arpo37

طرائف ومفارقات.. على هامش الانتخابات السودانية

حفلت الانتخابات السودانية بالطرائف والمفارقات بقدر ما تجرعت فيها أحزاب المعارضة مرارات، ويبدو أن البلاد مقبلة على مرحلة جديدة من هيمنة "الإنقاذ" بقيادة حزب الرئيس البشير زعيم "المؤتمر الوطني" الذي سيحكم لأول مرة بصفته حزباً منتخباً، وليس أمام المعارضة وخصوصاً الأحزاب المقاطعة للانتخابات، سوى اجترار الاتهامات بالتزوير واللجوء إلى انتهاج الأساليب القديمة على الرغم من أنها لم تجن منها أي مكاسب، ولم تستطع طيلة عقدين من الزمن إزاحة البشير الذي جاء إلى السلطة في انقلاب أبيض في الثلاثين من حزيران (يونيو) 1989.

وفاز "المؤتمر الوطني" بكل مقاعد قائمة الأحزاب في ولاية الخرطوم (11 مقعداً) التي تضم نائب رئيس الجمهورية علي عثمان محمد طه، وأيضاً جميع مقاعد المرأة في الولاية وعددها (15) مقعداً، إلى جانب معظم الدوائر القومية، حيث يتربع على صدارتها من أشهر، قيادات "الإنقاذ" كل من غازي صلاح الدين ومصطفى عثمان إسماعيل، وهما من أبرز مستشاري الرئيس البشير، إلى جانب رئيس المستشارية القومية للأمن رئيس جهاز الأمن والاستخبارات الوطني السابق الفريق أول مهندس صلاح عبدالله محمد محمد صالح.

وبدا الزعيم الإسلامي حسن الترابي أبرز الخاسرين، إذ لم يحز سوى على 2 % في قائمة التمثيل النسبي، وهو ما يشكل إحراجاً كبيراً وخصوصاً أن كمال عمر أحد أبرز قادة حزب "المؤتمر الشعبي" بزعامة الترابي كان قال في مؤتمر صحافي إن الترابي سيترأس أول جلسة للبرلمان المنتخب، قاصداً بذلك أن العرف في السودان جرى على أن الجلسة الأولى التي يتم فيها اختيار رئيس البرلمان يرأسها أكبر الأعضاء سناً. ومن المفارقات أن حزب "المؤتمر الوطني" المناوئ للترابي أعد العدة للحيلولة من دون تحقيق هذا الحلم، إذ قام بترشيح أحد قياداته أكبر سناً وفاز بالفعل.

ومن الطرائف التي حفلت بها الانتخابات السودانية، أن أحد الناخبين في مركز ودعشانا، أودع إلى جانب أوراق الانتخابات الثماني خطاباً بخط يده يدعو فيه الرئيس المقبل للبلاد تضمن وصايا حول الوطن والمواطن.
ومن أبرز ما سجلته الانتخابات السودانية من مفارقات أن رئيس الحزب الاتحادي محمد عثمان الميرغني الذي نافس على رئاسة الجمهورية عبر مرشحه حاتم السر، أعلن في مؤتمر صحافي قبل مغادرته البلاد قبل أيام أنه لم يدل بصوته. ويضاف إلى ذلك أن مرشح الميرغني سقط في أهم معاقل طائفة الختمية وهي ولاية كسلا الحدودية الشرقية حيث انتزعها منه مرشح "المؤتمر الوطني". إلى جانب ذلك، فاز "المؤتمر الوطني" في مناطق الصراع الرئيسية وهي شمال كردفان، شمال دارفور، غرب دارفور.

وفي انتظار إعلان نتائج الانتخابات السودانية في الساعات القليلة المقبلة، أمضى وكلاء الاحزاب السياسية والمراقبون للانتخابات من منظمات المجتمع المدني وممثلو مركز كارتر لمراقبة الانتخابات يوماً ترفيهياً أمس في غابة السنط، احدى المحميات الدولية وأكبر محط للطيور المهاجرة في العالم بمحازاة نهر النيل في الخرطوم.
وفي ما الممثل الخاص للامين العام للأمم المتحدة في السودان هايلي مانكريوس استعد لرفع تقريره لمجلس الأمن عن سير تنفيذ اتفاقية السلام الشامل واجراء الانتخابات في السودان والاستعداد للاستفتاء.

وبات في حكم المؤكد فوز الرئيس البشير بولاية جديدة لمدة أربع سنوات، كما من أبرز إنجازات "الحركة الشعبية" تحقيقها الفوز في ولاية الوحدة الغنية بالنفط وفي ولاية النيل الأزرق التي يشملها اتفاق المشورة الشعبية.

