أكد مجلس التعاون الخليجي معارضته خيارات التصعيد بين الغرب وإيران وحذر من عواقب المغامرة. وشدد الأمين العام للمجلس على وجوب أن تستجيب إيران لقرارات الشرعية الدولية وتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية للرد على التساؤلات القائمة في شأن طبيعة برنامجها النووي.
ويرى عبدالرحمن العطية في حواره مع جريدة «الحياة» أن المنطقة تشهد تغيرات كبيرة وترحب بالدور «الجريء» الذي تقوم به تركيا. ودعا العطية الفصائل الفلسطينية إلى التوحد «لأن الانقسام أضر بالقضية الفلسطينية ضرراً بالغاً». ويرى أن التفاوض هو السبيل الوحيد لحل المشاكل الداخلية سواء في اليمن أو في السودان حيث يتحقق سيناريو انفصال الجنوب. ويكمل العطية السنة الأخيرة من ولايته الثالثة معتبراً أن مسيرة الاندماج الخليجي نضجت و «أصبحت قاب قوسين للدخول في اتحاد» في ما بينها حيث لا تعد الفكرة سابقة لأوانها.
وهنا نص الحوار:
> كيف ترون في مجلس التعاون الخليجي تشديد العقوبات الدولية ضد إيران وما هي تداعياتها على المنطقة؟
- اعتقد أن قضية التصعيد في الملف النووي الإيراني لا تخدم الأمن والاستقرار في المنطقة. لا أحد ينكر ذلك. ومسألة الحفاظ على إبقاء الأبواب مفتوحة والتعاون مع دولة جارة لنا مسألة مهمة. ودول المجلس تقع في الجانب الآخر من الخليج العربي ويهمها استقرار هذه المنطقة الحيوية، لكن هناك قضية أخرى تهمنا ولها أولوية وتتمثل في احتلال إيران للجزر الثلاث التابعة لدولة الإمارات وعدم استجابة طهران للنداءات السلمية من جانب الامارات ودول المجلس. وهذا الوضع يقلقنا كثيراً، خصوصاً أننا دعونا إلى المفاوضات المباشرة أو القبول بالتحكيم الدولي في هذا الخصوص. لذلك فإن مشكلة احتلال الجزر تشكل عائقاً في تقدم العلاقات مع إيران.
آمل أن لا تتجه الأمور إلى الأسوأ و أرى أن الحوار هو السبيل الأمثل لتحقيق الأمن والسلام الاقليمي في منطقة مهمة للاقتصاد العالمي. ولا اعتقد أن المقاطعة الاقتصادية والتجارية ستحل الأزمة القائمة بين إيران والغرب بل ربما تساهم في إضافة تعقيدات جديدة لحال الاحتقان الحالية. ويؤثر التصعيد بين الدول الغربية وإيران على الجوانب السياسية والانسانية في المنطقة. نحن والإيرانيون نشرب من مصدر مائي مشترك من خلال تحلية مياه الخليج العربي. فهل نتصور العواقب على البيئة إذا تطورت الأزمة إلى مواجهة خطيرة، و لا نتمنى أي مواجهة ونرفض أي خيار عسكري. ونطالب إيران بالتجاوب والتعاون مع قرارات الشرعية الدولية والوكالة الدولية للطاقة الذرية لحل الإشكالات القائمة بالشفافية الكاملة حول برنامجها النووي. وهذا التجاوب سيخدم في نهاية المطاف مصلحة إيران والمنطقة ككل. لذلك نريد من إيران ان تتعاون مع الأسرة الدولية في هذا الشأن.
> لإيران قدرات عسكرية وبشرية ربما دون ترسانة اسرائيل، لكن طهران تمتلك أوراقاً مؤذية. كيف ترى إيران وقد اشتد الخناق من حولها؟
- الحراك الجاري داخل إيران شأن داخلي، لكننا معنيون بتداعيات أزمة الملف النووي الذي يثير قلقنا والمجتمع الدولي ككل. وكما أسلفت فإن التصعيد لا يخدم أمن المنطقة واستقرارها، وان استعراض القوة من جانب أي طرف لا يساهم في تعزيز الأمن والاستقرار الإقليمي. واياً كانت طبيعة الأساليب التي تمارس في شأن ملف إيران النووي فإنني لا أرى سوى ورقة التفاوض في هذا الشأن.
