اتهم طارق عزيز نائب رئيس الحكومة العراقية في نظام صدام حسين، الرئيس الاميركي باراك اوباما ب"ترك العراق للذئاب" بقراره سحب القوات الاميركية القتالية من هذا البلد رغم تصاعد اعمال العنف فيه، وذلك في مقابلة نشرتها صحيفة بريطانية الجمعة.
ورأى عزيز في المقابلة التي اجرتها معه صحيفة الغارديان في زنزانته في بغداد، ان الولايات المتحدة يجب ان تبقى في العراق حتى تصحح الاخطاء التي ارتكبتها منذ الحرب في 2003. وقال عزيز في اول مقابلة تجرى معه منذ ان سلم نفسه للقوات الاميركية بعيد سقوط بغداد في نيسان/ابريل 2003 "كلنا ضحايا اميركا وبريطانيا".
واضاف ان هاتين الدولتين "قتلتا بلدنا بطرق عدة. عندما ترتكبون خطأ يجب ان تصححوا هذا الخطأ والا تتركوا العراق يموت". وتأتي تصريحات عزيز بعد اسبوع على اعلان الرئيس اوباما انتهاء المهمة القتالية في العراق في 31 آب/اغسطس على الرغم من تصاعد العنف في تموز/يوليو.
وقال عزيز ان "صدام حسين بنى لثلاثين عاما العراق، واليوم البلد مدمر. هناك عدد اكبر من المرضى مما كان عليه الوضع قبلا وكذلك من الجياع (...) والناس لا يحصلون على اي خدمات عامة. الناس يقتلون يوميا بالعشرات ان لم يكن بالمئات".
واضاف "عندما انتخب اوباما رئيسا (...) ظننت انه سيصحح اخطاء (سلفه جورج) بوش. ولكن اوباما منافق. انه يترك العراق للذئاب". واعلن اوباما في الثاني من آب/اغسطس ان القوات الاميركية المقاتلة ستخرج من العراق بحلول نهاية الشهر "طبقا للوعود وبحسب الجدول المقرر".
وجاء خطاب اوباما عقب شهر كان الاكثر دموية في العراق منذ سنتين حيث وصلت حصيلة اعمال العنف في تموز/يوليو إلى 535 قتيلا بينهم 396 مدنيا، وفق السلطات العراقية. واعترض الجيش الاميركي على هذه الحصيلة وتحدث عن "222 قتيلا و782 جريحا".
من جهة اخرى، دافع عزيز عن صدام حسين مؤكدا ان نظرة الغرب اليه خاطئة. وقال ان "صدام لم يكذب ولم يغير الوقائع. انه شخص أكن له احتراما كبيرا واحبه. انه رجل سيثبت التاريخ انه خدم بلده". واضاف ان "صدام بنى بلده وخدم شعبه. لا يمكنني ان اقبل حكمكم عليه (في الغرب) بانه كان سيئا".
وزعم عزيز أنه حاول إقناع صدام بأن لا يجتاح الكويت في عام 1991، لأنها ستؤدي إلى حرب مع الولايات المتحدة خلال بضع سنوات. وقال: "لقد طلبت منه أن لا يجتاح الكويت، ولكن كان علي أن أدعم قرار الأكثرية. عندما اتخذ القرار قلت له إن هذا سيؤدي إلى حرب مع أميركا، ولكن من مصلحتنا أن نروج لحرب ضد أميركا". وقالت "الغارديان" إن عزيز حاول تصوير نفسه على أن وطنيته لا ترقى للشك.
وتابع يتحدث عن كيف أدار صدام العراق بعد فرض عقوبات دولية على العراق، وقال: "حتى في ظل العقوبات، وهي أوقات صعبة في حياة أي بلد، كل يوم، كل رجل، كل امرأة وطفل كان يأخذ 2000 سعرة حرارية في اليوم". وأضاف يتحدث عن إيران: "اليوم إيران تبني برنامج أسلحة. الجميع يعرف ذلك ولا أحد يفعل شيئا. لماذا؟ بوش وبلير كذبا عن عمد. كلاهما كان يؤيد الصهيونية. أرادا تدمير العراق لأجل إسرائيل، وليس لأجل بريطانيا وأميركا".
