arpo27

رئيس الوزراء : الأزمة العالمية وحرب صعدة أكبر التحديات التي واجهت الحكومة

أعرف الدكتور علي مجور منذ سنوات حينما كان وزيرا للثروة السمكية وكنت متابعا لإنجازات حقيقية تحققت في عهده ليس أقلها منعه الاصطياد العشوائي في بحار اليمن من قبل سفن تتبع نافذين عادوا بعد مغادرته الوزارة..

كما كنت شاهدا على نظافة يد الرجل الذي رفض إقرار اتفاقية لمستثمر تعطيه بحر حضرموت بكامله يحتكر لوحده الاصطياد فيه ورفض رغم أن رئيس الحكومة آنذاك كان متبنيا لها. وسقطت الاتفاقية بعد أن ساند الرئيس وزيره. ظلت هذه العلاقة خلال تسنمه وزارة الكهرباء وحين صدر قرار تعيينه رئيسا للحكومة اعتبرنا في صحيفة الوسط أن ذلك دلالة على توجه الرئيس بإعطاء المشاكل الاقتصادية الأولوية الأولى إلا أنه ومع هذه الصداقة لم يستثن من النقد بعد أن بدا أقل مما كنا نأمله منه مقارنة بما كان عليه حين كان وزيرا.

مجور أخبرني بصدق من أن قياس مسئولية وزارة بحكومة كاملة في ظل أزمات ظلت تتلاحق تباعا فيه الكثير من الظلم وهو وإن بدا محقا في ما قال إلا أن ملاحظاتنا تحولت إلى أسئلة أجاب عليها رئيس الحكومة الذي وإن اختلفنا معه حول حجم ومعنى الإنجاز إلا أننا نسلم ونحترم قدرته على المقاومة وفي أن يظل نظيفا وكلما نرجوه أن تتحول هذه النظافة إلى قوة إضافية ليتحقق الإنجاز الحقيقي الذي يحتاجه البلد في الوقت الحاضر والمستقبل وإلى المقابلة.

*ما هي المعايير التي تعتقد أنه تم اختيارك كرئيس للحكومة وفقاً لها مع أنك لم تكن من قيادات الحزب الحاكم؟

-في البداية أتوجه بالشكر الجزيل لصحيفة الوسط، هذه الصحيفة الوطنية التي تمتاز بالشفافية وأصبح لها تأثير كبير في أوساط الرأي العام، كما أتوجه بالشكر لرئيس تحريرها.

وللإجابة على السؤال فقد كان اختيار فخامة الرئيس لي من باب التغيير وفي الحقيقة لم أكن بعيدا عن الحكومة، فقد شغلت فيها مواقع معروفة، وبالنسبة لتقديرات اختياري -رغم أني لا أعتبر نفسي الأفضل - فقد كان لاعتبارات اقتصادية والخبرة السابقة التي اكتسبتها من خلال مختلف المواقع التي اشتغلت بها وحققنا نجاحات لا بأس بها. وأشكر فخامة الرئيس على هذا الاختيار.. وأهمية هذه الحكومة أنها جاءت عقب الانتخابات الرئاسية والذي أجمع الشعب على انتخاب الرئيس على أساس برنامجه الانتخابي الذي يتوجب ترجمته إلى عمل على الواقع وبالتالي الحكومة استندت في تشكيلها لترجمة هذا البرنامج على مصفوفات واضحة ومحددة للحكومة وقد تحقق كثير مما تم تحديده.

*بعد ما يقارب الثلاث السنوات إلى أي مدى أنت راض عما حققته حكومتك؟

-بدون مبالغة إن ما تحقق كثير رغم أن المعارضة وبعض الصحف لا تنظر إلا إلى نصف الكوب الفارغ وأنا أعتقد أن هذه الحكومة حققت إنجازات كبيرة.

*مثل ماذا؟

-في مجال العمل المؤسسي لأننا وجدنا أن الخلل الأساسي يرتبط بشكل كبير في الإصلاحات الإدارية تحديداً، وتنفيذ برنامج الرئيس وللأجندة الوطنية التي تدعو بشكل رئيس لإصلاحات حقيقية في مجال العمل الإداري، مثلا في موضوع الفساد والذي لا أخفيك أنه منتشر وبدلا من كون الفاسدين كانوا يفاخرون بفسادهم ،الآن وبعد إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وإيجاد قانون لمكافحته أصبح هؤلاء مرعوبين وتحول الفساد من فوق الطاولة إلى تحت الطاولة واعتبر هذا تقدما كبيرا في مجال مكافحة الفساد. صحيح أن هيئة الفساد ما زالت بحاجة إلى مهارات وخبرات لتتبع منابع الفساد ولكن تعتبر خطوة جيدة أن جعلت هؤلاء الفاسدين مرعوبين.

*ولكن يا دكتور عمليا كم فاسد من العيار الثقيل تم تقديمه للمحاكمة باعتبار أن هذا هو المعيار؟

-لقد تم تقديم الكثير من الفاسدين سواء كنتاج لتقارير الرقابة والمحاسبة أو من خلال هيئة مكافحة الفساد

*تقصد الموظفين الصغار أو الادوات؟

-(مقاطعا) بل المئات ومن مستوى وكلاء ورؤساء هيئات وقد تم تقديمهم لنيابة الاموال العامة وهم الآن خاضعون للتحقيقات وسيكون القضاء هو الفاصل وصدقني هم بالمئات.

*ولكن أين هم الفاسدون الكبار لأن الفساد تمارسه الرؤوس ويدفع ثمنه الصغار؟

-بالعكس كثير من الوزراء ذهبوا ومثلوا أمام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وكذلك عدد من رؤساء الجامعات استدعتهم للتحقيق في قضايا فساد، وهذه هيئة تستند على تقارير وحتى على ما تنشره الصحافة في هذا الموضوع وقد وجهت سابقا أن أي مسئول كبير وإن في مستوى عال تستدعيه هيئة مكافحة الفساد للتحقيق فإن عليه أن يستجيب وأنا أعلم أن كثيراً من الوزراء ورؤساء الجامعات والهيئات والمؤسسات قد مثلوا أمام الجهاز المركزي وهيئة الفساد.

*ألا يتم بعد ذلك إيقاف الإجراءات؟، لأننا لم نسمع بعد بمحاكمة أي من هؤلاء؟

-بالعكس بإمكانك أن تلتقي برئيس نيابة الاموال العامة لتعلم كم عدد القضايا التي يحقق فيها وليس على مستوى العاصمة وإنما في المحافظات الأخرى.

*دكتور تتحدث عن الإنجاز ما هو مفهومك كرئيس للحكومة لهذا الإنجاز؟

-الإنجاز يعني عدة أشياء، بناء مؤسسي متين من خلال إقرار تشريعات ولذا اعتبر إقرار قانون مكافحة الفساد هو الخطوة الأولى التي فرملت انتشاره.. الخطوة الثانية إنشاء لجنة مستقلة للمناقصات والمزايدات بعد أن كانت لجنة في مجلس الوزراء وهي مدعومة بقانون، بحيث أصبح الجميع ملتزمين بمعايير واضحة في قضايا المناقصات بدءاً بتحديد المواصفات للمناقصة وهو ما حد كثيرا من تنامي الفساد وأيضا هناك هيئة مكافحة الفساد التي تراقب أعمال اللجنة العليا للمناقصات واللجان الفرعية على مستوى المحافظات وتوقف أي مناقصة تدور حولها الشبهات.

*ولكن ماذا عن المناقصات التي تتم بالتكليف؟

-هذا انتهى وأؤكد لك أنه لم يمر أي تكليف لأي مشروع في هذه الحكومة وأنا مسئول عن هذا الكلام. وقد حددت مثل هذا الأمر منذ الاجتماع الأول مع حكومتي وأخبرتهم أن من يقر أي تكليف لأي مشروع سيتم محاسبته.

*ولكن ماذا عن تكاليف تأتي من جهات عليا في مشاريع طرقات أو غيرها؟

-لم يتم ربما في حكومات سابقة ولكن في حكومتي أجزم بأنه لم يتم أي تكليف.

*ربما باعتبارك دارس اقتصاد صنفت حكومتك على أنها حكومة اقتصادية وتبنت أولا برنامجها الذي نالت على ضوئه الثقة ثم جاء البرنامج الانتخابي للرئيس وبعد ذلك اعتمدت الأولويات العشر وقبل مناقشتها معك أسألك هل تعتقد أن هناك ما يمكن اعتبارها إنجازات تحققت على المستوى الاقتصادي؟

-بعد أن أصبحت هيئة الفساد ولجنة المناقصات واقعا انطلقنا إلى مجال الاستثمار وبدأنا بهيئة الاستثمار التي كانت تعرقل كثيراً من المستثمرين وأصدرنا قانوناً للاستثمار وعقدنا أكثر من ثلاثة مؤتمرات للترويج للاستثمار -مؤتمر في 2007م في صنعاء رعاه فخامة الرئيس والثاني في المكلا والأخير في عدن قبل شهر، وتحققت نتائج كثيرة.. قانون الاستثمار اليوم أقر نافذة واحدة لتبسيط الإجراءات فيما يتعلق بمنح تراخيص الاستثمار وجمعنا كل الجهات المختصة- الأراضي والجمارك والضرائب في نافذة واحدة اسمها الهيئة العامة للاستثمار وتحقق على ضوء ذلك العديد من مصانع الأسمنت، مصنع في لحج، ومصنع في باتيس سيفتتح بعد شهر وثالث في المكلا بحيث تصبح اليمن منتجاً رئيساً لصناعة الأسمنت.