> هل انتم خائفون من دور إيراني مؤذ في العراق؟
- نخاف على أمن العراق ووحدته واستقراره. ويتوجب على إيران وقف تدخلها في الشؤون الداخلية للدول مثلما هي الحال في العراق.
> هل تخشى من تدخل إيراني يغلب طائفة على أخرى؟
- لا أريد تسمية أي طائفة بقدر ما أريد الإشارة إلى ضرورة وقف تدخلات إيران في شؤون الدول، بما في ذلك العراق.
> هل ترى بأن العلمانية تمثل أفضل ضمان لوحدة العراق لأنها تساوي بين الطوائف والمعتقدات والكيانات السياسية؟
- نحرص على وحدة العراق واستقراره وأمنه وعدم التدخل في شؤونه الداخلية. ومهما كانت طبيعة تشكيلة حكومة الوفاق الوطني التي طال انتظارها، فنحن سنظل نتطلع إلى أن يستعيد العراق دوره العربي لكي يكون داعماً لأشقائه العرب في مواجهة التحديات القائمة. ونتألم في كل يوم نرى فيه العراقيين منقسمين. وسنظل ننظر اليه بلداً عربياً له موقعه المؤثر.
> الغرب يتساءل حول ولاء تركيا، حيث يراها البعض كأنها أدارت ظهرها لأوروبا. كيف ترون في مجلس التعاون تغير سياسة تركيا الخارجية وتوسع دورها الإقليمي؟
- لدينا علاقات مميزة مع تركيا ونقدر مواقفها المشرفة التي أثبتتها الأحداث، وآخرها تعرض اسطول قافلة الحرية للعدوان الاسرائيلي في المياه الدولية. ونقيم معها حواراً استراتيجياً يسير بشكل حثيث في مجالات التعاون الاقتصادي والثقافي والتعليم وكذلك التنسيق في الشأن السياسي. ونعمل في دول مجلس التعاون على تطوير التعاون من خلال آليات الحوار الاستراتيجي. وهناك أرضية مشتركة للتعاون مع تركيا التي لم تبدأ دورها الشجاع مع اسطول الحرية إذ نستذكر مؤتمر «دافوس» حين انسحب رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان من الندوة الحوارية في حضور الرئيس الاسرائيلي. كما أن الأحداث الأخيرة سلطت الأضواء على الدور التركي الجريء وتأثيره المباشر في قضية رفع الحصار عن قطاع غزة.
> الأحداث الأخيرة سلطت الضوء مثلما أشرت على الدور الجريء لتركيا وسلطت الأنظار ايضاً على جامعة الدول العربية حيث انتظر الأمين العام ثلاث سنوات قبل أن يزور القطاع المحاصر.
- بعيداً من الخوض في توقيت الزيارة أو سبب تأخرها فإن الأخ الأمين العام عمرو موسى قام بدوره كاملاً، والجامعة هي الحاضنة للقضية الفلسطينية، وتقوم لجنة المتابعة العربية بعمل دؤوب ودور مهم في هذا الشأن. ولاحظنا جهداً عربياً في أعمال مجلس الجامعة على مستوى وزراء الخارجية تمثل في تعهد دولة قطر بتغطية جميع التكاليف الخاصة بالتحرك على المسارين القانوني والإعلامي بشأن العدوان العسكري الإسرائيلي على قافلة الحرية وكسر الحصار المفروض على قطاع غزة. وهذا مجرد دليل على العمل العربي الحيوي. وقد لا تكفينا الصفحة للحديث عن الدور العربي ومحاولات كسر الحصار المفروض على غزة من أطراف أخرى مثل تركيا هي محل تقديرنا جميعاً. بل نطالب بمحاسبة المسؤولين الاسرائيليين الذين اقترفوا جريمة العدوان على المدنيين في قافلة الحرية المتجهة إلى قطاع غزة. وفي هذا الاطار أجدد دعوة الفصائل الفلسطينية إلى تحقيق المصالحة بأسرع وقت ممكن لأن الانقسام أضر بقضية الشعب الفلسطيني ضرراً بالغاً، فالوحدة صمام الأمان لصيانة الحقوق المشروعة.
