[esi views ttl="1"]
arpo28

قصة «قاع اليهود».. في اليمن

تبدأ الحكاية منذ أكثر من‏80‏ عاما عندما قرر الإمام يحيي حميد الدين إخراج يهود اليمن الذين كانوا يقيمون داخل أسوار مدينة صنعاء القديمة بسبب خمرتهم التي كانوا يحتسونها ويبيعونها وفاحت رائحتها داخل المدينة،

وحتى يميزهم عن غيرهم من اليمنيين وليحذر المسلمين منهم ألزمهم الإمام بإطلاق خصلتي شعر علي صدغيهم ولفها لتسمى بعد ذلك زنانير، وخصص لهم بقعة من الأرض تحتويهم ويتجمعون بها دون اختلاطهم بالمسلمين ويطلق عليها القاع وكنيت بهم لتسمى (قاع اليهود)."قاع اليهود".. هذا هو الحي الذي جمع واحتوى يهود صنعاء القديمة، يوصف بأنه له بوابتان وهما باب البونية وباب الشبة.. وهو مقسم إلى 20 حارة وفي كل حارة كنيس (سيناجوج)،الآن تحول هذا القاع إلى سوق شعبي لعامة الشعب اليمني بعد هجرة أغلب يهود اليمن إلى الخارج و لكنه حتى اللحظة ما زال صامدا أمام عوامل الزمن محتفظا بجميع تفاصيله القديمة وبصمات ساكنيه اليهود سابقا بحوانيته القديمة المنتشرة .. وأزقته ضيقة المساحة، وببوابتيه (الشبه والبونية).
«الراية» نزلت إلى هذا القاع لتلتقي ب علي سالم وهو من ساكني هذا القاع والذي أكد لنا بأنه كان يوجد كركون أمام بوابة (الشبة) وهو من عصر الإمام كان هدفه مراقبة الداخل والخارج، كي لا يختلط مسلمو صنعاء باليهود حتى لا تنتقل عاداتهم وتقاليدهم وتختلط بعادات وتقاليد المسلمين، وأيضا كي لا تسمح بالخمور وتعاطيها، أما الآن ومنذ رحيل اليهود وترحيلهم أصبحت هذه البقعة من صنعاء مسكنا طبيعيا لليمنيين، وباستطاعة الجميع زيارة المنطقة والعيش فيها، ولم يتبق من اليهود سوى بعض من منازل قديمة عليها نقوش على جدرانها حفر لنجمة داوود.

قصر حبشوش
«الراية» تجولت في القاع وسارت بين أزقته وشوارعه الضيقة، وقد تغير الحال ولم يعد كالوصف فهناك حوانيت مرممة متراصة وقديمة يعد فيها الشاي، ومطاعم شعبية عديدة يطبخ بها جميع الوجبات اليومية.. يجلس بهذه المطاعم أناس عديدون ومن مختلف الأعمار، وهنا شاب يدعى(محمد السمني)وهو من ساكني هذا القاع يحدثنا عن قصة رجل يهودي يدعى (حبشوش) فيقول وهو يشير إلى بقايا منزل: كان ذاك المنزل في السابق قصرا كبيرا لشيخ اليهود والذي كان يدعى حبشوش، وكان هذا اليهودي من أثرى أثرياء اليمن حيث كانت حرفته صياغة الذهب والفضة، أما الآن فلم يبق من قصره سوى أطلال، فقد مات الرجل وضاع ذهبه وهاجر أحفاده خارج اليمن إلى القدس بعد أن باع الأحفاد هذا القصر لأحد الولاة، وبعد قيام الثورة صادرت الدولة المنطقة وقامت بتوزيع الأماكن على الثوار ليكون هذا القصر من نصيب أحدهم وهو الآن يساوي ما يقارب 140 مليون ريال يمني.
من أهم سمات بيوت اليهود في هذا الحي هي قصر وصغر حجم الباب الخارجي، ويقال إن سبب ذلك حتى ينحني المسلمون إذا ما دخلوا إليها،وعادة تبنى بيوتهم دون تنسيق أو مخطط، وإنما تبنى بشكل عشوائي ولا تتعدى الطابقين بأمر من الإمام، كلما احتاجوا إلى غرفة بنوها كملحق منفرد في المنزل، ويقال إن بيوتهم تبدو هكذا غير متجانسة بسبب عدم استقرارهم النفسي والمعيشي، وأيضا يعتمد اليهود وجود شماسات فوق الأسطح حتى يتسنى للشمس أن تدخل منها مباشرة إلى المنازل .
لليهود مهن كثيرة اشتهروا بها عبر العصور وأغلبها مهن حرف يدوية وحدادة ومشغولات ذهبية وفضية، وفي التجارة والزراعة أيضا، وقد كان الإمام قد ألزم اليهود بتعليم المسلمين تلك الحرف التي تفيدهم.

زر الذهاب إلى الأعلى