من الأرشيف

رسالة الرئيس علي عبدالله صالح لأحزاب المعارضة حول الحوار وردهم عليها

نشرت صحيفة الوسط اليمنية في عددها الأخير، نص رسالة رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح لأحزاب اللقاء المشترك، ونص رد المشترك على رسالة الرئيس حول القضايا الوطنية الراهنة والحوار الوطني..

نص رسالة الرئيس

كان اللقاء مع الأخ محمد عبد الله اليدومي بتاريخ 29/11/2009م وطرحت عليه النقاط التالية:

-ما هو رهان أحزاب اللقاء المشترك مجتمعة أو منفردة وهل أنتم تريدون دخول القصر الجمهوري على نهر من الدماء التي تسال في صعدة والملاحيظ وحرف سفيان، هذا من المستحيل وعمل انتحاري..

لماذا لا تقف أحزاب اللقاء المشترك أمام نقطتين أساسيتين وهما:

*الاصطفاف ضد العناصر الحوثية المرتدة عن الثورة والجمهورية والتي تسعى لإعادة عجلة التاريخ في الوطن للوراء.

*الاصطفاف ضد العناصر الانفصالية في بعض مديريات المحافظات الجنوبية والهادفة إلى إعادة تمزيق الوطن أما بقية النقاط فليس لدينا أي مانع أن تكون محل حوار، سواء تشكيل حكومة ائتلافية أو إجراء تعديلات دستورية أو تعديل قوانين وغيرها، فجميعها مقبولة في إطار الاصطفاف الوطني المتفق عليه حول النقطتين أعلاه.

هذا ما تم في اللقاء مع الأخ محمد اليدومي والذي أبلغنا من جانبه بأنه سيتواصل مع إخوانه في الإصلاح وفي اللقاء المشترك وقلنا له إذا كان لدى أحزاب المشترك حلول لموضوع ما يجري في صعدة من جانب الحوثيين أو مع عناصر ما يسمى ب(الحراك) فعليهم تقديم تلك الحلول والتفاهم حولها وبما يحقق المصلحة الوطنية.

***

نص رسالة المشترك

قال الله تع إلى "لا خير في كثير من نجواهم * إلا من أمر بصدقة أو إصلاح بين الناس" صدق الله العظيم.

وقف المجلس الأعلى للقاء المشترك أمام ما تضمنته الورقة التي حملها إليه الأخ الأستاذ/ محمد عبدالله اليدومي رئيس الهيئة العليا للتجمع اليمني للإصلاح يوم السبت 28/11/2009م والتي تم مناقشة ما جاء فيها، في المجلس الأعلى وعرضها على اللجنة التحضيرية للحوار الوطني وخُلِصَ إلى:

* أولا: حرب صعدة وفيها يعيد اللقاء المشترك التأكيد على:

- أننا لسنا طرفا في هذه الحرب، ولم نكن يوما طرفا في (إراقة أنهار من الدماء التي سالت وتسيل في صعدة وحرف سفيان والملاحيظ) كما أشارت الورقة، بل إننا عبرنا عن أسفنا وعميق ألمنا لذلك النزيف والهدر لتلك الدماء اليمنية العزيزة في هذه الحرب العبثية التي عمقت المشكلة وزادتها اتساعا ولهيبا، وكان هذا الموقف واضحا في بيان المشترك الصادر في 28/6/2004م عقب اندلاع الحرب الأولى التي فوجئنا بها، فقد نص البيان على:

- طلب اللقاء برئيس الجمهورية لاستجلاء حقيقة الموقف منه بصفته المسئول الأول عن تطبيق الدستور والقانون.

- التأكيد وبوضوح على أن نهج الحروب لا يمكن من خلاله حل أي مشكلة داخلية وأن الحل يكمن في انتهاج الحوار وإعادة المشكلة إلى المؤسسات لمعالجة جذورها وأسبابها.

- المطالبة بحل المشكلة في الإطار الوطني وفي ظل الاحتكام للدستور والقوانين النافذة، وبما يضمن عدم تكرار حدوثها.

وظل المشترك متمسكا بذات الموقف الوطني من هذه الحرب، وأسهم في كل الجهود المخلصة التي بذلت لحلها، ورغم اعتراضنا على الحرب كنهج لحل القضايا الوطنية فإننا أبدينا استعدادنا للإسهام في أي جهد يؤدي إلى إيقاف الحرب. وشارك اللقاء المشترك في معظم لجان الوساطات، ورغم تحفظنا على أقلمة القضية فقد رحبنا بأي جهد عربي لحل المشكلة من خلال حوار وطني وعلى أساس وطني، كما حذرنا من غياب الشفافية في التعامل مع هذه القضية من قبل السلطة ومنذ البداية، والتي كانت سببا في تجدد الحرب وعدم معالجة آثارها..