واكد الفريق مالك عقار والي النيل الازرق المنتخب لدى مخاطبته اللقاء الجماهيري أمس في استاد الدمازين عاصمة الولاية، ان فوزه بمنصب الوالي يعتبر تعزيزاً لبسط الامن والاستقرار وعدم العودة إلى الحرب مرة اخرى. واوضح ان مشكلة دارفور لن تحل الا عبر أبنائها وبرضائهم، ودعا إلى وحدة الصف، مؤكدا ان "الحركة الشعبية" ستركز على تحقيق غايات المشورة الشعبية وفق اتفاقية السلام وبما يخدم مصالح الولاية، مضيفا ان حزبه سيعمل على الاستفادة من كل كفاءات الولاية بمختلف توجهاتهم خدمة للولاية وانسانها، وقال ان الانتخابات وضعت السودان في طريق الديموقراطية.

وبدا زعيم الطائفة الكبرى الثانية الصادق المهدي رئيس "حزب الأمة القومي" في موقف لا يحسد عليه، إذ أنه وعلى رغم من إعلانه الانسحاب من الانتخابات الرئاسية في آخر لحظة، إلا أن نتائج الاقتراع أشارت إلى حصوله على عدد ضئيل من الأصوات تراوح ما بين الصفر وثلاثة أصوات حتى في مراكز نفوذه التقليدية.

وأعلنت المفوضية القومية للإنتخابات في مؤتمرها الصحافي الدوري في قاعة الصداقة الفائزين بمنصب الوالي في ولايات: الوحدة، شمال كردفان، شمال دارفور، غرب دارفور وكسلا معقل طائفة الختمية بزعامة محمد عثمان الميرغني.

وأعلن عضو المفوضية القومية ورئيس اللجنة الفنية للإنتخابات الفريق الهادي محمد أحمد في المؤتمر الصحافي فوز تعبان دينغ مرشح "الحركة الشعبية" بمنصب والي ولاية الوحدة، ومعتصم ميرغني زاكي الدين، مرشح "المؤتمر الوطني" بمنصب والي ولاية شمال كردفان، وعثمان محمد يوسف كبر مرشح "المؤتمر الوطني" بمنصب والي ولاية شمال دارفور، وجعفر عبدالحكم مرشح "المؤتمر الوطني" بمنصب والي ولاية غرب دارفور، ومحمد يوسف آدم بشير مرشح "المؤتمر الوطني" بمنصب والي ولاية كسلا.

وقد أكد "المؤتمر الوطني" التزامه بانفاذ برنامجه عبر تشكيل حكومة قوية قادرة على هذا الامر وغيره من الوعود التي قطعها خلال المرحلة السابقة، بحسب تصريحات أدلى بها عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني كمال عبيد، مضيفاً أن المجلس القيادي لـ"المؤتمر الوطني" اشاد في اجتماعه مساء اول من امس بجماهير الشعب السوداني، ووقفتها ومؤازرتها الكبيرة لمرشحيه الذين خاضوا الانتخابات الاخيرة في مستوياتها المختلفة ومناصرتها لبرنامج الحزب، كما هنأت شوري "المؤتمر الوطني" الذين نالوا ثقة المواطنين الناخبين واعلنت اسماءهم في النتيجة العامة للإنتخابات في البلاد.

بدوره، أكد مساعد المدير العام للتخطيط والمعلومات اللواء خميس ميان دوت جاهزية قوات الشرطة لتأمين مرحلة ما بعد اعلان النتيجة، مشيدا بدور قوات الشرطة في تأمين كل المراحل السابقة من العملية الانتخابية. وأضاف أن الشرطة ادت دورها التأميني في حيادية تامة شهدت بها الدول ومجموعة المراقبين المحليين والدوليين.

وجدد اللواء خميس في تصريح صحافي اهتمام وزارة الداخلية ورئاسة الشرطة بوضع الخطط التي تتناسب مع المراحل المختلفة من العملية الانتخابية، مؤكداً مراجعة رئاسة الشرطة لما تم انجازه من مراحل الخطة الاستراتيجية العامة بايفادها مساعدي المدير العام في زيارات تفقدية للولايات للاطمئنان على تنفيذ الخطط وعلى القوات العامة في تأمين وتحديد نسب الانفاذ الذي تم مثمناً في ختام تصريحه دور المواطنين وتعاونهم مما أسهم في الوصول بالعملية الانتخابية لمستوى الاداء الجيد.

زر الذهاب إلى الأعلى