*هل تعتبر استثمارات القطاع الخاص ضمن إنجازات الحكومة؟

-لم يعد دور الحكومة وفق المفهوم العصري يعني أن تكون هي المخططة والمنتجة أو المسيطرة ولا بد أن تكون هناك شراكة ما بين القطاع الخاص الحكومة وأن نطلق له العنان ليستثمر في كل المجالات ونركز على المجالات الصناعية والخدمية كثيفة العمالة ولك أن تتصور كم يمكن أن تستوعب هذه المصانع من عمالة وكم توفر من فرص عمل ولكن أتمنى من القطاع الخاص أن يرتقي إلى مستوى هذه الشراكة وأن لا يكتفي بكون زبونه الوحيد هو الدولة ولهذا لا بد ان ننمي قطاعاً خاصاً ونأخذ بيده ليكون عندنا رجال أعمال حقيقيون يحققون النهضة الصناعية والتجارية.

*ولكن رجال الأعمال يشكون من مزاحمة المسئولين لهم في أعمالهم؟

-في الحقيقة ما قلت لم نواجهه والمبدأ الذي يفترض أنه حينما يتولى أي شخص المسئولية العامة فإن عليه أن لا يمارس التجارة، إذ لا يمكن الجمع بينهما وهذا الوضع مستحيل واعطني أمثلة لأنه يتوجب على كل مسئول أن يقدم براءة ذمة.

*هذا على الورق فقط ولكن إذا أردت يمكن أن أعطيك أسماء؟

-لا.. أحدثك عن المبدأ ولكن بشكل عام حين يعين شخص في وظيفة كبيرة قد يكون أخوه يملك شركة ولكن عندما يصبح هذا الموظف وزيرا أو رئيس هيئة لا ينبغي أن يزاوج بين المسئولية وممارسة التجارة.

*إذاً ما هو إنجاز الحكومة على المستوى العام؟

-تحققت فرص عمل لا نهائية في مؤسسات متوسطة وصغيرة وخلقت فرص عمل ولو زرت على سبيل المثال محافظة الحديدة أو حضرموت ستلاحظ مئات المعامل للأسماك وحتى في محافظة لحج.. لقد ذهلت من الحركة الاستثمارية فيها، لقد أصبحت محافظة لصناعة مواد البناء يصنع فيها السيراميك والحديد والمواد الكهربائية وسيفتح هذا المصنع قريبا.. فتصور معي كم هي فرص العمل التي تحققت في هذه المحافظة.

*نحن نعرف أن أي استقرار اقتصادي يؤدي إلى استقرار سياسي وهو ما لم ينعكس على واقع هذه المحافظة طالما وأنت ذكرتها بالاسم.. فأين هو الإنجاز؟

-أنت سألتني عن إنجازات الحكومة فدعني أكمل وأرجو أن تقارن بنفسك عدد الفرص التي أتيحت لرجال الأعمال مقارنة بأي فترة سابقة وهناك مجالات عديدة تحققت فيما يخص تطبيق الأجندة الوطنية للإصلاحات وتطبيق برنامج الرئيس.. وخذ العدل، فقد أصبحت لدينا محاكم تجارية.

*عذراً يا دكتور دعنا ننتهي أولا من مناقشة منجز الاستثمار، فاليمن تعد بيئة طاردة للاستثمار، لأسباب بعضها قد لا يكون للحكومة علاقة مباشرة بها كالإرهاب وحرب صعدة وحوادث الاختطاف ولكن هناك أسباب أخرى لها علاقة بأداء الحكومة عرقلت قيام مشاريع استثمارية ومنها مشروع فردوس عدن؟

-موضوع الفردوس نحن خصصنا أراضٍ في عدد من محافظات الجمهورية للاستثمار وقد وجدنا أن كثيراً من المستثمرين يبحثون عن التنمية العقارية ويريد أن يتملك الأرض من اليوم الأول ولذا قلنا أنه لا بد من أن تكون هناك شراكة.. فكيف يمكن أن تعطيه الأرض دون أن تستفيد منها الدولة فأنشأنا شركة شبام/ الشركة اليمنية القابضة بحيث تؤول إليها كل الأراضي المخصصة للاستثمار ومن ضمنها الأراضي التي في عطان وسلمت للديار القطرية باستثمار يصل إلى أكثر من خمسمائة مليون دولار، شاركتها الدولة مقابل الأرض بـ20% ولكن تظل ملكية الأرض للشركة القابضة إلى أن يتم إنجاز المشروع وبعد ذلك يتم نقل ملكيتها للشركة المنفذة وهذا ما كان يراد تطبيقه في أراضي الفردوس.

*ولكن ما أعلمه أن الاتفاق مع المستثمرين كان سابقاً لهذا القرار.؟

-يوجد تفاوض.

*ولكن على ضوء هذا التفاوض تم تسوير الأرض. ؟

-صحيح ولكن لم يتم تمليكهم، لأننا نخشى أن يتحول هؤلاء المستثمرون إلى مضاربين على الأرض ونحن نريد مشروعاً ينجز وبالتالي ارتبط تمليكهم للأرض بإنجازهم للمشروع.

*كيف يمكن أن نوفق بين شركة تملك كل أراضي الاستثمار في محافظات اليمن وتعود عوائدها إليها وبين الحكم المحلي الذي تعتمده الدولة؟

-هذه الشركة أنشئت تقريبا منذ حوالي عام ونصف ويمكن أن تكون لها فروع في المحافظات ولا بد أن تكون هناك سياسات واضحة فيما يتعلق بالأراضي الخاضعة للاستثمار وهذا معمول به في كثير من البلدان وقد خصصنا كل اراضي الاستثمار لهذه الشركة التي ستدخل كشريك مع أي مستثمر يريد الأرض.

*لم تجب على سؤالي حول حرمان المناطق المحلية من عائدات أثمان هذه الأراضي التي ستورد مركزيا؟

-يمكن أن تكون للشركة القابضة فروع وأي فرع موجود في أي محافظة سيكون جزءاً من السلطة المحلية.

*من تتبع هذه الشركة؟

-تتبع رئاسة الوزراء.

*هل أنت رئيس مجلس الإدارة؟

-لا.. ولكنها مرتبطة.. الهيئة العامة للأراضي وعقارات الدولة تتبع رئيس الوزراء.

*لهذه الهيئة قانون تم إنشاؤها على ضوئه وتتبع رئيس الوزراء ولكن هذه الشركة بلا قانون ..كيف تم إنشاؤها؟

-أنشئت لأننا كنا محتارين فيما يتعلق بالترويج للاستثمار، خاصة والمشكلة تتعلق بالأرض ولأن الهيئة العامة للاستثمار ليس من وظيفتها إدارة الأراضي وكذلك هيئة أراضي وعقارات الدولة تعاني من إشكالية عدم تحديد ما هية الأراضي التي للاستثمار أو للسكن وغيره ولأنه كان لا بد من تمشيط كل الأراضي الصالحة للاستثمار توجب إنشاء جهة متخصصة تؤول إليها كل الأراضي الخاصة بالاستثمار فأنشئت هذه الشركة.. ومثلا أراضي الفردوس الذي تكلمت عنها هي تابعة للمنطقة الحرة في عدن وقانونها ينص على أنه لا يمكن استقطاع جزء من أراضي المنطقة الحرة لأغراض الاستثمار خارجها إلا بقرار من مجلس الوزراء، اتخذنا قرار إحالة هذا الجزء المخصص للاستثمار خارج المنطقة الحرة إلى الشركة اليمنية القابضة وأنشأناها لتكون هي الجهة المختصة ومثلها مثل أي شركة.

*كان يمكن أن تنشأ إدارة عامة داخل هيئة الاستثمار لتقوم بهذا الدور؟

-لا الجهاز الحكومي ليس من مسئوليته ممارسة إدارة الأعمال لا بد أن تكون هناك شركة أو هيئة قباضة.

*أيضا في مسألة التعاطي مع الاستثمار عادة ما نسمع تصريحات حكومية حول التوقيع على استثمارات بمليارات الدولارات وتحدد أسماء مستثمرين إلا أن كل ذلك يتبخر.. هل هناك داع لإعلان ذلك دون التيقن من إمكانية تحقيقها على الأرض؟

-لكي تتضح لك وللقراء الصورة فإنه في العادة يتقدم مستثمرون بطلب الاستثمار وليس كل مستثمر يطرق بابك جاد ومن هؤلاء من يكون هدفهم الحصول على تمويلات فقط وهناك حتى شركات عالمية تأتي وتقول نريد الاستثمار في مجال تحدده وتطلب عمل مذكرة تفاهم ونعملها ولكن المستثمر الجاد هو ذلك الشخص الذي يأتي جاهزاً بدراسات جدوى وتصاميم محددة ويبدأ بالعمل وأنت هنا تنظر إلى نصف الكوب الفارغ، لقد تحققت أشياء كثيرة وكثير من الاستثمارات تحققت فشركة الديار قد بدأت رغم التشكيك الذي كان يدور حولها.

