arpo37

مفاجأة المحكمة الدولية تعزّز ملاحقة اللواء السيّد ل(شهود الزور)

كيف سيكون عليه تصرف المدير العام السابق للأمن العام اللواء الركن جميل السيد، بعد عودته من الخارج غداً، إزاء مذكرة الاستدعاء التي سطرها النائب العام التمييزي القاضي سعيد ميرزا والتي يطلب فيها الاستماع إلى إفادته

بخصوص الاتهامات والتهديدات التي وجهها في مؤتمره الصحافي الأخير ضد عدد من أركان الدولة وقيادات سياسية وأمنية وقضائية وصلت إلى حد قوله أمام شاشات التلفزة بأنه في حال لم يعطه رئيس الحكومة سعد الحريري حقه، فإنه سيقوم بأخذ هذا الحق بيديه؟

هذا السؤال كان الشغل الشاغل أمس واليوم لأهل الحكم والأوساط السياسية والشعبية على السواء، خصوصاً بعد المواقف الاستباقية والتحذيرية التي صدرت عن أركان في المعارضة وفي مقدمتهم "حزب الله" الذي أصدر بياناً صباح اليوم اعتبر فيه القرار القضائي المذكور "قراراً سياسياً بامتياز وعنواناً للقمع والترهيب لكل مظلوم يصرّح بالحقيقة في هذه المرحلة"، معلناً "رفضه له بشدة" داعياً إلى "أن يسارع القضاء اللبناني إلى وضع يده على "شهود الزور" ومصنعيهم الذين أدخلوا لبنان وسوريا في متاهة مظلمة كادت أن تودي بالجميع؟".

وفيما لم يأتِ بيان حزب الله على ذكر التحضير لأي تحرّك شعبي أو الدعوة إلى تظاهرة تواكب حضور اللواء السيد إلى قصر العدل في حال حصوله تعبيراً عن رفض هذا الإجراء، فإن الأوساط السياسية المتابعة وجدت في هذا البيان رسالة واضحة إلى المراجع القضائية المعنية بألا تذهب أبعد من ذلك في ملاحقتها السيد، حتى لا تصل الأمور إلى ما لا تحمد عقباه، وهو ما فسره نواب ومسؤولون في "تيار المستقبل" والأمانة العامة لقوى 14 آذار بأنه تلويح وتهديد بتكرار أحداث السابع من أيار (مايو) 2008، كما عبّر عن ذلك صراحة عضو كتلة "المستقبل" النائب جمال الجراح في حديث تلفزيوني قال فيه "إن بيان حزب الله عن مذكرة جلب المدير العام السابق للأمن العام اللواء جميل السيد، هو في سياق 7 أيار نفسه، ويأتي في الأجواء نفسها"، وهذا ما وافقه عليه زميله في الكتلة عاصم عراجي في حديث إذاعي رأى فيه "أن الأمور اليوم ذاهبة باتجاه خطير، خصوصاً بعد الكلام الذي أطلقه اللواء السيد"، داعياً إلى محاكمة الأخير معلناً "أن الحريري ليس مكسر عصا ويمثل شريحة كبرى من اللبنانيين".

هذا، ولاحظ المراقبون أن موقف حزب الله من استدعاء القضاء للسيد جاء متأخراً بعض الشيء، وبعد مرور ما يقارب الثماني والأربعين ساعة على اتخاذ النيابة العامة التمييزية قرارها بالملاحقة، بناء على طلب وزير العدل إبراهيم نجار وقيام عناصر من المباحث الجنائية بالتوجه إلى منزل السيّد أول من أمس لتسليمه المذكرة القضائية وتعذر عليهم ذلك لوجوده في باريس كما أبلغهم حراس المنزل.

