شهدت القمة العربية الاستثنائية التى عقدت أمس الأول في مدينة سرت الليبية خلافات عربية حول القضيتين الأساسيتين اللتين تم مناقشتهما، وهما تطوير منظومة العمل العربى المشترك، وإنشاء رابطة لدول الجوار العربى، بالإضافة إلى قضية السلام العربى الاسرائيلى ، كما شهدت الجلسة المغلقة مشادة بين الرئيس المصرى حسنى مبارك و اليمنى على عبدالله صالح حول موقف العرب من القضية الفلسطينية،
وتسببت هذه الخلافات في خروج عمرو موسى الامين العام للجامعة العربية في حالة من الغضب والضيق ولم يعقد مؤتمرا صحفيا عقب انتهاء القمة كعادته مكتفيا بالبيان، وذلك حسبما أكدت مصادر دبلوماسية لجريدة ”المدينة” السعودية.
وقالت مصادر من داخل الاجتماع لجريدة " المدينة " السعودية : إن الرئيس اليمنى تطرق خلال كلمته بالجلسة المغلقة بالقمة إلى القضية الفلسطينية، مطالبا من القادة العرب أن يعملوا على حل القضية الفلسطينية حالاً وفى خلال الجلسة الراهنة، مشيرا إلى أنه من غير المقبول التسليم بما يحدث الآن من اهانة وقتل، وتمادٍ اسرائيلى!.
وأضافت المصادر أن صالح طالب القادة باتخاذ موقف جاد وحازم حتى لو كانت الحرب. وأشارت إلى أن الرئيس مبارك انتقد الرئيس اليمنى على هذ ه التصريحات، وقال له : "اذا كنت تريد ان تحارب فحارب لوحدك" مشيرا إلى أن الحرب خيار غير مطروح، بالمرة نظراً لارتباط العرب وإسرائيل باتفاقية سلام ومبادرة سلام. وأوضحت المصادر أن مبارك أكد أن ميزان القوى الح إلى ليس في صالح العرب نظرا للدعم الأمريكى غير المحدود للجانب الاسرائيلى، ونظرا للظروف التى يمر بها العالم العربى حالياً، مشددا على أن خطوة مثل هذه لا تأتى بين ليلة وضحاها وانما تتطلب استعدادات كبيرة، لأنها تحدد مصير شعوب ودول.
وكشفت أن الرئيس مبارك أكد خلال رده أمام القمة أن الحرب تحتاج إلى مبالغ باهظة وعشرات أو ربما مئات المليارات من الدولارات، متسائلا عن الدولة التى ستتحمل كل هذه المبالغ، مشددا على أن الشعب المصرى غير مستعد لتحمّل كل هذه التكاليف وحده،.
وأشارت المصادر أن هذه المشادة بين الرئيسين مبارك وصالح أدت إلى شحن الجو في قاعة الاجتماع المغلقة، وتوتير الأجواء، خاصة أن الرئيس اليمنى همّ بالخروج من القاعة على إثرها لولا تدخّل عدد من القادة العرب.
ولم تكن القضية الفلسطينية وحدها هى التى تسببت في وقوع خلافات ومشادات بين الزعماء وإنما مشروع تطوير منظومة العمل العربى المشترك، والتى اختلف حولها الدول العربية المشاركة.
وكشفت المصادر أن القادة ومن قبلهم وزراء الخارجية فوجئوا بوجود تغييرات كبيرة على المذكرة التى اتفقوا عليها خلال الدورة 134 لاجتماع وزراء الخارجية العرب والذى عقد في 16 سبتمبر الماضى ، مما جعلها أقرب للفكرة التى يدعو اليها كل من الجانب الليبى واليمنى، مؤكدة أن القادة العرب حينما اطلعوا على النص الجديد اعترض معظمهم عليه ولم يوافق عليه الا عدد محدود مثل ليبيا واليمن وقطر والسودان، فيما رفضته باقى الدول، ومن ثم كان القرار هو إرجاء البتّ في هذا الموضوع إلى حين دراسته بشكل جيد.