> لا أحد يقلل من أهمية الدور العربي، لكن جدواه بدت محدودة بالنسبة إلى أهل غزة مقارنة مع دور قافلة الحرية.
- الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية بما في ذلك الاستيطان والتهويد والحصار الإسرائيلي سبب مأساة الشعب الفلسطيني. والانحياز الغربي، خصوصاً الأميركي، هو الذي شجع إسرائيل على التمادي في تجاهلها القانون الدولي والمواثيق الإنسانية. ومع وضوح تأثير تلك العوامل، فإن تفعيل الدور العربي في مواجهة هذه التحديات مسألة ملحة وضرورية.
> هل تخافون على استقرار اليمن؟
- دول مجلس التعاون حريصة على دعم الأمن والاستقرار في اليمن، وقد بادرت إلى المساهمة في تأهيل الاقتصاد اليمني وستظل تساعد اليمن وشعبه الأصيل من دون منة. لكن، لا بد أن تبادر صنعاء إلى اتخاذ خطوات تجعل اليمن قادراً على استيعاب المشاريع التنموية الكبيرة، خصوصاً أن دول المجلس قد تعهدت بل وقامت بحشد الدعم في مؤتمر لندن لتمويل المشاريع الإنمائية وساهمت بمبلغ 3,7 بليون دولار. أما مشهد الصراع الداخلي فهو لا يسر أشقاء اليمن وأصدقاءها لأنه يهز الاستقرار.
ولا سبيل إلا بانتهاج الحوار بين اليمنيين باعتباره الأسلوب الوحيد القادر على معالجة الخلافات بين الأشقاء. وأكدنا ذلك في مناسبات عدة للإخوة اليمنيين لأن التجارب أثبتت أن المواجهات لا تحل المشاكل وأن الأمور لا تقاس بالنيات وانما بما يجري في أرض الواقع.
> السودان بدوره يعاني من مخاطر عدم الاستقرار وربما التفكك. هل تتوقع انفصال الجنوب في استفتاء العام المقبل؟
- هذا أمر لا نتمناه، ودول مجلس التعاون حريصة على وحدة السودان واستقراره وعلى ضرورة حل أزماته بما فيها أزمة دارفور حلاً عادلاً وشاملاً. وتدعم الوساطة القطرية الهادفة إلى مساعدة السودانيين على حل مشاكلهم، ومنها أزمة دارفور، وتدعوهم إلى طاولة الحوار. وتحتضن الدوحة المنبر الدارفوري لتشجيع الفرقاء على التوصل إلى حل سلمي. وتحظى المبادرة القطرية بدعم خليجي، عربي، أفريقي ودولي. وهي انعكاس طبيعي لنجاح سياسي وديبلوماسي قطري في حل الأزمات المستعصية.
> مسيرة الاندماج الخليجية حققت العديد من الانجازات وتعثرت في مرحلة مشروع الاتحاد النقدي. لماذا التعثر؟
- مسيرة الاتحاد النقدي ليست متعثرة وسنجد أن هناك قرارات لقمم مجلس التعاون تمكن الدول من الدخول في شراكات اقتصادية وتنموية على ان تلحق الدول الأخرى التي ليست جاهزة في مرحلة لاحقة. هذه المرونة تدفع بمسيرة المجلس نحو تحقيق الأهداف المشتركة، و لا أرى من موقعي أن هذا الهامش يحول دون لحاق أي دولة في المراحل القادمة. وهنا تحضرني تجربة الاتحاد الأوروبي حيث تنتمي 17 دولة لعضوية عملة يورو بينما العشر الأخرى تتداول عملاتها الوطنية في نطاق آلية صرف أوروبية.
