[esi views ttl="1"]
arpo28

واشنطن بوست تكشف عن كيان سري أنشأه بوش وتشيني للتحكم بالعالم

كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية اللثام عن كيان سري ومجهول، نمى وترعرع في عهد "بوش – تشيني"، وبات يسيطر ليس على أمريكا فقط، بل على مختلف بقاع العالم.

وأوضحت الصحيفة أنه باستخدام فزاعة مكافحة ما يسمى ب "الإرهاب" والحفاظ على أمن أمريكا تم تدشين مئات بل آلاف من شركات التجسس الخاصة التي باتت تنهب المليارات من جيب دافع الضرائب الأمريكي من دون أية ضوابط رقابية، وبقيت أعمالها محمية باستخدام هذه الفزاعة من دون أن يجرؤ أحد على التساؤل، مجرد التساؤل، حول أخلاقية وقانونية هذه الكيانات.

جاء ذلك في تقرير أعده خلال عامين كاملين صحافيان معروفان بالكفاءة هما دانا بريست الحاصلة على جائزة "بوليتزر" وزميلها الصحافي المشاغب وليام أركين الذي طالما عانى الصدام مع إدارة بوش - تشيني على مدى ثمانية أعوام، حيث عملا مع فريق عمل تفرغ على مدى العامين الماضيين لبحث موضوع السلطة الرابعة التي خلقت في ظلام عهدي بوش - تشيني، وتحولت إلى وحش هلامي لا أحد يعرف بالضبط حدود سلطاته، ولا كيفية إدارته.

ووصف التقرير هذا الكيان بالسلطة الجديدة، وشبهها بتلك السلطة التي حذر منها الرئيس الأمريكي الأسبق ايزنهاور حين حذر من تنامي نفوذ سلطة مؤسسة السلاح، مع الفارق أن السلطة الجديدة التي اكتشف الأمريكيون وجودها هي سلطة استخبارات تعتمد على القطاع الخاص، أي استخبارات قطاع خاص تمولها من المال العام بلا حسيب أو رقيب، وتمارس عملها عبر قارات العالم، والأخطر أن هذه السلطة الجديدة أساسها الربح المالي.

أرقام صادمة:

وأوضح التقرير أن النظر في حجم هذه السلطة الجديدة المتنامي داخل الولايات المتحدة فقط، يظهر أرقامًا صادمة، منها:

- أن مجموع الشركات المتعاملة في نطاق التجسس والمتابعة والتحليل بلغ 2163 موقعًا في الولايات المتحدة فقط منتشرة في أنحاء المدن الأمريكية من المحيط للمحيط.

- يتعامل مع هذه الشركات حوالي 1271 جهة حكومية أمريكية، ومنها وزارات الأمن القومي ال ،15 ناهيك عن وزارتي الدفاع والخارجية وغيرهما.

- يوجد ما لا يقل عن 1931 شركة خاصة تتعاطى فقط مع ملفات مكافحة "الإرهاب"، ولدى هذه الشركات ما لا يقل عن عشرة آلاف موقع في الولايات المتحدة فقط.

- حصل ما لا يقل عن 854 ألف شخص يعملون في نطاق السلطة الاستخباراتية الجديدة على تراخيص أمنية من مستوى "فائق السرية" وهي رخصة صعب الحصول عليها ولا تمنح إلا للأشخاص ذوي الأهمية المتعاملين والذين يسمح لهم بالاطلاع على أسرار الدولة، وهو رقم غير مسبوق في التاريخ الحكومي الأمريكي.

- يوجد في العاصمة الأمريكية واشنطن وضواحيها مالا يقل عن 33 مجمعًا إداريًا، بعضها لا يزال تحت الإنشاء كمقار لعدد كبير جدًا من موظفي السلطة الجديدة، وتمثل إجمالي مساحات هذه المقار مجمع الكونجرس "الكابيتول" الأمريكي الضخم 22 مرة، وتقريبًا مساحة "البنتاجون" ثلاث مرات بإجمالي 17 مليون قدم مربعة.
- بلغ تعاظم طبيعة عمل هذا الكيان الجديد، وبالتالي كمية الإنتاج من المعلومات والتحليل والمتابعة، حجمًا من المستحيل متابعته أو مراجعته حتى من قبل المعنيين داخلها، ما جعل مهمتها الأساسية في حماية الأمن القومي الأمريكي أمرًا شبه مستحيل .