*ولكن ما هو مردود مشروع الديار على الناس؟

-الدولة شريكة معها بـ20% مقابل الأرض ثانيا بناء الفنادق والفلل والمجمعات وهذا سيشغل عمالة وصحيح أننا نفضل الاستثمارات التي لها عائدات ذات بعد استراتيجي، ولكن هذا المشروع سيوفر مساكن راقية.

*ولكن كيف ستوفرون المياه لهذا المشروع السكني؟

-المياه ستوفر بالتأكيد وما نفكر فيه هو التحلية.

*في برنامج الحكومة وعدتم بتحقيق نمو يصل إلى 7.3% إلا أنه لم يتحقق؟

-هذا لم ينجز وما تحقق هو 4.5%.

*ما هي العوائق التي حالت دون تحقيقها؟

-سأكون صريحا معك لقد واجهت هذه الحكومة جملة من التحديات لم تواجهها أي حكومات سابقة والشيء الإيجابي أن هذه الحكومة ما زالت قائمة واليوم قدمنا موازنتها إلى مجلس النواب. ومن ضمن هذه التحديات، أولا الأزمة المالية العالمية وصحيح أنها لم تمسنا بشكل مباشر كوننا أقل اندماجا في الأسواق المالية العالمية ولكن تأثرنا بتداعياتها فيما يخص أسعار النفط، تصور في عام 2008م كنا نبيع النفط بـ146 دولاراً للبرمل ووصل في نهاية العام وبداية 2009م إلى ثلاثين دولاراً للبرميل ولك أن تتصور هذا الانخفاض الهائل في ظل موارد النفط التي تغطي أكثر من 75% من الميزانية، هذا ظرف خارج عن إرادتنا. التحدي الثاني التمرد الحاصل في صعدة والذي يتطلب جهداً وإنفاقاً كبيرين وأيضا هناك الفيضانات في حضرموت والتي مثلت عبئاً على الدولة، حيث رصدنا أكثر من 42 مليار ريال إضافة إلى تحديات كثيرة واجهناها وحتى القرصنة البحرية نتيجة انفلات الدولة الصومالية التي تجري الآن في خليج عدن والبحر العربي أثرت على حركة الملاحة وكنت أيام العيد في محافظة عدن وسألت عن حركة الحاويات وقيل لي إنها تأثرت بنسبة 40% وهذا تحد آخر خارج عن إرادتنا.

*صحيح أن لكل ما ذكرت تأثيرا سلبيا ولكن هناك أموراً يمكن للحكومة أن تنجزها يمكن أن تمثل حافزا للاستثمار.. مثلا التعثر في مسألة إنشاء السوق المالية والكهرباء.. إيجاد الأمن، كلها أمور يمكن إحداث شيء فيها، فماذا عن السوق المالية؟

-السوق المالية نحن الآن بصدد إنجاز الدراسات الخاصة بها وأنا معك أن السوق المالية ستحدث نهضة كبيرة وخصوصا في إنشاء الشركات المساهمة وبيع الأسهم والآن الشركات الاستشارية تعمل على إنشاء السوق المالية ولدينا تقدير بأن نواة السوق المالية هي شركات الأسمنت الحالية بحيث سيتم تقييمها وتحديد قيمة السهم لها وبحيث تتخلى الدولة عن 49% منها بحيث تذهب لمستثمر استراتيجي وجزء كبير يبقى للاكتتاب العام.

*هل هناك سقف للانتهاء من إنشاء هذه السوق؟

-الشركة الاستشارية تعمل وأعتقد أنه في منتصف العام القادم سيتم الانتهاء منها.

*عادة ما يتم التساؤل عن تضارب التقارير المقدمة من الحكومة حول قضايا مثل نسبة الأمية والبطالة والاستثمار والنمو الاقتصادي وغيرها، فما تقدمه وزارة التخطيط يختلف عما تقدمه الحكومة .. هل كل جهاز حكومي يقيم في جزيرة معزولة عن الآخر؟

-في الحقيقة القناة المسئولة عن مثل هذا الأمر هي وزارة التخطيط وهي التي لديها المؤشرات من خلال الجهاز المركزي للإحصاء، فهي تعتمد على مسوحاتها والتضارب في الأرقام موجود ولكن المبدأ معروف في مسائل معدل النمو والبطالة وغيرها وهي أمور معروفة ونحن في هذه الحكومة قد اختطينا عملاً ممتازاً.. ففي كل عام نذهب إلى مجلس النواب ونقدم تقرير أداء، ففي 2008م قدمنا تقريراً وكنا في منتهى الشفافية في كل قطاع من قطاعات الدولة وعلى مستوى كل محافظة مع أننا لسنا ملزمين دستوريا في تقديم تقرير كهذا وقد قلت في مجلس النواب مثل هذا الكلام وأخبرتهم أنني أعطيهم مادة للمراقبة وها نحن نعد تقرير 2009م وسنقدمه لمجلس النواب نشرح فيه التحديات التي تواجه الحكومة والسياسات وما تم إنجازه.

*أخي العزيز بالتأكيد هناك تحديات حقيقية ولكن جل ما يطلبه الشعب من الحكومة هي المصداقية والاعتراف بوجود مشكلات في قضايا البطالة، تراجع في قيمة العملة اليمنية وغيرها.. الشعب يريد مكاشفة ومصداقية قبل أن يحدث انهيار مفاجئ لا سمح الله؟

-موضوع البطالة موضوع معقد وشائك والأداء الحقيقي لأي حكومة هو في تخفيض نسبة البطالة ولكن جذر هذه المشكلة هو في مسألة النمو السكاني المرتفع وهذه تتداخل فيها مجموعة من العوامل.. التربية والتعليم وتثقيف المجتمع في مسألة تنظيم النسل، ويجب أن لا ننظر إلى الدولة باعتبارها الموظف الوحيد وبحيث نظن أن من يتخرج من الجامعة يجب أن يذهب رأسا إلى الوظيفة، هذا غير صحيح.. هناك تعليم مهني وهناك مهارات يجب أن يكتسبها الإنسان لأن العمل لا ينحصر فقط في الوظيفة العامة ولذا يجب أن تتضافر كل الجهود للتعريف بخطر زيادة النمو السكاني الذي وصل إلى 3.2% وهو من أعلى معدلات النمو في العالم، لأن هؤلاء يذهبون إلى المدارس ويتخرجون ويبحثون بعد ذلك عن أعمال. وبالتالي فأنا أعتبر أن الاستثمار جزء من حل البطالة ولكن على المدى القصير والمتوسط يجب أن توجد عندنا كوادر فنية ومهنية تلبي احتياجات السوق المحلية وتلبي احتياجات السوق الخليجية تحديدا، لأن هذه السوق أصبحت تتطلب عمالات مهنية بدرجة أساسية ونحن الآن مركزون على التعليم الفني والمهني وهو ما يجب أن تركز في مناهجها على مسح السوق واحتياجاته ولذا الإخوة الخليجيون يقولون هيئوا ظروفكم وأنفسكم ونحن مستعدون أن نستقبل أبناءكم. ولهذا لا بد من وجود سياسة واضحة لتأهيل عمالة وفقاً لاحتياجات السوق.

*ولكن كيف يتم تجاوز الخلل الحاصل في إدارة التعليم الفني والمهني؟

-لقد تأكد لنا أن إدارة المعاهد من قبل الدولة عديمة الفعالية وكان لا بد أن نشارك القطاع الخاص في إدارة بعض المعاهد، بمعنى خصخصة الإدارة أي أن تأتي شركة معينة لها مصلحة في تأهيل أشخاص لأعمال معينة وبالتالي يمكن أن تحدث شراكة وستبدأ التجربة بثلاثة معاهد سنعرضها للتنافس.

*لكي لا نغرق في الجزئيات أسألك عما يثار عن عدم قدرة الحكومة في استيعاب المنح والقروض المقدمة واستغلالها وأخيرا في ما قدمه مؤتمر المانحين؟

-هذا الموضوع كثر فيه اللغط، مؤتمر المانحين عقد في عام 2006م وكان لحضور فخامة الرئيس دور كبير في إقناع المانحين لتقديم منحهم ونجاح المؤتمر. وهذه المبالغ التي تم تخصيصها لليمن عملنا نحن في الحكومة على تخصيصها لمشاريع محددة تتوافق مع أهداف الخطة الخمسية فيما يتعلق بمشاريع البنية التحتية، الطرق، التعليم والصحة وغيرها. وتبدأ الخطوة الأولى بتخصيص هذه المبالغ لخارطة المشاريع المعتمدة. الخطوة الثانية تعتمد على إعداد الدراسات والتصاميم التي نقدمها للمانحين وهي تأخذ وقتاً مع أننا أنشأنا وحدات فنية مستقلة عن بيروقراطية الجهة تختص بمشروع محدد ونأتي بعد ذلك إلى توقيع اتفاقية القرض وأنا أعتبر أن استيعاب مثل هذه المبالغ تتمثل بتوقيع اتفاقية القرض لأنه ليس من المعقول أنه بمجرد التوقيع على اتفاقية القرض أن تطالب بالمبالغ، فهناك إجراءات تتمثل أولا بعرض هذه الاتفاقيات على مجلس النواب ليقرها ثم تصدر بقرار جمهوري وبعد ذلك تبدأ المناقصة لإنجاز المشروع وما تم توقيعه من قروض تساوي 50% من قيمة ما هو مقدم، إذا فسوء الفهم هو قياس ما تم استيعابه بما تم سحبه دون النظر إلى الإجراءات، وتصور كم نحتاج للانتهاء من إجراءات مناقصة محطة كهربائية.

