع الأسعار على مستويات المعيشة وبالأخص على ذوي الدخل المحدود، وتوفير بيئة مناسبة لخفض أسعار الفائدة بما قد يشجع على زيادة الإقراض والاستثمار.
3. البطالة:
تظهر التوقعات الرسمية ثبات معدل البطالة عام 2010 م عند مستواه الحالي لعام 2009 م، وذلك استناداً إلى التوقعات بتسريع تنفيذ العديد من المشاريع الممولة خارجياً وتشغيل المنجز منها، هذا إلى جانب البدء بتنفيذ بعض مشاريع القطاع الخاص الخارجي، وجذب جزء من الاستثمارات الخارجية وبالأخص الاستثمارات القادمة من الدول الشقيقة المجاورة، والتي تبحث عن مجالات استثمار بديلة في المنطقة، في ضوء ما أفرزته الأزمة المالية العالمية من آثار سلبية على درجة الثقة في الاستثمار في الأسواق الدولية.
4. ميزان المدفوعات:
من المتوقع ان يؤدي دخول الغاز الطبيعي المسال( LNG ) مجال التصدير خلال عام 2010 م إلي التخفيف من الآثار السلبية لتراجع عائدات الصادرات النفطية هذا إلى جانب محدودية نمو مدفوعات الواردات السلعية بسبب توقع ثبات أسعارها في السوق الدولية، وهذا ما سيترتب عليه السيطرة على عجز الميزان التجاري عام 2010 م عند مستوى 1ر4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما سوف يساعد جزئياً في تخفيف الضغوط الكبيرة على ميزان المدفوعات على الرغم من تحويل الجزء الأكبر من عوائد الغاز الطبيعي المسال إلى الخارج لصالح الشركاء في المشروع، هذا إلى جانب استمرار تدني مستوى الاستثمارات الأجنبية، الأمر الذي قد يؤدي إلى حدوث عجز في ميزان المدفوعات تصل نسبته إلى 1ر4 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا ما سيكون له تأثيرات سلبيه على حجم الاحتياطيات الخارجية للقطاع المصرفي.
توقعات أداء الاقتصاد الكلي خلال عامي 2011 م و 2012 م:
تظهر التوقعات الاقتصادية في المدى المتوسط إمكانية تحسن مستويات أداء الاقتصاد العالمي خلال عامي 2011 م و 2012 م في ظل التعافي التدريجي المتوقع من آثار الأزمة المالية والاقتصادية العالمية، وسيكون لذلك تأثير إيجابي على معطيات مؤشرات الاقتصاد الوطني، وعلى النحو التالي:
1. النمو الاقتصادي:
يتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي معدل نمو يصل إلى نحو 2ر4 بالمائة عام 2011 م و 5ر4 بالمائة عام 2012 م، ويرجع سبب تدني
معدلي النمو خلال العامين القادمين إلى استمرار تراجع الناتج المحلي الحقيقي لقطاع استخراج النفط الخام والغاز وبمعدل 2ر4 بالمائة عام 2011 م و 4ر8 بالمائة عام 2012 م وذلك بسبب تراجع كميات إنتاج النفط الخام والثبات النسبي في كميات إنتاج الغاز الطبيعي، وهذا ما يجعل التحسن في مستوى أداء القطاعات غير النفطية والتي يتوقع نموها بمعدل 6
بالمائة عام 2011 م و7 بالمائة عام 2012 م، هي التي تقود عملية النمو الاقتصادي خلالهما.
2. التضخم:
تشير التوقعات إلى أن عملية الانتعاش في الاقتصاد بسبب تحسن أداء القطاعات غير النفطية خلال عامي 2011 م و 2012 م، ستؤدي إلى إنعاش الطلب المحلي الكلي وبالأخص الاستثماري من ناحية وارتفاع أسعار بعض السلع المستوردة من ناحية ثانية بسبب انتعاش الاقتصاد الدولي وبالتالي إحداث تحرك بسيط في متوسط معدلات التضخم لأسعار المستهلك لتصل خلال العامين 2011 م و 2012 م إلى 6ر10 بالمائة و6ر11 بالمائة على التوالي، وستسعى الحكومة وبالتنسيق مع السلطات النقدية إلى تنفيذ حزمة من السياسات تعمل على احتواء معدل التضخم بحيث لا يتجاوز تلك التوقعات، وذلك من خلال تفعيل أدوات السياسة النقدية وخاصة الأدوات غير المباشرة مثل عمليات السوق المفتوح، والحفاظ على مستوى مناسب للسيولة النقدية يتناسب واحتياجات الاقتصاد الوطني وبما يحقق أهداف الاستقرار الاقتصادي والنمو للسنة المالية 2010.
