استقال قائد شرطة الإكوادور على خلفية تمرد لقواته واحتجازهم رئيس البلاد رافائيل كوريا رهينة لمدة 12 ساعة. وقد عاد كوريا إلى القصر الرئاسي في العاصمة كيتو بعدما حررته عناصر من الجيش من مستشفى احتجزه فيه رجال شرطة غاضبون من إجراءات التقشف التي أقرتها حكومته. وأسفرت عملية تحريره عن مقتل شرطين وجرح 74 شخصا.
وقال متحدث باسم الشرطة إن الجنرال فريدي مارتينز قدم استقالته على خلفية الأحداث، دون ذكر تفاصيل أخرى وما إذا كان لقائد الشرطة دور بما اعتبره الرئيس كوريا محاولة انقلاب فشلت.
وجاء هذا التطور بعدما عاد الرئيس الإكوادوري إلى القصر الرئاسي، وأطل من شرفة القصر مخاطبا أنصاره بصوت عال وسط تصفيق الحشود "هذا سيكون مثالا لأولئك الذين يريدون وقف الثورة ليس من خلال صندوق الاقتراع لكن بالأسلحة".
وفي كلمته إلى الآلاف من أنصاره قال كوريا (47 عاما) إنه يشعر بارتياح لأنه لم يرضخ للضغوط مثلما فعل بعض رؤساء الإكوادور السابقين، واصفا ما حدث بأنه أحد أشد الأيام حزنا في حياته لأن "الدم الإكوادوري أريق بلا داع تماما".
وأضاف أن "التاريخ سيحاكم (مدبري هذه الحوادث). أما نحن فنمضي قدما باتجاه المستقبل بمزيد من الحماس والأمل والتصميم"، مؤكدا أنه سيعمل مع أنصاره على أن لا تتوقف أبدا "ثورة المواطن". وتوجه بالشكر إلى زعماء أميركا الجنوبية الذين وعدوه بتقديم دعمهم له.
كما أشار الرئيس الإكوادوري إلى لوسيو غوتيريز الانقلابي السابق الذي انتخب رئيسا ثم أطيح به عام 2005 باعتباره أحد المسؤولين عن "محاولة الانقلاب التي نفذتها المعارضة وبعض قطاعات القوات المسلحة والشرطة".
وقد رد غوتيريز في تصريح لقناة "سي.أن.أن" الناطقة بالإسبانية بالقول إنه يرفض هذه الاتهامات التي وصفها بالجبانة والخاطئة والمتهورة من الرئيس كوريا.
وكان كوريا قد أكد في مقابلة عبر الهاتف مع محطة تلفزيون محلية من المستشفى الذي حاصرته الشرطة بداخله في كيتو، أنه احتجز رغما عنه وسيغادر هذا المكان كرئيس للبلاد أو يأخذونه منه جثة هامدة، مشددا على أنه لن يأمر بعملية لإنقاذه لأنه لا يريد أن تحدث أي إراقة للدماء.
تمرد الشرطة
وكان متمردو الشرطة قد منعوا كوريا من مغادرة مستشفى لجأ إليه للعلاج من آثار الغاز المدمع الذي تعرض له أثناء إلقائه كلمة في ثكنة للشرطة انتشر منها التمرد.
وأفادت أنباء بأن اشتباكات اندلعت خارج المستشفى بين مؤيدي الرئيس ومعارضيه، وأطلقت قوات الشرطة القنابل المدمعة لتفريق متظاهرين جاؤوا لمساندة الرئيس، حيث قال متحدث باسم الصليب الأحمر إن شرطيين على الأقل قتلا وأصيب 74 آخرون في هذه الاشتباكات.
وقال أحد ضباط الشرطة خارج المستشفى إن رجال الشرطة المحتجين يطالبون بإلغاء إجراءات التقشف التي طُبقت في البلاد والتي قد تنقص من حوافزهم.
من ناحية أخرى، قال رئيس بلدية كيتو أوغستو باريا إن المطار الدولي في العاصمة أعيد فتحه بعدما أغلق أمام الرحلات الجوية أثناء الاحتجاجات على إجراءات التقشف.
وكان نحو 150 من المتمردين قد سيطروا في وقت سابق الخميس على مدرج المطار، كما حاول أفراد من الشرطة اقتحام مبنى التلفزيون، بينما أعلنت الحكومة من جانبها حالة الطوارئ، وتحدث شهود عيان عن أعمال سلب ونهب وفوضى اندلعت في كيتو.
العالم يدعم كوريا
وخلال ساعات الأزمة، عبرت دول عديدة عن دعمها للرئيس كوريا، وفي مقدمتها الولايات المتحدة حيث دعت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون إلى حل سلمي للأزمة، وقالت "تستنكر الولايات المتحدة العنف والخروج على القانون ونعبر عن مساندتنا الكاملة للرئيس رافائيل كوريا ومؤسسات الحكومة الديمقراطية في ذلك البلد".
كما عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن تأييد قوي للحكومة المنتخبة في الإكوادور، وكذلك فعل الاتحاد الأوروبي الذي قال إنه يتابع عن كثب التطورات في الإكوادور.
أما الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز فدعا قادة المنطقة إلى الدفاع عن حليفه اليساري، ووصف ما جرى أنه محاولة للإطاحة بالرئيس كوريا.
وقال سفير بيرو لدى منظمة الدول الأميركية إن وزراء خارجية اتحاد دول أميركا الجنوبية (أوناسور) يخططون لعقد اجتماع في جواياكيل -أكبر مدن الإكوادور- اليوم الجمعة لإظهار دعمهم لكوريا.
كما أعربت كل من فرنسا وكندا والمكسيك ودول أخرى عن دعمها للرئيس الإكوادوري.