ومع ذلك فقد بارك المشترك كل قرارات وقف الحرب من قبل رئيس الجمهورية، على اعتبار أن حقن دماء اليمنيين عمل مقدم على كل تقييم مهما كانت الحاجة إليه في الظروف الراهنة، وأكدنا في رسالتنا إلى رئيس الجمهورية بتاريخ 5/8/2008م بشأن مشكلة صعدة وتداعياتها على أن (الوقت قد حان لموقف وطني مسئول يؤدي إلى وقف هذه الحرب نهائيا ويحول دون إنتاج حروب ونزاعات وطنية أخرى وذلك لن يتحقق إلا بجهد وطني كامل وشامل يشارك فيه كل أبناء الوطن).

لقد أثبت الاتجاه الخاطئ الذي قادت إليه حرب صعدة صحة ما حذرنا منه في وقت مبكر، وهو ذاته الاتجاه المدمر المليء بالدماء والأشلاء وآلام المكلومين والثك إلى الذي لن يؤدي (إلى القصر الجمهوري) بل إلى الخراب الذي لا يشرفنا مجرد التفكير في السير فيه، لأننا نؤمن أن الغايات والأهداف المشروعة والنبيلة يجب أن تتحقق بوسائل لا تقل عنها نبلا وسموا.

* ثانيا: اتفاق فبراير:

وفي هذا الصدد تجدد أحزاب اللقاء المشترك التأكيد على تمسكها بهذا الاتفاق الموقع مع المؤتمر الشعبي العام في 23/2/2009م باعتباره توافقا سياسيا وطنيا يتيح الفرصة للجميع للمشاركة والمساهمة الفاعلة في مواجهة الأزمات التي تعصف ببلادنا والتي لا تجيد السلطة غير تأجيجها وافتعالها. وفي حين ظل المؤتمر الشعبي العام مستمرا في تعامله مع هذا الاتفاق كغيره من الاتفاقات السابقة، وبنفس أساليب الاستخفاف واللامبالاة فإن اللقاء المشترك قد تعامل مع هذا الاتفاق بمسئولية عالية، مستشعرا خطورة وحساسية ما يمر به الوطن، وقد عبر المشترك عن ذلك الحرص في كل مواقفه المعلنة، وفي خطابه الإعلامي كما في رسائله الموجهة إلى قيادة المؤتمر الشعبي بتاريخ 11-19-25/7/2009م، ورؤيته المقدمة لقيادة المؤتمر بتاريخ 3/8/2009م والتي أكد في مجملها على التمسك والحرص على الحوار وتنفيذ الاتفاق الموقع في فبراير من خلال:

1- التمسك بضرورة تهيئة المناخات السياسية، وتنقية الأجواء وإزالة مظاهر الاحتقان باعتبار أن الحوار السياسي لا يمكن أن يكون إلا تعبيرا عن خيار الرشد الذي يعبر به اليمن إلى بر الأمان" وهو ما نص عليه اتفاق فبراير.

2- التأكيد على مشاركة كافة القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني في الحوار ووضع الآليات التي تحقق ذلك الهدف الذي يتطلع إليه كل أبناء اليمن.

3- وضع كافة القضايا الوطنية على طاولة الحوار وبحيث لا يسمح بحوارات جانبية في القضايا الملتهبة بخاصة قضيتي صعدة والجنوب، كون الحوارات الجانبية التي تفضلها السلطة قد أدت إلى تفاقم هذه المشكلات وتعقيدها وتوسيعها. وبدلا من استجابة السلطة وتنفيذها لما نص عليه الاتفاق راحت تمارس ما يتناقض معه بالمزيد من الانتهاكات للحقوق والحريات، وتعكير صفو السلام والأمن الاجتماعي وإشاعة أجواء الإرهاب والعنف الجسدي والمعنوي الذي طال نشطاء الحراك السلمي بالقتل والاعتقال، والمحاكمات الأمنية، والاعتداء بالضرب والترهيب الذي تعرض له الناطق الرسمي للقاء المشترك نائف القانص، والإخفاء القسري المستمر للناشط السياسي/ محمد المقالح عضو اللجنة المركزية للحزب الاشتراكي اليمني، وحبس واعتقال الصحفيين ومصادرة وإغلاق الصحف (الأيام، المصدر، الشورى) ومنع طباعتها وإجراء محاكمات صورية للصحفيين بغية تكميم الأفواه والقضاء على ما تبقى من هامش الحريات الصحفية، وإشاعة أجواء الكراهية والانقسام في المجتمع، ومنذ توقيع اتفاق فبراير ظلت أحزاب اللقاء المشترك وقيادتها ورموزها ومواقفها عرضة لأبشع حملات التشهير والقذف والتشويه الذي تمارسه وسائل الإعلام الرسمية الممولة من مال الشعب، وجرى تهديد هذه الأحزاب بالإلغاء والمصادرة من قبل لجنة شئون الأحزاب، وفي هذه الأجواء المأزومة تفجرت حرب صعدة للمرة السادسة بقرار دأبت السلطة على التفرد به غير مدركة ولا آبهة بمخاطر هذه الحرب العبثية التي أهلكت الحرث والنسل وأدت إلى إثارة الأحقاد والنزعات الطائفية والعنصرية المرفوضة وأضعفت من تماسك النسيج الوطني..