> العملة الخليجية من دون عضوية الامارات ستفقد جزءاً من قوتها.
- دولة الامارات العربية المتحدة تعد أحد الركائز المهمة في مجلس التعاون ووجودها في هذا الكيان النقدي يزيده قوة. القمة الخليجية المقبلة التي ستحتضنها ابوظبي، في مطلع كانون الأول (ديسمبر)، ستكون استثنائية في ضوء التحديات التي تواجه المنطقة. وستعقد في الذكرى الثلاثين لقيام مجلس التعاون لدول الخليج العربية في ابوظبي. لذلك ستشكل محطة مهمة لتقويم الانجازات التي تحققت ورسم المحطات المقبلة في سير قاطرة العمل الخليجي المشترك.
> ستنهي ولايتك في آذار (مارس) 2011 حين تكون المسيرة الخليجية بلغت عقدها الثالث. هل ترى مفهوم الفيديرالية الخليجية اصبح ناضجاً للنقاش والاقتراح أم لا يزال فكرة سابقة لأوانها؟
- دول مجلس التعاون مؤهلة للدخول في اتحاد لأنها قطعت شوطاً كبيراً وأنجزت الكثير، بدءاً من اتفاقية التجارة الحرة و من ثم الاتفاقية الاقتصادية والاتحاد الجمركي،2003، والسوق المشتركة، (2007)، والاتحاد النقدي (2008)، الذي أعلن عن تشكيل مجلسه في آذار 2010، بالإضافة إلى التعاون والتنسيق في المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والذي وصل إلى مرحلة متقدمة، إضافة إلى الجوانب المتصلة بالتنمية الاجتماعية.
وعليك مراجعة ما تتضمن السوق المشتركة من مزايا حيث لم يعد المواطن الخليجي مقيداً بل يتمتع بحقوق الإقامة والتنقل من دون جوازات السفر، ومزاولة النشاطات الاقتصادية وممارسة المهن والحرف، والمساواة في التأمينات الاجتماعية والاستثمارات والخدمات التعليمية والصحية التي لا تقع تحت شروط. تلك هي المواطنة الخليجية الحقة، وبالتالي فإن دول المجلس أصبحت قاب قوسين أو أدنى من اتحاد في ما بينها.
> هل تقصد اتحاداً فيديرالياً؟
- اقصد اتحاداً بمعان أشمل لكل ما تعنيه مفاهيم الانتقال والتدرج نحو التكامل وصولا إلى الاتحاد المنشود. وعلينا أن ننظر إلى ما يجرى في الاتحاد الأوروبي، على سبيل المثال. هناك تدرج منتظم بوتائر متغيرة.
> هل تحولت مقاربات السياسات الخارجية من مقاربات خلافية في بعض الأحيان إلى مقاربة مشتركة تكمل بعضها البعض؟
- السياسة الخارجية لدول المجلس أصبحت مؤطرة حيال مجمل القضايا السياسية التي تطرح، سواء في الشأن العربي وهموم الأمة أم بالنسبة للقضايا الإقليمية والدولية. وتغير المقاربات لا يغير في الأمر شيئاً بل يمثل أمراً مساعداً. وهذا لا يعني عدم وجود اجتهادات ويظل هناك توافق سياسي في القضايا ذات الأولوية مثل العلاقات مع إيران، الموقف من الملف النووي، الموقف الثابت من قضية احتلال إيران الجزر الإماراتية الثلاث. وهذه رؤى مؤكدة وثابتة على مستوى القمة. وقس على ذلك بالنسبة إلى القضية الفلسطينية حيث تضطلع دول مجلس التعاون بدور مهم بل أصبحت من الدول الصانعة لكل ما من شأنه التأكيد على الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني. ولنا في مبادرة السلام العربية خير مثال على ذلك. وهي في الأصل مبادرة سعودية قدمها خادم الحرمين الشريفين وتبنتها القمة العربية في بيروت 2002.
