arpo14

رؤية تنفيذية للنهوض بالاقتصاد اليمني (1)

إن الأوضاع التي تمر بها اليمن من الخطورة بمكان تحتاج فيه إلى اجتماع القيادات الجمهورية في السلطة والمعارضة معاً والاستفادة من الدعم الإقليمي والدولي لوحدة اليمن واستقراره وتنميته اقتصاديا وتنمويا..

وتوجيه ذلك نحو الوقوف بجدية في وجه تآمر التنظيم ألإمامي الشيعي الفارسي وفيروساته المخترقة لأجهزة الدولة وأحزاب المعارضة الجمهورية والذي يهدف إلى إسقاط الأوضاع والنظام الجمهوري بدفع هذه القيادات لتبني تعديلات دستوريه تتضمن تجزئة اليمن تحت عباءة حكم محلي واسع الصلاحيات مخالفين بذلك جمهور الشعب اليمني المطالب بإصلاحات الفساد المالي والإداري الذي أصاب الدولة والتدهور الاقتصادي الذي أصاب المجتمع، وقد قمت بتقديم هذه الرؤية إلى مجلس الوزراء قبل بضعة أشهر لكن لم يتم التفاعل معها بجد و بشكل صحيح،لذا رأيت نشرها كمقالات علّها تجد آذان صاغية وتعم الفائدة للجميع.

وحتى نفوت الفرصة على لوبي التأمر الامامي ستتمحور هذه الرؤية في محوريين أساسيين:
1) رؤية لإصلاح الفساد المالي والإداري الذي أصاب الدولة.
2) رؤية لإصلاح التدهور الاقتصادي الذي أصاب المجتمع وآلية النهوض به.

أولاً رؤية لإصلاح الفساد المالي والإداري الذي أصاب الدولة.

قبل أن نتحدث عن تشخيص أسباب الفساد المالي والاداري الذي أصاب الدولة والحلول المناسبة لذلك، لابد أن نلقي نظرة عن كثب للتنظيم الشيعي الامامي كونه المؤثر الرئيس في المحوريين الاسايين والقيادات الوطنية في السلطة والمعارضة في غفلة عن خطورة هذا التنظيم الامامي الذي يستهدف التأثيرعلى نخب المجتمع وقياداته.

رؤية عن كثب للتنظيم الشيعي الامامي
لقد حذرنا القرآن الكريم من إتباع خطوات الشيطان وحزبه من شياطين الجن وشياطين الناس لقوله تع إلى {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام 112 وكلمة شيطان أطلقت على الجن لأننا لانراهم ولكن من هم شياطين الأنس؟

وجواب ذلك أن المنافقين هم شياطين الأنس المتخفية بين صفوف المؤمنين،والمنافق هو من يظهر أمر خلافا لما يبطن،وعلى المؤمنين أن يحذروا من المندسين بينهم، ويمثل هذه الصفة اللوبي الأمامي الشيعي الشيطاني الذين يتلونون بجميع الألوان الحزبية الجمهورية ويعلنون ولائهم وإخلاصهم لها ليصلوا إلى أهم المناصب القيادية فيها وصدق الله القائل{وَإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ-تنظيمهم- قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ }البقرة14 وأشبّههم بالفيروسات التي تخترق أجهزة الحاسوب فتختفي خلف برامجه وتتلبس بها لتشل عملها وسرعتها فلا تؤدي برامجه العمل المنوط بها،ولذا فإن نجاح اللوبي الشيطاني تكمن في خفائه داخل أجهزة الدولة وأحزاب المعارضة الجمهورية، فهم مثل اللصوص إذا سلّطت الأضواء عليهم انتهى كيدهم (إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفً)

والهدف الاستراتيجي للتنظيم الامامي هو إسقاط أوضاع البلاد والإجهاز على النظام السياسي الجمهوري برمته عبر التالي:-