3. البطالة:
من المتوقع حدوث انتعاش في عمليات الاستثمار خلال العامين القادمين، بسبب تفعيل استخدام تعهدات المانحين الخارجيين، إلى جانب اجتذاب الاستثمارات الخاصة المحلية والخارجية لتنفيذ العديد من المشاريع الإنتاجية، وكذا البدء بتشغيل العديد من المشاريع الخدمية والإنتاجية قيد التنفيذ، والزيادة في الطلب على العمالة اليمنية المطلوبة في أسواق دول مجلس التعاون الخليجي، ويتوقع أن يؤدي كل ذلك إلى تراجع معدلات البطالة خلال عامي 2011 م و 2012 م عن مستواها عام 2010 م.
عند استعراض مشاريع الموازنات العامة ستلاحظون أنها بُنيت على المرتكزات التالية لتحقيق الأهداف العامة للتنمية وأهداف إستراتيجية إصلاح إدارة المالية العامة ونتائج تقييم أداء الاقتصاد الوطني والتحديات التي يواجهها من خلال:
أولاً : تسريع وتيرة الإصلاحات الاقتصادية والبدء بتنفيذ أولويات الحكومة للمرحلة القادمة، وتحقيق معدلات نمو موجبة قابلة للاستدامة وخلق فرص عمل جديدة، ومعدل النمو المتوقع سيكون مدعوماً بتعزيز كفاءة الإنفاق الاستثماري الحكومي، وكذا بدخول الغاز الطبيعي المسال مرحلة الإنتاج نهاية العام الجاري.
ثانياً: تعزيز التضامن والتكافل الاجتماعي، وتعزيز جهود التخفيف من الفقر من خلال تعزيز مخصصات الضمان الاجتماعي وصندوق الرعاية الاجتماعية، وفي نفس الوقت دعم القدرة الشرائية للمواطنين من خلال إصلاح البيئة الملائمة لاستثمارات القطاع الخاص والحفاظ على سياسات الحكومة القائمة والمتعلقة بالإنفاق الاستثماري العام، مع التركيز على تنفيذ المشاريع كثيفة العمالة مثل مشاريع إنشاء شبكة الطرق الرئيسية والريفية واستكمال الربط الإقليمي وصيانة وتحسين شبكة الطرق وكل ذلك سيعمل على خلق فرص عمل جديدة وتحسين البيئة الاستثمارية في المدن الثانوية.
- تخفيف معدلات الضرائب النافذة حالياً، ولهذا الغرض فقد تقدمت الحكومة إلى مجلسكم الموقر بحزمة من مشاريع القوانين المالية والضريبية أهمها مشروع قانون الاستثمار، ومشروع تعديل قانون الجمارك، ومشروع قانون ضرائب الدخل، والذي بموجبه سيتم تخفيض معدلات الضريبة على المرتبات والأجور، وكذا معدلات الضريبة على دخل الشركات والأفراد، وسيعمل ذلك على تحقيق وفورات في القطاعات المختلفة في الاقتصاد.
بالإضافة إلى ما تضمنته مشاريع الموازنات من نفقات في إطار برامج الحماية الاجتماعية المختلفة والتي تصل مع إضافة نفقات دعم المشتقات النفطية إلى حوالي 452 مليار ريال، وبما نسبته5ر22 بالمائة من إجمالي الاستخدامات العامة.
ثالثاً: الاستمرار في تعزيز مكتسبات تجربة السلطة المحلية وتنفيذ إصلاحات في مختلف المجالات التنموية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية تؤمن آفاقاً واسعة تتيح مجالات المشاركة الشعبية من خلال تعزيز تجربة السلطة المحلية وصولاً إلى الحكم المحلي واسع الصلاحيات، وتعزيز دور المرأة والنهوض بقدراتها.
