علي الرغم من قرار الأزهر الشريف الذي يمنع تجسيد الأنبياء والصحابة وآل البيت، إلاَّ أنَّ قناة "ميلودي دراما" قرَّرت اختراق قرار المنع المستمر منذ عرض فيلم "الرسالة" الذي أظهر فيه المخرج الراحل، مصطفى العقَّاد، عدد من الصحابة بإذاعة المسلسل الذي أنتجته إيران الأمر الذي دفع الأزهر إلى رفع دعوى قضائيَّة ضد قناة "ميلودي".
"يوسف الصديق" ليس المسلسل الأوَّل الذي ينتج في إيران عن الأنبياء وآل البيت، فقد تمَّ إنتاج مسلسل يتناول قصَّة حياة السيِّدة "مريم العذراء"، ومسلسل "المسيح"، ومسلسل "النبي أيوب"، وغيرها من الأعمال الَّتي يعتبرها الإيرانيين مدخلاً للتثقيف الديني فيما لم تعترض أيَّة مرجعيَّة دينيَّة على ذلك هناك.
أمَّا في مصر وداخل مجلس الشعب تقدَّم عدد من نواب جماعة الأخوان المسلمين بطلب عاجل إلى وزير الإعلام، أنس الفقي، لوقف عرض المسلسل الذي يذاع يوميًّا على قناة "ميلودي دراما"، فيما غضب عدد كبير من شيوخ الأزهر رافضين فكرة عرض المسلسل على أيَّة قناة مصريَّة.
كما دعا مجمع البحوث الإسلاميَّة إلى وقف عرض المسلسل رافضًا تجسيد شخصيَّة والأنبياء في السينما والمسرح والتليفزيون مشدِّدًا على ضرورة اتخاذ وقفة حاسمة مع مثل هذه المسلسلات.
من جهته قال الدكتور، سالم عبد الجليل، وكيل وزارة الاوقاف أنَّ مشاهدة مثل هذه الأعمال محرَّمة تحريمًا تامًّا، مؤكِّدًا أنَّ من يقوم بمتابعة هذا المسلسل وهو مخالف لشرع الله ويرتكب معصية.
وأشار إلى أنَّ هذا الرأي نابع من إجماع العلماء على تحريم تجسيد شخصيَّة الرسل والملائكة في التليفزيون، مؤكِّدًا أنَّه في حال مخالفة أيَّة جهة لهذا الرأي فإنَّ المقاطعة هي الطريق الوحيد للتعامل مع مثل هذه المواقف.
وشدَّد عبد الجليل على أنَّ الإبداع الفني يجب أنّْ يكون متوائم مع الشريعة الإسلاميَّة والإطار العام لها، موضحًا أنَّ موضوع ظهور الأنبياء على الشَّاشة هي مسألة مرفوضة تمامًا وهناك إجماع عليها من قبل علماء الدين السُنَّة.
وتجدر الإشارة إلى أنَّ مسلسل "يوسف الصديق" وغيره من الأعمال الَّتي تتناول سيرة الأنبياء والَّتي أنتجتها إيران أثارت جدلاً بين السُنَّة والشيعة، ففي الوقت الذي يرفض فيه أهل السُنَّة تجسيد الأنبياء على الشَّاشة تعتبره المرجعيات الشِّيعيَّة أمرًا مباحًا طالما لا يوجد في القرآن أو السُنَّة ما يمنع تجسيد الأنبياء عدا النبي محمد.
من جهته طالب الناقد، طارق الشناوي، الأزهر بإعادة النظر في المحظورات الَّتي وضعها للظهور على الشَّاشة، مشيرًا إلى أنَّ قرار حظر ظهور الأنبياء على الشَّاشة مجرد اجتهاد شخصي وليس فتوى شرعيَّة الأمر الذي يتطلب إعادة النظر في الأمر في ظل انتشار مواقع الانترنت والمتغيرات التكنولوجيَّة الَّتي أحدثت انقلابًا تكنولوجيًّا.
وانتقد الشناوي مهاجمة الأزهر للمسلسل في ظل غياب الدراما الدينيَّة عن الإنتاج في مصر مؤكِّدًا أنَّ الأزهر إذا كان رافض لعرض "يوسف الصديق" فعليه أن يقوم بإنتاج مسلسلات دينيَّة بديلة في ظل غياب كامل للأعمال الدينيَّة عن الشَّاشة.
نفس الرأي أيدته الناقدة، خيرية البشلاوي، مؤكِّدةً تأييدها عرض المسلسل نظرًا لأنَّه يقدِّم شخصيَّةً قدوة يقتدي بها الشباب في الوقت الحالي، مؤكِّدةً أنَّ الأزهر ليس من حقِّه التدخل في الأعمال الَّتي تعرض مادامت لا تسيء إلى الإسلام.
وأشارت إلى أنَّ المستوى الفني للعمل جيِّد لافتةً إلى أنَّ الهجوم صعِّد لأنَّ العمل تم إنتاجه في إيران هو أمر غير مبرر لأنَّها دولة شقيقة مسلمة بعض النظر عن بعض الخلافات الدبلوماسيَّة بيننا وبينها.
إلى ذلك، رفضت، نانسي يوسف، مدير قنوات "ميلودي" في تصريحات سابقة لها التعليق على الدعوى الَّتي أقامها الأزهر مرجعةً شراء حق عرض المسلسل إلى جودته الفنيَّة.