قال سفيرا الولايات المتحدة وبريطانيا ان اكتشاف مقبرة جماعية تضم رفات 55 جنديا عراقيا قتلوا أثناء حرب الخليج الثانية عام 1991 يمثل اجراء مهما للغاية لبناء الثقة بين الكويت والعراق كما أن الدروس والمهارات المكتسبة من ذلك يمكن تطبيقها في جهود العثور على رفات كويتيين في العراق.
وقالت السفيرة الأميركية ديبورا جونز ان انتشال رفات الجنود يمثل "تطورا مهما عمل خلاله المسؤولون الكويتيون والعراقيون جنبا إلى جنب وطور مهارات قيمة في مجال الطب الشرعي يمكن تطبيقها أيضا في البحث عن الكويتيين المفقودين". وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وفريق من خبراء الطب الشرعي استخرجا بنجاح في الفترة بين الرابع والسادس من مايو الجاري جثث 55 جنديا عراقيا يعتقد بأنهم قتلوا خلال تحرير الكويت.
وأجريت أعمال الحفر لاكتشاف المقبرة على الطريق السريع رقم 80 بالقرب من العبدلي في شمالي الكويت. وأشادت جونز بوزارة الداخلية الكويتية واللجنة الوطنية لشؤون الأسرى والمفقودين لدورهما الرائد في قيادة جهود اكتشاف المقبرة مشيرا إلى "الدور الايجابي" الذي قام به ممثلو الحكومة العراقية واللجنة الدولية للصليب الأحمر وبعثات دول التحالف الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا.
وأضافت "أريد أيضا أن أنوه وأشيد بالجهود العراقية التي بذلت في الآونة الأخيرة في تعقب شهود العيان واطلاق حملات للتوعية العامة وحفر مقابر جماعية في العراق للبحث عن 270 كويتيا ما زالوا مفقودين منذ حرب الخليج قبل 20 عاما تقريبا ونأمل ألا يهدأ بال جميع المشاركين في هذا جهد حتى يعود جميع المفقودين الكويتيين إلى ديارهم".
وقالت جونز ان تركيز لجنة ثلاثية تضم خبراء من الكويت والعراق ودول التحالف ينصب في هذه المرحلة على "العثور واكتشاف رفات الكويتيين في العراق وهذا هو هدفنا بشكل واضح". كما شددت على أن هذا يأتي في اطار الجهود الرامية إلى "بناء الثقة وارساء تدابير لبناء الثقة بين الفريقين (الكويت والعراقي) لتحسين الكفاءة المهنية وقدرات الجانب العراقي وكذلك بناء الثقة بين الجانبين حتى يمكنهما العمل معا ومواصلة العمل معا بنجاح للعثور على رفات الكويتيين في العراق".
وأوضحت أن الموقع قرب العبدلي اختير استنادا إلى تقارير قوات التحالف بشأن تصاريح الدفن منذ عام 1991. وتابعت "بعد وقت قصير من تحرير الكويت قدمت قوات التحالف تفاصيل كاملة للجنة الدولية للصليب الأحمر بشأن المواقع المعروفة التي دفن فيها الجنود العراقيون". وأضافت أن هذه التفاصيل نقلت للحكومة العراقية في ذلك الوقت "لكن حتى نوفمبر 2009 لم تطلق أي دعوات رسمية عراقية لاعادة هذه الرفات".
وأضافت جونز انه بعد انتشال واعادة رفات كويتيين عام 2004 جرت عملية مماثلة لاعادة رفات أخرى العام الماضي مشددة على أن هناك "تقدما كبيرا" في البحث عن المفقودين. وأضافت "في مارس 2009 أطلقت السفارة الأمريكية جنبا إلى جنب مع سفارة المملكة المتحدة بهدف تحريك العملية مبادرة لاستعادة العراقيين الذين ما زالوا مفقودين في الكويت". وتابعت أنه "تحقيقا لهذه الغاية فحصنا ملفاتنا بعناية واستعنا بخدمات خرائط وصور وطب شرعي من الولايات المتحدة وخبراء آخرين لمساعدة اللجنة الدولية للصليب الأحمر واللجنة الوطنية الكويتية لشؤون الأسرى والمفقودين في البحث عن مقابر العراقيين في الكويت".
