دفعة واحدة، شرّعت المملكة العربية السعودية أبوابها أمام الاستحقاقات الداهمة، وباشرت استقطاب الحدث الاقليمي بسرعة واندفاع خلق حركة ديبلوماسية سابقت في حيويتها قدرة المتابعين على مواكبتها إعلامياً وسياسياً، ليس من حيث الوقائع، بل من حيث النتائج والتداعيات والمتابعات الناجمة عنها.
ففي خطوات تنفيذية لمبادرة المصالحة العربية التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في قمة الكويت، شهدت الرياض سلسلة استقبالات اتسمت بالدقة والفعالية والمعالجة المباشرة لأهم الملفات العربية الساخنة والملحّة: السودان وأوضاعه الداخلية والإقليمية، قضية الوحدة الفلسطينية والعلاقات السورية السعودية وتطور هذه العلاقات.
خط الرياض الخرطوم
يسجل تاريخ العلاقات بين المملكة العربية السعودية والسودان، محطتين بارزتين، الاولى زيارة الملك فيصل بن عبد العزيز للخرطوم في صيف عام 1967، ليشارك في القمة العربية التي انعقدت في العاصمة السودانية. أما المحطة المفصلية الثانية فكانت منذ خمس سنوات عندما زارها الأمير نايف بن عبد العزيز وزير الداخلية (النائب الثاني لرئيس الوزراء)، وحينها اكتسبت تلك الزيارة اهتماماً خاصاً كونها أنهت الانقطاع في زيارات المسؤولين السعوديين للخرطوم على مدى 38 عاماً، وقد استقبل خلالها الامير نايف استقبال رؤساء الدول، نظراً لما يمثله الضيف السعودي من ثقل في منظومة الحكم في بلاده، وما يشغله من موقع مفصلي في ادارة الدولة، حسبما كتبت الصحافة السودانية في متابعة وقائع تلك الزيارة التي تميزت بتوقيع اتفاقيتين: الاولى تتعلق بمكافحة الاتجار غير المشروع بالمخدرات والمؤثرات العقلية وتهريبها، والثانية للتعاون الأمني بين البلدين ومكافحة الارهاب.
وقد شكلت زيارة الامير نايف محطة نادرة لمخاطبة الشعب السوداني، اذ كانت المرة الاولى التي يسمع فيها السودانيون مسؤولاً سعودياً بارزاً يتحدث مشيداً بسجايا وخصال أهل السودان، حيث قال انهم من خيرة من يعيش ويقيم بيننا لما يتميزون به من الصدق والامانة والصلاح، مؤكداً أن "العلاقات بين البلدين علاقات تاريخية مبنية على العقيدة الاسلامية السمحة التي نستظل بها في هذه الحياة ونهتدي بهديها".
استقبال البشير: مبادرة جريئة
وتأسيساً على خلفية الانتماء الإسلامي والعربي للسودان، استقبل الملك عبدالله بن عبد العزيز الرئيس السوداني عمر حسن البشير في زيارة حملت دلالات هامة، كونها شكلت تحدياً لقرار المحكمة الجنائية الدولية باعتقاله على خلفية الأزمة في اقليم دارفور، في تجاوز سعودي للخطوط الدولية لصالح العلاقات والمصالح العربية، وفي تطور نوعي هام لعلاقات البلدين، نظراً لظروف وخلفية وتوقيت الزيارة.
فالاستقبال جرى في مزرعة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز في الجنادرية بالرياض بحضور كبار المسؤولين: الأمير مشعل بن عبد العزيز رئيس هيئة البيعة، والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والامير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس الوزراء وزير الداخلية، والأمير سعود الفيصل وزير الخارجية، ومن الجانب السوداني حضر: وزير رئاسة الجمهورية الفريق أول ركن بكري حسن صالح، ووزير المالية والاقتصاد الوطني الدكتور عوض أحمد الجاز، ووزير الدولة بوزارة الخارجية علي أحمد كرتي، ووزير الدولة مدير مكتب الرئيس طه عثمان أحمد وسفير السودان لدى السعودية عبد الحافظ ابراهيم محمد.