ولم تقف سياسة السلطة بانتهاك الدستور والتفلت من مضامين اتفاق فبراير عند ذلك الحد، بل إنها عمليا قد انقلبت على ذلك الاتفاق من خلال قيامها بإجراء ما سمي بالانتخابات التكميلية التي كانت ذروة المهزلة التي سعت إليها وأدارتها السلطة وحزبها الحاكم ولجنة الانتخابات اللاشرعية دونما حاجة ولا ضرورة إلا إشباع نزوات التفرد والسيطرة وإقصاء شركاء الحياة السياسية وإثارة الفتن والتوترات في أوساط المجتمع.

* ثالثا: الاصطفاف الوطني:

وفي هذا الصدد فإن اللقاء المشترك يعتبر دعوات السلطة للاصطفاف الوطني على النحو الذي جاء في الورقة لا تختلف بالنتيجة عن دعوتها للحوار، فشتان بين ما تدعو إليه السلطة وما تمارسه فعليا..

إنما يؤدي إلى مزيد من الانقسام المجتمعي والتفكك الوطني، لأن الاصطفاف الوطني المنشود والمأمول الذي يحقق للبلد الخروج من أزماتها الكبرى هو ذلك الاصطفاف الذي ينبني على قاعدة الاعتراف بالأزمة الوطنية بمظاهرها المختلفة ومنها (القضية الجنوبية، قضية صعدة، قضية الإصلاح السياسي والاقتصادي، الإرهاب، والتراجع عن الهامش الديمقراطي...الخ) وهي القضايا التي سبق وأن أكد عليها اللقاء المشترك في كل مواقفه وبخاصة رسالته الموجهة إليكم بتاريخ 16/6/2009م نرفق لكم صورة منها، والتي تضمنت رؤيتنا للخروج من الأزمة، واستعدادنا للمشاركة في وضع الحلول والمعالجات وبعد:

فإن ما يعانيه يمننا الحبيب اليوم من مخاطر وأزمات وحروب واختلالات شاملة وغير مسبوقة تقتضي المكاشفة والمصارحة، ووضع النقاط على الحروف، وإننا في اللقاء المشترك نرى بأن التصعيد لأعمال العنف والتوتر والملاحقات والاعتقالات وأعمال القتل وعسكرة الحياة المدنية في المحافظات الجنوبية التي تنفذها السلطة، قد أفسحت المجال لبروز تطرف مضاد وعنف يتغذى من سوء ممارسة السلطة القمعية، وانتهاجها العنف بديلا عن الحوار والمعالجات الوطنية المسئولة للأزمة بكل أبعادها السياسية والحقوقية التي يتأسس مضمونها ويستمد معناه من روح 22 مايو التي أعلنت الشراكة الوطنية، مرادفا للوحدة ويستحيل فصل أحد المضمونين عن الآخر.. لقد أثبتت الأيام استحالة نجاح السلطة بأساليبها العقيمة الفاشلة في حل المشكلة ووضع حد لتفاقمها وتصعيدها على احتمالات أشد خطورة مما هو حاصل اليوم، وسيحصد اليمنيون جميعا الندم ولا سمح الله، ولن تكون السلطة بمنأى عن مساءلة التاريخ جراء ما اقترفت بحق الوحدة وأبناء الجنوب واليمنيين جميعا.

كما وأن بقاء الحرب في صعدة وتفرعاتها في مديريتي حرف سفيان والملاحيظ واستمرار نزيف الدم اليمني (مواطنين وجنوداً) ومقدرات مادية ومعنوية لا تعوض، يعد بمثابة الكارثة التي أصابت وتصيب كل مقومات الكيان الوطني في الحاضر والمستقبل.