هل أصبحت أمريكا أكثر أمنًا؟

وقد استعانت "الواشنطن بوست" بواحد من أمهر الخبراء، وهو الجنرال المتقاعد جون فاينز، للمساعدة على النظر في كيفية مراقبة ومحاسبة هذا البرنامج فكانت إجابته حالة من الذهول الشديد، لا سيما حين نظر في بند واحد وهو كيفية مراقبة مدى تقدم هذا البرنامج من قبل أجهزة وزارة الدفاع.

وقال الرجل الذي كان في السابق مسؤولًا عن إدارة 145 ألف جندي أمريكي في العراق، والمعروف بكونه أحد أفضل الخبراء الأمريكيين في معالجة المشكلات المعقدة، "لم أعرف مسبقًا أن هناك أي وكالة لديها السلطة أو المسؤولية لتنسيق أعمال كافة هذه الوكالات أو الأنشطة الخاصة، والتعقيدات الموجودة، والحجم الذي أمامي لا يمكن أبدًا وصف نتيجته".

وفي النهاية رأى الجنرال فاينز أنه من المستحيل أن يجيب أحد في هذا البلد عما إذا كانت أمريكا أصبحت أكثر أمنًا، فلا توجد عملية تنسيقية لأعمال هذه الوكالات والأنشطة الخاصة، وبالتالي فإن نتائجها منخفضة الفعالية، وفيها إهدار ولا تستطيع الحكم عليها أو على فاعليتها.

كم وحجم مرعب من المهام التي يقوم بها الملايين:

ولقد كشف بحث "البوست" عن كم وحجم مرعب من المهام التي يقوم بها الملايين من المتعاقدين لا سيما عبر الشركات الخاصة، وإذا اختصرنا هذه المهام سنجد أن أهم العمليات والجهات المتضلعة بها كالآتي: "منظمات ووكالات حكومية متعددة" (مئات)، و"استخبارات" تتولى: مكافحة التجسس، عمليات السيبر (التجسس الإلكتروني)، التحليل الاستخباري، و"وكالات عسكرية" تتولى: عمليات التجسس بالستلايت (الأقمار الاصطناعية)، عمليات برية على الأرض، عمليات بحرية، عمليات (تتبّع) خاصة بالأنشطة النووية (خارجية)، و"الأمن الوطني"، و"مكافحة عمليات التفجير"، و"الحدود"، و"المخدرات"،و "تحسب الكوارث"، و"عمليات التوقيف القانوني"، و"الإدارات السرية" وتتولى: العمليات الخاصة، تكنولوجيا التسلح، العمليات النفسية، العمليات الخاصة، و"إدارة الدعم" وتتولى: حماية المباني، الحماية الخاصة للمسؤولية والأفراد، الوسائل (متابعة وتجسس وملاحقة)، و"الاستشارات"، و"التدريب"، و"التعيين"، و"التكنولوجيا المعلوماتية"؟ وناهيك عن وكالات ومتعاقدين وشركات خاصة تتولى المراقبة والتسجيل وأعمال التجسس البشري والأعمال الخاصة وغيرها.

وأشار التقرير إلى أن العديد من الشركات التي كشف عنها لا توفر أحدًا، وبالنظر في طبيعة عمل كثير من هذه الشركات، لا سيما شركات الهواتف مثل "ايه تي آند تي" و"فرايزون"، يستطيع المرء أن يتخيل حجم وكم المكالمات الهاتفية وعمليات الاتصال والبريد الإلكتروني داخل أمريكا وخارجها التي يتم تخزينها وترجمتها ومتابعتها.

سلطة الظلام:

وأضاف أنه من المهم التذكير ببعض التساؤلات المذهولة التي عمت واشنطن، ووصلت إلى حد المطالبة برفع حاجز الرعب المسمى "تداعيات الحادي عشر من سبتمبر"، وقذفت بالكرة في ملعب الساسة في الكونجرس وهم على أعتاب الانتخابات في نوفمبر، إذ إن سلطة الظلام هذه خلقت ونمت في عهد الجمهوريين، ومن المتوقع أن يحاسب الكونجرس، وتحديدًا الجمهوريين عن سكوتهم عن مثل هذه الفضيحة التي باتت بلا أدنى مبالغة تمثل وصمة عار كبيرة وأخلاقية على وجه أمريكا التي دأبت على إعلاء احترام حقوق الإنسان والحريات الشخصية بل وتستخدمها ضد شعوب ونظم حول العالم.

وأكد التقرير "لقد أصبح من الواضح أنه ليس فقط الأمريكيون أصبحوا عراة تحت نظر "الأخ الأكبر"، بل العالم كله بلا استثناء".

زر الذهاب إلى الأعلى