arpo28

جنوب اليمن: هدوء نسبي تفرضه قوات الأمن وغليان متذبذب ينتظر المجهول

بحلول ذكرى 22 مايو القادم، يكتمل عقدان من الزمان على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990م. وتأتي ذكرى هذا العام وسط تحديات كبيرة تواجه الوحدة الوطنية بين اليمنيين بعد تصاعد احتجاجات الحراك الجنوبي ومطالباته المستمرة بفك الارتباط عن الوحدة والعودة إلى ماقبل الثاني والعشرين من مايو 1990م.

ومع ان قضية الحراك الجنوبي اتخذت مؤخرا عدة أشكال وآليات في تصعيد الاحتجاجات وكذا في مواجهة السلطة لها، إلا أن بداية مارس الماضي سجل تحولا مهما لجهة قيام السلطات الرسمية بحملة أمنية ومجموعة إجراءات قالت أنها تهدف من خلالها إلى إعادة فرض هيبة الدولة واستتباب الأمن والاستقرار في المناطق والمديريات التي شهدت تصاعدا متناميا للمسيرات والاحتجاجات وحالات الفوضى.

وشملت الإجراءات الحكومية بصفة خاصة ثلاث محافظات عرفت في الأوساط السياسية ب "مثلث الحراك "، وهي الضالع ولحج وأبين، ومن بين المحافظات الثلاث، تسيدت الضالع حتى الأسبوع الماضي حالات الرفض والتصعيد، واستعصت على الإجراءات الحكومية المشددة، يليها محافظة لحج.

ولأسباب خاصة ومعروفة بعد الاتفاق الغامض بين الشيخ طارق الفضلي والسلطة، خفت المظاهر الاحتجاجية والانفصالية في مدينة زنجبار بشكل لافت، وتفهمت قوى الحراك الجنوبي هذا الاتفاق، رافضة التشكيك بولاء الفضلي.

وبشكل عام، تتفق العديد من المصادر على أن الإجراءات الأمنية الأخيرة تركت أثرا واضحا على الفعاليات والمسيرات التي شهدتها مختلف المحافظات الجنوبية في وقت سابق. اذ ومنذ بداية مارس الماضي، تباينت صورة الأوضاع في المحافظات الثلاث ما بين الهدوء والغليان المتذبذب. ففي الأسبوع الماضي على سبيل المثال، سجلت محافظتا الضالع ولحج استجابة متفاوتة لدعوات الإضراب والمسيرة المعتادة كل خميس. وبينما تمكن أنصار الحراك الجنوبي من تنظيم تظاهرة جماهيرية في منطقة حالمين بمحافظة لحج يوم الخميس الماضي، وذلك احتفاء بما يسمى "يوم المعتقل الجنوبي". فشل الإضراب الذي دعت اليه قوى الحراك في عاصمة المحافظة الحوطة، ونجح في مديريات اخرى.

وذكرت المصادر أن الإجراءات الأمنية المكثفة والتي فرضت على الحوطة حالت دون نجاح الإضراب، في حين اقتصرت مظاهرة الخميس على منطقة حالمين، حيث طاف خلالها حشد من المواطنين الشارع الرئيس للمنطقة مرددين الشعارات المطالبة بالإفراج عن المعتقلين وفك الحصار عن مدينة الضالع، وحملوا صور علي سالم البيض وصور المعتقلين والأعلام الشطرية.

وبالمثل، حال الإجراء الأمني المكثف في الضالع دون وصول متظاهرين إلى مدينة الضالع للاحتفال بذكرى المعتقلين. وقالت المصادر أن الانتشار الأمني المكثف في الشارع العام وحول المباني المطلة على الشوارع الرئيسية، لوحظ منذ صباح الخميس، غير أن هذه الإجراءات لم تمنع حدوث صدامات ومواجهات اسفرت عن إصابة شخصين من أنصار الحراك.

ومع تعليق المصادر على إصابة الحياة العامة في الضالع بالشلل التام استجابة لدعوة الإضراب الشامل، لكن المصادر أشارت إلى وقوع مواجهات مسلحة وإطلاق نار مكثف في ساعات الصباح الأولى ما أدى إلى مقتل شخص يدعى "سالم الجعدي (مصادر أخرى أشارت إلى إصابته).