لقد حذرنا تكرارا من مغبة الحرب في صعدة وجعلها بديلا عن السياسة والحوار وصولا إلى المعالجة في بعدها الوطني الشامل لكل جوانبها، وطالبنا ولا نزال بوقف هذه الحرب، ومما زاد مخاطر هذه الحرب وتداعياتها الداخلية وآثارها السلبية إدخال الجارة السعودية فيها والتي تتحمل السلطة المسئولية الكاملة عن الحرب ابتداء وما آلت إليه من أضرار ومخاطر حاضرة ومستقبلية وتدويلها..

ومما يحز في النفس أن يكون هذا التداعي الذي آلت إليه الحرب هو ما سبق تحذيرنا منه. وبلا شك فإن الإخفاقات المشهودة للسلطة في مختلف النواحي والمجالات عدا إنجازاتها المحققة في الفساد والهدر وأمننة الحياة والمجتمع قد أوجد البيئة الملائمة للتطرف والعنف والفساد القيمي والأخلاقي، والارتكاس نحو العصبيات المذهبية والقبلية والجهوية، وقد وجدت السلطة في ما عرف بالحرب على الإرهاب ضالتها لبناء تحالفات أمنية إقليمية ودولية..

ولم تتورع في توظيف ورقة الجماعات الدينية الجهادية في إطار الصراع السياسي في الداخل، وظل اسم اليمن حاضرا في أجندة ما عرف بالحرب على الإرهاب نظرا لنشاط الجماعات في اليمن وقيامها بالعديد من الأعمال الإرهابية واستهدافها للمصالح اليمنية والأجنبية في اليمن، وانخراطها في أنشطة إرهابية خارج اليمن، مما ألحق باليمن وصمة التهمة بالإرهاب والعنف، ومع المخاطر التي ترتبت على ذلك فقد ظلت السلطة غير جادة وغير حاسمة في معالجة هذه البؤر والدمامل بمسئولية وعدالة واقتصر تعامل السلطة مع الظاهرة على الشق الأمني الذي تظل حقيقته حكرا على السلطة، وبعيدا عن الشفافية، ومخاطر هذه اللعبة القاتلة تبدو جلية وواضحة، ليس على صعيد إمكانية ارتداداتها العنيفة في الداخل ضد الخصوم التقليديين لهذه الجماعات بل لكونها مدعاة تدخل أجنبي مبعثه القلق الذي يساور الدول الكبرى ويدفعها لتغليب الأمن على الجانب الديمقراطي والتنمية في علاقتها مع اليمن وتلك الحقيقة استفادت منها السلطة للاستقواء على الداخل وتقليص الهامش الديمقراطي..

واليوم ومع إعلان إستراتيجية أوباما في أفغانستان وارتباطها بملاحقة القاعدة في دول من بينها اليمن، وموقف الكونجرس الأمريكي الأخير الذي لفت إلى خطورة تراجع دور الدولة في اليمن لصالح القاعدة، فإن اللقاء المشترك يعبر عن قلقه محذرا السلطة من مغبة الاستمرار في ممارسة نهج التوظيف للورقة الأمنية، واللعب على التناقضات المدنية والمذهبية، فاليمن اليوم تحت المجهر العالمي ونخشى جديا من اقتراب اللحظة التي تفرض الدولة الكبرى على اليمن حلولا وإجراءات لن تكون في صالح أحد، ولا نظن أن الطوق البحري الأجنبي حول اليمن مجرد نزهة.

إن شفافية السلطة تنعدم في التعامل مع الشعب وقواه السياسية، وفي القضايا الأمنية وغيرها من القضايا.

* رابعا: فيما يتعلق بالحلول: فقد أنجز اللقاء المشترك مع شركائه في اللجنة التحضيرية ومن خلال حوار جاد وعميق رؤية الإنقاذ الوطني التي نضعها كرؤية للحوار ومشروع للحل الوطني الذي لا بد منه لوضع اليمن على عتبات الخروج من الأزمة التي سببتها السلطة ولذلك نطمح أن يتم التعامل معها من خلال هذه الروحية المستشعرة لمخاطر تجاهل الواقع وأزماته.

ختاما: إن اللقاء المشترك ولجنة الحوار الوطني يجددان الدعوة لحوار وطني جاد وشفاف يفضي إلى (مشروع وطني يشارك فيه الجميع بدون إقصاء أو استثناء) التزاما منهما بالمسئولية أمام الله ثم أمام شعبنا اليمني العظيم الذي يتطلع إلى غد أفضل يحقق فيه تطلعاته المشروعة في الوحدة والديمقراطية والعدالة ودولة الشراكة الوطنية ويستعيد فيه الشعب دوره الحضاري والإنساني، واستقلاله الوطني، مؤكدين العزم على المضي في تحقيق ما نصبو إليه من آمال بالوسائل السلمية. (وما ذلك على الله بعزيز).

زر الذهاب إلى الأعلى