كانت الحفاوة بادية بوضوح منذ لحظة استقبال الرئيس البشير في مطار الرياض، وخلال اللقاء مع الملك عبدالله بن عبد العزيز والقيادة السعودية وفي تفصيل الزيارة في محطاتها الاخرى، وخاصة خلال أداء الرئيس البشير لمناسك العمرة ومشاركته أمير مكة في غسل الكعبة المشرفة، بحضور د. أكمل الدين أوغلو الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي.
وقد اختصر الرئيس البشير معالم الزيارة بأنها تأتي في إطار الاتصالات والمشاورات المستمرة بين الخرطوم والرياض، خاصة في ظل الظروف التي تمر بها الأمة العربية، ودعماً لجهودها في ترتيب البيت العربي باعتبار الدور البارز للمملكة في قضايا الأمة العربية، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين، مؤكداً دعم السودان المطلق للمملكة في ممارسة حقها المشروع في الدفاع عن أراضيها وسلامة مواطنيها، وأشار الرئيس البشير إلى أن أمن المملكة خط أحمر وما يؤثر فيها يؤثر على السودان.
وقد كانت لزيارة البشير نتائج اقتصادية مباشرة حيث سيتم تفعيل الاتفاقيات الموقعة بين البلدين وتسريع انعقاد الدورة الثالثة للجنة الوزارية في الخرطوم برئاسة وزيري زراعة السعودية والسودان، لأن لقاء الرئيس البشير وخادم الحرمين الشريفين تطرق لمشكلة الأمن الغذائي في إطار مساعي السودان لتحسين القوانين والتشريعات ليصبح أكثر تشجيعاً للقطاع الخاص السعودي في إطار تأسيس شراكة اقتصادية مع المملكة.
ورغم عدم حصول لقاء بين الرئيس البشير ونظيره التشادي في الرياض خلال الزيارة، إلا أن الطرفين السوداني والتشادي يعولان على جهود خادم الحرمين الشريفين في تسوية العلاقة بين الجانبين، نظراً للوزن الذي تتمتع به المملكة لدى السودان وتشاد.
ومما لا شك فيه أن السودان وما يتضمنه وضعه الداخلي والخارجي من أثقال يشكل هماً أساسياً لدى السعودية بشكل خاص كونه من القضايا العربية المنفتحة على أزمات معقدة ومزمنة، إلا أنه لا يمكن إغفال عامل التدخل الإيراني السلبي الحاصل منذ سنوات عدة في هذا البلد العربي الشاسع، بالنظر إلى الانتفاخ الخطر للممارسات الإيرانية، إلى درجة أحرجت معها الحكم السوداني، نظراً لوصول الخرق الإيراني إلى حد استفز المؤسسة الحاكمة، ويمكن في هذا السياق التذكير بحادثة توزيع الكتب الإيرانية ذات الطابع المذهبي في معرض الخرطوم للكتاب، الأمر الذي أدى إلى اصدار علماء السودان موقفاً حاداً من المحاولات الإيرانية لاستغلال التعاون مع السودان لغايات هي أبعد ما تكون عن شعارات الوحدة، واستغلال حاجة السودان المحاصر للكثير من متطلبات الدعم الاقتصادي والسياسي.
ومن المتوقع بعد هذه الزيارة للرئيس البشير أن يتصاعد الحضور العربي في السودان، خاصة بعد تفعيل الاتفاقيات الثنائية بين الرياض والخرطوم، وأن تصبح ضوابط الاختراق الإيراني أكثر فعالية وصرامة، خاصة بعد اتضاح مخاطر هذا المشروع في اليمن، وهي مخاطر أدركها الرئيس البشير وانحاز إلى ضرورة مواجهتها عندما رفض اعتداء التمرد الحوثي على أراضي المملكة.