رابعاً: العمل على تفعيل مشاريع القوانين المالية والضريبية التي تستهدف تحريك الموارد العامة، وبما يساعد في تقليل الاعتماد على الموارد النفطية القابلة للنضوب، وتنمية الموارد العامة غير النفطية، وفي نفس الوقت تعزيز كفاءة الإنفاق العام مع التركيز على الإنفاق الداعم للنمو وتنمية القطاعات الواعدة، والعمل على تعزيز خطوات وإجراءات رفع كفاءة ربط وتحصيل وتوريد مختلف الإيرادات العامة غير النفطية، وزيادة القدرة الاستيعابية من القروض والمساعدات الخارجية ورفع كفاءة تخصيصها بما يتفق وأولويات التنمية للسنة المالية 2010 ولأن الموازنة العامة تمثل الأداة التنفيذية للسياسات الاقتصادية والمالية للدولة بما يحقق أهداف التنمية الشاملة في البلاد، فإن الحكومة تزمع تنفيذ حزمة من السياسات المالية والاقتصادية، والإجراءات اللازمة لتحقيق ذلك والتي نوجز أهمها على النحو التالي:
أولاً: مجال الاقتصاد الكلي:
- ستعمل الحكومة على استكمال دراسة استكشاف وتقييم الفرص الاستثمارية في القطاعات الاقتصادية الواعدة وعكس نتائجها في صورة سياسات وإجراءات تنفيذية وفي نفس الوقت تفعيل عمليات الترويج للاستكشافات عن النفط والغاز والمعادن في المناطق الجديدة.
- سيتم تنفيذ السياسات التي تضمنتها أولويات الحكومة والمنبثقة عن الأجندة الوطنية للإصلاحات خاصةً فيما يتعلق بالإجراءات المتعلقة بتطوير البيئة الاستثمارية وتسهيل أداء الأعمال من خلال تطوير النظام القضائي واستكمال تطبيق u1606 نظام النافذة الواحدة وعمل خطة ترويجية للاستثمار وحل مشاكل الأراضي ومراجعة القوانين المالية والتجارية.
- الاستمرار في احتواء تداعيات الأزمة المالية والاقتصادية العالمية والمحافظة على الاستقرار الاقتصادي، واحتواء معدلات التضخم، وسيتم ذلك من خلال تقوية درجة الاتساق والتكامل بين السياسة المالية والسياسة النقدية بما يضمن سير أداء الاقتصاد الوطني بما يتفق وتحقيق الأهداف العامة للتنمية، ويعمل على احتواء التضخم، ومحاصرة عجز الموازنة عند مستويات آمنة، وعدم تمويل العجز من مصادر تضخمية.
- ستعمل الحكومة على استيعاب تعهدات المانحين وإتاحتها لتمويل المشاريع التنموية واستغلال الفرص الكامنة في القطاعات غير النفطية، وتحسين البيئة التحتية المرتبطة بالنشاط الاقتصادي عموماً.
- سيتم البناء على المكتسبات المرتبطة بتجربة السلطة المحلية وتعزيز دور السلطات المحلية في رسم وتنفيذ أهداف وسياسات وأولويات التنمية، ورفع كفاءة ربط وتحصيل موارد السلطة المحلية، ورفع كفاءة تخصيص نفقاتها, وبالأخص النفقات الاستثمارية، والعمل على تهيئة الظروف للانتقال إلى نظام الحكم المحلي واسع الصلاحيات، مع التأكيد على دور المرأة في الحياة الاقتصادية والسياسية.
ثانياً: مجال السياسة المالية :
في جانب الموارد :
- العمل على تقليل الاعتماد على إيرادات النفط من خلال تحريك الموارد غير النفطية وتعزيز كفاءة تحصيل الموارد العامة، ولهذا الغرض أقرت الحكومة مشاريع قانون الاستثمار، وقانون ضرائب الدخل، وتعديل قانون الجمارك، والتي تستهدف في مجملها تحفيز الاستثمارات المحلية والإقليمية والدولية في بلادنا، وإعادة هيكلة الإعفاءات الضريبية والجمركية وتخفيض المعدلات الضريبية في قانون ضرائب الدخل، وبما يعمل على تحسين مستوى الانصياع الضريبي وفي نفس الوقت توسيع القاعدة الضريبية.
- انتهاج سياسة الحيطة والحذر عند تقدير الإيرادات من صادرات النفط الخام حيث قُدرت على أساس سعر برميل النفط الخام 55 دولار أمريكي.