التدهور الاقتصادي والأمني للدولة:
الاقتصاد والأمن سنتان من سنن نهوض الدول أو سقوطها، فالنمو الاقتصادي يؤدي إلى الاستقرار الأمني للدولة وعكس ذلك فالتدهور الاقتصادي للدولة يؤدي إلى غليان شعبي يتبعه تدهور أمني وقد أكد القرآن الكريم ذلك في قولة تع إلى {الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ }قريش4 (أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ)يقصد به العامل الاقتصادي (وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ) يقصد به العامل الأمني و ذُكر هذان العاملان في سياق امتنان الله عز وجل على قريش كونهما سبب في بقائها وللتأكيد على هذا المعنى ماذكره سبحانه وتع إلى في أنهما عاملان أساسيان في سقوط القرى –يعني الدول – في قوله سبحانه {وَضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللّهِ فَأَذَاقَهَا اللّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ }النحل112 ف(لِبَاسَ الْجُوعِ) التدهور الاقتصادي و (لِبَاسَ الْخَوْفِ) التدهور الأمني وبالتالي فليس من مصلحة الأماميين تفعيل العمل المؤسسي لأجهزة الدولة أو أي تحسن وتطور للاقتصاد اليمني [صناعات –استثمارات محلية وأجنبية –نمو في الصادرات أو حتى دعم خارجي للنهوض بالاقتصاد اليمني....الخ]لأن ذلك يربك مخططاتهم الزمنية لإسقاط أوضاع البلاد و يزيد من عمر الجمهورية ويجعل إسقاطها أكثر صعوبة عليهم،والتدهور الاقتصادي قد سهل عليهم الوصول إلى مرحلة التدهور الأمني كالدفع بقيادات المعارضة لتبني الحراك الجنوبي وسبق ذلك تحريك الجناح العسكري لهم –التمرد الحوثي –وهذا شأنهم طوال أكثر من ألف عام فكلما وصلوا إلى مرحلة إضعاف الدولة المركزية من قبل الجناح السياسي تم تحريك الجناح العسكري من صعده لأنهم يركزون في بناء قوتهم العسكرية في المناطق التي تقع على الأطراف مثل صعده كونها بعيدة عن ملاحظة مركز الدولة مثل صنعاء.
ومما ينبغي التنويه إليه تاريخيا التالي:
1. أن الجناح العسكري للتنظيم الإمامي ماهو إلا ثمرة جهود الجناح التعليمي – ويمثل روح التنظيم-والجناح السياسي ويمثل قيادات التنظيم.

2. معيار قوة التنظيم الإمامي وصوله إلى مرحلة تكوين جيش من أبناء اليمن والدفع بهم لمقاتلة المجتمع اليمني ليصلوا إلى السلطة عبر قيام الجناح التعليمي بتعبئتهم بأن لهم الحق الإلهي في السلطة-وهذا الفكرة هي جوهر جميع فرق التشيع في الزمن الماضي والحاضر-وبالتالي فهم لا يأبهون بالدماء التي تسفك من الطرفين، لأنهم لا ينظرون إلى اليمنيين كأخوة لهم في الدين بل حتى كأخوة إنسانية بل هم أدنى من ذلك ومقولتهم التاريخية الساخرة في مثل ذلك [راس كلب في ناب كلب ].

3. عندما يتحرك الجناح العسكري لهم باتجاه صنعاء فإنهم لا يتحركون تحت راية التنظيم وإنما تحت راية أسره معينة [بيت الحوثي-ومن قبلهم بيت حميد الدين – ومن قبلهم بيت المنصور-ومن قبلهم بيت شرف الدين....الخ ] فإذا ما تنبه اليمانيون لمكرهم وخبثهم وقاموا بالإجهاز عليهم وضربهم تبرأ الجناح السياسي والتعليمي من هذه الأسرة ليحافظوا بذلك على التنظيم والفكرة والذي بهما يمكنهم إعادة الكرة على اليمنيين عشرات المرات.

ولكن أين يكمن نجاح هذا التنظيم؟
يكمن نجاح هذا التنظيم في تحركه عبر آلية تنفيذية تدميرية مهدّفة بعكس قيادات الأحزاب الجمهورية في السلطة والمعارضة فليس لديها رؤية كلية للقوانين والقواعد التي تقيم المجتمع و الدولة أو تدمرها سواء في الجانب السياسي أو الاقتصادي أو التعليمي...الخ وحتى يحقق ذلك يقوم بدمج برامجه وزخرفتها وتسويقها -عن طريق فيروساته -ضمن برامج وقرارات الأحزاب في السلطة والمعارضة ويظن كل حزب منهم أنه يسير وفق برنامجه الخاص،لأن من لدية خطة هو من يصنع المبادرات حتى وإن كانت خطته باطلة.