* كم حجم ما تم سحبه مما تم رصده من تمويل المانحين؟

-حوالي 350 مليون دولار، ولكن ما تم توقيعه مع المانحين وأصبح نافذا أكثر من 50% من قيمة القرض وهي في مجال الكهرباء (مأرب2)، وفي مجال الصندوق الاجتماعي للتنمية والمرحلة الاولى من طريق عمران عدن.

*هناك تحذيرات صادرة من اقتصاديين تحذر من السير في دعم العملة من قبل البنك المركزي دون اتخاذ إجراءات اقتصادية خاصة مع التراجع المضطرد للريال أمام الدولار كيف تنظر إلى الأمر؟

-أصبح الاحتياطي لدينا الآن ما يزيد عن 7 مليارات دولار وهو احتياطي آمن.

*ولكن دكتور أعتقد أنه تراجع كثيرا بعد الدعم الأخير خلال السنتين الماضيتين؟

-لا كان 9 مليارات ولكن نتيجة انخفاض أسعار النفط تراجع قليلاً.. فالاحتياط هو أن نبيع الشحنة النفطية بحيث تذهب قيمتها للبنك المركزي ويمنح المالية مقابلها بالريال والبنك يحتفظ بالعملة ومع ذلك لدينا تفاهمات مع صندوق النقد الدولي لجعل الاحتياطي في الحد الآمن من خلال القروض التي بدون فوائد. وبخصوص ما ذكرت عن تراجع الريال أنا أعتبر الريال مستقر إلى حد كبير مقارنة بسنوات سابقة من بداية التسعينيات وحتى نهايتها، فقد قفز الدولار قفزات كبيرة أمام الريال. ومنذ الحكومة السابقة وحتى حكومتنا الحالية هو مستقر ما بين 199 ريالاً إلى مائتين و6 ريالات ونعتبر هذا استقراراً للصرف.

*ولكن هذا الاستقرار غير حقيقي لأنه يرجع إلى استمرار ضخ البنك المركزي لدعم الريال فإلى متى يمكن أن يستمر هذا الدعم؟

-لا بد في ظروفنا أن يستمر هذا الدعم لتلبية احتياجات رجال الأعمال واحتياجات الشركات وصحيح أن الاستمرار مقلق ولكن لا بد من انتهاج سياسة واضحة ونعتبر أنه برغم كل مشاكلنا ورغم انخفاض إيراداتنا من العملة الصعبة إلا أن العملة مستقرة.

*هل ما زلتم تعتمدون إصدار أذون الخزانة رغم أضرارها؟

-نعم ولكن حرمنا منها المؤسسات العامة.

*ولكن ماذا عن تضخم الدين الداخلي مع عدم الاستفادة من مثل هذه الودائع التي وصلت إلى أكثر من 600 مليار خلال العامين الماضيين وبفائدة وصلت إلى 90 مليار ريال؟

-لأذون الخزانة إيجابيات وسلبيات ولكن أهم ما يميزها أنها تقوم بسحب وامتصاص السيولة لأنها إذا استمرت ستسبب التضخم والأمر الثاني أنها تمول عجز الموازنة، مع أننا حرصنا عند تقديم موازنة 2010 على أن لا تتجاوز 7.7% وصندوق النقد الدولي حذرنا من أنه إذا تجاوز عجز الموازنة 5% من المنتوج الإجمالي للبلد فإن ذلك مؤشر خطير. وكان يتم في فترات سابقة تمويل العجز بطبع العملة رغم أنه كان أسلوباً مدمراً ولهذا نحن لم نلجأ إلى هذا الأسلوب ونخضع هذه السياسة للمراجعة فيما إذا كانت هذه السياسة صالحة أم لا. والبحث عن وسائل أخرى ولكن حتى الآن ما زالت تؤدي دورها.

*دكتور تحدثت عن عدم طبع عملة في حكومتك ماذا عن طباعة عملة فئة 250 ريالاً وعما قيل عن نيتكم طباعة فئة خمسة آلاف ريال؟

-لا.. هناك فرق بين أن تطبع لتمويل العجز وبين أن تطبع لاستبدال عملة موجودة وقد قمنا بطبع عملة الـ250 بدلا عن فئة الـ200 التي سيتم سحبها تدريجيا وهذا لن يضيف أي عبء اقتصادي وليس هناك نية لطبع فئة الألف ريال.

*ماذا عن الاحتياط النقدي لليمن في الخارج؟

-هي موجودة وموزعة في أكثر من بنك ذي شهرة عالمية وبأكثر من عملة وقد أكدت التقارير المقدمة للحكومة أن ودائعنا لم تتأثر بالأزمة العالمية لأن البنوك كانت.

*كم حجم الاحتياطي النقدي في الخارج؟

-تصل إلى 7 مليارات و700 مليون دولار.

*لماذا لا تفكر الحكومة بإنشاء صندوق سيادي على غرار ما يجري الآن في عدد من دول الخليج يؤمن مستقبل الأجيال القادمة؟

-هذا نفكر فيه ونحن بدأنا بتجربة مثل هذه وبتوجيهات من فخامة الرئيس تهيئ للاستفادة من أموال الهيئات والمؤسسات، على سبيل المثال المؤسسة العامة للتأمينات وصناديق التقاعد العسكرية والبنوك وبدأنا بمشروع سكني أسميناه مشروع الصالح لذوي الدخل المحدود والمرحلة الأولى ستبدأ بستة آلاف وحدة سكنية في عدن والحديدة وتعز وبتمويل من هذه الصناديق على طريق إنشاء الصندوق السيادي.

*الحكومة ما زالت تعتمد في إيراداتها على النفط دون محاولة إيجاد بدائل أخرى وهناك من يتحدث عن الفساد بالتحصيل الضريبي من المؤسسات والعقارات والشركات وهذا الخلل لم يتم إصلاحه؟

-أنا أتفق معك في هذا الجانب وقد حصل نقاش طويل حول الميزانية في اجتماع الحكومة وقد حددنا بأن يكون هناك تنوع للأوعية الضريبية ولاحظنا أن هناك قصوراً ونحن نعيد النظر في الضرائب المختلفة بحيث تكون فعالة. وربما تابعت حينما بدأنا بإقرار ضريبة المبيعات فقد حدثت حملة شعواء من بعض رجال الأعمال مع أنها تعد الأسلوب الأمثل للتحصيل.

يتم تحصيلها من المنبع وجاء هذا الاتفاق بعد جلسات مع التجار ورجال الأعمال.

في الضرائب فساد بعضه يرجع إلى التهرب المتعمد والتحايل وسنحاصره وسنعقد نهاية هذا الشهر جلسة تقييمية لموضوع موارد الدولة وتحصيلها وكيفية الاستفادة منها.

*في هذا الموضوع يشكو رجال الأعمال وتجار من أنهم يظلمون بفرض ضرائب عليهم فقط لأنهم يستوردون السلع بطرق قانونية بينما نافذون يقومون بتهريبها وبيعها بأسعار أقل فما هو دور الحكومة أولا في الحد من ظاهرة التهريب؟

-من حيث المبدأ لا بد من إيقاف ظاهرة التهريب ونحن نعمل جهدنا ولكن أنت في بلد يمتد على أكثر من 400 كيلو متر على البحر يصعب معه التحكم بنوافذ التهريب 100% وسنعمل على تحديد آلية واضحة لمحاربته.

*ولكن ماذا عن التهريب الذي يقوم به نافذون ربما بتغاض من الأجهزة المعنية؟

-أياً كان وراء التهريب فهو مرفوض جملة وتفصيلا وقد ضبطت الكثير من السلع المهربة وتمت مصادرتها وأنا أتابع شخصيا مثل هذه القضايا.

*دعنا ننتقل لمسألة الأولويات التي أقرتها الحكومة.. فهناك من يطرح أنها دون ما قدمه البرنامج الحكومي وأيضا هي عبارة عن وسائل إجرائية وليست استراتيجية وأنها جاءت من خارج الحكومة.

-الأولويات العشر هي موجودة ضمن برنامج الحكومة وقد لا تكون بالترتيب التي صيغت به ولو راجعت البرنامج ستجد هذه الأولويات بصيغ أخرى، فعلى سبيل المثال إحلال محطات الغاز كلها بدلا عن محطات الديزل موجودة.

