إستطلعت إيلاف آراء خبراء في الوضع اليمني حيث هناك من رأى أن دخول السعودية الحرب هذه المرة أنهك الحوثيين في حين تحدث الرأي الآخر عن عدم تأثرهم كما هو ظاهر.
انتهت الحرب في صعدة شمال اليمن كما يبدو للوهلة الأولى، لكنّ نارا تحت الرماد قد تكون مختبئة، الطرف الذي سلم بأمر الدولة ووافق على الشروط الستة بدا وكأنه خاسر ومنهار عسكريا، لكن ما تخبئه التفاصيل قد لايوحي بذلك كما يظهر للعلن. في كل مرة وعلى مدى الحروب الست يحدث الأمر نفسه، تتوقف الحرب وتبدأ الخروقات ثم ينفجر الوضع ويظهر الحوثيون كما لو أنهم دولة جديدة مجهزة بأعتى العتاد والسلاح.
رأى البعض أن دخول السعودية هذه المرة في الحرب زاد من إنهاك الحوثيين، وهو بالفعل ما يتفق عليه الكثير لكن ليس إلى الدرجة التي تجعل من المستحيل عودة الحرب بقوة حوثية متجددة، قد يكون الأمر مختلفاً هذه المرة وقد يكون لا، لكن علينا انتظار ما ستسفر عنه الأيام مع لجان تحاول إعادة شيء من السلام إلى المحافظة التي لقبت قديما ب "مدينة السلام".
وقال الكاتب المتخصص في جماعة الحوثي عادل الأحمدي لـ"إيلاف" إن الحوثيين لم يتأثروا كثيرا كما يعتقد البعض، لافتا إلى عدد من النقاط منها أنهم استولوا على عتاد كبير من القوات المسلحة بينها أكثر من 60 ألف قذيفة في رازح ومعدات اللواء 105 بالكامل في منطقة رازح ومناطق أخرى كثيرة.
وأضاف الأحمدي، وهو مؤلف كتاب "الزهر والحجر"، عن الحوثيين "إنهم لن يسلموا كامل هذا العتاد كما هو مفترض وفقا للنقاط الست، وسيتذرعون بأنه استخدم في المواجهات مع القوات الحكومية والسعودية".
واعتقد الأحمدي أن الحوثيين فعليا نقلوا كثيرا من عتادهم إلى منطقة تدعى "خلِب" وهي منطقة شديدة الوعورة وقد استخدموا الحمير والجمال لنقل ذلك العتاد، كما أشار الأحمدي إلى أنهم قاموا بأخذ الألغام التي يتم انتزاعها حاليا ولايسلمونها للدولة ويقولون إنها ستسلم دفعة واحدة.
وحول بقاء الفكرة الحوثية يقول الأحمدي "إن الحوثيين تنظيم متماسك وكل عوامل بقائه كتنظيم باقية ولم يتم إلغاء مراكزهم الفكرية وأماكنهم التدريبية إضافة إلى تواصلهم الخارجي بمناصريهم وهو مايساعد في تطورهم".
كما لفت إلى أن النقاط الست لم تشمل تسليم سلاحهم وإنما تسليم أسلحة الدولة التي تم الاستيلاء عليها، وتم التعويض عن ذلك البند بالالتزام بالنظام والقانون معتبرا أن ذلك يمثل نقطة ضعف في البنود.
ورأى أن الفكر باق وأن ما يعادل مساحة لبنان ما زالت ساحة لهم وأن الحروب الست أكسبتهم خبرة أكثر مما أضعفتهم معتبرا أن الحوثيين بدأوا كفكرة عقائدية دينية وكان أنصارهم من هذا المحور، لكن الحال تغير بعد ذلك لينضم إليهم من يمكن وصفهم بالمرتزقة والباحثين عن المال.
وأشار الأحمدي إلى الجهاز الدعائي القوي والخبرة في نشر الشائعات إضافة إلى بعض الدعم السياسي المتمثل بحزبي الحق واتحاد القوى الشعبية وهما حزبان منضويان تحت ائتلاف اللقاء المشترك الذي ضم إلى جانبهما حزب الإصلاح الإسلامي أكبر أحزاب المعارضة والحزب الاشتراكي والتنظيم الناصري وحزب البعث، ورأى أن هذين الحزبين يشكلان تأخيرا في موقف أحزاب اللقاء المشترك تجاه الحوثيين.
من جانبه طرح الأكاديمي والمحلل السياسي الدكتور محمد الظاهري أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء رؤية مغايرة بعض الشيء مشيرا في حديثه لـ"إيلاف" إلى أن "من مصلحة جميع الأطراف توقف الحرب لأنها كانت منهكة".
وقال الدكتور الظاهري إن الحوثيين كانوا واقعين بين فكي كماشة -اليمن والسعودية- ويبدو أنهم تجاوبوا مع الشروط لأنهم أدركوا أن تدويل القضايا المحلية ليس في صالحهم خاصة دخول السعودية في القضية فاقتنصوا الفرصة".
وأضاف: "لا أستطيع الجزم بأنهم في موقف ضعف والقفز إلى استنتاج أنهم فاقدو القوة، فهم لديهم تنظيم يحاكي الخارج من باب مذهبي وعقائدي ومن الصعب إنهاؤه أو إنهاكه".
وتحدث عن إيقاف الحرب معتبرا أنه مجرد تسكين لأعراض أزمة بحاجة إلى حلها من الجذور مطالبا السلطة بالاعتراف بالآخر السياسي والمذهبي والفكري، و أعرب الظاهري عن خشيته من أن التعامل الرسمي مع القضية بذلك الشكل من الإقصاء قد يولد حروبا جديدة داعيا إلى حل الأزمة من جذورها.
وقال: "نحن بحاجة لتفعيل الفريضة الغائبة دوما وهي فريضة الحوار الحقيقي، كي نتمكن من الخروج من هذه الأزمة والانتقال لحل مشاكل الجنوب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية الأخرى".
تبقى أسئلة صعبة كثيرة حول الإمكانات المادية للحوثيين ومصادرها إضافة إلى الأهداف الآنية والبعيدة لهذه الحروب، ثم هل ستعرف "مدينة السلام" الأمن من جديد بعد أن نسيته منذ 2004.