وقد يفهم البعض خطاءً أنني أجعل لهم حجما أكبر من حجمهم و أحملهم وحدهم سبب تردي أوضاع البلاد وأتناسى الأسباب الأخرى مثل لوبي الفساد الذي ينخر في أجهزة الدولة !!!!

لذ فإنني أؤكد أن خطورتهم إنما هي في تقديم مبادراتهم الشيطانية وزخرفتها للقيادات الجمهورية في السلطة والمعارضة وليس لهم أي سلطان عليهم سوى دعوتهم لتبني أفكارهم و مبادراتهم، كدعوتهم لتبني التعديلات الدستورية متضمنة حكم فيدرالي تحت عباءة حكم محلي واسع الصلاحيات ويزخرفون هذه الدعوة بوعود كاذبة، من ذلك أن هذه الإصلاحات ستؤدي إلى المواطنة المتساوية والمشاركة في الثروة والسلطة وصدق الله القائل {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الأَمْرُ إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدتُّكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُم مِّن سُلْطَانٍ إِلاَّ أَن دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم مَّا أَنَاْ بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِن قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }إبراهيم22 لذا فإن شياطين الامامه ليس لهم سلطان على القيادات الجمهورية سوى أنهم يدعونهم لتبني أفكارهم والتاريخ لن يلوم شياطين الامامة بل القيادات الجمهورية.

و الأفكار الخاطئة تقود إلى نتائج خاطئة والأفكار الصحيحة تقود إلى نتائج صحيحة،ولخطورة عالم الأفكار يمكن أن نقوم بقراءة سريعة للسلوك الإنساني حيث إنه نتاج طبيعي لمجموعة أفكار إيجابية كانت أو سلبية لأن هذا السلوك يقوم على ثلاثة أركان (فكرة موطنها العقل فتتحول إلى+إرادة موطنها القلب ثم تتحول إلى +سلوك يتجسد بالجوارح) ولذا نجد أن من مقاصد التشريعات السماوية [العلم –الإيمان – العمل الصالح]حيث جاءت هذه التشريعات لتصحيح العقل الجمعي للمجتمع بدعوته إلى العلم وتصحيح الإرادة الجمعية للمجتمع بدعوته للإيمان عن علم وتصحيح السلوك الجمعي للمجتمع بدعوته للعمل الصالح،وبناءا على ذلك فإن قوة التنظيم ألإمامي الشيعي تكمن في مقدرته في الوصول إلى مراكز النفوذ لقيادات المجتمع وتغذيتها بأفكار هي في الأساس خاطئة وتقديمها بأنها حل سحري للخروج من أزمة معينة أو تحقيق رغبة معينة مثل تقديمهم لقيادات الأحزاب الجمهورية فكرة الفدرالية -ولا يدركون أنهم يدفعون بأنفسهم وإمكاناتهم إلى مذبحة الحرب الأهلية- فتتضخم هذه الفكرة لدى القيادات إلى إرادة خاطئة عبر تحريك قواعدهم وكوادرهم الإعلامية للدفع بهذه الفكرة في أوساط المجتمع وإذا تم ذلك تتجسد في سلوكيات خاطئة في المجتمع وهي الحرب الأهلية.

وبناءا على ما سبق يقوم التنظيم الشيعي بتحقيق أهدافه عبر أجهزة الدولة وكوادرها في جانب السلطة وكوادر الأحزاب الجمهورية المادية والبشرية في المعارضة وهذا تأكيد بأن كيد هم كان ضعيفا لأنه يتمحور حول عالم الأفكار، وقد قال أحد قياداته (نحن نقوم بدمج برامجنا-أفكارنا- ضمن برامج القوى المحلية والإقليمية) وبرامجهم بعيدة المدى والقوى المحلية جزئية قصيرة المدى وهذا ما يؤكده خبراء التنمية البشرية بقولهم (إذا لم يكن لك خطة فقد تم استيعابك من دون أن تشعر ضمن مخططات الآخرين).