*دعني أقاطعك حول هذه النقطة لأن الحكومة مع ذلك أنزلت مناقصات لشراء محطات تعمل بالديزل؟

-لكن المبدأ أننا سائرون نحو الإحلال الكامل للمحطات الغازية الكهربائية بدلا عن تلك التي تعمل بالديزل.

*ماذا عن المناقصات لمحطات تعمل بالديزل؟

-تم هذا إلى أن تأتي لأنها بحاجة إلى زمن طويل حتى ترى النور بسبب الإجراءات.

*ولكن ماذا عن مصير مأرب1 متى سترى النور؟

-هذه المحطة تنفذها ثلاث شركات، محطة التوليد 341 ميجا نفذتها شركة سيمنس الألمانية وشركة النقل (الأبراج) نفذتها شركة كورية ومحطة التحويل التي فيها المشكلة وهي التي تحول الجهد العالي إلى جهد منخفض سواء في مأرب أو بني حشيش نفذتها وببطء شديد شركة إيرانية وهذا ما ضيع الوقت وكان الخيار إما أن نلغي الاتفاق وبالتالي نعيد المناقصة وهذه قد تأخذ سنوات وإما أن نستدعيهم وكان ذلك، حيث التقيت بهم وحلينا المشكلة وحين وصلنا لمرحلة التشغيل في شهر أكتوبر حصلت مشكلة بسب الغاز المستخدم لوجود شوائب وشكلنا لجنة عليا لحل الإشكال وإن شاء الله لن يمر يناير إلا وقد حلت المشكلة تماما.

*ولكن لماذا لم يطبق مثل هذا الحل على مأرب2 التي ألغيت مناقصتها فيما كانت ما زالت في الهيئة الاستشارية للتحليل؟

-يجب أن تعرف أن المناقصات الخاصة بمحطات الكهرباء معقدة، لأنها تتطلب مواصفات واضحة ومحددة ومشكلتنا تمثلت في الوكلاء الموجودين في اليمن التي تمثل الشركات وهذه المناقصات هي الثانية التي نلغيها وألغيت المناقصة الأولى بطلب من الصندوق السعودي والذي قال إننا لن نمول ولم نعلم السبب حتى الآن، رغم أن الأسعار في المناقصة السابقة كانت 750 ألف دولار للميجا الواحدة ولفتنا نظرهم إلى أن الأسعار سترتفع لو أعلنا مناقصة ثانية وصمموا حتى تكون المناقصة شفافة -كما قالوا- وللأسف أعدنا المناقصة واستمرت إجراءاتها أكثر من عام ولم تتقدم لفتح العروض المالية سوى شركتين ووصلت أسعارهما إلى مليون وثلاثمائة ألف دولار للميجا الواحدة، ومرة ثانية قال الصندوق العربي لا يمكن أن تمر لأن الأسعار غالية. واتخذنا قراراً في اللجنة العليا للطاقة بأن يتم توجيه طلبا للشركات المصنعة للتوربينات وعددها أربع أو خمس في العالم ويتم التفاوض معها مباشرة وكلفنا وزير الكهرباء باستدعاء مندوبيها إلى اليمن بحيث من يقدم سعر أفضل نقبله، اختصارا للإجراءات وقانون المناقصات يسمح بهذا.

*هل انحصر الاعتراض فقط من الصندوق العربي؟

-لا .. نحن اعترضنا أيضا على الأسعار ولكنه نبهنا إلى ذلك.

*لو عدنا إلى السؤال حول جدوى الأولويات؟

-في الحقيقة حينما قدمت الحكومة برنامجها على أساس أن هناك انتخابات ستجرى في إبريل 2009م وهو ما يعني تغييرها كاستحقاق دستوري جعلنا نقدم برنامجنا لعامين فقط ولأنه لم يتم إنجاز كل شيء رأى فخامة الرئيس بعد استشارات محددة أن يتم الأخذ ما هو في هذه العشر الأولويات وأن تركز الحكومة عليها، وهذا لا يعني إهمال بقية المسائل الأخرى، التعليم والصحة ولكن يتم التركيز على الأولويات ولهذا تم تصميم الموازنة لتلبية احتياجات هذه الأولويات واعتبرها من صلب عملنا.

*يعني هل هي مقدمة من الأخ الرئيس؟

-هي موجودة في برنامج الحكومة وبرنامج الرئيس ولكن فخامته بلورها في رسالة إلى الحكومة وأنا أعتبر لو تحقق جزء منها خلال ما تبقى من فترة الحكومة فإنه سيكون خيرا كثيرا.

*ولكن على رأس هذه الأولويات توظيف مائة يمني من خارج اليمن وداخلها لرفد مؤسسات معنية بهؤلاء بدعوى أنهم كفاءات يمكن أن يصلحوا الخلل الحاصل داخل هذه المؤسسات.. هل ترى نجاعة مثل هذا الأمر باعتبار أن هؤلاء الوافدين سيكونون متميزون عن بقية الموظفين سواء بما يستلمونه من أجور أو بمميزات أخرى، لماذا لا يتم تبني كفاءات من داخل كل مؤسسة؟

-إن مشكلتنا هي مشكلة إدارة وبالتالي هناك وظائف تعتبر مفاتيح وبعض شاغليها يمثلون عوائق للتنمية وبالتالي لا بد من التركيز على اختيار كفاءات متميزة لهذه المواقع وعندنا وظائف رائدة ومتميزة، فمثلا اللجنة العليا للمناقصات رواتبها كبيرة جدا ولا بد أن نخلق داخلها الجهاز الحكومي هذه الوظائف النوعية وسيتم اختيار الأشخاص من خلال المنافسة الشديدة وبنود مرجعية واضحة.

*ولكن كأنكم تقرون بأنه ليس هناك كفاءات داخل المؤسسات؟

-أنا لم أقل إنه لا توجد كفاءات.

*ولكن حينما تستورد من خارج اليمن؟

- (مقاطعا) ما المانع من الاستعانة بخبرات متميزة بحيث لن يصل إلى هذا الموقع إلا كفاءات متميزة.

*أضرب لك مثلاً برئاسة الحكومة التي حدد لها 20 شخصا يتم توظيفهم هل أنت؟

-(مقاطعا) شوف الأمر هو أولوية وهذا خاضع لشركة استشارية تنظر فيه لأنه يتطلب تعديلات في قوانين الخدمة والوظيفة والأجور إذا حسمنا الأمر لهذه الكفاءات.

*تقول إنه لم يتم حسم هذه المسألة؟

- ما زالت هذه أولوية مثلها مثل غيرها خاضعة لشركة استشارية لها سمعة طيبة جدا بحيث تعمل الآلية وطرق الاختيار وما هي التشريعات المطلوبة.

*دعم المشتقات النفطية في ظل التهريب الحاصل أصبح مشكلة كبيرة كيف تنظرون إلى هذا الامر؟

-دعم المشتقات النفطية هو خلل كبير وإهدار كبير لموارد الدولة وقد قلت يوما لتتخذ الحكومة قرار رفع الدعم حتى وإن قدمت استقالتها بعد ذلك. وعندنا دراسات تؤكد أن المستفيدين من دعم الديزل هم 20% الذين هم المزارعون والباقي أصحاب السيارات وهؤلاء لماذا ندعمهم وبالتالي حضرت إلى مجلس النواب وعرضت عليهم المشكلة وقولوني ما لم أقل حول عدد المهربين وكمية ما يهرب وما عملته هو أنني عرضت التحديات التي أمامنا وكم نهدر من مال وصل إلى أكثر من 450 مليار لدعم هذه المشتقات وعلى أي حال فإننا لن نتخذ مثل هذا القرار برفع أسعار المشتقات النفطية إلا بعد أن نوظف مثل هذا العائد الكبير في شبكة الضمان الاجتماعي ولتعزيز المرتبات ولدعم الرعاية الاجتماعية وسيذهب للتنمية والبنية التحتية. ولذا نحن ندرس مثل هذا الأمر ولكن لا بد أن يتم وفق رؤية واضحة حتى لا نزايد على بعضنا لأن تداعياته لا بد أن تطرح على مجلس النواب أو في المجالس المحلية أو في الاحزاب ومنظمات المجتمع المدني.

*الآن هل هناك قرار برفع الدعم؟

-نحن ندرس هذا الأمر ليس من الناحية الفنية فقط بل دراسة اجتماعية أيضاً، ونحن الآن نعمل استراتيجية للتواصل وينبغي أن نطرق كل الأبواب وأن نقنع الآخرين والمجتمع بحجم هذه المشكلة.

*كيف سيتم التواصل؟

-نذهب لمجلس النواب والمجالس المحلية ونقنعهم وحتى الصحف يجب أن يكون لها دور وعندما نهيئ الناس وينضج الأمر عندها نبدأ برفع الدعم سواء بشكل تدريجي أو كلي ولكن أقول لك وللأسف الشديد أن المعارضة كلما انعدم النفط ولو لساعات أثارت الشائعات وهيجت الناس من أن هناك جرعة ورفعاً للدعم وبحيث تحولت إلى معارضة مناكفات بدون عقلانية أو رشد وترفض أن تفهم أو تناقش الأمر بواقعية رغم أن من ضمن استراتيجية التواصل الالتقاء مع المعارضة لنطرح أهمية رفع هذا الدعم.

