arpo28

تحريك الأكراد للانتقام من مواقف انقرة..!

فجأة وبدون سابق انذار عاود حزب العمال الكردستاني عملياته العسكرية في مناطق متعددة من تركيا مستهدفاً عسكريين ومدنيين وبشكل متزامن مع اجواء التوتر التي تسود العلاقات التركية – الإسرائيلية على خلفية اسطول الحرية، ومع اجواء العتب بين انقرة وواشنطن على خلفية المبادرة التركية – البرازيلية بشأن الملف النووي الإيراني.

فهل ما حصل مجرد مصادفة أو ان حزب العمال الكردستاني بات ينشط الأن بواسطة الريموت كونترول..؟

اوساط الحكومة التركية لا تستبعد ان تكون اطراف خارجية قد اعادت تحريك حزب العمال خاصة وأن العمليات التفجيرية قد نشطت بسرعة وفي مناطق مختلفة مما يعني ان هناك تحضيرات وتخطيطات سابقة قد اعدت وأنها كانت تنتظر الوقت المناسب، فيما اوساط حزب العمال الكردستاني تقول ان الهدنة المتفق عليها مع حكومة انقرة قد انتهت كما ان السلطات التركية رفضت عرضاً تقدم به عبدالله اوجلان واقترح فيه تخفيف ظروف احتجازه حيث يقضي حكماً بالسجن المؤبد كشرط لقيام اوجلان بتخفيف وتقليل انشطة الحزب العسكرية. ونظراً لرفض انقرة فقد ترك اوجلان لقادة الحزب حرية التصرف فكانت سلسلة التفجيرات إلى حصلت.

وحتى الآن لا توجد أي مؤشرات أو بوادر تفيد بإمكانية لجوء حزب العمال الكردستاني إلى تقليل عملياته العسكرية لا بل هو يهدد بتصعيدها، وعلى الجانب التركي، لا توجد أيضا أي بوادر أو مؤشرات تفيد لجهة أن القوات التركية سوف تتوقف عن مهاجمة عناصر وقواعد حزب العمال الكردستاني سواء في تركيا أو في شمال العراق. وحسب المعلومات المتدوالة فقد عمد حزب العمال الكردستاني إلى تحصين نفسه وفق التالي :

• زيادة عدد العناصر بحلول عام 2010 إلى 18 ألف عنصر مسلح بدلا عن 3 آلاف عنصر مسلح في عام 2007.

• تعزيز هيئة القيادة العسكرية بما أصبح يتضمن وجود خمسة من القادة الرئيسيين: مرات كيريالين – باهوز إيردال – سيميل باييك – زبير عيداد – حاجي أحمدي، وحاليا يستطيع كل واحد من هؤلاء تولي منصب القائد الأعلى بكل سهولة.

• تنسيق الارتباط الميداني بسلسلة الفصائل الكردية المسلحة المتمركزة في شمال العراق، وعلى وجه الخصوص حزب الحياة الحرة (بيجاك) الكردي الإيراني، وبعض الجماعات المسلحة الكردية اليسارية الصغيرة.

• بناء التفاهمات التكتيكية مع القوى والحركات الكردية الرئيسية المسلحة والسياسية المسيطرة على إقليم كردستان العراقي، وعلى وجه الخصوص الاتحاد الوطني الكردستاني (طالباني) والحزب الديمقراطي الكردستاني (البارازاني).

وهذه التجهيزات والتفاهمات تستدعي بالضرورة وجود اطراف خارجية داعمة سياسياً ومالياً ولوجستياً، ومن هنا تتجه الأنظار إلى دور اميركي محتمل أو إلى اختراقات اسرائيلية مباشرة أو غير مباشرة على ان يكون ثمن استرجاع الهدوء هو عودة انقرة عن مواقفها بشأن الملف الفلسطيني بشكل عام وملف غزة بشكل خاص.

مع الإشارة إلى انه ليس من مصلحة إيران أو سورية التغاضي عن أي دور لحزب العمال الكردستاني، كما ليس من مصلحة القوى الكردية الكبيرة في العراق تغطية أي تحركات عسكرية لعناصر هذا الحزب بعد ان انخرط البارازاني وطالباني في التركيبة الحاكمة في العراق وبعد ان بات الطرفان يمتلكان امتيازات سياسية ومالية من الصعب عليهما التفريط بها، وبعد ان اصبح للطرفين علاقات اقليمية مميزة مع دول الجوار.

وبالنظر لطبيعة الصراع الدائر بين انقرة وحزب العمال الكردستاني ولظروفه المتعددة فمن المستحيل ان يتمكن الأكراد من تحقيق أي استقلال أو اقامة أي حكم ذاتي، كما انه ليس من اليسير على حكومة انقرة القضاء على النشاطات العسكرية لهذا الحزب المتغلغلة عناصره في جبال كردستان الوعرة والممتدة داخل تركيا وسورية والعراق وإيران، ولكن ذلك لن يمنع انقرة من مواصلة المواجهة مع عناصر هذا الحزب للحد على الأقل من تصاعد عملياته رغم ان تركيا قد تكبدت حتى الأن نحو 50 الف قتيل من العسكريين والمدنيين وخسائر مباشرة وصلت قيمتها إلى نحو 200 مليار دولار.

*رئيس مركز الدراسات العربي الاوروبي

زر الذهاب إلى الأعلى