بدأ الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأربعاء زيارته المثيرة للجدل إلى لبنان، وتميّز يومها الأول باستقبال شعبي حشده حزب الله وأنصاره، مما جعل هذه الزيارة الأكثر إثارة وزخما في هذا البلد المهدد بانقسام طائفي حاد.
والتقى نجاد في قصر بعبدا الرئيس اللبناني ميشيل سليمان لتتو إلى بعد ذلك لقاءاته برئيس الحكومة سعد الحريري وعدد من القادة والوزراء، قبل أن يلتقي في وقت لاحق زعيم حزب الله حسن نصرالله.
وكان رئيس مجلس النواب نبيه بري في مقدمة مستقبلي الرئيس الإيراني في المطار، ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "ارنا" عن نجاد قوله لدى وصوله إلى مطار بيروت، متوجهاً إلى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، "أنا فخور بوجودي في لبنان اليوم"، مضيفاً "إنه يوم جديد بالنسبة إلينا"، وتابع إن "أعداء لبنان وإيران سيصيبهم الذعر عندما يرون دولتَي إيران ولبنان تقفان الواحدة إلى جانب الأخرى".
ورد بري من جهته، بحسب ما نقلت عنه الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية الرسمية، "فخامة الرئيس أنت مالىء الدنيا وشاغل الناس في لبنان منذ أن أُعلن عن هذه الزيارة"، مضيفاً "كل لبنان، وخصوصاً الجنوب، متعطش لرؤيتكم"، حسب تعبير الوكالة.
ووصل نجاد إلى مطار رفيق الحريري الدولي بالعاصمة بيروت على رأس وفد رفيع في زيارة وصفت بالتاريخيَّة وتستغرق يومين، فيما توقعت مصادر أن يقع تمديدها ليوم الجمعة، في ضوء توقعات عن وصول رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إلى بيروت الجمعة.
وتحولت الضاحية الجنوبية لبيروت إلى ما يشبه "خلية طوارئ" حيث حشد حزب الله الشيعي أعدادا هائلة من أنصاره لاستقبال نجاد على طول موكب الزيارة رافعين الأعلام الإيرانية ومرددين بالفارسية أهازيج الثورة التي قادها الإمام الخميني عام 1979.
نجاد يصرح:
من جهته اشاد الرئيس الإيراني محمود احمدي نجادخلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره اللبناني ميشال سليمان في ختام محادثات بينهما في القصر الجمهوري في بعبدا قرب بيروت. ب"مقاومة الشعب اللبناني" في مواجهة اسرائيل خلال اليوم الاول من زياره مثيرة للجدل إلى لبنان يتوقع ان تعطي دفعا قويا لحليفه حزب الله.
وقال ان "مقاومة الشعب اللبناني والحكومة والجيش في مواجهة العدو الصهيوني اصبحت مصدر فخر لشعوب المنطقة"، مضيفا ان "لبنان غير معادلات الاعداء الاحادية لتصبح في صالح شعوب المنطقة". وتابع "طالما ان الروح العدوانية (اسرائيل) قائمة، لن تشهد منطقتنا الاستقرار".
نصر الله يرحب:
من جهته القى الامين العام لحزب الله كلمة ترحيبية مختصرة خلال الاستقبال الجماهيري الحاشد للرئيس الإيراني محمود احمدي نجاد في ضاحية بيروت الجنوبية توجه فيها بالترحيب نيابة عن كل الحضور بضيف لبنان الكبير والعزيز". وتوجه بالقول: "يا سيادة الرئيس أرحب بكم باسم قيادة وقواعد حركة أمل وباسم قيادة وقواعد حزب الله باسم جميع أبناء الامام موسى الصدر باسم عشاق الامام الخميني رضوان الله عليه باسم الأحزاب والقوى والتيارات اللبنانية الحاضرة بيننا هذه الليلة، أرحب بكم باسم المجاهدين صناع النصر وباسم عائلات الشهداء والجرحى، أرحب بكم باسم أشرف الناس وأطهر الناس وأكرم الناس".