*ولكن هم يقولون لماذا لا يتم منع المهربين وهم قلة بدلا من معاقبة الشعب بكامله؟

-حيثما وجد الدعم وجد الاختلال وصحيح أن من واجبات الدولة منع المهربين وهي تقوم بذلك وتقبض عليهم وهناك تهريب داخلي حيث كنا قد اتخذنا قراراً بأن المصانع التي تستخدم كميات كبيرة من الديزل يباع لها بالسعر المعوم ولكنا وجدنا أن هناك من يبيع لهم بالسعر المدعوم وهنا يتوجب علينا البحث في جذر الخلل وليس عوارضه ولدينا تجربة رفع الدعم عن المواد الغذائية وهي ناجحة.

*ولكن يقال إن هناك تهريباً رسمياً وهو الأكبر؟

-لا يشكل حالة كبيرة والتهريب الأكبر هو التهريب الداخلي للمصانع وغيرها.

*ولكن القرار الخاص بالمصانع لم يتخذ إلا متأخراً بينما التهريب له فترة طويلة؟

-صحيح ولكن هناك محاربة للتهريب وهي مهمة أصيلة للحكومة.

*أسألك عن الإهمال الحاصل لمحافظة عدن وبالذات في ما يخص التأخر في استثمار مينائها وموقعها الاستراتيجيين؟

-عدن احتلت إحدى الأولويات التي أولاها فخامة الرئيس اهتمامه وقلنا إنه لا بد أن تكون لنا خريطة واضحة لعدن باعتبارها مدينة تجارية وصناعية وتم إنشاء المنطقة الحرة بقانون واضح وأهم ميزة هي الحفاظ على أراضيها، ولكن عدن هي الميناء ولن ينتعش أي نشاط فيها ما لم ينتعش الميناء وكان قد روج في فترة من الفترات السابقة لإدارة ميناء عدن ودخلت عدد من الشركات وحصل لغط في هذا الأمر ورفضت الاتفاقية فيما بعد ونحن في هذه الحكومة قدمنا مقترحاً وقلنا إنه ينبغي أن نتقدم بشراكة تطويرية مع شركة لها باع طويل في عملية إنشاء الموانئ وتطويرها وتباحثنا مع شركة موانئ دبي وألغينا الاتفاقية السابقة وتم إنشاء شركة مشتركة 50% لموانئ عدن و50% لموانئ دبي بحيث تدخل اليمن بالأصول وهم يقومون بمهمة التطوير وتكون الإدارة لموانئ دبي ورغم أن الاتفاق لم يمر عليه سوى عام إلا أنه تحقق عمل مبدع وقد زرته مؤخرا لولا تأثير القرصنة الذي خفض نسبة النشاط إلى 40% ونعتبر ذلك حدثا طارئا.

*طيب متى سينعكس ذلك على مطار عدن الذي أصبح شبه مشلول؟

-أقول لك لن يتحرك شيء في عدن سواء المنطقة الصناعية أو المطار أو غيره لن يتحرك بشكل كبير إلا إذا انطلق ميناء عدن.

*طيب متى سينطلق هل هناك سقف محدد؟

-قريبا وعندهم برنامج زمني محدد وأنا اطلعت عليه.

*هل حدث إجحاف بحق اليمن في هذه الاتفاقية مقارنة باتفاقية الشركة الكويتية التي يقال إنها قدمت عرضاً أفضل؟

-انتهت كلها.. كانت الفكرة السابقة أنها تحصل مناقصة لتطوير وإدارة ميناء عدن دون تدخل من الدولة ونجحت موانئ دبي ولكننا في الأخير درسنا الموضوع ورأينا أن نلغي هذا الأمر وندخل في شراكة حقيقية وهو مكسب كبير وإذا نجحت يمكن أن ننتقل بها إلى ميناء الحديدة والمكلا.

*دكتور هناك لغط حول دور اللجنة الفنية والبعض يعتبرها حكومة مصغرة، ما الداعي لإنشائها؟

-الأولويات العشر تتطلب إنشاء مكتب تنفيذي ولا يعقل أن نشكله من كل الوزراء ولكن من الوزراء المعنيين بهذه الأولويات العشر وهذا المكتب برئاستي وأنا صاحب القرار الأول والأخير فيه وهذا يتطلب عملاً فنياً ولهذا شكلنا لجنة فنية للمكتب التنفيذي وهي تمثل بعض الوزارات المالية ، التخطيط وغيرها بحيث يفككوا هذه الأولويات ويقترحوا ماذا يجب عمله بمصفوفات تنفيذية واضحة وللأمانة فهم يبذلون كثيرا من الجهد وقد حصلت لقاءات عديدة على كل أولوية من هذه الأولويات وتم استدعاء المعنيين في كل وزارة لمناقشة كل التفاصيل وهناك خطوات قد تمت في عدد من المجالات وكل ما تم مناقشته والتوصل إليه يتم رفعه إلى المكتب التنفيذي الذي قررنا أن يعقد اجتماعاته كل عشرة أيام ونرفع بهذا تقريراً إلى فخامة الرئيس كل شهر في مصفوفات واضحة.

*في ما يخص مصافي عدن وتخفيض حصتهم من النفط الخام إلى النصف هل هي مقدمة لخصخصتها رغم كونها ناجحة ولا تكلف الدولة أي مبالغ مالية؟

-أنا أعتبر مصفاة عدن مشروعاً استراتيجياً وهي تلعب دوراً كبيراً وحين أنشت لم تكن تعتمد على النفط المحلي وعندنا اتجاه أن أي مصفاة يريد إنشاءها أي مستثمر لا يشترط أن نساعده بتمويله بالنفط ومصفاة عدن أنشئت في 58 بالاعتماد على استيراد النفط الخام وكانت تكرره وتصدره ونحن الآن في لجنة تسويق النفط التي هي برئاستي نتسوق النفط بشفافية مطلقة ومن خلال المراسلات بيننا وبين هذه الشركات وجدنا أن نفط مأرب لم يكن معروفاً في السوق العالمية وبالقياس للسعر الرسمي الذي نحصل عليه من نفط مأرب نبيع ما تبقى منه لمصفاة عدن ونفط مأرب أصبح معروفا الآن وأصبح سعره سعر برنت زائد ثمانين سنتاً ومصفاة عدن عمرها كبير تقادمت آلياتها وهي بحاجة إلى تحديث ولا يجب أن يفهم من هذا الامر أننا نسعى للخصخصة، ولكن يمكن أن ندخل شريكاً استراتيجياً لتحديث المصفاة بشكل كامل ونبقي حصة الدولة أو نجعل جزءاً منها شريكاً استراتيجياً يحدثها ونفتح الباقي للاكتتاب العام ومن ضمن ذلك العمال وتصبح شركة مساهمة أما في وضعها الحالي فهي لا تشتغل بأكثر من 30% وبالتالي لا بد من تحديثها واحتفاظ الدولة بالنصيب الأكبر لأن هذه المصفاة ارتبطت بها أسر عديدة على مدى تاريخها.

*ولكن المشكلة أن المصفاة تم تغيير تربيناتها بحيث يتلاءم فقط مع خام مأرب. والأمر الثاني أعلم أن المصفاة تشتري خام مأرب بالسعر العالمي؟

-مزايا بيعنا لنفط مأرب أننا أدخلناه للسوق العالمية بحوالي 600 ألف برميل لأن هذه إحدى الشروط وما تبقى أكثر من 75% يباع للمصفاة وأصبح لدينا سعر رسمي يمكننا أن نعرضه على المصفاة.

*لو انتقلنا دكتور إلى ما يحدث في عدد من المحافظات الجنوبية من انفلات أمني وقتل وصل الأمر إلى أن شخصاً يفرض العصيان المدني وينجح في ظل غياب كامل للدولة وللسلطة المحلية؟

-أولاً.. أكبر إنجاز تحقق في تاريخ اليمن هي الوحدة وكان هذا في عهد الرئيس علي عبدالله صالح وبعد تحقيق الوحدة هناك من فقد مصالحه خاصة بعد هروب الحزب الاشتراكي إليها بدليل الاعتكافات التي حصلت قبل الحرب.

*يا دكتور لماذا لا نركز على ما هو حاصل بدلا من العودة إلى الماضي؟

-لحظة هذه خلفية لا بد من العودة إليها لأن ما يجري اليوم هو بقايا الدعوة لانفصال 94، لأن الخطاب هو نفس الخطاب وما قاله علي سالم البيض في تبني انفصال 94 كرره اليوم في 2009م وأقول لك إنه غير صحيح أن ما يجري في الجنوب من دعوات انفصالية هو بسبب استحقاقات ومطالب حقوقية. هذه أجندة في رؤوس الكثير ممن فقدوا مصالحهم لأن الانفصال دعي إليه في 94م ولم تكن هناك مطالب ولا مشاكل اراضي بل العكس، فالأراضي هم من وزعوها. ومع ذلك الدولة حلت مشاكل هؤلاء بحق وبدون حق وعاد الكثير من المتقاعدين الذين يكلفون الدولة اليوم عشرات المليارات.