التواصل مع القيادات الفلسطينية
في الجانب الفلسطيني، استقبلت القيادة السعودية رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس حيث جرى التأكيد على التمسك بوقف الاستيطان وبالقدس وبالمصالحة الفلسطينية. وفي سياق استجماع الجهود، وبناء على طلبه، وعلى متن طائرة سعودية خاصة، حل رئيس المكتب السياسي لحركة "المقاومة الاسلامية" (حماس) خالد مشعل ضيفاً على وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، لتكون محطة لإعادة تشكيل الأولويات وترسيخ الثوابت وتأكيد العمق العربي للقضية الفلسطينية والانتماء العربي لحركة "حماس".
ومن المفيد هنا الإشارة إلى أن زيارة مشعل للرياض جاءت بعد موجة متغيرات في العلاقات الإيرانية العربية، التي دخلت مرحلة انكشاف التدخل الإيراني في العالم العربي، حيث شعرت قيادة "حماس" أن علامات الاستفهام لدى القيادة السعودية عن حقيقة الأولويات لدى قيادة الحركة قد تضمت بشكل خطر، خاصة بعدما قام الإعلام الإيراني به من إحراج لرئيس مكتبها السياسي في زيارته الأخيرة لطهران، عندما أعلنت صحف ووسائل إعلام إيرانية أن مشعل قدم تقريراً عن حرب غزة لـ"ولي أمر المسلمين" واضعة الحركة في نطاق هذه الولاية، فضلاً عن استغلال طهران لعلاقتها ب"حماس" من أجل ضرب الموقف العربي من القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى احتدام الهجوم الإيراني على اليمن والسعودية على خلفية دعم التمرد الحوثي من قبل قيادة نظام الولي الفقيه.
في ضوء هذه المستجدات التي يمكن للموقف الملتبس أو المتردد إزاءها أن يؤدي لخسائر في مواقع متقدمة لـ"حماس" كما هو الوضع في اليمن، في حال عدم حسمها إدانة التمرد الحوثي أو ترددها في ادانة عدوان الحوثيين، المدعومين من إيران، على حدود السعودية.. اضطر مشعل للاختيار بين إيران والعرب، فأكد أن حركة "حماس" لا تدعم المتمردين الحوثيين في اليمن، كما أكد أن طهران ليست بديلاً عن الدور العربي في دعم القضية الفلسطينية، وقال: "لقد قلت للأمير سعود الفيصل هل يعقل أن تقف حماس مع الحوثيين ضد اليمن والسعودية ولنا مكتب في صنعاء، وقبل أسبوعين كنا في زيارة لليمن؟ هل يعقل أن اليمن يسمح لنا بمكتب وأن نلتقي بالرئيس ويسمح لنا بحرية التحرك، ونحن نسيء لأمن اليمن؟ حاشا لله. لكنها افتراءات ليس لها اصل". ورداً على سؤال حول علاقة "حماس" مع إيران، قال مشعل: "بكل وضوح، نحن على علاقة جيدة مع إيران في دعم القضية الفلسطينية، ولكن نحن مع الأمن العربي بكل تفاصيله ولا نقبل أي إضرار بالأمن العربي من أي طرف".
من جانبه، كان الأمير سعود الفيصل واضحاً في غاية اللقاء: "كان لا بد أن تجري مباحثات لإزالة الشكوك في الأدوار التي تُلعب في منطقتنا. القضية الفلسطينية تهم السعودية كما تهم الأمة العربية، وقد بذلت الأمة العربية الكثير تجاه هذه القضية، فمن الضروري والواجب أن نوضح الصورة ونستوضح منهم ما هي توجهاتهم وأهدافهم".
