arpo28

اليمن: القات طريق إلى الموت المبكر

أفادت المؤسسة الوطنية لمكافحة السرطان، وهي منظمة غير حكومية محلية، أن الطقوس اليومية الشائعة لمضغ أوراق القات الغنية بمادة الأمفيتامين المخدرة هي السبب وراء ارتفاع معدلات الإصابة بسرطان الفم في اليمن.

وقد عزت المؤسسة انتشار حالات السرطان إلى الاستخدام المكثف للمبيدات من قبل مزارعي القات الذي يزرع في اليمن منذ أكثر من 500 عام.

وقال نديم محمد سعيد، رئيس مركز الأورام السرطانية الممول من الدولة في العاصمة صنعاء أن حوالي 30 بالمائة من مرضى السرطان الذين يعاينهم يعانون من سرطان الفم واللثة، وهو ما تربطه بعض الدراسات بالقات وبالمضغ المكثف للتبغ المعروف بالشمة.

وعلق سعيد على ذلك بالقول: "هذا رقم مخيف بالفعل ويمثل أحد أعلى المعدلات في العالم بالنسبة لسرطان الفم واللثة".

ويمضغ ملايين الأشخاص في اليمن القات ومعظمهم من الرجال. ففي نهاية يوم العمل في حوالي الساعة الثالثة عصراً، يتم شراء حزم صغيرة محكمة من الورق الطازج ذي التأثير المخدر الخفيف لتبدأ بعد ذلك جلسات الاسترخاء والحديث والمضغ التي يمكن أن تستمر لساعات.

وتشير التقديرات إلى أن 70 بالمائة من الأسر لديها على الأقل شخص واحد يتعاطى القات وهو ما يمثل تجارة مربحة وضخمة لمزارعي هذا النبات. وطبقاً لما ذكره عادل الشجاع، رئيس الجمعية الوطنية لمواجهة أضرار القات، وهي منظمة غير حكومية محلية، فإن زراعة القات تشغل أكثر من 50 بالمائة من الأراضي القابلة للزراعة في اليمن وتستهلك 65 بالمائة من مياهه الجوفية الثمينة.

ولا يجني هذا المحصول العملة الأجنبية، إذ أنه محظور رسمياً في السعودية المجاورة، ومع استهلاك اليمن من القات الذي يعد الأعلى في المنطقة، فإن الإنتاج غالباً ما يكون للاستخدام المحلي.

خيارات قليلة لعلاج السرطان

ويعد مركز الأورام السرطانية الذي يضم 56 سريراً المستشفى الوحيد المتخصص في الأورام في اليمن، ولكنه غير قادر على التعامل مع هذا العدد المتزايد من المصابين بالسرطان في البلاد.

وعلق جمال العزب، الطبيب في المركز، على الطاقة الاستيعابية المحدودة للمركز قائلاً: "لا يوجد لدينا أسرة كافية لاستيعاب المئات من مرضى السرطان الذين يأتون من جميع أنحاء البلاد". كما توجد قائمة انتظار مكونة من 300 مريض في الوقت الذي توقف فيه "عدد كبير من المرضى عن التردد إلى المركز بعدما فشلوا في العثور على أسرة شاغرة".

من جهته، قال سعيد مدير المركز أن "التمويل الشهري للمركز يكفي لعلاج 200 حالة ولكننا نستقبل حوالي 400- 450 حالة في الشهر".

بدوره، أشار منيف أحمد صالح، نائب مدير المركز، إلى أن منظمة الصحة العالمية توصي بضرورة وجود مركز لعلاج الأورام لكل مليون شخص ولكن "في اليمن لدينا مركزاً واحداً فقط يخدم 23 مليون نسمة".

رفض الإقلاع

والسؤال هل يعيد اليمنيون النظر في إدمانهم على القات في ظل الاعتقاد بوجود علاقة بين القات الملوث بالمبيدات والإصابة بالسرطان؟

كان محمد وهو سائق سيارة أجرة في أواخر العشرينيات من عمره يمضغ القات وهو يشق طريقه في الزحام في وسط صنعاء. وأخبر شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) قائلاً: "لا يمكنني تخيل الحياة دون القات. أنه كل شيء بالنسبة لي. إنه كالأب والأم وكل شيء...بدونه سيكون من الصعب جداً العمل ولن أكون قادراً على التركيز".

ويوافقه الرأي أحمد، وهو سائق سيارة أجرة آخر، حيث قال: "أبدأ المضغ في الصباح لكي أظل متنبهاً ومستيقظاً طوال اليوم دون الشعور بالحاجة إلى النوم. أعمل 24 ساعة ثم أرتاح لمدة يومين. القات يجعل ذلك ممكناً....لماذا ينبغي علي التفكير في الإقلاع عنه؟ إنه يعطيني التركيز ويوفر المال لأسرتي. لن أقلع عنه أبداً".

كما تحدثت شبكة الأنباء الإنسانية (إيرين) لرجال في جلسة قات في منزل خاص في صنعاء لسؤالهم عما إذا كانوا يفكرون في الإقلاع عنه. فقال أحد الحاضرين ويدعى علي الفقيه: "لا أستطيع الإقلاع"، مضيفاً أنه إذا توقف عن المضغ سيصبح بليداً أو قد يصاب بالحمى. وقال أن "السرطان موجود أيضاً في الكثير من البلدان الأخرى التي لا يوجد بها قات".

أما أحمد علي، وهو ضابط بالجيش، فقال: "إذا كان لديك سرطان فالسبب هو القضاء والقدر"، مضيفاً أن الحكومة حاولت حظر استخدام القات في الجيش ولكنها "فشلت".

ay/at/cb/oa -hk-dvh

مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)

زر الذهاب إلى الأعلى