arpo28

خطاب الرئيس اليمني.. الحوثيون رحبوا بحذر والمعارضة اعتذرت عن التعليق

تأكيد رئيس الجمهورية من محافظة عدن على أن خطابة بمناسبة الذكرى العشرين لتحقيق الوحدة اليمنية سيطوي صفحات الماضي ويفتح صفحة جديدة، دفع الكثيرين إلى ترقب مفاجآت كبيرة، وتحميل خطابه أكثر مما يحتمل.

هذا ما تبين مساء الجمعة الماضية عشية الاحتفال بالذكرى العشرين لاعادة تحقيق الوحدة اليمنية. ولوحظ أن أبرز ما تضمنته مفردات الخطاب الرئاسي، هي وعود وتوجيهات ودعوات وترحيب. ففي الاولى، وعد بافتتاح عدد من مشاريع التنمية، كما وجه "بإطلاق سراح جميع المحتجزين على ذمة الفتنة التي أشعلتها عناصر التمرد في صعدة، وكذا المحتجزين الخارجين عن القانون في بعض مديريات لحج وأبين والضالع".

ودعا "كل أطياف العمل السياسي وكل أبناء الوطن في الداخل والخارج إلى إجراء حوار وطني مسئول تحت قبة المؤسسات الدستورية دون شروط أو عراقيل مرتكزا على اتفاق فبراير الموقع بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب". وعلى ضوء هذه الدعوة المتكررة والمشروطة والتي سبق أن اعترض طريقها العديد من العراقيل والاتهامات المتبادلة، أضاف رئيس الجمهورية " نرحب بالشراكة الوطنية مع كل القوى السياسية في ظل الدستور والقانون وما يتفق عليه الجميع، وفي ضوء نتائج الحوار فإنه يمكن تشكيل حكومة من كافة القوى السياسية الفاعلة الممثلة في مجلس النواب وفي المقدمة الشريك الأساسي في صنع الوحدة وشركاؤنا في الدفاع عنها، وكذلك التحضير لإجراء انتخابات نيابية في موعدها المحدد".

وفيما اعتذر الناطق الرسمي لاحزاب اللقاء المشترك محمد النعيمي عن ابداء أي تعليق على ما ورد في خطاب الرئيس، قائلا ان احزاب اللقاء المشترك سوف تجتمع اليوم الاثنين لتوضيح موقفها الرسمي. لكنه ألمح إلى وجود مستجدات تقتضي اجتماع احزاب المعارضة للرد على الخطاب بطريقة رسمية بعد أن صرح في وقت سابق بأن المعارضة لا تنتظر أي جديد، وأن الخرق قد اتسع على الراقع.

وبدوره، أشار أستاذ العلوم السياسية في جامعة صنعاء - الدكتور عبد الله الفقيه- إلى وجود ايجابيات وسلبيات في الخطاب.

ومن الايجابيات التي تحدث عنها الفقيه، هي اللغة التصالحية والابتعاد عن الهجوم ضد المعارضين. مؤكدا أنه للمرة الاولى يتم الاشارة إلى إزالة آثار ما أفرزته أزمة عام 1993م وحرب صيف 94م. ووصف في تصريحه لصحيفة " الناس" الدعوة للحوار مع كل أطياف العمل السياسي وابناء الوطن في الداخل والخارج بالتقدم الكبير، كما علق على التوجيه بالافراج عن جميع المعتقلين على ذمة أحداث صعدة والجنوب بالقول ان هذا البند كان يمثل العقبة الرئيسية أمام الحوار.

وأكد أن خطاب الرئيس تضمن لاول مرة امكانية تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بعد نجاح قضية الحوار.

ومع ذلك، أشار إلى سلبيات تضمنها الخطاب، ومنها عدم تضمنه آلية معينة لتنفيذ الحوار، كما التأكيد على اجرائه مع الاحزاب الممثلة في مجلس النواب وتحت سقف المؤسسات الدستورية، وهو ما يعني، حسب رأي الفقيه، سحب كل الايجابيات والاشارة إلى امكانية استبعاد القوى الممثلة خارج مجلس النواب. وتسائل اذا ما كان المقصود فعلا استبعاد الحوثيين وقوى الحراك الجنوبي.

وعد تأكيد الرئيس على اجراء الحوار الوطني المسؤول ارتكازا على اتفاق فبراير من السلبيات أيضا بسبب أن هذا الاتفاق مشكلة بحد ذاته وليس جزء من الحل. وكذلك التأكيد على اجراء الانتخابات في موعدها المحدد، والمعنى من ذلك حسب رأي الفقيه، ان النظام غير قابل للحوار حول قضية الاصلاحات التي تحتاج إلى وقت طويل ولا تسعفها الشهور المتبقية من المدة المحددة.