زيارة مشعل للرياض، وموقفه الرافض للاعتداء على أمن اليمن والسعودية، وتمسكه بمرجعية مصر، ومساندة دمشق والرياض للقاهرة في سبيل إتمام المصالحة الفلسطينية، أثارت حفيظة إيرانية واضحة، جاءت ترجمتها سريعاً عبر إتمام زيارة وزير الخارجية الإيراني متكي إلى دمشق دون تسجيل أي لقاء بينه وبين قيادة "حماس"، في حين لاحظ المراقبون أن خطاب قيادات الحركة بدأ يجنح للتهدئة، سواء في تصريحات رئيس مكتبها السياسي خالد مشعل أو رئيس حكومتها في غزة اسماعيل هنية، كما أن الرئيس الأسد تابع هذا الملف مع مشعل فور عودته إلى دمشق.
من الواضح الآن أن العلاقات بين "حماس" وإيران ستشهد امتحانات كثيرة، خاصة في حال ترجمت دمشق توجهاتها لدعم المصالحة الفلسطينية في الإطار العربي من دون ان تتمكن طهران من الدخول المباشر على خط تسوية العلاقات بين "فتح" و"حماس".
استقبال الأسد وملف المصالحة العربية
المحطة البارزة في الحركة الديبلوماسية السعودية كانت القمة التي جمعت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى الرئيس السوري بشار الأسد، وهي قمة اكتسبت أهمية بالغة، نظراً لعوامل كثيرة أهمها:
- إنها جاءت لتكمل مسيرة المصالحة السورية السعودية ولتثبت ما تم التفاهم عليه بين القيادتين السعودية والسورية، على مستوى التعاون في الملفات العربية الشائكة، وأبرزها الملف الفلسطيني، حيث يبدو أن تفاهماً بينهما قد حصل على تحريك المصالحة الفلسطينية. وبرز مفعول هذه الزيارة في الخطاب السياسي لحركة "حماس" تجاه ملف المصالحة وفي علاقة الحركة بمصر، مع الرسالة التي بعث بها رئيس الحكومة المقالة في غزة اسماعيل هنية إلى الرئيس المصري حسني مبارك لترطيب الأجواء بعد الحوادث الأخيرة على الحدود مع القطاع، ودعوته لإحياء المحور السوري السعودي المصري في مواجهة التطرف الإسرائيلي.
- برز توافق واضح بين الرياض ودمشق حول الملف اللبناني حيث اتضح أن العلاقات اللبنانية السورية تخطت مرحلة التردد، لتدخل مرحلة التطبيع الهادئ والثابت بعد زيارة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري إلى دمشق، والتوصل إلى مسارات مرضية للطرفين في معالجة القضايا العالقة بينهما. وقد عبّر الأسد وعبدالله عن "ارتياحهما للأجواء الإيجابية السائدة في لبنان وأكدا دعمهما لكل ما من شأنه تعزيز هذه الأجواء".
وانطلاقاً من كون لبنان شكل قاعدة الارتكاز في المصالحة السورية السعودية، فإن من المتوقع أن تستمر الأجواء الإيجابية بين دمشق وبيروت، لأن كل تطور إيجابي في هذا المجال من شأنه أن ينعكس مزيداً من الانفراجات على المستوى العربي، وتحديداً على العلاقات بين المملكة العربية السعودية وسوريا.
- أما التوافق الآخر الهام، فكان حول الملف اليمني، حيث أكد الزعيمان دعمهما لليمن وقيادته، وحرصهما على أمنه واستقراره ووحدة أراضيه. ونقلت وكالة "سانا" السورية الرسمية أن الرئيس الأسد أدان الاعتداءات التي تعرّضت لها الأراضي السعودية، مؤكداً دعم الرياض لحقها في الدفاع عن سيادتها.