في جانب الاستخدامات:
- تحسين كفاءة الإنفاق العام والتركيز على النفقات الاستثمارية، والنفقات ذات الطابع الاجتماعي المستهدفة تخفيف الفقر.
- توفير التمويلات اللازمة لتنفيذ المشاريع الاستثمارية الإستراتيجية، والاستمرار في تنفيذ المشاريع كثيفة العمالة كمشاريع الطرق ومشاريع الأشغال العامة، واستكمال إنشاء مشاريع الطاقة الإستراتيجية، ولهذا الغرض تضمن مشروع الموازنة ولأول مرة تخصيص مبلغ100 مليار ريال لمشاريع الطاقة الكهربائية الإستراتيجية، ليصل إجمالي مخصصات الإنفاق الرأسمالي والاستثماري إلى حوالي مبلغ 529 مليار ريال مقارنة للسنة المالية 2010 بحوالي مبلغ 497 مليار ريال المرصودة في موازنة العام الجاري وهذا المبلغ لا يتضمن المبلغ المخصص لسداد القروض الخارجية والاشتراكات الرأسمالية في المؤسسات والمنظمات الدولية.
- الاستمرار في توفير المخصصات اللازمة لتقديم الخدمات العامة وخاصة خدمات التعليم والصحة والخدمات الأساسية الأخرى.
ثالثاً: مجال السياسات النقدية:
- العمل على التنسيق بين السياسة النقدية والسياسات الاقتصادية والمالية والتجارية بما يكفل تعزيز الاستقرار النقدي والاقتصادي وجذب الاستثمارات المحلية والخارجية للقطاع الخاص.
- السيطرة على معدلات نمو العرض النقدي بما لا يتجاوز معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي.
- تنظيم وترشيد عمليات قيام البنك المركزي برفد سوق النقد الأجنبي بما يحتاجه من العملات الأجنبية وبما يضمن المحافظة على استقرار سوق الصرف وعدم السماح بأية تقلبات لا تعود لأسباب اقتصادية.
- انتهاج سياسة نقدية وائتمانية تساعد على تشجيع الادخار والاستثمار وإحراز تقدم كبير في تفعيل السجل الائتماني.
- المحافظة على الاحتياطيات الخارجية للجهاز المصرفي عند مستوياتها الحالية مع مراعاة رفع كفاءة استثمارها.
- مواصلة الجهود لتفعيل نشاط مؤسسة ضمان الودائع المصرفية وإنجاز تعديلات قانون عمل البنوك الإسلامية وإصدار الصكوك الإسلامية باعتبارها مطلب أساسي للقطاع المالي والمصرفي اليمني.
لقد تضمن مشروع الموازنة العامة للعام المالي 2010 م مؤشرات عامة وقطاعية، أهمها:
- إن مشروع الموازنة تم إعداده في ضوء التطورات المالية والاقتصادية التي تم توضيحها آنفاً، والتي أثرت بشكل مباشر في حجم الموارد العامة الناتجة عن التذبذب الكبير في أسعار النفط الخام المتزامن مع توقع انخفاض كميات الإنتاج عن مستوياتها الحالية، مما يؤكد على أهمية الإسراع في إصدار القوانين المالية والضريبية التي تستهدف تحريك الموارد العامة، وتقليل الاعتماد على إيرادات النفط كمورد رئيسي للخزينة العامة، والوصول بالمالية العامة إلى أوضاع قابلة للاستمرار.
- زيادة الموارد المتوقعة من مبيعات الغاز المسال، إلا أن تلك الموارد لم تعوض النقص في الإيرادات النفطية، ولا زالت الموارد النفطية تمثل المورد الرئيسي لتمويل الإنفاق العام، ويتوقع أن تبلغ 754.688 مليون ريال منها مبلغ 79.940 مليون ريال من مبيعات الغاز المسال، مقارنة بمبلغ 834.835 مليون ريال ربط الموارد النفطية لعام 2009 م، وقد شكل هذا الانخفاض ضغطاً كبيراً على خطة الإنفاق العام وكذلك على زيادة مبلغ العجز، واضطرت معه الحكومة ممثلة بوزارة المالية إلى إعادة النظر في تقديرات الإنفاق التي تم وضعها خلال المراحل المختلفة لإعداد مشروع الموازنة، للوصول بالعجز إلى الوضع القابل للاستمرار والذي يمكن تمويله من مصادر آمنة غير تضخمية.