وأكدت المصادر أن الموضوع الآخر الذى تم التطرق اليه خلال الاجتماع وهو المقترح المقدم من عمرو موسى الأمين العام للجامعة العربية والخاص بسياسة الجوار الاقليمى وإنشاء رابطة عربية مع دول الجوار العربى، حيث حدث خلاف بين القادة حولها، مطالبين بإرجائه للبتّ فيه ومناقشته بشكل جيد، الا أن أكثر النقاط الخلافية في هذه القضية هو الدول التى سيتم ضمها إلى هذه الرابطة، وخاصة إيران التى يعترض عدد من الدول العربية على دخولها في هذه الرابطة. وأرجعت المصادر حالة الغضب الشديد التى ظهر عليها موسى عقب انتهاء الجلسة الختامية للقمة والتى جعلته يخرج من قاعة المؤتمر دون عقد مؤتمر صحفى كعادته ، إلى شعوره بالإحباط خاصة بعد أن أخفقت القمة في اتخاذ قرار حاسم في القضيتين الأساسيتين اللتين عقدت القمة بشأنهما وهما تطوير منظومة العمل العربى المشترك ورابطة الجوار الاقليمى، فضلا عن تأجيل البتّ في مصير عملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية خلال اجتماع وزراء الخارجية العرب الذى عقد يوم الجمعة الماضية.
من جهتها ذكرت صحيفة الراي الكويتية تفاصيل تؤكد حدوث خلاف في الجلسة المغلقة للقمة الاستثنائية العربية بمدينة سرت بين اليمن ومصر، خصوصا عندما تحدث الرئيس علي عبدالله صالح عن المبادرة التي طرحتها صنعاء في شأن تطوير العمل المشترك. وكان الرد المصري، أن المبادرة تهز العمل العربي والعلاقات العربية وتدمر الجامعة في الوقت الذي لا يتحمل الوضع مثل هذه الأفكار، كما أن الوقت الذي طرحت فيه المبادرة غير مناسب.
وقال الرئيس علي عبدالله صالح إثر ذلك: «إذا كانت المبادرة اليمنية ستضر العمل العربي وستؤثر على العلاقات العربية والعمل العربي بالمبادرة اليمنية سيتم رفعها». وتم سحب المبادرة.
في حين نفى مصدر مصرى مسؤول ل "المدينة" أن يكون قد حدث سجال بين الرئيسين في الجلسة المغلقة، فيما قال مصدر يمنى رفيع المستوى:لا خلاف بين الرئيسين بدليل تأييد اليمن للمطلب المصرى بالتمسك بمسمى الجامعة العربية وتوافق البلدين على كثير من القضايا المطروحة على القمة.
وكالة الأنباء الكويتية قالت بدورها ان سبع دول عربية (لم تسمها) قدمت أمس مذكرة إلى الأمانة العامة لجامعة الدول العربية للاعتراض على أحد بنود مشروع قرار تطوير منظومة العمل العربي المشترك الذي تم تمريره في الجلسة الختامية للقمة العربية الاستثنائية التي عقدت في مدينة سرت الليبية أمس الأول.
وتتضمن المذكرة وجهة نظر هذه الدول حيال مشروع القرار وعددا من الاعتراضات والملاحظات الجوهرية التي لم تتم مراعاتها وأخذها في الحسبان عند إعداد صيغة القرار رغم أنها كانت تصب في إطار تطوير وإثراء منظومة العمل العربي المشترك بشكل يحقق الغاية المنشودة التي يتطلع إليها القادة العرب. كما أشارت المذكرة إلى أنه في الوقت الذي كان عدد من القادة العرب يأملون في مناقشة توصيات اللجنة الخماسية العليا للوصول إلى صيغة نهائية ومناسبة يتفق عليها الجميع بشكل وتعكس رغبتهم الجادة والصادقة في الارتقاء بوحدة التوجه والهدف، إلا أن هذا الأمر لم يتم.
في سياق متصل، وفقا لـ"الراي الكويتية" حدثت مشادة بين رئيس وفد الإمارات وعدد من الدول العربية التي تؤيد إنشاء رابطة الجوار العربي، حيث انتقد المسؤول الإماراتي هذه الرابطة، وقال: «بدلا من أن تؤيدونا تريدون علاقات مع دول الجوار ومنها إيران التي تحتل 3 جزر وتضرب عرض الحائط بكل قرارات القمة العربية ووزراء الخارجية العرب والأمم المتحدة».
يذكر أن الجلسة الختامية للقمة العربية الاستثنائية كانت شهدت مشاورات مطولة بين الرئيس السوري بشار الأسد ووزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل، تطرقت إلى عدد من الأمور والقضايا العربية.
موضوع متصل: