تتزايد الدعوات في اليمن وخارجها لإنقاذ آثاره من الضياع، وليس آخرها مناشدة المؤتمر الثالث للدراسات السبئية الذي انعقد في العاصمة الفرنسية باريس العام الماضي للرئيس علي عبد الله صالح بالتدخل لحماية هذا التراث الإنساني.
وبحسب رئيس الهيئة العامة للآثار والمتاحف عبد الله باوزير فإن ظاهرة تهريب الآثار اليمنية أخذت بعدا منظما بسبب ضعف الدور الرقابي للأجهزة الأمنية ووجود أغلب المواقع الأثرية في مناطق نائية، واتساع الحدود البرية والبحرية مما ساعد المهربين على تنفيذ جرائهم بإتقان.
واتهم باوزير -في حديث للجزيرة نت- يمنيين وأجانب بتشجيع المواطنين القاطنين قرب المواقع الأثرية على القيام بعمليات حفر عشوائية بحثا عن الآثار لشرائها منهم مما أدى إلى تدمير هذه المواقع وإصابتها بأضرار بالغة.
وعن دور الهيئة في مكافحة تهريب الآثار، قال إن الهيئة جهة فنية وليست ضبطية لافتا إلى ضعف الإمكانات المتاحة لقوات الأمن المكلفة بحماية الآثار.
آثار مهربة
وكشفت إحصائية رسمية صادرة عن مطار صنعاء أن إجمالي الآثار المضبوطة خلال الفترة الماضية بلغت 51 قطعة أثرية، وهي عبارة عن تماثيل من البرونز والمرمر وآنيات حجرية رسوبية وفخارية وعملات يمنية قديمة وموائد من القرابين ومباخر ومذابح وسيوف.
ووفقا للإحصائية فإن المتهمين بتهريب هذه الآثار التي تعود إلى الحضارتين السبئية والإسلامية ينحدرون من جنسيات يمنية وفرنسية وإيطالية وألمانية وتونسية وسلوفاكية وتشيكية.
كما تمكن رجال الأمن من ضبط خمسة أشخاص يتزعمهم أردني وبحوزتهم كيلو من الذهب الخالص والحلي وتماثيل وقطع أثرية مختلفة تعود إلى العصور السبئية والحميرية.
نهب منظم
ويستبعد رئيس قسم الآثار بجامعة عدن الدكتور أحمد باطايع وجود إحصائية دقيقة لعدد القطع الأثرية اليمنية المباعة في الخارج، موضحا أنها كثيرة جدا.
ويشير إلى أن عمليات تهريب الآثار اليمنية من المنافذ مستمرة، وهو ما يتطلب -برأيه– تفعيل قانون الآثار وإعادة النظر في التعامل مع المهربين ورفع دور الشرطة الدولية (إنتربول) في مكافحة جرائم الآثار.
ورغم الجهود التي تبذلها السلطات اليمنية فإن البعض يشير بأصابع الاتهام إلى الجهات المعنية في عدم تعاملها بشكل حازم مع مافيا التهريب.
ورأى الكاتب الصحفي ياسر العرامي أن الآثار اليمنية "تشهد نهبا منظما في ظل عقوبات غائبة وتورط مسؤولين حكوميين في تسهيل مهام شبكات التهريب والتدخل للإفراج عنهم أو تخفيف العقوبات بحقهم في حال وقوعهم في قبضة الأمن".
ندوة أوصت بأن يعتبر تهريب الآثار قضية أمن قومي (الجزيرة نت)
وحذر العرامي -في حديثه مع الجزيرة نت- من أن عمليات التهريب وتدمير الآثار باليمن وصلت إلى "درجة تفوق" ما حصل لنظيرتها العراقية بعد دخول القوات الأميركية العراق.
يُذكر أن ندوة تهريب الآثار التي نظمها مرتقى الرقي والتقدم في وقت سابق أكدت أن آثار اليمن هي جزء من السيادة الوطنية، وتندرج في إطار الأمن القومي لليمن وهويته التاريخية.
وأوصى المشاركون بأن تولي الحكومة قضية حماية الآثار الأولوية اللازمة، وضبط كل من يحاول العبث بها والعمل على حمايتها من التهريب والمتاجرة.
كما طالبت التوصيات باستعادة جميع الآثار المهربة بالطرق الدبلوماسية وبموجب الاتفاقيات والمعاهدات المعمول بها بين الدول ذات العلاقة، فضلا عن مضاعفة العقوبة بحق كل مسؤول في الدولة مدنيا أو عسكريا ممن ثبت تورطه في ارتكاب أي من جرائم تهريب الآثار.