وقد جاء الموقف السوري الذي يعني دعم قرار المواجهة العسكرية مع التمرد الحوثي، ليشكل أحد أشكال الافتراق في النظرة للواقع العربي بين إيران وسوريا، حيث فضحت إيران تدخلها في دعم الحوثيين في أكثر من محطة، وأعلنت اعتراضها على قيام الدولة اليمنية بإخماد التمرد الحوثي، معتبرة أنه إراقة لدماء المسلمين. كما اعترض الإيرانيون على الموقف الحازم للمملكة تجاه اعتداءات الحوثيين على الحدود السعودية، وكان آخر هذه المواقف تصريحات الرئيس أحمدي نجاد التي انتقدت صدّ المتمردين عن حدود السعودية بالقوة العسكرية.
ولا شك أن الموقف السوري محكوم بطبيعة الحال بدعم وحدة اليمن، لأنه في حال عدم دفاعه عن الوحدة اليمنية سيضع نفسه تحت وطأة تساؤلات جوهرية حول موقفه من وحدة الدول العربية وهي شعار يحتاجه دائماً في أدائه العربي، كما أن تساهله مع الظاهرة الحوثية سيعني تساهل غيره من الأنظمة مع ظواهر الخروج على أي نظام آخر.. إلا أن الأهم في هذا الملف هو أن دمشق كانت استطاعت أن تقرن إعلان حصرها على الوحدة اليمنية بتعاون أدى إلى انكشاف الكثير من شبكات تنظيم "القاعدة" في اليمن والسعودية، نظراً إلى أن لدمشق علاقات متشعبة ببعض الأطراف اليمنية قبل الوحدة وبعدها، وبالاستناد للقدرة الواسعة لدى الأمن السوري على فهم ومتابعة هذه الشبكات في الدول العربية، ومن هنا لا يستبعد المتابعون أن تكون الضربات القاسية التي يتعرض لها تنظيم "القاعدة" ناتجة عن تحولات إقليمية كبرى، نجمت عن التوافق السوري السعودي في مجال مكافحة الإرهاب.
- في جانب العلاقات الثنائية، أكدت الرياض وجود إرادة جادة لتفعيل التعاون مع دمشق، ومن مظاهر هذه الإرادة حضور كبار المسؤولين السعوديين في المجالات السياسية والإعلامية والاقتصادية والتربوية والسياحية والاستثمارية لمحادثات الملك عبدالله والرئيس الأسد، حيث استنتج المتابعون أن التعاون الثنائي الذي كان سائداً قبل سنوات القطيعة قد عاد من جديد.
أردوغان في الرياض
ولم يكد الأسد يغادر أجواء المملكة، حتى حطت طائرة رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان، في زيارة التقى خلالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله والقيادة السعودية. زيارة أردوغان جاءت على خلفية الاشتباك التركي الإسرائيلي المتصاعد وتوسع دور أنقرة في مواجهة التطرف الصهيوني، وفي إيجاد توازن في العلاقات الإقليمية، سواء في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية أو بالوضع اللبناني، أو على مستوى تطوير العلاقات بين الدول الإسلامية.
أفق الحركة السعودية
الانطلاقة السعودية نحو استعادة القرار العربي والعمق الإسلامي، دخلت منعطفاً هاماً يحمل متغيرات كبرى يفترض أن تتسع لتشمل تحقيق المصالحة المصرية السورية وتطوير التكامل مع تركيا، في سبيل مواجهة التطرف الصهيوني وسدّ الثغرات الإيرانية في الجسم العربي، وإرهاب تنظيم "القاعدة" المنسجم مع اختراقات إيران في أكثر من بلد وموقع، وهي تحديات أثبتت المملكة العربية السعودية قدرتها على التصدي لها وفق منهجية تراكمية نادرة في السياسات العربية، وقدرة استثنائية على الاحتفاظ بعلاقات الأخوة في العروبة والإسلام، مهما ابتعد عنها هذا الطرف أو ذاك، فهي تبقى المرتكز والمنطلق في استعادة تضامن وحقوق العرب والمسلمين.
* رئيس هيئة السكينة الإسلامية في لبنان