*لماذا لا تتحدث عما يجري في الواقع اليوم؟

-أولا أنا أعتقد أنا ما حظيت به المحافظات الجنوبية أكبر بكثير في مجالات التنمية مما حصلت عليه المحافظات الشمالية. ماذا يريد هؤلاء؟ انظر إلى عدن كيف كانت وكيف أصبحت اليوم؟

*هل يعقل أن كل هؤلاء الذين يخرجون للشارع لا تحركهم مطالب؟

-هؤلاء مجرد بقايا لمن دعو للانفصال.

*ولكن أحيانا يخرج الناس بالآلاف.

-لا تهول يا أخي، إن المظاهرات التي تخرج لا تزيد عن خمسين شخصا أو مائتين على الأكثر وهؤلاء ماذا يشكلون بالنسبة للغالبية العظمى المساندة للوحدة والذين سيدافعون عنها ولكن هؤلاء الذين فقدوا مصالحهم ممن كانوا مسئولين للحزب أو لمنظمات جماهيرية في الحزب الاشتراكي.

*ولكن أحد أبرز هؤلاء والذي يقود العصيان لم يكن من الحزب الاشتراكي بل كان عدوا له، وإنما كان محسوبا على الدولة وأقصد طارق الفضلي؟

-هذا عنده أجندة ثانية لأنه قد حدث تداخل في الأشياء وتعدى الامر الدعوة إلى ما قبل 22 مايو وحدثت شطحات أخرى تدعو للعودة إلى ما قبل ثورة أكتوبر والفضلي يسعى لإعادة سلطنته في ظل هذه الهوشلية وكل أصبح يحمل أجندة.

*ولكن لماذا لا يفعل القانون في كل ما يجري، فهناك غياب شبه كامل للدولة وللسلطة المحلية التي حتى لم تحم من كان يرغب في الخروج لمتجره لطلب الرزق؟

-كان كلفني فخامة الرئيس بالنزول إلى عدن والتقيت بقيادة محافظتي لحج وأبين وطرحت عليهما مجموعة من الأسئلة وكان من أهمها حول غياب دور السلطة المحلية وخاصة إزاء أولئك الذين يقومون بأعمال إجرامية من قتل للناس بالبطاقة.. وقطع الطرق والقتل بالبطاقة هي أساليب الحزب الاشتراكي وكانوا في دورات العنف التي تحصل قبل الوحدة كل خمس سنوات يقتلون بالبطاقة، هذه بصمات الحزب الذي كان يحكم بالحديد والنار وبالتالي حثينا السلطة المحلية أن تكون اللجان الأمنية فاعلة وفي انعقاد مستمر لضبط مرتكبي هذه الجرائم مهما كلف الأمر.

*ولكن السلطات المحلية واللجان الأمنية لم تستطع كبح جماح ما يحدث؟

-يا أخي الأعمال محصورة في مجموعة بسيطة من بعض قرى المديريات وليس حتى في مديريات كاملة، في الحبيلين وقليل في أبين وفي بعض شبوة ولكن بقية المحافظات الجنوبية هادئة وإذا خرج خمسون شخصاً للتظاهر والاعتصام هنا أو هناك أو حتى حدث قتل هذه تحصل وأنا أعتبر أن الوضع مسيطر عليه، أما في موضوع الدعوة للانفصال فأنا أكرر أنها ليست لها علاقة بالحقوق أو بمظالم تطال أبناء المحافظات الجنوبية والمظالم إن وجدت فهي موجودة في كل المحافظات ومشاكل الأراضي والبطالة هي موجودة في كل مكان ويجب التفريق بين مطالب حقوقية ومصير وطن، فهل من العقل أن تقول أنا عاطل عن العمل أريد الانفصال.. من أعطى هؤلاء الوصاية على هذا الجزء أو ذاك من البلاد؟!

*لكن لماذا أنت شديد في تحميل الحزب الاشتراكي تبعات ما يجري، بينما الفضلي المقترف لجملة من الأعمال غير القانونية تقفز عليه ولا تأتي إليه إلا عرضاً؟

-أنا قلت لك أن البعض ينادي بالعودة إلى ما قبل 22 مايو.. إلى المشيخات والسلطنات والفضلي له أجندته وكل من هؤلاء يغني على ليلاه.

*آلية الدولة هي القانون والقضاء لماذا لا يستخدمان إزاء ما يجري والفضلي تحديدا؟

-نحن نعمل على ذلك والسلطة المحلية هي المعنية بضبط المخالفين للقانون وفي كل محافظة لجنة أمنية برئاسة محافظ المحافظة وينبغي أن تكون في حالة انعقاد مستمر ولها خططها الأمنية الواضحة بحيث تحدد ما هي المتطلبات لضبط الأمن وهو ما يحدث ونحن نتابع واللجنة الأمنية العليا في حالة انعقاد دائم وأي تقصير سيحاسب.

*هل من صلاحية اللجنة الأمنية في المحافظة القبض على الفضلي أم أنه قرار سياسي .. نقول هذا لأن هناك اعتقالات تطال متظاهرين عزلاً؟

-اللجنة الأمنية في المحافظة هي التي تقرر الإجراءات وفق أعمال الشغب وما يرافقها، لأن مهمتها هنا أصيلة ولا أحد يقول لها أن تغض الطرف عن أي شخص يثير شغباً أو يقوم بالقتل ولذا لو كان عند اللجان الأمنية في المحافظات خطط أمنية تعمل على ضوئها فإنها ستعمل وستتخذ قرارات بحسب ما تراه مناسبا.

*من مجمل حديثك كأنك تقول إنه لا توجد أزمة في المحافظات الجنوبية؟

-لا.. لا توجد أزمة هناك شغب يقف خلفه أناس فقدوا مصالحهم وانفصاليون مرتبطون بأجندة انفصال 94م، هؤلاء هم الذين يثيرون الشغب وشعب الجنوب وحدوي حتى العظم ودافع عن وحدته في 94.

*أليس في حديثك تبسيط للمشكلة وأنت كرئيس للحكومة لماذا بدلا من إنكار المشكلة تقوم بمناقشتها والبحث عن حلول لها؟

-ليس هناك تبسيط والحديث عن حلول يتم في إطار الوطن كله ونحن في مشروع التعديلات الدستورية الذي طرحه فخامة الرئيس هناك حديث عن حكم محلي وقد عملنا استراتيجية وطنية له تبدأ بالتدريج أولا في المحافظات التي هي مهيأة وبها تنمية وقدرات كبيرة تبدأ بها بحيث هذه المحافظة أو تلك تكون المسئولة عن إدارة شئونها ولكن لا بد أن يبدأ بالتدريج، فاليمن طوال تاريخها كانت دولة مركزية ولكن ينبغي أن ترسي مفهوم الحكم المحلي وهو ما جاءت به التعديلات الدستورية.

*هل الاتجاه هو نحو حكم محلي كامل أو واسع؟

- هذه مصطلحات عائمة.. وما نقوله هو إننا سنعطي صلاحيات في إطار الدولة المركزية، فمثلا فرنسا دولة مركزية وفيها حكم محلي وليس فيها فيدرالية ولذا أقول سيكون هناك دولة مركزية بالتأكيد لكن ينبغي أن تعطى كل الصلاحيات لمسئولي المحافظات.. فماذا يعني الحكم المحلي. سوى أن تكون المديرية المرتبطة بالخدمات بالتعليم بالصحة بالشرطة وأعطيها الصلاحيات وأنمي قدراتها بحيث تستطيع تنفيذ برامجها الاستثمارية والخدمية بشكل ممتاز.

*أخي العزيز دخلت معارك جانبية البعض اعتبرها أنها ليست من مهام رئيس الحكومة وذلك حينما كتبت ضد الرئيس الأسبق علي ناصر محمد.. ما هو الباعث لذلك؟

-أولا البادئ أظلم وعلي ناصر في حديث صحفي له سُئل عن دور القيادات الجنوبية في السلطة (رغم أني لا أحبذ مثل هذه التصنيفات) ورد عليه فعلا أن هناك قيادات ولكنها لا ترتقي إلى مستوى القرار ولا تحقق طموحات الجنوبيين وكأنما أنا موجود كرئيس للوزراء،لأحقق طموحات هذه القرية أو تلك واستفزني هذا التصريح أما غيره فلا وأنا أمارس عملي كرئيس للحكومة لكل اليمن وأهتم بمشاكل كل اليمن وأحل مشاكل كل اليمن.

*ولكن لماذا التحسس.. كونك رئيس حكومة لكل اليمن لا يعني أنك لست من أبناء محافظة أو حتى قرية معينة والملاحظ أن قيادات من أبناء هذه المحافظات في الجنوب لم ينعكس وجودهم لتهدئة الوضع فيها بحكم العلاقة والمعرفة والقرابة؟

-هذا هو دور الدولة وأنا رئيس وزراء لليمن.

*ولكن هذا لا يعني أنك لست من أبناء شبوة؟

-صحيح أنا من أبنائها وأتشرف أنني ولدت في شبوة وأنا لا أنظر إلى هذه العصبية لكي أهتم بهذه القرى أو تلك وأنا أشتغل وفق رؤية مؤسسية وأعرف ماذا يعني منصبي كرئيس للحكومة.