وأشير هنا إلى الزيارة التاريخية والمهمة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز إلى واشنطن عقب مشاركته في قمة العشرين في كندا. وقد عكست تلك الزيارة مجدداً ثقل السعودية ومكانتها وقدرة قيادتها على إطلاق مبادرات ايجابية لدعم قضايا العرب والمسلمين وتعزيز التعاون الدولي استناداً إلى قيم الحق والعدل والحرية. وأتوقع أن تساهم نتائج هذه الزيارة في تعزيز الخطوات الهادفة إلى التوصل إلى سلام حقيقي وعادل، خصوصاً أن خادم الحرمين الشريفين هو صانع مبادرة السلام العربية وقد وضعت الأطراف الدولية كافة أمام تحديات الانتصار لقيم الحق والعدل. ونأمل أن يقدم الأميركيون الدعم الحقيقي واللازم لتحقيق أهداف مبادرة السلام العربية.
> هل تعتقد أن القمة الخماسية التي احتضنتها طرابلس في الفترة الأخيرة ستساهم في معالجة مشكلات وأزمات العالم العربي، خصوصاً إصلاح الجامعة؟
- تقتضي المصلحة العربية تقويم الجهود التي تبذلها منظمات الجامعة العربية من أجل تحقيق الأهداف المشتركة. وتمثل القمة الخماسية في هذا الشأن نقلة نوعية تنتشل العمل العربي المشترك من حال الجلوس على رصيف الأحداث إلى دائرة الفعل والمبادرة. وأشير هنا إلى دور مجلس التعاون في القمة الخماسية العربية ممثلا في مشاركة أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني في أعمال القمة، فالمشاركة القطرية جاءت في سياق مبادرات وخطوات اتخذها الأمير لدعم الدور الخليجي في اطار رؤية عربية أشمل، ولا يخفى على أحد دوره خلال رئاسته القمة العربية في دورتها السابقة، إذ شكلت قمة غزة في الدوحة أثناء الغزو الاسرائيلي البشع مشهداً إيجابياً وتاريخياً شهدته الساحة العربية في توقيت مهم. وهذه المواقف ليست غريبة على أمير قطر الذي دعم العمل الخيلجي المشترك دعماً غير محدود حيث شهدت الدوحة، على سبيل المثال، ميلاد الاتحاد الجمركي في 2003 والسوق الخليجية المشتركة في 2007، مثلما شهدت مسقط انجازاً مهما تمثل في ابرام قادة دول مجلس التعاون اتفاقية الاتحاد النقدي في 2008.
وتشكل قمة طرابلس الخماسية خطوة ايجابية تحمل بادرة أمل لتطوير العمل العربي. لكن الاصلاح يتطلب التفافاً عربياً جماعياً حول راية إصلاح العمل المشترك وايجاد آليات جديدة وتفعيل دور الجامعة العربية. ويجب ان تقترن الأقوال بالأفعال وأن نطرح القضايا المصيرية للمواطنين العرب مثل حرية التنقل بين الدول العربية.
> العلاقات الخليجية - الأوروبية : لماذا فقد الجانبان الحماسة في شأن اتفاقية التبادل الحر؟
- انهينا متطلبات المفاوضات كافة سوى القضايا التي لها تأثير اجتماعي مباشر في دول مجلس التعاون، وبشكل خاص ما يتعلق برسوم الصادرات. فلم نجد آذانا صاغية وتجاوباً من الجانب الأوروبي تجاه مطالب دول مجلس التعاون، ولنا الحق في فرض رسوم على الصادرات حيث تضمنها أحكام منظمة التجارة العالمية. وبالتالي، فإننا علقنا المفاوضات عندما وجدنا الجانب الأوروبي غير متجاوب بعد عقدين من التفاوض. لكن علاقاتنا مع الاتحاد الأوروبي تظل جيدة صادق الوزراء في اجتماع لوكسمبورغ في 14 حزيران (يونيو) الماضي على توثيق التعاون من خلال خطة عمل لتفعيل اتفاقية التعاون لعام 1988 والتي تشمل مجالات التعاون في التعليم وتقنية المعلومات والبيئة والطاقة والاستثمار والصناعة. وستبقى المفاوضات معلقة طالما لم يتجاوب الاتحاد الأوروبي مع مواقفنا في هذا الشأن. وإذا نظرنا إلى التغيرات في المجالات السياسية سنجد توجهات عليا تحضّ على التطوير والحداثة.