- ستشهد الموارد العامة انخفاضاً بسيطاً في موازنة العام القادم 2010 م مقارنة بربطها لهذا العام 2009 م على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة في تحسين الموارد غير النفطية، وخاصة الموارد الضريبية والجمركية، وقد تضمن مشروع الموازنة زيادة بنسبة 15 بالمائة في الإيرادات الضريبية والجمركية، وكذلك تنمية حصة الحكومة من فائض أرباح مؤسسات القطاع الاقتصادي العام والمختلط بحوالي 36 بالمائة.
- كما ستشهد الاستخدامات العامة زيادة بسيطة بحوالي مبلغ 48.110 مليون ريال وبنسبة نمو 4ر2 بالمائة من 1.964 مليار ريال في عام 2009 إلى 2.012 مليار ريال للسنة المالية 2010.
- كما ان حجم ونسبة المخصصات اللازمة لمواجهة الإنفاق الحتمي السنوي كبيرة كنسبة من الإيرادات الذاتية، حيث إن:
* إجمالي نفقات التشغيل تمثل حوالي 106 بالمائة من إجمالي الإيرادات الذاتية.
* فاتورة أجور وتعويضات العاملين، وفاتورة الدعومات النفطية، وتكلفة خدمة الدين العام تشغل الحيز الأكبر من الاستخدامات في الموازنة، وتمثل حوالي 78 بالمائة من إجمالي الإيرادات الذاتية، وحوالي 53 بالمائة من إجمالي الاستخدامات العامة.
- تم التركيز في مشاريع الموازنات العامة على المشاريع الاستثمارية الإستراتيجية وخاصة مشاريع البنى التحتية في مجالات الطرق، والكهرباء والمياه والصرف الصحي، وكذا مشاريع التنمية البشرية في مجالات التعليم، والصحة، مع إعطاء المشاريع كثيفة العمالة الأولوية لما لها من أهمية في إيجاد فرص عمل جديدة للشباب، وتقدر مخصصات النفقات الرأسمالية والاستثمارية في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2010 م بمبلغ 529 مليار ريال مقارنة بمبلغ 497 مليار ريال لعام 2009 م وبزيادة بلغت 32 مليار ريال، وذلك يمثل نمواً في إجمالي النفقات الاستثمارية بحوالي4ر6 بالمائة ، ويشمل ذلك ما ستتحمله الموازنة العامة كمشاركة في أسهم رأس مال الوحدات الاقتصادية في مجال دعم وتنفيذ المشاريع التي تقوم بها هذه الوحدات.
- استمرار الحكومة في تعزيز نظام السلطة المحلية ودعم اللامركزية المالية والإدارية، وتبلغ تقديرات الاستخدامات العامة للسلطة المحلية في مشروع موازنة عام 2010 م حوالي 336 مليار ريال مقابل مبلغ 326 مليار ريال في اعتمادات موازنة عام 2009 م، بزيادة حوالي ) 10 مليار ريال وبنسبة نمو 1ر3 بالمائة ، مضافاً إلى ذلك المبالغ المعتمدة للمشاريع المركزية لأمانة العاصمة والمحافظات، وكذا دعم صناديق النظافة والتحسين.
- حرصت الحكومة في مشاريع الموازنات العامة على تخصيص الاعتمادات للجهات التي تقوم بتقديم الخدمات العامة وذلك لتعزيز مستوى الخدمات العامة الأساسية في ضوء الإمكانات المتاحة، وفي نفس الوقت تم وضع المخصصات اللازمة لاستمرار تنفيذ المشاريع الاستثمارية القائمة مع التركيز على تنفيذ المشاريع ذات الطابع الاستراتيجي، حيث تم وضع المخصصات الكافية للمساهمة في حل مشكلة الطاقة الكهربائية، كما تم وضع المخصصات اللازمة لمشاريع البنى التحتية وللخدمات الاجتماعية الأساسية، وعلى النحو التالي:
أولاً: التعليم :
يُقدر إجمالي الاعتمادات لقطاع التعليم المدرجة في مشاريع الموازنات العامة للسنة المالية 2010 م بمبلغ 227ر379 مليون ريال مقابل مبلغ 432ر362 مليون ريال عام 2009 م، بزيادة قدرها 795ر16 مليون ريال وبنسبة نمو 6ر4 بالمائة.