ويوم السبت الماضي، كشفت وزارة الداخلية والدفاع في تقرير قدم إلى مجلس النواب عن سقوط 18 قتيلا ونحو 120 جريحا في الاحتجاجات التي شهدتها محافظات الضالع ولحج وأبين خلال فبراير ومارس وابريل الجاري. واوضحت الدفاع والداخلية ان عشرة عسكريين بين القتلى وأكثر من 48 جريجا، فيما البقية من المدنيين. وبلغت اجمالي المظاهرات في المحافظات الثلاث 245 مظاهرة غير مرخصة، و87 تفجير وعملية تبادل لإطلاق النار، إضافة إلى 4 حالات عثور على متفجرات وأكثر من124 عملية تقطع.

ففي محافظة الضالع، اوضح التقرير، القيام بأكثر من 35 مظاهرة غير مرخصة و47 تفجير وعملية تبادل لإطلاق نار، وكذلك 4 حالات عثور على متفجرات و 10 عمليات تقطع طرق. وسجلت محافظة أبين أكثر من 4 تفجيرات و 86 عملية تقطع، و83 مظاهرة. فيما سجلت لحج 127 مظاهرة و28 حالة نهب وعشر حالات تقطع.

وبغض النظر عن تتبع حالات الهدوء وتصاعد المواجهات والاحتجاجات، وتباين المصادر حول الإجراءات الميدانية في المحافظات الثلاث وبقية المحافظات الجنوبية، فان ما تؤكده الأوساط السياسية هو استمرار حالة الاحتقان مع اعتقاد طرفي المواجهة بجدوى الأساليب التي يتبعها حتى الآن في تحقيق الأهداف والنتائج المطلوبة.

وانطلقت الإجراءات الامنية مع خطابات الرئيس علي عبد الله صالح التي جدد فيها دعوته للحوار مع مختلف القوى في الساحة تحت سقف الدستور والقانون، وهدد بحرق الأعلام الانفصالية بعد أن تحدث عن وجود تصور خاطئ لدى أنصار الحراك الجنوبي دفعهم لتصعيد الاحتجاجات واعتقادهم عن انشغال القوات الحكومية بحرب صعدة.

وتم الإعلان مجددا عن تشكيل عدد من اللجان لمعالجة مشاكل المحافظات الجنوبية. وتواجد الرئيس في محافظة حضرموت مؤخرا، حيث استمع مباشرة إلى مشاكل بعض المواطنين، ووجه بحلها، كما وجه بإطلاق كافة المعتقلين في حضرموت على خلفية الحراك السياسي.

وللمرة الثانية، نظمت أحزاب المعارضة الرئيسية اعتصامات في صنعاء وتعز، وكانت "القضية الجنوبية" في صدارة الدعوة للاعتصامات، حيث انتقدت الإجراءات العسكرية المفروضة على المحافظات الجنوبية وعلى الضالع بصفة خاصة، واشارت بيانات المعتصمين إلى أن العنف لا يولد سوى العنف المضاد.

وبالنسبة لقوى الحراك الجنوبي، فان مصادرها السياسية، تعتبر الإجراءات الحكومية فاشلة، وتلخصها في استخدام المال لشراء الذمم وصرف السيارات للمحسوبين عليها وتعيين آخرين في مواقع حكومية، كما في شنها حملة الاعتقالات والمحاكمات والحصار العسكري والتصعيد ضد وسائل الإعلام.

وطبقا للمصادر الإعلامية المحسوبة على الحراك، تجري حاليا الاستعدادات لإقامة فعاليات ومهرجانات كبرى في 27 ابريل الجاري، وذلك بمناسبة ما أسمته ذكرى "إعلان الحرب على الجنوب".

المصادر أشارت إلى اجتماع عقد الأسبوع الماضي في محافظة أبين للتحضير للفعالية التي اعتبرتها تقليدا سنويا يحتفى بها في زنجبار عاصمة محافظة أبين، وأنه "لظروف خاصة تعيشها زنجبار، وبالتنسيق مع قيادات الحراك على مستوى الجنوب وعلى مستوى مديريات أبين المستضيفة لتلك الفعالية السنوية، فقد تقرر إقامة الفعالية في مدينة لودر".

ويشير ذلك إلى طبيعة الاحتواء الذي اتبعته السلطة في زنجبار بعد اتفاقها مع الفضلي، وكذلك إلى تفهم قوى وأنصار الحراك لذلك الاتفاق. وهنا تثار التساؤلات حول المدة الزمنية لصمود الاتفاق، كما في بقاء صورة الأوضاع بشكل عام في المحافظات الجنوبية، رهينة للتطورات المفتوحة على الاحتمالات.

زر الذهاب إلى الأعلى