( الصراع داخل السلطة )

وارجع هذا التناقض الظاهر في الخطاب إلى وجود صراع داخل السلطة بين فريقين، الاول يدفع باتجاه عملية التوافق والتهدئة، والآخر نحو المزيد من الاحتقان. وأشار أيضا إلى وجود قصور كبير في خطاب الرئيس بالنسبة للمسالة الجنوبية رغم اهيتها البالغة قياسا بالقضايا والازمات السياسية الاخرى.

ومن جانبه، أكد الدكتور كمال البعداني ان خطاب رئيس الجمهورية لم يحمل أي مفاجأة ولم يتضمن أي جديد وانه سبق ان تم ترديده في أكثر من مقابلة ومناسبة. واوضح ل " الناس" ان الحوار الذي دعا له الرئيس، وكما هو معلوم في العالم الثالث، يحتاج تنفيذه إلى سنوات.

وأكد ان الرئيس سبق له دعوة القوى السياسية الاخرى المشاركة في السلطة، وان دعوته في السابق كانت غير مشروطة، بينما اشترط لها هذه المرة نجاح مسألة الحوار.

وبخلاف آخرين يعتبرون التوجيه بالافراج عن جميع المعتقلين على خلفية صعدة والجنوب ضمن المكرمات الرئاسية. لكن البعداني أشار إلى خطورة هذا التوجه، قائلا " اخشى ان يتفجر الوضع من جديد في محافظة صعدة خاصة وأنها ليست المرة الاولى التي يوجه فيها الرئيس بالافراج عن المعتقلين على ذمة الاحداث في المحافظة، وفي كل مرة كان خروجهم يشكل تعزيزا لجبهة الحرب ضد الدولة".

واعتبر ان هذا التوجيه هو الشيء المثير فعلا في خطاب رئيس الجمهورية. واستدرك قائلا " وبالنسبة لما يحصل في المناطق الجنوبية، فانه يمكن للرئيس العفو عن الحق العام للدولة، لكن ليس من حقه العفو في الحق الخاص ضد مرتكبي الاعمال الجنائية والاجرامية".

وكانت التوقعات بشأن ما سيتضمنه خطاب الرئيس قد سيطرت على الشارع اليمني، وأخذت مناحي ومناطق بعيدة في التفكير والتكهنات. فالبعض توقع عودة علي سالم البيض وحيدر ابو بكر العطاس وعلي ناصر محمد وغيرهم. وذهب آخرون إلى أبعد من ذلك بالقول ان الرئيس ربما سيعلن عن تنحيه عن الحكم والاعلان عن تشكيل حكومة وحدة وطنية، وغيرها من القضايا والهموم التي تلامس قضايا المواطنيين مباشرة.

ويبدو ان رئيس الجمهورية حاول استدراك ما فاته في خطاب المساء وعشية ذكرى الاحتفال، فأعلن محافظ محافظة تعز حمود خالد الصوفي صباح يوم أمس الاول السبت، عن ما أسماه بالمكرمة الرئاسية للعفو عن الصحافيين الذين لهم قضايا منظورة امام المحاكم أو عليهم احكام قضائية في الحق العام. وقال الصوفي ان الرئيس "يدعو الصحافيين إلى تكريس اقلامهم لما فيه خدمة الوطن وتعزيز الوحدة الوطنية وغرس قيم المحبة والوئام في المجتمع".

والراجح ان رئيس الجمهورية أراد حشد الانتباه للقرارات التي يستطيع تقديمها في مثل هذه المناسبة. لكنه وقع في تناقضات واشتراطات يعرف مراقبون أن تطبيقها على الواقع يحتاج إلى ارادة حقيقية وقوية و إلى فترة من الزمن.

( طلقة فاشلة وباهتة)
وباستثناء الترحيب المشوب بالحذر للحوثيين. وصف أول رئيس لحكومة الوحدة المهندس حيدر ابو بكر العطاس خطاب الرئيس بالطلقة الفاشلة والباهتة. مؤكدا في تصريحات لقناة البي بي سي ان خطابه لم يأتي بأي جديد، ولم يعترف " بوجود أزمة في اليمن سياسية واقتصادية وأمنية يجب معالجتها ، كما أنه لم يعترف بوجود قضية في الجنوب".

