كان مشروع رابطة الدول المجاورة للعرب، التي اقترحها الأمين العام للجامعة العربية، عمرو موسى، خلال القمة العربية الأخيرة في سرت الليبية، هو المشروع الوحيد الذي جاء ليطرح أفكارا جديدة، في قمة اللاقرار، التي انتهت كما بدأت، دون قرار، لكن رغم أهمية المشروع، الذي يبدو قادرا على حل الكثير من الخلافات الإقليمية للعرب، إلا أنه فجر في الوقت ذاته الكثير من الحساسيات النائمة، التي أيقظها المشروع، لاسيما بين العرب وإيران، بينما خرج رئيس وزراء تركيا رجب طيب اردوغان، محققا الكثير من المكاسب، أهمها توطيد علاقاته مع العرب.
لقد أعرب عدد كبير من الزعماء العرب، خلال القمة، عن قناعتهم بأهمية المشروع، لاسيما أنه يؤسس لعلاقة جديدة بين العرب وتركيا، بعد أن قطع أردوغان خطوط الود مع إسرائيل، ، لكن رغم ما يطرحه المشروع من ود مع المحيط العربي، إلا أنه يطرح تساؤلا في الوقت ذاته، حول ما إذا كانت الجامعة العربية تحاول عن طريق هذا المشروع، الهجرة بعيدا عن الساحة العربية، التي تغص بالخلافات.
لكن مع ما يطرحه المشروع من آمال في إقامة جسور اقتصادية وسياسية مع المحيط العربي، إلا أنه يطرح في حقيقته فكرة أخرى، تتعلق بتقييد نفوذ إيران في الشرق الأوسط، وهى المهمة التي أصبحت استراتيجية ومركزية بالنسبة لمصر والسعودية، اللتين تشعران بالانزعاج من نجاح النظام الإيراني في أن يمد نفوذه إلى الساحة العربية، ليكون فاعلا فيها، عن طريق المشاركة في معظم نزاعات الشرق الأوسط، في النزاع الفلسطيني عبر حماس، وفي لبنان عبر حزب الله، وفي اليمن بواسطة المتمردين الشيعة، وفي البحرين من خلال التعاون مع الأغلبية الشيعية، وصولا إلى قدرتها على تجنيد أحد وزراء البحرين، في أكبر شبكة غسيل أموال تابعة للحرس الثوري الإيراني.
ربما تبدو المخاوف العربية من النفوذ الإيراني، واحدا من الخطوات التي تدفع العرب إلى البحث عن تحالفات إقليمية جديدة، عبر مشروع رابطة الدول المجاورة للعرب، الذي يبدو أنه محاولة من جانب العرب، لتأمين حدودهم عبر التحالف الجديد، بعد أن تم اختراق هذه الحدود من الجانب الإيراني.