وقد عمل التنظيم الإمامي الشيعي على غرس عناصره في أهم ثلاثة مراكز التي بها تشل حركة الحزب أو المجتمع أو الدولة نظرا لخبرته التراكمية الممتدة لأكثر من ألف عام وهي (مراكز النفوذ والقيادات-مراكز الإعلام والمعلومات- مراكز المال):

* مراكز النفوذ والقيادات= محاولة غرس عناصرهم حول قيادات الأحزاب الجمهورية في السلطة والمعارضة وإدخالهم في صراعات بينية جزئية وحول بقية القيادات من وزراء و مشايخ وقيادات عسكرية،ومن وسائلهم للوصول إلى قيادات المجتمع السياسية والقبلية والدينية عبرالمصاهرة و علاقة النسب.

وللتأكيد على أساليبهم الشيطانية واستخدامهم للآخرين كمطية لتحقيق أهدافهم قوله تعالى(قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلًا)وجاء في تفسير البغوي(الأحتناك من قول العرب حنك الدابة يحنكها: إذا شد في حنكها الأسفل حبلا يقودها أي: لأقو دنهم كيف شئت) وذلك بالجلوس حول القيادات الجمهورية والتأثير عليها، لأن لديهم قاعدة تقول (ليس بالضرورة أن تجلس على الكرسي لتحقيق أهدافك ولكن يكفي أن تجلس حول الكرسي)وهذه القاعدة هي(الوسوسة)و التي حثنا الله إلى ضرورة التنبه لها بقوله سبحانه (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ مَلِكِ النَّاسِ إِلَهِ النَّاسِ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ مِنَ الْجِنَّة وَالنَّاسِ)فالاستعاذة هي من وسوسة شياطين الجنة وشياطين الناس والصدور هي القيادات، والصدر هو مقدمة الشيء وقد قال الشاعر: لنا الصدر دون العالمين أو القبر فمعنى الآية الذي يوسوس في قيادات الناس.

* مراكز الإعلام والمعلومات= عبر غرس عناصرهم في مؤسسات الاذاعة والتلفزيون وتمكينهم لمناصب مفصلية وحساسة وإنشاء عدة صحف مستقلة وحزبية وعبر هذه الوسائل يتم تكثيف المواد الإعلامية التي تخدم الأهداف الإستراتيجية لهم حتى تظن نخب المجتمع وقياداته أن هذه الأفكار والدعوات هي إرادة المجتمع بأكمله ولا مفر من الأخذ بها و تبنيها، كما استطاعوا أن يوظفوا نعمة حرية الصحافة والإعلام إلى معول هدم للثوابت الوطنية و إذكاء الصراعات السياسية بين السلطة والمعارضة وكذا إحياء المناطقية بين محافظة وأخرى كما قاموا بإنشاء منظمات حقوقية -ضمن إطار منظمات المجتمع المدني- والتي كان لها دورا فاعلاَ في التأثير على الجانب الدولي بعدم إدراج التمرد الحوثي في قائمة الإرهاب.

* ومراكز المعلومات مثل الأجهزة الأمنية و إدارات السكرتارية والأرشيف حتى إدارة التحويلات الهاتفية سواء الحكومية أو تحويلات المشايخ والقيادات العسكرية, وعناصرهم في هذه المراكز تمدهم بنقاط الضعف الموجودة وكذا المناصب الحساسة الشاغرة والتي يقومون بدفع عناصرهم لسدها وكذا أي تحولات قد تعرقل سير خطتهم.

* مراكز المال= غرس عناصرهم في الهيئات المالية مثل وزارة المالية و مصلحة الضرائب و الواجبات حتى أصغر الوحدات والإدارات الحسابية والمالية لأجهزة الدولة.

وبالتالي إذا فهمت القيادات الجمهورية طبيعة هذا التنظيم فمن السهولة جدا إنهاءه وإفشال مخططاته فقوته تكمن في عدم وجود خطة إستراتيجية ورؤية كلية لدى الآخر(إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا)

ولذا فإن عدم وجود رؤية كلية إستراتيجية لدى القيادات الجمهورية في السلطة والمعارضة أدّى بها للتعامل مع الفعل بردة فعل، لإنها تفكر بشكل جزئي سواء في تشخيصها لأزماتها الحزبية الداخلية أو الأزمات التي تمر بها البلاد وصدق الله القائل(أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمْ مَنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)فالذي يمشي مكبا على وجهه هو صاحب الرؤية الجزئية الذي ينظر إلى قدميه ولا يستطيع أن يحدد وجهته أوان يخطط لها قبل أن يصل إليها فيسهل على عدوه أن يوجهه ويقوده إلى حتفه.