ثانياً: الصحة :
يُقدر إجمالي الاعتمادات لقطاع الصحة المدرجة في مشاريع الموازنات العامة للسنة المالية 2010 م بمبلغ 938ر112 مليون ريال، مقابل مبلغ 136ر115 مليون ريال عام 2009 م، ويعود الانخفاض المحدود في اعتمادات قطاع الصحة نتيجة انخفاض التمويل الأجنبي في هذا القطاع.
ثالثاً: النفقات على البنى التحتية:
تستهدف المشاريع الاستثمارية في مشروع الموازنة العامة للدولة، ومشروع موازنات الوحدات الاقتصادية خلال العام القادم تعزيز البنية التحتية اللازمة لتفعيل الأنشطة الاستثمارية، وخاصة في قطاع الكهرباء والذي شهد نسبة نمو كبيرة تصل لأكثر من 86 بالمائة باعتبار ذلك متطلب أساسي لجذب ونجاح الاستثمارات، ولما لذلك من تأثير في ارتفاع معدل نمو الدخل القومي وبالتالي تحسن متوسط دخل الفرد، مما يساهم في للسنة المالية 2010تعزيز سياسات مكافحة الفقر وتحسين مستوى معيشة المواطنين، وتُقدر الاعتمادات المدرجة في مشاريع الموازنات العامة المختلفة لعام 2010 م لقطاعات البنى التحتية على النحو التالي:
- قطاع الكهرباء 513ر403 مليون ريال
- قطاع الطرق 785ر107 مليون ريال
- قطاع المياه والصرفي الصحي 800ر81 مليون ريال
- برامج شبكة الأمان الاجتماعي :
تحرص الحكومة على رصد المخصصات السنوية اللازمة لتفعيل برامج شبكة الأمان الاجتماعي والتي تستهدف إيجاد فرص عمل جديدة، وبالتالي تخفيف مستويات الفقر، وبالإضافة إلى الدعم النقدي للمستهدفين في إطار برنامج صندوق الرعاية الاجتماعية، تم تخصيص التمويل اللازم لتفعيل برامج شبكة الأمان الاجتماعي الأخرى والتي تقوم بتنفيذ مشاريع البنى التحتية ومشاريع تطوير الخدمات الأساسية، وتُقدر الاعتمادات المرصودة لهذه البرامج في مشاريع موازنات عام 2010 م على النحو التالي:
هذا وتبلغ مخصصات مختلف برامج الحماية الاجتماعية في مشروع الموازنة العامة للدولة لعام 2010 م مبلغ 175ر452 مليون ريال.
- صندوق الرعاية الاجتماعية 091ر45 مليون ريال
- الصندوق الاجتماعي للتنمية 246ر26 مليون ريال
- برنامج الأشغال العامة 272 ر 13 مليون ريال
وفي ضوء ما سبق، اسمحوا لي بأن استعرض الملامح الرئيسية لمشاريع الموازنات العامة للعام المالي 2010 م بصورة إجمالية وعلى النحو التالي:
أولاً: الموازنة العامة للدولة:-
- الموارد العامة:
قُدرت الموارد العامة في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 م بمبلغ 412ر520ر1 مليون ريال، موزعة على النحو التالي:-
الموارد العامة بدون الاقتراض الخارجي:
قُدرت الموارد العامة بدون الاقتراض الخارجي بمبلغ 081ر4 57ر1 مليون ريال، وقد جاءت هذه التقديرات بصورة أساسية محصلة لأهم الموارد العامة وهي:
- إيرادات النفط والغاز 688ر754 مليون ريال
- إيرادات الضرائب 997ر386 مليون ريال
- إيرادات الجمارك 246ر58 مليون ريال
- حصة الحكومة من فائض الأرباح 539ر95 مليون ريال
- المنح الخارجية المتوقعة 686ر81 مليون ريال
الموارد من القروض الخارجية:
قُدرت الموارد من القروض الخارجية بمبلغ 331ر63 مليون ريال. للسنة المالية 2010.
- الاستخدامات العامة:
بلغ إجمالي الاستخدامات العامة المقدرة في مشروع الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2010 م مبلغ 105ر012ر2 مليون ريال، موزعة على النحو التالي:
1. النفقات التشغيلية :
قُدرت النفقات التشغيلية بحوالي مبلغ 326ر451ر1 مليون ريال بزيادة مقدارها 43129ر16 مليون ريال وبنسبه نمو 1ر1 بالمائة عن ربط عام 2009، وأهم أوجه صرف النفقات التشغيلية:
- أجور وتعويضات العاملين 610ر584 مليون ريال
- نفقات السلع والخدمات 055ر312 مليون ريال
- الإعانات والمنح الاجتماعية 284ر522 مليون ريال منها دعم المشتقات النفطية 646ر336 مليون ريال.
