أثار إعلان المسؤول العسكري لتنظيم القاعدة في اليمن قاسم الريمي عن بدء التنظيم بناء ما سماه "جيش عدن أبين" علامات استفهام كثيرة، تتعلق بمقدرة التنظيم على الصمود الطويل في مواجهة قوات الجيش اليمني التي أعلنت منذ ديسمبر/كانون الأول الماضي حربا مفتوحة معه.
لريمي أكد في تسجيل له أول أمس أن القاعدة قامت في الفترة الماضية ب"ردع" جهاز الأمن السياسي (المخابرات)، حيث اغتالت عددا من كبار ضباطه بمحافظة أبين، وأشار إلى عملية اقتحام مبنى المخابرات بعدن في يونيو/حزيران الماضي.
واعتبر مسؤول القاعدة العسكري أن نظام الرئيس علي عبد الله صالح "يُكابد مكابدة الغريق الذي لا يعرف من النجاة إلا الضرب والتخبّط والصراخ، وحاله الهلاك وهلاك من يحاول إنقاذه".
في المقابل اكتفت المصادر الحكومية بالصمت، واعتذر مسؤولون أمنيون للجزيرة نت عن التعليق على ما ورد في تسجيل الريمي، لكنهم أكدوا أن حرب القاعدة مسؤولية الدولة كلها، وأن المعركة مع "الإرهاب" ستتواصل حتى استئصال شأفته من اليمن.
نفوذ القاعدة
من جانبه اعتبر المحلل السياسي حسين اللسواس في حديث للجزيرة نت أن دلالات إعادة إحياء جيش عدن أبين، تحمل تأكيدا ضمنيا على الاتساع المتنامي لنفوذ تنظيم القاعدة في الميدان.
وقال إن تنظيم القاعدة يستغل التداخل الحاصل بين أجهزة الأمن والمخابرات اليمنية لتكريس وجوده، واستكمال إستراتيجيته التوسعية في طريق إنشاء إمارته المنتظرة.
واعتبر أن الضربات التي تلقاها تنظيم القاعدة في اليمن تسببت في نتائج عكسية على غير ما كان متوقعا من قبل الأميركيين والسلطة اليمنية، "إذ إن التنظيم في تنام مضطرد، ويزداد قوة ويتوسع، كنتاج بديهي لاتساع قاعدة التعاطف الشعبي مع عناصره وهو تعاطف ما لبث أن كوّن بيئة اجتماعية حاضنة ساعدت التنظيم على القيام بعملياته في ظل وجود غطاء اجتماعي حام".
ورأى اللسواس أن تنظيم القاعدة يحاول الاستفادة من تجاربه فيما يتعلق بالعلاقة مع التشكيلات القبلية والاجتماعية، إذ إنه يسعى بوضوح لتوطيد علاقاته وتحالفاته مع رجال القبائل، ويتطلع إلى جعل منطقة العوالق (العليا والسفلى) الممتدة من الصحراء شمالا إلى البحر جنوبا، مركزا جغرافيا قبليا لوجوده، ومنطلقا لعملياته المستقبلية.
من جانبه رأى الباحث في شؤون تنظيم القاعدة سعيد عبيد الجمحي أن إعلان الريمي تشكيل "جيش عدن أبين" يعطي مؤشرا على قوة تنظيم القاعدة، والقول بانتصاره في الحرب المفتوحة مع النظام اليمني، لأنه جاء عقب عمليات اغتيال متوالية لضباط المخابرات، ومعارك كبيرة مع الجيش في مدن لودر بمحافظة أبين، والحوطة بمحافظة شبوة.
واعتبر أن أهمية التسجيل تكمن في أنه جاء قبيل استضافة اليمن لبطولة خليجي 20، وهي رسالة واضحة تزامنت مع أعمال "تخريبية" داخل عدن تستهدف ملاعب رياضية، تصب في مصلحة تنظيم القاعدة بإرباك وإنهاك السلطات اليمنية.
وقال الجمحي إن الريمي بإعلان تشكيل جيش عدن أبين، يريد إعادة تشريع تنظيم القاعدة باليمن، من خلال التركيز على الحديث النبوي: "يخرج اثنا عشر ألفا من عدن أبين ينصرون الله ورسوله"، وفي اعتقاده أنه سيكون أكثر تأثيرا وجذبا للأنصار والمنضوين تحت لوائه.
وبشأن تصريحات السفير الأميركي الجديد جيرالد فيرستاين أمس بصنعاء المؤكدة لدعم اليمن في مكافحة الإرهاب، ورفض واشنطن للتفاوض مع القاعدة، قال الجمحي إن ذلك يؤكد اتجاه طرفي الصراع الولايات المتحدة واليمن من جهة، وتنظيم القاعدة من جهة أخرى في الذهاب إلى الحرب المفتوحة.