(أما الذي يمشي سويا على صراط مستقيم)فهو ذو رؤية كلية بعيدة المدى ؛يتعامل مع الحدث قبل أن يصل إليه،ويضع خطوته الأخيرة نحو هدفه قبل أن يبدأ خطوته الأولى.

رؤية لإصلاح الفساد المالي والإداري الذي أصاب الدولة:-
حتى نستطيع إصلاح الفساد المالي والإداري الذي أصاب الدولة لا بد أن نقوم بأمرين اثنين:
1. تشخيص الأسباب الرئيسية للفساد المالي والإداري.
2. الحلول الجذرية لإصلاح الفساد المالي والإداري.
أولا: تشخيص الأسباب الرئيسية للفساد المالي والإداري.
1. الإجهاز على فعالية ونموا الجهاز الإداري والمالي للدولة من قبل لوبي الامامة والفساد:
إن الصراع السياسي من بعد الوحدة قد أضعف أي نمو للجهاز الإداري وقد وصل هذا الصراع إلى ذروته في حرب 94م وكان من المفترض أن يتم بعد هذه الحرب بناء الجهاز الإداري وتفعيل بنيته المؤسسية وإحداث نموا اقتصادي، ولكن التنظيم الإمامي استطاع من خلال فيروساته في السلطة والمعارضة أن يجعل من مواسم الانتخابات مواسم خصبة لإثارة الفتن والتوتر بين الأحزاب الجمهورية ومواصلة الصراع السياسي عن التفرغ لبناء الجهاز الإداري والنمو الاقتصادي،بالإضافة إلى تشجيع العناصر الفاسدة على الاختلاسات المالية، كونهم الأداة الغبية للوبي الأمامي والهدف البعيد لهم هو نسف ميزانية الدولة بأي طريقة كانت وتحت أي مبرر والإنفاق المهول على البناء الشكلي للدولة عن المضمون الحقيقي لدرجة إنفاق مبالغ مهولة على بوابات الوزارات وأجهزتها المرفقية وعلى مكاتبها وأثاثها...الخ

2. عدم وجود قاعدة بيانات الكترونية لمؤسسات وأجهزة الدولة مما أدى مع الزمن إلى تنامي العناصر الفاسدة وتجميد فعالية الشبكة الإدارية والمؤسسية لأجهزة الدولة، نتج عن ذلك صعوبة تدفق المعلومات والبيانات الإدارية والمالية بين كل مستوى من مستويات الجهاز الإداري للدولة و التي بسببه لا تتمكن القيادات العليا من المعرفة السريعة لمستوى الأداء أو المعوقات و الانجازات والاحتياجات المالية..الخ.

وهذا يمثل بيئة مناسبة لعملية الاختلاسات المالية من قبل القيادات الإدارية فإذا ما أتت دعوة إلى إقامة نظام إلكتروني مالي وإداري تم الدفع بهذه القيادات لمواجهة هذه الدعوات كونها ستتسبب في تضييق مدخولاتهم المالية ولذا فمن الطبيعي أن لا نجد نظام إلكتروني مالي وإداري للحكومة أو جهة حكومية واحدة حتى أعلى وحدة إدارية حكومية كرئاسة الوزراء.

3. يمثل عدم وجود قاعدة بيانات الكترونية لأجهزة الدولة وتجميد فعالية الشبكة الإدارية والمؤسسية لها بيئة خصبة للخلايا الاماميه التي يسهل عليها الدفع بالقيادات الاداريه العليا لاتخاذ قرارات ارتجاليه متناقضة وخاطئة.

4. عمل التنظيم ألإمامي جاهدا على زرع الفتنة وبؤر التوتر بين أكبر حزبين هما المؤتمر والإصلاح عبر فيروساته القيادية داخل الحزبين حيث تقوم بدفع القيادات الجمهورية في السلطة باتخاذ إجراءت وقرارات خاطئة مثل رفع الدعم عن الموادالاساسية والمشتقات النفطية لتتمكن عناصرهم في المعارضة بالدفع بقياداتها لتبني عصيان مدني وثورة شعبية تتبنى إصلاحات سياسية ودستورية تخالف المطالب الشعبية الحقيقية وهي إصلاحات اقتصادية للمجتمع وإصلاحات مالية وإدارية للدولة.