2. النفقات الاستثمارية والرأسمالية:
قُدرت النفقات الاستثمارية والرأسمالية بحوالي مبلغ 887ر528 مليون ريال بزيادة مقدارها 741ر31 مليون ريال ونسبة نمو 4ر6 بالمائة عن ربط عام 2009 م، وموزعة على النحو التالي:
- اكتساب الأصول غير المالية 056ر368 مليون ريال
- المساهمة في رؤوس أموال وحدات القطاع الاقتصادي 831ر160 مليون ريال. بالإضافة إلى تكلفة سداد القروض الخارجية والاشتراكات في المؤسسات والمنظمات الدولية والتي قدرت بمبلغ 892ر31 مليون ريال.
- العجز في مشروع الموازنة:
في ضوء التقديرات لكل من الموارد والاستخدامات، يتوقع أن يسفر تنفيذ الموازنة عن عجز نقدي كلي يبلغ 203ر524 مليون ريال وعن عجز نقدي صافي يبلغ 693ر491 مليون ريال وبنسبة 2ر8 بالمائة و7ر7 بالمائة على التوالي من ناتج محلي إجمالي بمقدار 021ر399ر6مليون ريال، وتعود الأسباب الرئيسية للزيادة في هذا العجز كما سبق التوضيح إلى الانخفاض الكبير في الموارد النفطية، والناتجة عن انخفاض كميات إنتاج النفط، وفي نفس الوقت حرصت الحكومة على توفير الموارد اللازمة لتمويل تكاليف تقديم الخدمات العامة الأساسية وتمويل المشاريع الرأسمالية المعززة للنمو الاقتصادي ومتطلبات ترسيخ الأمن القومي.
ثانياً: مشاريع موازنات وحدات القطاع الاقتصادي (العام والمختلط):-
- بلغ إجمالي الاستخدامات والموارد الجارية والرأسمالية في مشروع موازنات الوحدات الاقتصادية للعام المالي 2010 م 455ر078ر3 مليون ريال.
- مقابل ربط عام 2009 م 330ر978ر3 مليون ريال وبنقص يٌقدر بمبلغ 875ر899 مليون ريال وبنسبة 6ر22 بالمائة.. حيث يتوزع هذا الإجمالي، على جميع مكونات القطاع الاقتصادي (إنتاجي، خدمي، مختلط) وعلى النحو التالي:-
أ - مشروع موازنات وحدات القطاع العام ذات الطابع الإنتاجي:-
مليون ريال
- بلغ إجمالي تقديرات الاستخدامات والموارد الجارية والرأسمالية في هذا القطاع في مشروع عام 2010 م 788ر797ر2
- مقابل ربط عام 2009 م 661ر697ر3 وبنقص يٌقدر بمبلغ 873ر899 وبنسبة 3ر24 بالمائة
ويرجع معظم هذا النقص إلى انخفاض المواد الأولية والخامات في مصافي عدن وشركة النفط للسنة المالية 2010
ب - مشروع موازنات وحدات القطاع العام ذات الطابع الخدمي:-
مليون ريال
- بلغ إجمالي تقديرات الاستخدامات والموارد الجارية والرأسمالية في هذا القطاع في مشروع عام 2010 م 123ر147
- مقابل ربط عام 2009 م 851ر130 بزيادة تٌُقدر بمبلغ 272ر16 وبنسبة 4ر12 بالمائة.
وتعود معظم الزيادة إلى دخول أربع وحدات صحية جديدة ونقل ما كان معتمد لها من موازنة الجهاز الإداري أيضا.
ج - مشروع موازنات وحدات القطاع المختلط:-
مليون ريال
- بلغ إجمالي تقديرات الاستخدامات والموارد الجارية والرأسمالية في هذا القطاع في العام المالي 2010 م 545ر133
- مقابل ربط عام 2009 م 818ر149 وبنقص يٌقدر بمبلغ 273ر16وبنسبة 9ر10 بالمائة
ويعود هذا النقص إلى النقص المقدر في حساب القروض بشكل أساسي في البنك اليمني للإنشاء والتعمير.