وحكم على عزيز العام الماضي بالسجن 15 عاما عن دوره في مقتل عشرات التجار في 1992 . وصدر عليه حكم اخر بالسجن سبع سنوات عن دوره في التهجير القسري للاكراد من شمال العراق اثناء حكم صدام. وسلمته القوات الاميركية مؤخرا إلى السلطات العراقية.
أوباما وجه رسالة إلى السيستاني لاخراج العراق من الازمة
وعلى صعيد متصل ذكرت مجلة "فورين بوليسي" الجمعة أن أوباما وجه رسالة إلى المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني لانهاء الخلاف بين القادة السياسيين في العراق من اجل تشكيل حكومة جديدة. وقالت المجلة على نشرتها الالكترونية نقلا عن مصدر لم تذكر اسمه قالت انه على اتصال باسرة المرجع الشيعي، ان رسالة اوباما قام بتسليمها إلى علي السيستاني نائب شيعي في البرلمان العراقي.
واوضحت ان رسالة اوباما جاءت بعيد محاولة قام بها نائب الرئيس الاميركي جوزف بايدن لتسوية الخلاف حول تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، خلال زيارة قام بها إلى بغداد في الرابع من تموز/يوليو. ورفض ناطق باسم البيت الابيض ومتحدث باسم مكتب السيستاني في النجف الادلاء باي تعليق على هذا الخبر.
وكان بايدن حاول مطلع تموز/يوليو دفع القادة العراقيين إلى تحقيق اختراق يسمح بكسر الحلقة المفرغة وحلحلة الاوضاع السياسية المتأزمة في البلاد. وحض بايدن القادة العراقيين على انهاء خلافاتهم السياسية التي اوقعت البلاد في مأزق حيث لا يزال العراق دون حكومة جديدة بعد اربعة اشهر من الانتخابات.
وكانت المحكمة العراقية العليا صادقت مطلع حزيران/يونيو على نتائج الانتخابات التي جرت في آذار/مارس لشغل مقاعد البرلمان البالغ عددها 325 وتقدم فيها حزب رئيس الوزراء السابق اياد علاوي بشكل طفيف على التحالف الذي يقوده رئيس الحكومة الحالي نوري المالكي.
وبما ان اي حزب لم يحقق الاغلبية، شكل تحالف شيعي كبير بين الحزبين اللذين جاءا في المرتبتين الثانية والثالثة في الاقتراع، ليطغى على حزب علاوي. لكن المالكي فقد تأييد الاحزاب الشيعية الاصغر التي تريد منه ان يتنازل عن رئاسة الحكومة.
وقالت مصادر عدة خلال زيارة بايدن مطلع تموز/يوليو ان الاميركيين "لم يقدموا مقترحات محددة انما طرحوا افكارا". لكن مسؤولا حزبيا رفيعا رفض الكشف عن اسمه قال "هناك فكرتان: اما تقاسم منصب رئيس الوزراء بين علاوي والمالكي عامين لكل منهما، أو تعديل صلاحيات رئيس الوزراء لصالح رئيس الجمهورية".
وتزامن هذا المأزق السياسي مع تصاعد اعمال العنف التي يقوم بها متطرفون وادت الثلاثاء إلى سقوط 42 قتيلا. كما افادت ارقام نشرتها وزارات الصحة والداخلية الدفاع الاحد ان تموز/يوليو كان الشهر الاكثر دموية في العراق منذ اكثر من سنتين وسجل خلاله سقوط 535 قتيلا بينهم 396 مدنيا. ودعا مجلس الامن الدولي الاربعاء القادة العراقيين إلى وضع حد للمأزق السياسي في العراق عبر تشكيل حكومة شاملة بعد خمسة اشهر على الانتخابات التشريعية.