5. أن الحكومات المتعاقبة من بعد الوحدة لا تسير إلا وفق المحور المالي المتمثل بالميزانيات المالية العامة للدولة أما المحور الفني والإداري والمتمثل بالعمل المؤسسي للوزارات وأجهزتها المرفقية فلا تسير به إلا بنسبة بسيطة من إمكانياتها المتوفرة ماديا وبشريا لأن معظمها مشلول الحركة وغير مفعل، والأصل أن تسير الخطط الإستراتيجية للحكومة وفق ثلاثة محاور (المحور الفني والإداري- المحور المالي- المحور الزمني).
ثانيا:الحلول الجذرية لإصلاح الفساد المالي والإداري.
نظرا لضعف الأداء المؤسسي لأجهزة الدولة والذي أدى إلى أتساع قاعدة الفساد المالي والإداري سواء بين أجهزتها العليا مثل رئاسة الوزراء وأجهزتها التنفيذية مثل الوزارات أو بين الوزارات وأجهزتها المرفقية وحتى داخل الجهاز الإداري الواحد فالقيادات العليا تكون رهينة للقيادات الوسطية والوسطية تكون رهينة للمستويات الإدارية الدنيا وذلك بسبب صعوبة تدفق المعلومات والبيانات بشكل سريع إلى القيادات العليا ليتسنى لها مراقبة سير العمل ونسبه التنفيذ من عدمه ودقة الحسابات المالية..الخ.

وبالتالي إذا لم تصل بيانات كلية وسريعة إلى القيادات العليا فإن مفردات العمل وتفصيلاته تكون مكثفة وغير مترابطة وهذه الحالة تمثل بيئة خصبة على توسيع طفيليات الفساد المالي والإداري بالإضافة إلى زراعة كم هائل من المعوقات الجزئية والوهمية المفتعلة فيتشتت بذلك انتباه وتركيز القيادات الإدارية عن المضي في تحقيق تحولات نوعية في أعمال أجهزة الدولة إلى الانغماس والغرق في حل معوقات جزئية ومفتعلة.

لذا يجب وضع إستراتيجية وخطة عمل للحكومة تقوم على المحاور التالية(المحور الفني والإداري- المحور المالي- المحور الزمني)

فمثلا:
تكون ضمن الخطة الإستراتيجية للدولة التركيز على الثروات الإستراتيجية لتعزيز إيرادات النقد الأجنبي (السياحة- الثروة السمكية-الثروة المعدنية-الثروة الزراعية)عبر توجه الدولة بكافة إمكاناتها المادية وطاقاتها البشرية للاستثمارات السياحية والسمكية والمعدنية والزراعية وتهيئة البنية التحتية لذلك و توجيه القطاع الخاص نحو هذه الثروات بكافة الإمكانات المادية والإعلامية والتعليمية والخدمية ودمج طاقات المجتمع للتفاعل مع هذه الخطة.

المحور الفني والإداري: والذي يمثل مجموعة الأعمال الفنية ولإدارية التي ستقوم بتنفيذ الخطة الإستراتيجية للدولة وتوزيع مهام إنجاز الأعمال الفنية والمشاريع التنموية سواء (الاقتصادية –التعليمية-التكنولوجية-الثقافية....الخ) على أجهزة الدولة المتمثلة بالوزارات والمؤسسات التابعة لها كلٌ بحسب تخصصه.

المحور المالي: والذي يمثل الميزانيات المالية التقديرية لتنفيذ الخطة الإستراتيجية للدولة وتوزيع الميزانيات المالية التقديرية الخاصة بالأعمال الفنية والمشاريع التنموية على الوزارات ومؤسساتها التابعة لها كلٌٍِِ بحسب تخصصه.