ودعا العطاس إلى صيغة لتجاوز النظام القائم، مطالبا بقيام نظام فيدرالي بين الشمال والجنوب لمدة أربعة أعوام يتم بعدها إجراء استفتاء في الجنوب لتقرير المصير. وقال ان الخطاب لم يقدم أية حلول منطقية للأزمة التي تمر بها اليمن، وأن الرئيس أراد عبر مبادرته في إجراء حوار مع الحزب الاشتراكي الشريك في الوحدة إلى فكفكة أحزاب اللقاء المشترك وكافة القوى الوطنية في اليمن شمالا وجنوبا. واضاف ان "اليمنيين كانوا موحدين قبل الوحدة، لكنهم الآن ليسوا كذلك رغم وجود الوحدة".

ومن جانبه، رحب الناطق الرسمي للحوثيين بمبادرة الرئيس للافراج عن المعتقلين على ذمة الاحداث في صعدة. وقال محمد عبد السلام ان "ذلك ان حصل، سيكون من اهم خطوات تثبيت السلام وارساء الامن والاستقرار في صعدة". وذكر ان المعتقلين على ذمة الاحداث في صعدة هم حو إلى الف شخص بعضهم معتقل منذ الحرب الاولى عام 2004. واعرب عن الامل في ان تكون نوايا السلطة حقيقية.

وحول رغبة الحوثيين بالمشاركة في العملية السياسية، رد ناطق الحوثيين قائلا "هناك مخلفات ست حروب، وعندما تنتهي الملفات وخصوصا ملف المعتقلين اضافة إلى الاعمار والتعويضات والمفقودين، عندها سنستطيع ان نرى ماذا سيكون دورنا في المجتمع". وعن امكانية لقاء عبد الملك الحوثي مع الرئيس، قال الناطق باسم الحوثيين "اذا هدأت الاوضاع ليس هناك مانع ادبي، لكن الامر رهن بالمستقبل، عندما نشعر انه توقف استهدافنا بشتى الاشكال، لكل حادث حديث".

أما رئيس الدائرة الإعلامية للمؤتمر الشعبي العام الحاكم طارق الشامي، فقد وصف خطاب الرئيس بأنه مثل نقطة تحول في الحياة السياسية اليمنية. وقال الشامي في تصريحات لقناة الحزيرة ان الرئيس أراد في مثل هذا اليوم، وفي مثل هذه الذكرى أن يكون هناك تحول جاد وأن يتم طي صفحة الماضي، والانتقال إلى مرحلة البناء والشراكة الوطنية.

واوضح بأن هناك مرتكزات للحوار متفق عليها بين كافة القوى السياسية، سواء أحزاب اللقاء المشترك أو المؤتمر الشعبي العام، أو بقية القوى السياسية، بأن يكون اتفاق فبراير هو المرتكز لأي حوار وطني مستقبلي.

مؤكدا أن المؤتمر سيعمل على تجسيد ما هو مطلوب منه فيما يتعلق بالحوار، قائلا "بالنسبة لنا في المؤتمر الشعبي العام سنعمل على تجسيد ذلك وعلى البدء الفوري في تنفيذ ما هو مطلوب منا كمؤتمر شعبي عام، وسندعو كافة القوى السياسية للجلوس على طاولة الحوار".

وتحت عنوان "وحدة اليمن السعيد"، دعت جريدة الوطن السعودية في افتتاحيتها يوم أمس الاول إلى أهمية التفاف الاطراف اليمنية مع خطاب الرئيس. مشيرة إلى أن أي خطوة تمضي في اتجاه استقرار اليمن هي مهمة للمحيط الجغرافي ولدول الجوار. وقالت ان اليمنيين "قادرون على أن يكونوا أكبر من الاهتمام بالفعل الماضي، ومبادرة الرئيس اليمني واحدة من الإشارات القوية إلى ذلك، والاستجابة الشعبية والرسمية لهذه المبادرة تعزز هذه القيمة الوطنية التي تباركها المملكة العربية السعودية بكل صدق".

وكان الناطق الرسمي لأحزاب اللقاء المشترك محمد النعيمي قد أكد في وقت سابق انه لا توجد لديهم أي توقعات لما يحمله أو يتضمنه خطاب الرئيس. مؤكدا أن الخرق قد اتسع على الراقع. ونفى في تصريح لموقع "نيوز يمن" الاخباري أي معرفة له بمصالحة سياسية يمكن أن يتضمنها خطاب الرئيس.

وقال إن أحزاب اللقاء المشترك لا تعتمد على الكلمات والخطابات بمقدار ما تعتمد على ما ينفذ منها على أرض الواقع، وأن الاخوة في المؤتمر الشعبي العام الحاكم قد قتلوا قيمة الكلمة ودمروها تدميرا غير عادي، مما يجعل المعارضة لاتعير الخطابات والكلمات أي اهتمام.

زر الذهاب إلى الأعلى