الا أن سفير المملكة المتحدة أشار إلى أن "الحكومة العراقية وبالتأكيد فرق خبراء الطب الشرعي العراقي الذين عملوا مع قوات التحالف هنا في الكويت على مدى الأسبوعين الماضيين مصممون حقا على محاولة العثور على هذه الرفات ولكنها عملية أكثر صعوبة". وأوضح بيكر أن هنا "الملايين بالفعل" من العراقيين الذين قتلوا في الحرب العراقية الإيرانية أو قتلوا على يد نظام صدام حسين مضيفا أنه لم يعثر حتى الآن على رفات ما يزيد على مليون مفقود من الحرب بين العراق وإيران بجانب عدد أقل للذين قتلوا أثناء تحرير الكويت.
وأضاف أن اكتشاف 55 جثة عراقية الأسبوع الماضي في منطقة العبدلي "أظهر للعراقيين أن الكويت مصممة على ضمان العثور على جثث العراقيين الذين قتلوا خلال تحرير الكويت في عام 1991". وتابع "لقد تحدثت إلى الأعضاء العراقيين بالفريق الذين كانوا في الكويت واجتمعوا معنا الأسبوع الماضي وهم يشعرون بامتنان عميق ويعتبرون ما رأوه تدبيرا مهما لبناء الثقة".
وأشار بيكر إلى أن العثور على جثث سواء في الماضي أو مستقبلا في الكويت "يتحقق استنادا إلى السجلات التي احتفظت بها قوات التحالف". وأضاف أنه لم يحتفظ بسجلات من هذا النوع في العراق "لذلك فان التركيز (هناك) ينصب إلى حد كبير على محاولة العثور على شهود عيان على عمليات القتل". وتابع أنه "لا يمكن التحقق من عمليات القتل سوى من خلال روايات شهود عيان التي يمكن أن تحدد مواقع المقابر الجماعية لكل من المفقودين الكويتيين والعراقيين الذي قتلهم صدام حسين أيضا".
وفي الوقت نفسه قالت جونز ان قوات التحالف "بذلت جهودا كبيرة للغاية" للتعرف على مواقع المقابر وقدمت بيانات لتحديد أماكنها مضيفة "تم توفير رعاية كبيرة خلال التعامل مع رفات العراقيين وتم وضعها في حقائب جثث خاصة بقوات التحالف مكتوب عليها هوياتهم وبداخلها مجوهراتهم وأموالهم وأي شيء من شأنه المساعدة في التعرف على الجثث". وأشارت إلى أنه عندما عثر على هذه الجثث كانت ترقد جنب بعضها البعض دون أن تلمس احداها الأخرى باتجاه الكعبة المشرفة بمكة المكرمة وفقا للشعائر الاسلامية في الدفن بجانب توفر وسائل واضحة لتحديد هويات الجثث.
وأضافت أن الأمر في العراق بمثابة "مهمة صعبة ويرجع ذلك جزئيا لحجم عمليات القتل الجماعي التي ارتكبها نظام صدام وهذا يمثل تحديا كبيرا لحكومة العراق ونحن نعترف بالجهد الذي بذلته في الآونة الأخيرة لجعل هذا أولوية بالنسبة لها".
وأشاد السفيران بجهود موظفي سفارتي الولايات المتحدة والمملكة المتحدة الذين بذلوا جهودا في هذه المسألة خلال العام الماضي. وأشادت جونز بجهود الجيش الأميركي من خلاله تسهيل مشاركة متخصص في الفحص الطبي وضابط تحقيق جنائي وخبراء بالطب الشرعي وعلم الأمراض وغيرهم من الخبراء. وأضافت "قواتنا المسلحة لم تتصرف بأسلوب يتسم الكرامة والاحترام الكبيرين عند التعامل مع المقاتلين الأعداء كما رأينا في انتشال الرفات فحسب ولكنها وفرت أيضا جميع أنواع المساعدة في هذه العملية وأنا فخورة جدا بهذه الحقيقة".
كما قال بيكر انه "فخور أيضا بجيش المملكة المتحدة وعلى الرغم من عدم مشاركة الجيش البريطاني بصورة مباشرة في هذه العملية فانه شارك في التحرير عام 1991 وضمان معاملة القتلى العراقيين وفقا للقانون الدولي". وأشار إلى أن خبيرا سابقا بمجال الطب الشرعي بالشرطة البريطانية ويعمل الآن يعمل لحساب الحكومة البريطانية قضى خمس سنوات في بغداد وكان عضوا بالفريق الذي ذهب إلى الصحراء لاكتشاف هذه الجثث الأسبوع الماضي. ومن المتوقع ان يتم تسليم الجثث عند الحدود بين الكويت والعراق الأسبوع المقبل.