المحور الزمني: والذي يمثل الزمن المتاح لكل جهاز حكومي لتنفيذ الأعمال الموكلة إلية بما يتطابق مع الزمن الكلي المتاح لتنفيذ أهداف الخطة الإستراتيجية للدولة:

* يتم إسقاط الأعمال الفنية والمشاريع التنموية مع ميزانياتها التقديرية والجهة المنفذة لها قرينة كل مرحلة زمنية في جدول زمني.
* يتولد من الجدول الزمني لكل مرحلة جدول زمني لكل سنة والأعمال والمشاريع التي ستنفذ في كل سنة وميزانياتها وتكون قرينة كل وزارة ومؤسسة أوكلت إليها تنفيذ هذه المشاريع.
* الزمن مهم جداً وهو عامل لتقييم كفاءة الوزارات ومؤسساتها وتقييم كفاءة العاملين عليها،وسداً منيعاً لكافة الأعذار والمبررات الواهية ابتداء من الوزير وانتهاء بالموظف العادي.
* إن أنجاز الأعمال الفنية والمشاريع التنموية في الزمن المحدد لها كفيل بالوصول إلى الخطة الإستراتيجية للدولة بأقل كلفة وأقل جهد.

ملاحظة لابد من تفعيل مبدأ الثواب والعقاب لكل من خالف النظام والقانون ومحاكمته علنا مهما كان مستواه الاجتماعي والرسمي حتى يكون عبرة للآخرين.

ولتفعيل العمل المؤسسي داخل أجهزة الدولة ينبغي إنشاء(الحكومة الإلكترونية) التي تقوم على نفس المحاور الذي تقوم عليها الخطة الاستراتيجية للدولة (المحور الفني والإداري- المحور المالي- المحور الزمني).

الحكومة الإلكترونية: -
هي أشبه بالبرنامج الإلكتروني المالي ولإداري الذي يدار به بنك معين فتستطيع الإدارة العليا للبنك من مراقبة سير أعمال البنك الإدارية والمالية في جميع فروعة بلمسة زر وتقييم مستوى الأداء والعملاء ومديونياتهم وحركة الأرصدة الواردة والصادرة ومديونيات البنك لدى الغير ومشروعاته الممولة ومعرفة المعوقات أولا بأول ومراقبة كل من تسول له نفسه العبث بهذه المنشاة، والحكومة الإلكترونية ليس لها أي ارتباط إطلاقا بالانترنت بل يمنع منعا باتا هذا الأمر،وإنما يتم مد شبكة الكترونية بين جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها لتحقيق الخطة الإستراتيجيه للدولة ببرنامج الكتروني عملاق على أن يتم تصميم هذا البرنامج وفق الثلاثة المحاور الرئيسية (المحور الفني والإداري _ المحور المالي _ المحور الزمني)لتتمكن القيادات العليا ابتدءا من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء من مراقبة سير تنفيذ الخطة بشكل يومي وسريع جداً إلى أدنى مستوى في السلم الإداري وحاجزا منيعا من تلاعب فيروسات الفساد المالي والإداري ألإماميه الشيعية الفارسية وافتعالها لمعوقات حقيقة كانت أو وهمية وهي النور الذي يسلّط ضوءه على لصوص الظلام والتآمر.

بعد ذلك يتم الإشراف على سير أعمال الأجهزة من خلال البرنامج الالكتروني كون الكادر الوظيفي في كل مستوى إداري ملزم بإدخال إنجازاته اليومية إلى البرنامج، فإن أهمل أو تلاعب فسيتم معرفة ذلك من قياداته العليا بشكل يومي بل على مستوى الساعة عبر شاشاتهم الالكترونية، وأن أهملت قياداته في ضبط ذلك التقصير والإهمال فستعلم قياداتهم الأعلى بذلك، وهكذا إلى أن تصل إلى رئاسة الوزراء وإلى رئاسة الجمهورية بحيث تدار أجهزة الدولة بمرافقها وكأنهم في غرفة واحدة.
ويستطيع الاخ رئيس الجمهورية من إدارة دفة البلاد و الاطلاع على سير الحكومة بكافة مرافقها على مستوى الساعة وبلمسة زر.

ثم تتحول هذه الخطة من العقل الجمعي للمجتمع إلى إرادة جمعيه عبر إنزالها في كتيبات يرافق ذلك حملة إعلامية وتوعوية كبرى لتتحول إلى سلوك جمعي باندماج المواطنين أفراد وجماعات مع الخطة الإستراتيجية الوطنية وبرمجة أهدافهم وخططهم واستثماراتهم توازيا وتناغم معها.

زر الذهاب إلى الأعلى