*ولكن أسألك هل أبناء المحافظات الجنوبية ممن تم تعيينهم كقيادات في الدولة يصنعون قرارات وهل أنت صانع قرار كرئيس للحكومة؟

-نعم أصنع القرار وفق مهامي الدستورية والقانونية أنا أصنع قراراً، أترأس مجلس الوزراء وأصدر قرارات وأمارس صلاحياتي كاملة وبالتأكيد رئيس الجمهورية هو رئيسي وبالتالي في بعض القضايا نحن نتشاور ولا يوجد أي تدخلات وإن وجدت أرفضها.

*أسألك هل تملك الحكومة استراتيجية محددة وواضحة ستقوم بتنفيذها في الانتخابات القادمة؟

-نعم الأولويات العشر وإنجازها ونحن قريبا سننجز المهام التنفيذية والتفصيلية لكل أولوية والموازنة العامة صممت تمويليا لإنجاز هذه المهام ولو أكملت الحكومة بما تبقى لها من فترة هذه المهام أو بعضها فأنا أعتبرها إنجازاً.

*ولكن هل من أولويات أي حكومة أن تهجر مواطنيها بدلا من إيجاد فرص عمل لهم؟

-أنا قلت لك إن دورة الاستثمار طويلة ولا يمكن أن نراهن كثيرا عليها لان دورة المشاريع طويلة وأنت تعرف أن شعبنا معروف أنه شعب مهاجر والحل عبر المدى القصير والمتوسط هو فتح آفاق العمل في الخارج ولكن علينا أن نهيئ عمالة بشكل ممتاز فنيا وعمليا ليصبحوا عمالة مطلوبة في دول الخليج، هذا هو الحل ولكن على المدى الطويل يجب اعتماد الاستثمارات النوعية.

*ما هي علاقاتك كرئيس حكومة بالمعارضة هل تناقشون قضايا البلد الشائكة الاقتصادية على الأقل؟

-نلتقي بهم ولدينا علاقات طيبة والتقيت بقيادة اللقاء المشترك رسميا والتقى بقيادات الأحزاب الأخرى مثلما ألتقي بقيادات المنظمات المهنية مع أن اللقاء المشترك جزء من المشكلة بعد أن تراجعوا في تنفيذ اتفاق فبراير الذي على أساسه تم تأجيل الانتخابات وبعد أن كانوا قد رحبوا به وعادوا وانقلبوا عليه ولم يتجاوبوا على الإطلاق مع الدعوات للحوار ولا أدري ما هي أجندتهم رغم أن المؤتمر الشعبي كان قادراً على إجراء انتخابات ومع ذلك رأينا التنازل والتأجيل والآن الوقت يمر والمشترك متهرب.

*مؤخرا جدد الرئيس دعوته للحوار كيف تنظر إليه في ظل رفض المعارضة؟

-أولا لقد عودنا الرئيس على أن تعامله مع الآخرين ينطلق من كونه رئيسا للجميع وليس لحزب واحد وعادة ما يقدم تنازلات من أجل مصلحة البلد في أوقات كثيرة رغما عن تحفظات حزبه ولذا فإن دعوة فخامته للحوار هو استمرار لنهجه الذي عرفناه وكل ما نأمله هو أن يتعاطى المشترك مع هذه الدعوة باعتبارها بمثابة الفرصة الأخيرة له وأن يجعل المصلحة الوطنية مقدمة على الرغبة المجنونة في تحقيق مكاسب ونقاط على حساب استقرار البلد وشعبه، ونحن هنا كحكومة نؤكد وقوفنا المستمر والدائم مع كل ما ينتهجه الرئيس وما يقره من توجهات دافعها الأول والأخير مصلحة اليمن أرضا وشعبا حيث تعد هذه الدعوة للحوار فاتحة خير نأمل أن يتم تقديرها من قبل المدعوين.

*هل تقول هذا باعتبارك رئيس حكومة الحزب الحاكم؟

-أنا رئيس حكومة الحزب الحاكم وهو لديه أغلبية وأنا أنتمي للمؤتمر الشعبي العام وعضو لجنته العامة.

*كيف تقيم علاقة الحكومة بمجلس النواب؟

-مجلس النواب كانت تجمعه مع الحكومات السابقة مناكفات رغم أن مجلس النواب هو حلقة من حلقات اتخاذ القرار سواء فيما يخص موضوع التشريعات أو القروض أو الاتفاقيات، فإذا حل العناد تعطلت الكثير من القضايا وكذا أنا اعتبرت المجلس حلقة هامة جدا لا بد من خلق نوع من الثقة معه وفي بداية تشكيل الحكومة التقيت بالكتل البرلمانية عدة لقاءات وطلبت منهم البدء بصفحة جديدة وقلت لهم نحن في الحكومة سنكون ملتزمين بقراراتكم ولكن أرجو أن لا تحبس قراراتنا في أدراجكم سواء كانت قوانين أو قروض..

وتصور أن بعض القروض كانت تظل في المجلس أكثر من عام والحمد لله أزلنا الحاجز الموجود وألزمت الوزراء بأنه حين يطلب المجلس أياً منهم فإن عليه أن يذهب ويرد على الأسئلة ويوثق هذا بتقرير أسبوعي يرفعه وزير شئون مجلس النواب وقد دعيت شخصيا إلى المجلس وذهبت والآن العلاقة والحمد لله في أحسن حالاتها بين الحكومة والبرلمان والأمور تسير بشكل أفضل.

*من موقعك كرئيس للحكومة كيف تعلق على ما يمكن أن يعتبره الناس فشلا حكوميا إزاء قضيا تخصهم، أولا: حمى الضنك التي تفتك بالناس، التعليم المختل، الإرهاب، كارثة السيول والفشل في احتوائه؟

-أولا فيما يخص أداء الحكومة وبالذات في ما يخص حمى الضنك لقد برزت هذه المشكلة وأنا كنت في تعز قبل عيد الفطر وقد ناقشها مجلس الوزراء أكثر من مرة واتخذت بعض الإجراءات لمكافحتها وكلفت وزير الصحة مع محافظ تعز بإيجاد آلية تعقبها إجراءات محددة وواضحة لمعالجة أسباب المشكلة ومكافحتها من خلال تفعيل الطب الوقائي وعملهم جيد.

فيما يتعلق بأضرار السيول لقد مر عليها أكثر من عام وقد أعطاها فخامة الرئيس جل اهتمامه وحدثت اجتماعات هناك وأعطى توجيهات بإنشاء صندوق إعمار حضرموت الذي أترأسه وجمعنا أكثر من 42 ملياراً إضافة إلى دعم الإخوة الإماراتيين ببناء ألف مسكن سكن وعقدنا أكثر من لقاء للجنة التنفيذية واتبعنا أسلوب التعويض وقد تم تعويض من تهدمت منازلهم جزئياً وهو على غرار ما تم عمله في صعدة.

والحمد لله الأمور تجري بوتيرة متسارعة وبداية الأسبوع ذهب رئيس جمعية الهلال الأحمر الإماراتي إلى المناطق المتضررة ووجد أن المساحات المخصصة للوحدات السكنية جاهزة بالكامل وسيبدأ تنفيذ المشروع قريبا وقد أعطينا الأولوية المطلقة لمسألة السكن وهناك أضرار أخرى في الزراعة وفي النحل، المواشي والبعض يتعجل الأمر مع أن المسألة ليست بهذه السهولة فهناك من تهدم عليه دور وآخر أربعة أدوار وهكذا وسيتم التعويض بحسب الأضرار ولكن هناك مسوحات وتأكد من الحالات وسيبدأ الإماراتيون قريبا بعد أن حلينا مشكلة الأراضي وسنشتغل في المرحلة اللاحقة على التعويض في مسألة المزارع وملف المحاصيل وأهم شيء هو تصفية الوديان من الأشجار التي كانت تعيق مجرى السيل حتى لا تتكرر ونحن في المجلس مرتاحون لما يجري.

في مسألة التعليم هناك خلل ولكن تكمن المشكلة الأساسية في النمو المتزايد للسكان. وأنت تعرف أن قبل الثورة كانت المدارس بعدد أصابع اليد الواحدة ولذا كان تعليم نخبة، الآن أصبح التعليم حق للجميع وهذا التدفق خلق عبئاً وأعتقد أنه ينبغي أن تكون هناك رؤية واضحة في مسألة إدارة التعليم وفي إطار الحكم المحلي يجب أن تكون إدارة التعليم لا مركزية، بحيث تشرف السلطة المحلية على اختيار إدارة المدرسة وإيجاد التجهيزات الكاملة.

العملية التعليمية بالتأكيد بحاجة إلى جهد أكبر ولكن أن يصبح التعليم منتشرا في كل أنحاء اليمن يعتبر إنجازاً كبيراً ويبقى أن ننتقل من مسألة الكم إلى التركيز على الكيف من خلال الإدارة الفاعلة للتعليم باختيار المدرس الكفء والمنهج المواكب للتطورات والإدارة القادرة.

زر الذهاب إلى الأعلى