وقد أسفرت مشاريع موازنات وحدات القطاعين العام والمختلط عن حصة للدولة من فائض الأرباح لعام 2010 م بمبلغ 539ر95 مليون ريال، مقابل186ر70 مليون ريال لعام 2009 م بزيادة مقدارها 353ر25 مليون ريال وبنسبة 1ر36 بالمائة وإعانة عجز جاري لعام 2010 م بمبلغ 448ر26 مليون ريال مقابل 827ر22 مليون ريال في عام 2009 م بزيادة قدرها621ر3 مليون ريال وبنسبة 9ر15 بالمائة .
فيما بلغت المساهمة الرأسمالية للدولة للعام 2010 م مبلغ 431ر 152 مليون ريال، مقابل 779ر69 مليون ريال ربط عام 2009 م وبزيادة قدرها652ر82 مليون ريال وبنسبة زيادة 5ر118 بالمائة والتي نتجت عن إضافة 100 مليار ريال في المساهمة الرأسمالية للكهرباء، مقابل وفر في المساهمة الحكومية في مشاريع أخرى بمختلف الوحدات الاقتصادية بمبلغ348ر17 مليون ريال.
ثالثاً: موازنات الوحدات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة:-
مليون ريال
- بلغ إجمالي تقديرات الموارد والاستخدامات الجارية والرأسمالية في مشروع عام 2010 م 072ر392
- مقابل ربط عام 2009 م 661ر379 وبزيادة قدرها 411ر12 وبنسبة 27ر3 بالمائة.
وقد تضمنت مجلدات الموازنات المرفقة تفاصيل كاملة عن مشاريع الموازنات العامة المختلفة لعام 2010 م، وكذا توقعات الإطار متوسط المدى للموازنة العامة للدولة للفترة 2011 - 2012 م.
ختاماً، نود التأكيد أن النجاح في تنفيذ ما تضمنته مشاريع الموازنات العامة من سياسات، لا شك يعتمد على مدى تضافر جهود الجميع في السلطتين التشريعية والتنفيذية، وسيساهم ذلك النجاح في تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتحقيق النمو المستدام المعتمد على الطاقات القومية المتاحة التي يلعب فيها العنصر البشري الدور الرئيسي باعتباره هدف التنمية وغايتها.
ومن جانبنا في الحكومة، نؤكد لمجلسكم الموقر بأن آراءكم وتوصياتكم حول مشاريع الموازنات ستحظى بالجدية اللازمة التي تضمن تنفيذها في إطار الإمكانات المتاحة.
نسأل الله تع إلى أن يوفقنا جميعاً، ويكلل جهودنا بالتوفيق لما فيه خدمة وطننا وأمتنا في ظل قيادة فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية.
وفي ضوء ذلك عقب عدد من أعضاء المجلس على ما ورد في البيان المالي، ثم أقر المجلس إحالة البيان المالي ومشاريع الموازنات العامة للدولة والموازنات المستقلة والملحقة والصناديق الخاصة وموازنات القطاع الاقتصادي للسنة المالية 2010م إلى لجنة خاصة برئاسة نائب رئيس مجلس النواب حمير بن عبدالله بن حسين الأحمر وتضم في عضويتها اللجنة المالية ورؤساء اللجان الدائمة ورؤساء الكتل البرلمانية للأحزاب والتنظيمات السياسية الممثلة بالمجلس.
كما قدمت الحكومة ممثليها في هذه اللجنة من نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية وزير التخطيط والتعاون الدولي ووزراء المالية والخدمة المدنية والتأمينات والنفط والمعادن وشؤون مجلسي النواب والشورى ومحافظ البنك المركزي ونائبا وزيرا المالية والإدارة المحلية ورئيسا مصلحتا الجمارك والضرائب والوكلاء المساعدون ومدراء العموم المختصون في الوزارات المعنية وذلك للقيام بدراسة وتحليل مشاريع الموازنات العامة وتقديم تقرير بنتائج ذلك إلى المجلس خلال فترة زمنية محددة.
وكان المجلس قد استعرض في مستهل جلسته محضر آخر جلسه من فترة انعقاده السابقة وسيواصل أعماله صباح يوم غدٍ الأحد بمشيئة الله تعالى.