وتابع الامين العام لحزب الله القول : "أرحب بكم أخاً عزيزاً وسنداً للمجاهدين والمظلومين نشم فيك رائحة الخميني ونتلمس منك أنفاس قائدنا الخامنائي ونرى في وجهك وجوه كل الإيرانيين الشرفاء من أبناء شعبك العظيم الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه.
واوضح سماحته ان سيتوجه بكلمتين واحدة للعرب واللبنانيين وواحدة لنجاد والوفد المرافق. واكد السيد نصرالله ان هناك في لبنان وفلسطين ومنطقتنا العربية من يتحدث دائماً عن مشروع إيراني يفترضه في وهمه ويفترض مشروعاً عربياً لمواجهته، ويفترضون شكل ومضمون هذا المشروع الإيراني من موقع سلبي ويعملون على إخافة حكومات وشعوب عالمنا العربي منه.
واوضح ان ما تريده إيران في فلسطين هو ما يريده الشعب الفلسطيني في فلسطين، ما يريده العرب وما أرادوه خلال 60 عاما أن تعود أرض فلسطين لشعب فلسطين أن تعود من البحر إلى النهر وأن يعود كل لاجئ وأن يقيم هذا الشعب دولته المستقلة على أرضه المحررة بالدم، واكد ان هذا هو مشروع إيران لفلسطين وهذا هو موقف الامام الخميني وقرار الخامنئي وشدد على ان ذنب الرئيس نجاد أنه يعبر بشفافية ونقاء وصلابة وشجاعة عن هذا الموقف وعن هذه الرؤية في كل مكان في العالم.
وقال: "يضيق به صدور الغرب عندما يقول كلمة الحق أن اسرائيل دولة يجب أن تزال من الوجود".
الامين العام لحزب الله اوضح ان إيران تتطلع أن يكون لبنان حراً مستقلاً موحداً سيداً عزيزاً شامخاً حاضراً في المعادلة الاقليمية وليس هناك مشروع إيراني آخر، وشدد على ان الجمهورية الاسلامية مع لاءات العربي التي أطلقوها في زمان عبد الناصر ثم تخلى عنها الكثيرون..
وقال الامين العام لحزب الله: "أنا في هذه المسؤولية في حزب الله منذ عام 1992 أشهد أمامكم أن إيران التي كانت دائما تدعمنا ولا زالت لم تطلب منا في يوم من الأيام موقفا ولم تصدر الينا أمراً بل كنا نحن الذين نطلب ونسعى ونسأل مع أننا نفتخر بإيماننا العميق بولاية الفقيه العادل والحكيم والشجاع، ليس لدى إيران مشروعها الخاص ومشروعها للبنان هو مشروع اللبنانيين ومشروعها للمنطقة العربية هو مشروع الشعوب العربية".
وتأتي الزيارة في أجواء ضاغطة بين طهران من جهة، واسرائيل والغرب من جهة ثانية، على خلفية برنامج إيران النووي، وقد انتقدت كل من إسرائيل وواشنطن الزيارة.
كما أدت الزيارة إلى انقسام اللبنانيين حول الترحيب أو التنديد بها، واعتبرت قناة المنار التابعة لحزب الله أن هذه الزيارة تترجم ما جاء في القمة الثلاثية التي جمعت نجاد بنصر الله والرئيس السوري بشار الأسد قبل أشهر.
ويرى مراقبون أن زيارة الرئيس الإيراني الحالية إلى لبنان تمثل خطوة إلى الأمام لـ"إعادة رسم" خارطة الهلال الشيعي الذي تسعى إليه قيادة الثورة "الإسلامية" في إيران ليضم العراق وسوريا ولبنان.
ومن المقرر خلال زيارة نجاد أن يقوم بتفقد المشاريع التي أنجزتها إيران في المناطق الجنوبية من إعادة إعمار وتشييد للبنى التحتية والخدمات، إلى جانب زيارة أضرحة شهداء الحرب بين حزب الله وإسرائيل.
ورغم الاستقبال الكبير الذي حظى به نجاد لدى وصوله إلى بيروت، إلا أن الكثير من اللبنانيين عبروا عن امتعاضهم من تلك الزيارة، وقال زعماء من قوى 14 آذار أنهم سينتظرون النتائج.