ينتقل رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري على رأس وفد وزاري رفيع إلى العاصمة السورية غدا الأحد، حيث من المقرر أن يترأس ونظيره السوري محمد ناجي العطري اجتماعا لهيئة المتابعة والتنسيق اللبنانية السورية،من أجل توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتعديلات التي تم إقرارها على عدد من الاتفاقيات القائمة بين البلدين.
ويأتي هذا الاجتماع بعد سلسلة اجتماعات عمل تقنية، حضرها المديرون العامون من الوزارات المعنية في كلا البلدين، وسلسلة زيارات قام بها الرئيس الحريري إلى دمشق بعد توليه رئاسة حكومة الوحدة الوطنية، ترجمة لمضمون بيان حكومته الوزاري لناحية الارتقاء بالعلاقة الثنائية بين البلدين. ومن المقرر أن يتخلل الزيارة توقيع عدد من الاتفاقات ومذكرات التفاهم بين البلدين، تتناول مجالات التعاون العدلي والصحي والزراعي والتنسيق في مجال مكافحة المخدرات والأشغال العامة والسياحة والتربية وتشجيع الاستثمارات وحماية المستهلكين والبيئة والثقافة. ويصطحب الحريري معه وفدا وزاريا يضم ثلاثة عشر وزيرا يمثلون أبرز القوى السياسية في لبنان، باستثناء حزب الكتائب اللبنانية برئاسة أمين الجميل، لأسباب «تقنية»، وفق معلومات لـ«الشرق الأوسط». ومن المقرر أن يشارك في الزيارة وزيران عن القوات اللبنانية، وهي من أبرز الأحزاب المسيحية خصومة مع سورية، وهما وزيرا الثقافة سليم ورده والعدل إبراهيم نجار.
وإذا كانت تشكيلة الوفد من حيث الشكل تشمل مختلف القوى السياسية في لبنان، فإن غياب حزب الكتائب اللبنانية ليس مرتبطا بخلفية سياسية، وفق ما أوضحه ممثلها في الحكومة وزير الشؤون الاجتماعية سليم الصايغ لـ«الشرق الأوسط». وأشار الصايغ إلى أن زيارة الحريري والوفد المرافق إلى دمشق «ليست زيارة سياسية، بل زيارة تقنية، وكل الوزراء المشاركين لديهم تعديلات على اتفاقيات مقترحة تمت مناقشتها على صعيد المديرين العامين وعليهم توقيعها».
ونفى «وجود أي خلفية سياسية لدى الرئيس الحريري في تشكيل الوفد المرافق»، مشيرا إلى أن «اتفاقية تعاون قديمة موجودة بين وزارته والوزارة السورية ولا ملاحظات للجانبين عليها ولن يتم التوقيع على أي اتفاقية تدخل في نطاق عمل وزارته». ودعا الصايغ إلى «عدم قراءة الموضوع من زاويته السياسية، إنما من زاوية وجود وزارات يجب أن تعمل واتفاقيات ينبغي تفعيلها»، متوقفا عند «عدد الوزراء المشاركين في الوفد، والذي يؤشر على كثافة المصالح المشتركة القائمة بين سورية ولبنان». وإذ شدد على «جدية لبنان في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى المستوى المطلوب»، رأى أن «تعزيز العلاقة بين البلدين لا يرتبط فقط بالكهرباء والاقتصاد والقضاء والسياحة، بل أيضا بفتح الملفات الأخرى، وفي مقدمتها قضية المفقودين». وأكد: «إننا لا نريد لهذه القضية أن تعالج بصفقات سياسية ولا يمكن التوصل إلى أفضل العلاقات من دون إزالة المؤثرات التي تركتها العلاقة السابقة بين البلدين». وقال: «نريد مصالحة شخصية بين البلدين»، آملا أن «يبادر الرئيس السوري بشار الأسد خلال الزيارة المرتقبة له إلى لبنان إلى إعلان موقف تاريخي لسورية من قضايا المفقودين وسيادة لبنان على كل القواعد العسكرية الفلسطينية ومسألة الحدود». واعتبر أن «هذه المواقف لا تكبل سورية بل تعطيها عاطفة لبنانية لا تؤسس لها الاتفاقيات الرسمية».
وعن مشاركة وزراء في عداد الوفد الرسمي المرافق للحريري، يمثلون أحزابا لبنانية على خصومة مع سورية، شدد القيادي في تيار المستقبل النائب السابق مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط» على أن «الوزراء يمثلون الشعب اللبناني، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية»، لافتا إلى أن «العلاقة بين البلدين قائمة بين المؤسسات اللبنانية والسورية، وإذا كان للوزراء علاقة بالملفات المطروحة فينبغي حضورهم». وأوضح أن هذه الزيارة «تأتي في إطار تتويج مرحلة من التفاوض التي ترأسها عن الجانب اللبناني الوزير أوغاسبيان خلال الأشهر الماضية، وهي تؤسس لعلاقات إدارية مؤسساتية مع سورية، ووضع بعض الاتفاقيات في مرحلة التطوير، وربما تحسين شروطها بالنسبة للجانب اللبناني».