وذكرت المعلومات أن مرد هذا التأخير يعود إلى الاتصالات التي أجراها الحزب مع حلفائه في بيروت وخارجها أيضاً، والتي تطلّبت كما تردد قيام وفد من قبله بزيارة العاصمة السورية لإطلاع المسؤولين فيها على حقيقة ما يجري والاستماع إلى وجهة نظرهم بهذا الخصوص، علماً أن رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال أرسلان الذي يُعد واحداً من أقطاب المعارضة والمعروف بعلاقته الطيبة مع الرئيس السوري بشار الأسد، استبق موقف الحزب بساعات فأعلن رفضه للقرار الصادرعن المدعي العام التمييزي واصفاً إياه ب "المتهور" مطالباً وزير العدل "بسحبه فوراً دون تأخير"، محملاً الأخير مسؤولية "كل ما سيحدثه هذا القرار من تداعيات خطيرة مسيئة للبنان واللبنانيينمن جهته، أبلغ النائب اللبناني السابق إميل إميل لحود نجل رئيس الجمهورية السابق إميل لحود، المتصلين به اليوم "بأننا لن نسمح بأن يوقف اللواء السيد تحت أي عنوان كان".

كما أدلى بتصريح تساءل فيه "أين كان القضاء حين سجن ضباط من أعلى الرتب ومعهم آخرون، طيلة سنوات من دون دلائل مخالفة واضحة للقانون؟"، مستغرباً "أن يكون القضاء تحرّك من أجل مؤتمر صحافي واحد، في حين ظل مغيباً حين تعرّضت الرئاسة الأولى في السابق إلى تهديدات شتى، بلغت حد المطالبة باقتحام القصر الجمهوري"، في إشارة إلى ما تعرّض له والده من قبل فريق 14 آذار. وهذا ما ذكّرت به محطات تلفزة في نشرات أخبارها مساء أمس، مستعيدة صوراً ومشاهد راحت فيها قيادات في هذا الفريق توجّه السباب والشتائم للرئيس لحود وتتهمه بالإجرام وباغتيال الرئيس رفيق الحريري.

وعلى وقع هذه الأجواء المضطربة والتأزم الذي تشهده الساحة اللبنانية جاءت المفاجأة من المحكمة الدولية الخاصة بلبنان بعد ظهر اليوم التي ردت على طلب السيّد المرفوع إليها السماح له بالاطلاع على الملفات التي بحوزتها عن شهود الزور، بالموافقة على هذا الطلب، الأمر الذي لا بد أن يشكل تحولاً كبيراً في المشهد السياسي الداخلي، خصوصاً بعد إقرار الرئيس الحريري بوجود هؤلاء الشهود الذين ضللوا التحقيق في جريمة اغتيال والده.

وكان السيّد الذي يتحضر للعودة إلى بيروت غداً قد تقدم أمس بواسطة وكيله المحامي أكرم عازوري بمراجعة إلى محكمة التمييز الجزائية لدى المجلس القضائي لتنحية مدعي عام التمييز سعيد ميرزا عن منصبه ووضعه بالتصرف، نظراً للخصومة الشخصية بينه وبين اللواء الركن السيّد كون القاضي ميرزا مدعى عليه من قبل اللواء السيد لدى القضاء اللبناني في محاضر التحقيق الرسمية التي أحالها ميرزا إلى لاهاي.

وأفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي للواء السيد أن القاضي ميرزا مدعى عليه أيضاً في الدعوة الشخصية المقدمة من اللواء السيد أمام القضاء السوري في جريمة مؤامرة شهود الزور في قضية اغتيال رئيس الحكومة الراحل رفيق الحريري. وأن من نتائج هذه المراجعة أيضاً، إقصاء اللواء أشرف ريفي والعقيد وسام الحسن عن منصبيهما لكونهما الضابطة العدلية التي تتبع لميرزا، وكونهما مُدعى عليهما في جريمة شهود الزور.

كما أرفق المكتب الإعلامي للواء السيد نسخة عن طلب تنحية القاضي ميرزا مؤلفة من 22 صفحة.

زر الذهاب إلى الأعلى