> هل ترى ان المجتمعات الخليجية اتجهت في السنوات الأخيرة نحو المزيد من الانفتاح والليبرالية وأصبحت أكثر تقبلا لقيم الحداثة؟
- الحداثة من الأهمية بمكان، ولكن في ظل القيم. وقد اتخذت دول مجلس التعاون مبادرات عدة في هذا الشأن من أجل تعزيز ثقافة الحوار على المستويات كافة. ولا ننسى مبادرات الحوار بين الثقافات والحضارات وبين الأديان وهي مبادرات تشجع الانفتاح والتسامح في نطاق الحفاظ على قيمنا. وانطلقت مبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز حول الحوار بين الأديان إلى آفاق أوسع، وأشير في هذا الإطار إلى النتائج الايجابية في لقاءات مدريد والأمم المتحدة و ريو دي جانيرو. وستعقد الدورة المقبلة للحوار بين الحضارات في الدوحة. إذاً، الحداثة والتطوير من المتطلبات التي يجب الأخذ بها في نطاق الانفتاح والحفاظ على قيمنا، ولا ننسى جوانب أخرى مثل تطوير التعليم وتعزيز مشاركة المرأة ودورها المحوري في تنمية المجتمعات.
> وقعت أخيراً مذكرة تفاهم مع «معهد العالم العربي» الذي يمثل واجهة الثفافة العربية في عاصمة دولية مثل باريس. ماذا تتضمن المذكرة وما هو الدافع لإنجازها؟
- مذكرة التفاهم تؤكد حرص مجلس التعاون على الاضطلاع بدور حيوي في مساندة مبادرات وبرامج «معهد العالم العربي» من أجل نشر الثقافة العربية وتشجيع تبادل الأفكار والحوار بين الثقافات. ويمثل المعهد في هذا الشأن جسراً للتواصل الثقافي والحضاري. كما تؤشر المذكرة إلى حرص دول مجلس التعاون على تطوير علاقاتها التاريخية مع فرنسا التي نقدر ونحترم مواقفها المتوازنة والصادقة في دعم القضايا العربية العادلة وفي مقدمها حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة.
كما وفر توقيع المذكرة المناسبة لتجديد التحية والتقدير للشعب الفرنسي ولتجسيد سعي دول مجلس التعاون الخليجي في شأن دعم الأواصر مع فرنسا في كل المجالات، منها المجال الثقافي الذي يعتبر من أهم عوامل تعزيز التواصل والتفاهم بين الشعوب بما يخدم أهداف الاحترام المتبادل.
> كيف تفسر عدم تطوع رجال الأعمال والأثرياء العرب بالقليل لخدمة الثقافة العربية في الغرب، أسوة بما يفعل الأثرياء في العالم الغربي؟
- ندعو إلى مساهمة الخيرين في خدمة الثقافة العربية في العالم وتشجيع مؤسسات ثقافية مثل «معهد العالم العربي» الذي يعد صرحاً وجسراً للتواصل بين الثقافات. ونشجع القطاعين العام والخاص على المساهمة في تمويل البرامج الثقافية التي يقوم بتنفيذها «معهد العالم العربي» في باريس حيث يستقطب اهتمام الراي العام الأوروبي ويقدم خدمة جليلة للثقافة العربية.