أبواب مشرعة أمام الصحافيين اليمنيين لكل ما يتوقع وما لا يخطر على بال أحد، أولاها المحاكمات وآخرها الاختفاء وحتى القتل وهو آخر ما كان ينقص حلقة الانتهاكات ضدهم.
عام 2009 شهد عاما جديدا من أسوأ الأعوام بالنسبة للصحافيين من حيث المحاكمات والإيقافات والاعتداءات، لكن بداية 2010 لم تكن مبشرة أيضا حيث ظهر الكاتب محمد المقالح بعد اختفائه لأشهر في سجون أمنية في حين قتل صحافي متعاون في محافظة حجة شمال اليمن بسبب قضايا نشر.
بحث الصحافيون كثيرا عن مكان محمد المقالح لأشهر لتكون النهاية مفزعة بعد أن ظهر أنه كان محبوسا وقد ناله من التعذيب الجسدي والمعنوي وهدد بالقتل ثم بعد كل ماحدث له يحال على محكمة متخصصة بقضايا الإرهاب.
يقول رئيس لجنة الحقوق والحريات في نقابة الصحافيين اليمنيين جمال أنعم ل إيلاف إن المقالح يحاكم في محكمة جزائية خاصة بالإرهاب وأمن الدولة ضمن ظروف وإجراءات غير عادلة البتة وانتهاكات واضحة لكل القوانين والشرائع.
ويضيف أنعم أن المحامين أشاروا عليه بالصمت نظرا لظروف المحاكمة ولعدم توفر الحد الأدنى من الظروف القانونية التي يجب توافرها في أي محاكمة بعد أن تم إخفاؤه قسرا وظل لأشهر غير معروف مكانه وتم تعذيبه وتهديده بالسلاح في ظروف غير قانونية أو إنسانية.
ويشير إلى تخبط "من قبل الجهات القانونية حيث قيل لنا حين كان مختفيا أنه ليس موجودا وأن النيابة لاتعلم بأمره واليوم تقول إنها كانت على علم بذلك رغم أن كل شيء موثق".
المقالح ليست الحالة الوحيدة التي تقبع خلف القضبان حاليا وهو متهم حاليا بتهم تختص بحرب صعدة، لكن إلى جانب ذلك يقبع خمسة صحافيين آخرين هم صلاح السقلدي، وفؤاد راشد رئيس تحرير موقع المكلا برس في السجن المركزي في صنعاء بتهم تخص الحراك الجنوبي إضافة إلى الكاتب معاذ الأشهبي المحكوم بالسجن لمدة عام بتهم الإساءة إلى علماء دين وكذلك الصحافي فؤاد الربيزي، وكذلك الصحافي أياد غانم مراسل صحيفة الأيام في محافظة لحج صدر حكم بسجنه وهو سجين في سجن صبر في المحافظة.
كما ما زال عدد من الصحافيين ممنوعين من الكتابة أو إدارة صحف بينهم سمير جبران مؤسس صحيفة (المصدر) ومالكها وقد حكم عليه بالتوقف عن الكتابة وعن رئاسة تحرير صحيفته والأمر ذاته يسري على الناشر نايف حسان رئيس ناشر صحيفة (الشارع)، إضافة إلى أحكام بالسجن منها واحد على الكاتبة أنيسة غانم المحكوم عليها بالسجن ثلاثة أشهر.
مازاد الطين بلة هو إنشاء محكمة للصحافيين العام المنصرم لتكون ضربة قاضية للصحافة كون المحكمة لن تعمل إلا على قضايا الصحافة وهو ما يجعل الرقابة أكثر حدة وتوفير القضايا ليتواصل عمل المحكمة.
يأتي ذلك في الوقت الذي ما زال فيه موضوع قانون الصحافة الجديد قيد المداولات والتعديلات منذ أكثر من ثلاث سنوات حيث كان الرئيس علي عبدالله صالح قد وجه بعدم حبس الصحافيين وهو الأمر الذي لم يتم بل ازداد ضراوة.
وحول القانون يقول جمال أنعم إن "المسألة ليست في القانون وإنما في العقلية التي تطبق هذا القانون" مشيرا إلى أن النقابة تعمل على "مسودة لقانون جديد بعد أن أصبح القانون الحالي كسيف مصلت على رقاب الصحافيين والصحافة وهو كان ثمرة للتوافق بين الشمال والجنوب أثناء الوحدة اليمنية في عام 1990 لكنه أصبح الآن يستخدم بشكل سيئ للإضرار بالصحافة".
ويتابع أن النقابة قامت بمحاولة "إيجاد أكبر قدر من الاتفاق في المسودة وخلق بيئة صحافية تواكب الديمقراطية وحاولنا أن نضع فيه أكبر قدر ممكن من التناغم مع القوانين والشرائع الدولية المتعلقة بالصحافة".
ويضيف: "نشعر أننا في دائرة الالتباس بين الصحافي والسياسي خصوصا في العام 2009 حيث أدخل الصحافي إلى كل هذه الحرائق التي تشعلها السلطة في الشمال والجنوب وبالتالي يصيب الصحافيين منه الكثير من الشرر.. فالصحافي أصبح يتضرر على ذمة الحراك في الجنوب وكذلك على ذمة الحرب في صعدة وصانع الضرر الأكبر في كل هذا هو السلطة".
ويشير إلى أن "الصحافة تعمل في قلب الهم الوطني وجاءت لمساعدة البلد للتعافي وإصلاح كثير من فساد الأجهزة وعلى الجميع الشعور بمسؤولية تجاه الصحافة ورعايتها على اعتبار أنها أحد أوجه الإنقاذ لهذا البلد مما هو فيه".
إضافة إلى الأحكام ما زال عدد من الصحف مغلقا أبرزها صحيفة الأيام التي أغلقت على خلفية ما تقول السلطات إنه دعم للحراك الجنوبي في حين ما زال رئيس تحريرها مسجونا في عدن إضافة إلى إغلاق عدد من المواقع الإلكترونية الصحافية أبرزها موقع صحيفة المصدر "المصدر أونلاين" الإخباري الذي اعترفت وزارة المواصلات بإغلاقه أمام جمهور اليمن بطلب من الأمن القومي.
ويأمل أن يكون "العام 2010 – رغم أنه بدأ بمؤشرات سيئة- عام لتدارك الأوضاع ضد الصحافة وأن تقام تهدئة للحرب على الصحافة مثلما تم تهدئة الحرب في صعدة".
المنظمات الدولية بحّت أصواتها وهي تنادي اليمن بالحفاظ على مكسب الحرية كأهم مكاسب الديمقراطية التي تعتبر اليمن إحدى المنظومات المحكومة بها لكن الأمر لايلقى كثيرا من الصدى لدى سلطات صنعاء وهو الأمر الذي يوسع دائرة الصراع بين السلطة والأطراف المنادية بإصلاح الأوضاع.